المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية
للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله
الحَمْد ُللهِ ربِّ العالمينَ عَلى.... آلائه وهْوَ أهلُ الحَمْدِ والنِّعَمِ
ذي الملكِ والملكوتِ الواحِدِ الصمَدِ ال.... بَرِّ المهيْمِنِ مُبدِي الخلْقِ مِن عَدَمِ
مَنْ عَلَّمَ الناسَ ما لا يعْلمونَ وبِال....ْ بَيانِ أنْطَقَهُمْ والخَطِّ بالقَلَمِ
ثمَّ الصلاةُ على المُخْتارِ أكرَمِ مَبْ .... عُوثٍ بِخيْرِ هُدًى في أفضَلِ الأُمَمِ
والآلِ والصَّحْبِ والأتْباع قاطِبَةً .... والتابِعينَ بإحْسانٍ لِنَهْجِهِمِ
ما لاحَ نَجْمٌ وما شمسُ الضُّحى طَلَعَتْ.... وعَدُّ أنْفاسِ ما في الكوْنِ مِن نَسَمِ
وبَعْدُ مَنْ يُرِدِ اللهُ العظيمُ بِهِ .... خيْرًا يُفَقِّهَهُ فِي دِينهِ القِيَمِ
وحَثَّ ربِّي وحَضَّ المؤمنينَ عَلى.... تَفَقُّهِ الدِّينِ معْ إنْذارِ قَوْمِهِمِ
وامْتَنَّ رَبِّي عَلى كلِّ العِبادِ وكُلْ.... لِ الرُّسْلِ بالعِلْمِ فاذْكُرْ أكْبَرَ النِّعَمِ
يَكفِيكَ في ذاكَ أُولَى سُورَةٍ نَزَلَتْ.... عَلى نَبِيِّكَ أعْني سورَة القَلَمِ
كذاكَ فِي عِدَّةِ الآلاءِ قدَّمَهُ.... ذِكْرًا وقَدَّمَهُ في سُورَةِ النَّعَمِ
ومَيزَهُ اللهُ حَتى في الجوارِحِ مَا.... مِنْها يُعلمُ عنْ باغٍ ومُغْتَشِمِ
وذمَّ ربِّي تعالَى الجاهِلِينَ بِهِ.... أشَدَّ ذمٍّ فَهُمْ أدْنى مِنَ البُهمِ
وليْسَ غِبْطَةٌ اْلا في اثْنَتَيْنِ هُما الْ.... إحْسانُ في المالِ أو في العِلْمِ والحكمِ
ومِنْ صِفاتِ أُولِي الإيمانِ نَهْمَتُهُمْ.... فِي العِلْمِ حتى اللَّقَى غِبْط بِذِي النَّهَمِ
العِلْمُ أغْلَى وأحْلى ما لَهُ اسْتَمَعَتْ.... أذْنٌ وأعْرَبَ عنهُ ناطِقٌ بِفَمِ
العِلْمُ غايَتُهُ القُصْوَى ورُتْبَتُهُ الْ .... عَلْياءُ فاسْعَوا إليهِ يَا أُولِي الهِمَمِ
العِلْمُ أشْرَفُ مَطْلوبٍ وَطالِبُه....ُ للهِ أكْرَمُ مَن يَمْشِي عَلى قَدَمِ
العِلْمُ نورٌ مُبِينٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ .... أهْلُ السَّعادَةِ والجُهَّالُ فِي الظُّلَمِ
الْعِلْمُ أعْلَى حَياةٍ للعِبادِ كَما .... أهْلُ الجَهالَةِ أمْواتٌ بِجَهْلِهِمِ
لا سَمْع لا عَقْل بل لا يُبْصِرونَ وفِي السْ .... سَعِيرِ مُعْتَرِفٌ كُلٌّ بِذَنْبِهِمِ
فالجَهْلُ أَصْلُ ضَلَالِ الخَلْقِ قاطِبَةً.... وأصْلُ شَقْوَتِهِمْ طُرًّا وظُلْمِهِمِ
والعِلْمُ أصْلُ هُداهُمْ مَعْ سَعادَتِهِمْ.... فلا يَضِلُّ ولا يَشْقى ذَوُو الْحِكَمِ
والخَوفُ بالجهْلِ والحُزْنُ الطويلُ بِهِ.... وعَن أُولِي العِلْمِ مَنْفِيَّانِ فَاعْتَصِمِ
العِلْمُ واللهِ مِيراثُ النُّبُوَّةِ لا.... ميراثَ يُشْبِهُهُ طوبَى لِمُقْتَسِمِ
لأنَّهُ إرْثُ حَقٍّ دائِم أبَدًا.... وما سِواهُ إلى الإِفْنَاءِ والعَدَمِ
ومنْه إرْثُ سُليْمانَ النُّبُوَّة والْ.... فَضْل المُبِين فمَا أوْلاهُ بِالنِّعَمِ
كذَا دَعا زكريا ربَّهُ بِوَلِي.... الآلِ خَوفَ الموالِي مِن وَرائِهِمِ
العِلْمُ مِيزانُ شَرْعِ اللهِ حيثُ بِهِ .... قِوامُهُ وبِدُونِ العِلْمِ لَمْ يَقُمِ
وكُلَّما ذُكِرَ السُّلطانُ في حُجَجٍ.... فالعِلْمُ لا سُلْطَةُ الأيْدِي لَمُحْتَكِمِ
فسُلطَة اليَدِ بالأبْدانِ قاصِرَةٌ .... تَكونُ بالعَدْلِ أوْ بالظُّلْمِ والغَشَمِ
وسُلْطَةُ العِلْمِ تَنْقادُ القُلوبُ لَها.... إلَى الهُدَى وإلَى مَرْضاةِ رَبِّهِمِ
ويَذْهَبُ الدِّينُ والدُّنْيا إذَا ذَهَبَ الْ.... عِلْمُ الّذِي فيهِ مَنْجاةٌ لِمُعْتَصِمِ
العِلْمُ يا صَاحِ يَسْتَغْفِرْ لِصاحِبِهِ.... أهلُ السّماوَاتِ والأرْضِينَ مِنْ لَمَمِ
كَذَاكَ تَسْتَغِفِرُ الحْيتانُ في لُجَجٍ.... مِن البِحارِ لَه فِي الضَّوْءِ والظُّلَمِ
وخارِجٍ فِي طِلابِ العِلمِ مُحْتَسِبًا .... مُجاهِدٌ في سَبيلِ أيُّ كَمِي
وإنَّ أجْنِحَةَ الأمْلاكِ تَبْسِطُها.... لِطالِبِيهِ رضًا مِنْهُمْ بِصُنْعِهِمِ
والسَّالِكونَ طريقَ العِلْمِ يَسْلُكُهُمْ.... إلَى الجِنانِ طريقًا بارئُ النَّسَمِ
والسَّامِعُ العِلْمَ والوَاعِي لِيَحْفَظَهُ .... مُؤَدِّيًا ناشِرًا إيَّاهُ في الأمَمِ
فيَا نَضَارَتَهُ إذْ كاَنَ مُتَّصِفًا.... بِذا بِدَعْوَةِ خَيْرِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
كَفاكَ فِي فَضْلِ أهْلِ العِلْمِ أنْ رَفَعُوا .... مِنْ أجْلِهِ دَرَجاتٍ فوْقَ غَيْرِهِمِ
وكانَ فضْلُ أبِينَا فِي القَدِيمِ عَلى الْ .... أمْلاكِ بالعِلْمِ مِن تَعْلِيمِ رَبِّهِمِ
كذاكَ يوسُفُ لَمْ تَظْهَرْ فَضِيلَتُهُ .... لِلعالَمينَ بِغَيْرِ العِلْمِ والْحِكَمِ
وما اتِّباعُ كَليمِ اللهِ لِلْخَضِرِ الْ .... مَعْروفِ إلا لعِلْمٍ عَنْهُ مُنْبَهِمِ
مَعْ فَضْلِهِ بِرِسالاتِ الإلَهِ لَهُ .... وَمَوْعِدٍ وسَماعٍ مِنْهُ لِلْكَلِمِ
وقَدَّمَ المصْطفى بالعِلْمِ حامِلَهُ .... أعْظِمْ بِذلِكَ تَقْدِيمًا لِذِي قِدَمِ
كفَاهُمُو أنْ غَدَوْا لِلْوَحْيِ أوْعِيَةً .... وأضْحَتِ الآيُ مِنْهُ فِي صُدورِهِمِ
وخصَّهُمْ ربُّنا بَصَرًا بِخَشْيَتِهِ.... وعَقْلُ أمْثالِهِ فِي أصْدَقِ الكَلِمِ
ومَعْ شَهادَتِهِ جاءَتْ شَهادَتُهُمْ.... حَيْثُ اسْتَجابُوا وأهْلُ الجَهْلِ في صَمَمِ
ويَشْهدُونَ عَلى أهْلِ الجَهالَةِ بالْ .... مَوْلَى إذا اجتَمَعُوا فِي يَوْمِ حَشْرِهِمِ
والعَالِمُونَ عَلى العِبادِ فَضْلُهُمُو.... كالبَدْرِ فَضْلا عَلى الدُّرِّيِّ فَاغْتَنِمِ
وعَالِمٌ مِنْ أُولِي التّقْوَى أشدُّ عَلى ال.... شيْطانِ مِنْ ألْف عُبَّادٍ بِجَمْعِهِمِ
ومَوْتُ قَوْمٍ كَثِيرُو الْعَدِّ أيْسَرُ مِنْ .... حَبْرٍ يَموتُ مُصَابٌ واسِعُ الألَمِ
كَمَا مَنافِعُهُ فِي العالَمِ اتَّسَعَتْ .... وَلِلشّيَاطِينِ أفْراحٌ بِمَوْتِهِمِ
تَاللهِ لَوْ عَلِمُوا شَيْئًا لَمَا فَرِحُوا .... لأنَّ ذَلِكَ مِن أعْلامِ حَتْفِهِمِ
همُ الرُّجُومُ بِحَقٍّ كُلَّ مُسْتَرِقٍ .... سَمْعًا كَشُهْبِ السَّمَا أعْظِمْ بِشُهْبِهِمِ
لأنَّهَا لِكِلا الجِنْسَيْنِ صائِبَةٌ.... شيطانِ إنْسٍ وجِنٍّ دونَ بَعْضِهِمِ
هُمُ الهُداةُ إلى أهْدَى السَّبيلِ وأهْ .... لُ الجَهْلِ عنْ هَدْيِهِمْ ضَلُّوا لِجَهْلِهِمِ
وفَضْلُهُمْ جاءَ في نصِّ الكِتابِ وفِي الْ .... حَديثِ أشْهَرُ مِنْ نارٍ عَلى عَلَمِ
يا طالِبَ العِلمِ لا تَبْغِي به بَدَلا .... فقَدْ ظَفَرْتَ ورَبِّ اللَّوْحِ والْقَلَمِ
وقَدِّسِ العِلمَ واعْرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ .... فِي القَوْلِ والفِعْلِ والآدابَ فَالْتَزِمِ
واجْهَدْ بِعَزْمٍ قَوِيٍّ لا انْثِنَاءَ لَهُ .... لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ قَدْرَ العِلْمِ لَمْ يَنَمِ
والنُّصْحُ فابْذُلْهُ لِلطُّلابِ مُحْتَسِبًا .... في السِّرِّ والْجَهْرِ والأُسْتاذَ فَاحْتَرِمِ
ومَرْحَبًا قُلْ لِمَنْ يَأتِيكَ يَطْلُبُهُ.... وفِيهِمِ احْفَظْ وَصايَا الْمُصْطَفَى بِهِمِ
والنِّيَّةَ اجْعَلْ لِوَجْهِ اللهِ خالصَةً .... إنَّ البِناءَ بدونِ الأصْلِ لَمْ يَقُمِ
ومَن يَكُنْ لِيَقُولَ الناسُ يَطْلُبُهُ .... أخْسِرْ بِصَفْقَتِهِ فِي مَوْقِفِ النَّدَمِ
ومَنْ به يَبْتَغِي الدُّنْيا فَلَيْسَ بِهِ.... يَومَ القِيامَةِ مِن حَظٍّ ولا قَسَمِ
كَفَى بِهِ (مَن كانَ) فِي شورَى وهُودٍ وفِي الْ .... إسْراءِ مَوْعِظَةً لِلحَاذِقِ الفَهِمِ
إيَّاكَ واحْذَرْ مُمارَاةَ السَّفِيهِ بِهِ .... كَذا مُباهاةَ أهْلِ العِلْمِ لا تَرُمِ
فإنَّ أبْغَضَ كلِّ الخَلْقِ أجْمَعِهِمْ .... إلى الإلَهِ ألَدُّ الناسِ فِي الخِصَمِ
والعُجْبَ فاحْذَرْهُ إنَّ العُجْبَ مُجْتَرِفٌ .... أعْمالَ صاحِبِهِ في سَيْلِهِ العَرِمِ
وبِالْمُهِمِّ الْمُهِمِّ ابْدَأْ لِتُدْرِكَهُ .... وَقَدِّمِ النَّصَّ والآرَاءَ فَاتَّهِمِ
قَدِّمْ وُجوبًا عُلومَ الدِّينِ إنَّ بِها .... يَبِينُ نَهجُ الهُدَى مِن مُوجِبِ النِّقَمِ
وكلُّ كَسْرِ الفَتَى فالدِّينُ جابِرُهُ .... وَالكَسْرُ فِي الدِّينِ صَعْبٌ غَيْرُ مُلْتَئِمِ
دَعْ عَنْكَ ما قالَهُ العَصْرِيُّ مُنْتَحِلا .... وبالعَتِيقِ تَمَسَّكْ قطُّ واعْتَصِمِ
ما العِلْمُ إلا كِتابُ اللهِ أو أثَرٌ .... يَجْلو بِنُورِ هُداهُ كلُّ مُنْبَهِمِ
مَا ثَمَّ عِلْمٌ سِوى الوَحْيِ المُبينِ ومَا.... مِنْهُ اسْتُمِدَّ ألا طُوبَى لِمُغْتَنِمِ
والكَتْمُ لِلعِلْمِ فاحْذَرْ إنَّ كاتِمَهُ.... فِي لَعْنَةِ اللهِ والأقْوامِ كلِّهِمِ
ومِن عُقوبَتِهِ أنْ فِي الْمَعادِ لَهُ .... مِنَ الجَحيمِ لِجَامًا لَيْسَ كَاللُّجُمِ
وصائِنُ العِلْمِ عمَّنْ لَيْسَ يَحْمِلُهُ .... ما ذا بِكِتْمانِ بلْ صَوْنٌ فَلا تَلُمِ
وإنَّمَا الكَتْمُ مَنْعُ العِلْمِ طالِبَهُ .... مِن مُسْتَحِقٍّ لَهُ فَافْهَمْ ولا تَهِمِ
وأتْبِعِ العِلمَ بالأعْمالِ وادْعُ إلَى.... سَبيلِ ربِّكَ بالتِّبْيانِ والْحِكَمِ
واصْبِرْ عَلى لاحِقٍ مِنْ فِتْنَةٍ وأذَى .... فِيهِ وفِي الرُّسْلِ ذكرى فاقْتَدِهْ بِهِمِ
لَواحِدٌ بِكَ يَهْدِيهِ الإلَهُ لَذَا .... خَيْرٌ غَدًا لكَ مِنْ حُمْرٍ مِن النَّعَمِ
واسْلُكْ سَواءَ الصِّراطِ المسْتَقِيمِ ولا.... تَعْدِلْ وقُلْ ربِّيَ الرحمْنُ واسْتَقِمِ
الوصية بكتاب الله عز وجل
وَبَالتَّدَبُّرِ والتّرتِيلِ فَاتْلُ كِتا .... بَ اللهِ لاسِيَّما في حِنْدسِ الظُّلَمِ
حَكِّمْ بَراهِينَهُ واعْمَلْ بِمُحْكَمِه ِ.... حِلًّا وحَظْرًا ومَا قدْ حَدَّهُ أقِمِ
واطْلُبْ مَعانِيهِ بالنَّقْلِ الصّريحِ ولا .... تَخُضْ بِرَأيِكَ واحْذَرْ بَطْشَ مُنْتَقِمِ
فمَا عَلِمْتَ بِمَحْضِ النَّقْلِ مِنْهُ فَقُلْ .... وَكِلْ إلَى اللهِ مَعْنى كلِّ مُنْبَهِمِ
ثُمّ الْمِرَا فيه كُفْرٌ فاحْذَرَنْهُ ولا .... يَسْتَهْوِيَنَّكَ أقوامٌ بِزَيْغِهِمِ
وعنْ مَناهِيهِ كُنْ يا صاحِ مُنْزَجِرًا .... والأمْرُ منهُ بلا تِردادِ فالْتَزِمِ
وما تَشابَهَ فَوِّضْ لِلإلهَ وَلا .... تَخُضْ فَخَوْضُكَ فيه مُوجِبُ النِّقَمِ
ولا تُطِعْ قولَ ذي زيْغٍ يُزَخْرِفُهُ .... مِنْ كُلِّ مُبْتَدِعٍ في الدين مُتَّهَمِ
حَيْرانَ ضلَّ عنِ الحقِّ الْمُبينِ فلا .... يَنْفَكُّ مُنْحَرِفًا مُعْوَجّ لَمْ يَقُمِ
هُوَ الكِتابُ الذي مَن قامَ يَقْرَؤُهُ .... كَأنَّما خاطَبَ الرَّحْمَنَ بالكَلِمِ
هُوَ الصِّراطُ هُو الْحَبْلُ الْمَتِينُ هُوَ الْ .... ميزانُ والعُرْوَةُ الوُثْقَى لَمُعْتَصِمِ
هُو البَيانُ هُو الذِّكْرُ الْحَكِيمُ هُوَ التْ .... َتَفْصِيلُ فاقْنَعْ بِهِ فِي كُلِّ مُنْبَهِمِ
هُو البَصائِرُ والذكرَى لِمُدَّكِرٍ .... هو الْمواعِظُ والبُشْرى لِغَيرِ عَمِي
هُو الْمُنَزَّلُ نُورًا بَيِّنًا وهُدًى .... وهو الشِّفاءُ لِما فِي القَلْبِ مِن سَقَمِ
لَكَنَّهُ لِأُولِي الإيمانِ إذْ عَمِلُوا .... بِما أتَى فِيه مِنْ عِلْمٍ ومِنْ حِكَمِ
أمَّا عَلى مَن تَوَلّى عنه فهو عَمًى .... لِكَوْنِهِ عَنْ هُداهُ الْمُسْتَنيرِ عُمِي
فمَنْ يُقِمْهُ يَكُنْ يَومَ الْمَعادِ لَهُ .... خَيرَ الإِمامِ إلَى الفِرْدَوسِ والنِّعَمِ
كمَا يَسُوقُ أولِي الإِعْراضِ عنهُ إلَى .... دارِ الْمَقامِعِ والأَنْكالِ والألَمِ
وقَدْ أتَى النصُّ في الطُّولَيْنِ أنَّهُما .... ظِلٌّ لِتالِيهِما فِي مَوْقِفِ الغَمَمِ
وأنَّه فِي غَدٍ يَأتِي لِصاحِبِهِ .... مُبَشِّرًا وحَجِيجًا عَنْهُ إنْ يَقُمِ
والْمُلْكَ والْخُلْدَ يُعْطِيهِ ويُلْبِسُهُ .... تاجَ الوَقارِ الإِلهُ الْحَقُّ ذو الكَرَمِ
يُقالُ إِقْرَأْ ورَتِّلْ وارْقَ فِي غُرَفِ الْ .... جَناتِ كيْ تَنْتَهِي لِلْمَنْزِلِ النَّعِمِ
وحُلَّتانِ مِن الفِرْدَوسِ قَدْ كُسِيَتْ .... لِوالِدَيْهِ لَها الأكْوانُ لَمْ تَقُمِ
قالَا بِماذا كُسِيناهَا فقيلَ بِما .... أقْرَأْتُمَا ابْنَكُما فاشْكُرْ لِذِي النِّعَمِ
كَفَى وحَسْبُكَ بالقُرْآنِ مُعْجِزَةً .... دامَتْ لَدَيْنَا دومًا غيْرَ مُنْصَرِمِ
لَمْ يَعْتَرِهْ قطُّ تَبْدِيلٌ ولا غِيَرٌ .... وَجَلَّ فِي كَثْرَةِ التَّرْدادِ عنْ سَأَمِ
مُهَيْمِنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ .... مُصَدِّقًا جاءَ فِي التَّنْزِيلِ فِي القِدَمِ
فيهِ التفاصِيلُ للأحْكامِ مَعْ نَبَأٍ .... عمَّا سَيأتِي وعنْ ماضٍ مِن الأمَمِ
فانْظُرْ قَوارِعَ آياتِ الْمَعادِ بِهِ .... وانْظُرْ لِما قَصَّ عَنْ عادٍ وعنْ إرَمِ
وانْظُرْ بهِ شَرْحَ أحْكامِ الشَّريعَةِ هلْ .... تَرى بِها مِن عَويصٍ غَيرِ مُنْفَصِمِ
أمْ مِن صَلاحٍ ولَمْ يَهْدِ الأنامَ لَهُ .... أمْ بابُ هلْكٍ ولَمْ يَزْجُرْ ولَمْ يَلُمِ
أمْ كانَ يُغْنِي نَقِيرًا عن هِدايَتِهِ .... جَميعُ ما عندَ أهلِ الأرضِ مِنْ نُظُمِ
أخبارُهُ عِظَةٌ أمثالُهُ عِبَرٌ .... وكُلُّهُ عَجَبٌ سُحْقًا لِذِي صَمَمِ
لَمْ تَلْبَثِ الْجِنُّ إذْ أصْغَتْ لِتَسْمَعَهُ .... إنْ بادَرُوا نُذُرًا مِنْهم لِقَوْمِهِمِ
اللهُ أكْبَرُ ما قدْ حازَ مِن عِبَرٍ .... ومِن بَيانٍ وإعْجازٍ ومِن حِكَمِ
واللهُ أكْبَرُ إذْ أعْيَتْ بلاغَتُهُ .... وحُسْنُ تَرْكِيبِهِ للعُرْبِ والعَجَمِ
كمْ مُلْحِدٍ رامَ أن يُبْدِي مُعارَضَةً .... فعَادَ بالذُّلِّ والْخُسْرانِ والرَّغَمِ
هيْهاتَ بُعْدًا لِما رامُوا وما قَصَدُوا .... وما تَمَنَّوْا لَقَدْ بَاؤُوا بِذُلِّهِمِ
خابَتْ أمانِيهِمْ شاهَتْ وُجُوهُهُمُ .... زَاغَتْ قُلوبُهُمُ عنْ هَدْيِهِ القِيَمِ
كَمْ قَدْ تَحدَّى قريشًا في القديمِ وهُمْ .... أهلُ البلاغةِ بينَ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
بِمِثْلِهِ وبِعَشْرٍ ثمَّ واحدةٍ .... فلَمْ يَرُومُوهُ إذْ ذا الأمرُ لَمْ يُرَمِ
الجنُّ والإنسُ لم يأتوا لَوِ اجْتمعوا .... بِمِثْلِهِ ولَوِ انْضَمُّوا لِمِثْلِهِمِ
أنَّى وكيْفَ وربُّ العَرْشِ قائِلُهُ .... سبْحانَهُ جلَّ عنْ شِبْهٍ له وسَمِي
مَا كان خَلْقًا ولا فَيْضًا تَصَوَّرَهُ .... نَبِيُّنا لا ولا تَعبيرَ ذِي نَسَمِ
بلْ قالَهُ ربُّنا قوْلا وأنْزَلَهُ .... وَحْيًا عَلى قلْبِهِ الْمُسْتَيْقِظِ الفَهِمِ
واللهُ يَشْهَدُ والأملاكُ شاهِدَةٌ .... والرُّسْلُ معْ مُؤْمِنِي العُرْبَانِ والعَجَمِ
الوصية بالسنة
ارْوِ الْحَدِيثَ ولازِم أهْلَهُ فهُمُ الْ .... ناجُونَ نَصًّا صريحًا للرّسولِ نُمِي
سامِتْ مَنابِرَهُمْ واحْمِلْ محابِرَهُمْ .... والْزَمْ أكابِرَهُم في كلِّ مُزْدَحَمِ
اسْلُكْ مَنارَهُمُو والْزَمْ شِعارَهُمُ .... واحْطُطُ رَحْلَكَ إنْ تَنْزِلْ بِسُوحِهِمِ
همُ العُدولُ لِحَمْلِ العِلمِ كَيْفَ وَهُمْ .... أُولُو المكارِمِ والأخْلاقِ والشِّيَمِ
همُ الأفاضِلُ حازُوا خَيْرَ مَنْقَبَةٍ .... همُ الأُولَى بِهمُ الدِّينُ الْحَنيفُ حُمِي
همُ الْجهابِذَةُ الأعْلامُ تعرِفُهُمْ .... بينَ الأنامِ بِسيمَاهُمْ وَوَسْمِهِمِ
همْ ناصِرُو الدِّينِ والْحامُونَ حَوْزَتَهُ .... مِنَ العَدُوِّ بِجيشٍ غيرِ مُنْهَزِمِ
همُ البُدورُ ولكنْ لا أُفُولَ لَهُمْ .... بلِ الشُّموسُ وقد فاقُوا بِنُورِهِمِ
لَهُمْ مَقامٌ رَفيعٌ ليْسَ يُدْرِكُهُ .... مِنَ العِبادِ سِوَى السَّاعِي كَسَعْيِهِمِ
أبْلِغْ بِحُجَّتِهِمْ أرْجِحْ بِكِفَّتِهِمْ .... في الفَضْلِ إنْ قِسْتَهُمْ وَزْنًا بِغَيْرِهِمِ
كفاهُمُو شَرَفًا أنْ أصبحُوا خَلَفًا .... لسَيِّدِ الحُنَفَا في دينِهِ القِيَمِ
يُحْيُونَ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَلَهُمْ .... أوْلَى بهِ مِنْ جَميعِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
يَرْوُونَ عنهُ أحادِيثَ الشريعةِ لا .... يَأْلُونَ حِفْظًا لَها بالصَّدْرِ والقَلَمِ
يَنْفُونَ عنها انْتِحَالَ الْمُبْطِلينَ وتَحْ .... ريفَ الغُلاةِ وتَأْويلَ الغَوِيْ اللَّئِمِ
أدَّوا مَقالَتَهُ نُصْحًا لأمَّتِهِ .... صانَوْا رِوايَتَها عنْ كُلِّ مُتَّهَمِ
لَمْ يُلْهِهِمْ قطُّ مِن مالٍ ولا خَوَلٍ .... ولا ابْتِياعٍ ولا حَرْثٍ ولا نَعَمِ
هَذا هُو الْمَجدُ لا مُلْكٌ ولا نَسَبٌ .... كَلَّا ولا الْجمعُ لِلأموالِ والْخَدَمِ
فكُلُّ مَجْدٍ وَضِيعٍ عِند مَجْدِهِمُو .... وكلُّ مُلْكٍ فَخُدَّامٌ لِمُلْكِهِمِ
والأمْنُ والنُّورُ والفَوْزُ العظيمُ لَهُمْ .... يَوْمَ القِيامَةِ والبُشرَى لِحِزْبِهِمِ
فإنْ أرَدْتَ رُقِيًّا نَحوَ رُتْبَتِهِمِ .... ورُمْتَ مَجْدًا رفِيعًا مِثْلَ مَجْدِهِمِ
فاعْمَدْ إلَى سُلَّمِ التقوَى الذِي نَصَبُوا .... واصْعَدْ بِعَزْمٍٍ وَجُدَّ مِثْلَ جِدِّهِمِ
واعْكُفْ عَلى السُّنَّةِ الْمُثْلى كَما عَكَفُوا .... حِفْظًا معَ الكَشْفِ عن تَفْسِيرِها وَدُمِ
واقْرَأْ كِتابًا يُفِيدُ الاصْطِلاحُ بِهِ .... تَدْرِي الصَّحيحَ مِن الموْصوفِ بالسَّقَمِ
فهْيَ الْمَحَجَّةُ فاسْلُكْ غيرَ مُنْحَرِفٍ .... وهيَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحاءُ فاعْتَصِمِ
وَحْيٌ مِنَ اللهِ كالقُرْآنِ شاهِدُهُ .... في سورةِ النَّجْمِ فاحْفَظْ ولا تَهِمِ
خيرُ الكلامِ ومِنْ خيرِ الأنامِ بَدَا .... مِن خيرِ قَلْبٍ بهِ قدْ فاهَ خيرُ فمِ
وهيَ البيانُ لأسْرارِ الكتابِ فبِالْ .... إعْراضِ عنْ حُكْمِها كُنْ غَيرَ مُتَّسِمِ
حَكِّمْ نَبِيَّكَ وانْقَدْ وارْضَ سُنَّتَهُ .... مَعَ اليَقينِ وحَوْلَ الشَّكِّ لا تَحُمِ
واعْضُضْ عَلَيها وجانِبْ كلَّ مُحْدَثَةٍ .... وقُلْ لِذِي بِدْعَةٍ يَدْعُوكَ لا نَعَمِ
فمَا لِذِي ريبَةٍ في نفسِهِ حَرَجٌ .... مِمَّا قَضَى قطُّ في الأَيْمانِ مِنْ قَسَمِ
(فَلا وَرَبِّكَ ) أقْوَى زاجِرًا لأُوْلِي الْ .... ألْبابِ والْمُلْحِدُ الزِّنْدِيقُ في صَمَمِ
في الفرائض
والآلةِ والتَّحْذيرِ منَ العُلومِ المُبْتدَعَةِ
وبالفرائضِ نصف العِلْمِ فَاعْنَ كَما .... أوْصَى الإلهُ وخيرُ الرسْلِ كُلِّهِمِ
مِن فضْلِها أن تَوَلَّى اللهُ قِسْمَتَها .... ولَمْ يَكِلْها إلى عُرْبٍ ولا عَجَمِ
(يُوصيكُمُ اللهُ) مِنْ بَعْدِها اتَّصَلَتْ .... وفي الكَلالَةِ أُخْرَى فَادْنُ واغْتَنِمِ
وخُذْ إذا شِئتَ ما قدْ تَستَعِينُ بِهِ .... مِنْ آلةٍ تَلْفَها حَلًّا لِمُنْبَهِمِ
كالنَّحْوِ والصَّرْفِ والتّجْويدِ معْ لُغَةٍ .... يُدْرَى بِها حَلَّ ما يَخْفى مِنَ الكَلِمِ
واحْذَرْ قوانينَ أرْبابِ الكَلامِ فمَا .... بِها مِنَ العِلْمِ غيرُ الشَّكِّ والتُّهَمِ
قامُوسُ فَلْسَفَةٍ مِفْتاحُ زنْدَقَةٍ .... كمْ منْ مُلِمٍّ بهِ قدْ باءَ بالنَّدَمِ
رامُوا بِها عَزْلَ حُكْمِ اللهِ واقْتَرَحُوا .... لِلْحَقِّ رَدًّا وإنْقاذًا لِحُكْمِهِمِ
يَرَوْكَ إنْ تَزِنِ الوَحْيَيْنِ مُجْتَرِئًا .... عَليهما بِعُقُولِ الْمُغْفلِ العَجَمِ
وأنْ تُحَكِّمَها فِي كُلِّ مُشْتَجَرٍ .... إذْ لَيْسَ فِي الوَحْيِ مِن حُكْمٍ لِمُحْتَكِمِ
أمّا الكِتابُ فحَرِّفْ عَنْ مَواضِعِهِ .... إذْ ليْسَ يُعْجِزُكَ التَّحْريفُ لِلْكَلِمِ
كذا الأحادِيثُ آحادٌ وليْس بِها .... بُرْهانُ حقٍّ ولا فصْلٌ لِمُخْتَصِمِ
وقَدْ أبَى اللهُ إلا نَصْرَ ما خَذَلُوا .... وكَسْرَ ما نَصَرُوا مِنْهُمْ عَلى رَغَمِ
كَذا الكَهانَةُ والتَّنْجِيمُ إنَّهُمَا .... كُفْرانِ قَدْ عَبَثَا بالناسِ مِنْ قِدَمِ
إسنادُهَا حِزْبُ إبْليسَ اللَّعينِ كَمَا .... مُتُونُها أكْذَبُ الْمَنْقولِ مِنْ كَلِمِ
مَا لِلتُّرابِ وما لِلْغَيْبِ يُدْرِكُهُ .... مَا لِلتَّصَرُّفِ والمخْلوقُ مِنْ عَدَمِ
لوْ كانتِ الْجِنُّ تَدْرِي الغَيْبَ ما لَبِثَتْ .... دَهْرًا تُعالِجُ أصنافًا مِنَ الأَلَمِ
أمَّا النُّجُومُ فَزَيْنٌ لِلسَّمَا ورُجُو .... مًا للشَّياطِينِ طَرْدًا لاسْتِمَاعِهِمِ
كما بِها يَهْتَدِي السَّارِي لِوِجْهَتِهِ .... في البَرِّ والبَحْرِ حيثُ السيْرُ فِي الظُّلَمِ
والنَّيِّرَيْنِ بِحُسْبَانٍ وذلكَ تَقْ .... دِيرُ العَزيزِ العَلِيمِ الْمُسْبِغِ النِّعَمِ
فمَنْ تَأَوَّلَ فيها غيْرَ ذاكَ قَفَا .... ما ليْسَ يَعْلَمُهُ فَهو الكَذُوبُ سَمِ
كَالْمُقْتَفِينَ لِعُبَّادِ الْهَياكِلِ فِي .... عَزْوِ التَّصَرُّفِ والتأثِيرِ للنُّجُمِ
والكاتِبِينَ نِظامًا في عِبادَتِها .... عَقْدًا وكَيْفًا وتَوْقِيتًا لِنُسْكِهِمِ
فَذَا سُعُودٌ وذَا نَحْسٌ وطَلْسَمُهُ .... كَذَا وناسِبُهُ ذا كمْ بِخَرْصِهِمِ
واحْذَرْ مَجَلّاتِ سُوءٍ في الْمَلَا نُشِرَتْ .... تَدعُو جِهارًا إلى نَشْرِ البَلَا بِهِمِ
تَدْعُو لِنَبْذِ الْهُدَى والدِّينِ أجْمَعِهِ .... والعِلْمِ بلْ كلِّ عَقْلٍ كامِلٍ سَلَمِ
ولِلرُّكُونِ إلى الدنْيا وزُخْرُفِها .... والرَّتْعِ كالحيَوانِ السّائِمِ البُهُمِ
ولِلتَّهَتُّكِ جَهْرًا والخَلاعَةِ معْ .... نَبْذِ الْمُروءَةِ والأخْلاقِ مِنْ عَدَمِ
والاعْتِمادِ عَلى الأسْبابِ مُطْلَقِها .... دُونَ الْمُسَبِّبِ والإخلاقِ مِنْ عَدَمِ
والكُفْرِ باللهِ والأمْلاكِ معْ رُسُلٍ .... والوَحْيِ معْ قَدَرٍ والبَعْثِ لِلرِّمَمِ
وَلِاعْتِناقِ الطَّبيعيَّاتِ ليْسَ لَها .... مُدَبِّرٌ فاعِلٌ ما شاءَ لَمْ يَضِمِ
قامَتْ لَدَيْهِمْ بِلا قَيُّومٍ اْبدَعَها .... مُسَخَّراتِ لِغاياتٍ مِنَ الْحِكَمِ
سَمَّوْهُ مَدْحًا لهُ العِلْمَ الْجدِيدَ بَلِ الْ .... كُفْر القَدِيم ومِنْهُ القَوْلُ بالقِدَمِ
تَقَسَّمُوهُ الْمَلاحِيدُ الطُّغاةُ عَلى .... سَهْمٍ وأكثَرَ لا أهْلًا بِِذِي القِسَمِ
وكُلَّما مَرَّ قَرْنٌ أوْ قُرُونٌ اْتَوْا .... بِهِ عَلى صُورَةٍ أُخْرَى لِخُبْثِهِمِ
بَعْضُ الْخَبيثُ عَلى بَعْضٍ سَيَرْكُمُهُ .... رَبِّي وَيَجْعَلُهُ في النارِ للضَّرَمِ
واعْجَبْ لِعُدْوانِ قَوْمٍ حاوَلُوا سَفَهًا .... أنْ يَجْمَعُوهُ إلى الإسْلامِ فِي كَمَمِ
كالنّارِ في الماءِ أو طُهْرٍ عَلى حَدَثٍ .... في وقتِهِ أوْ إِخاءِ الذِّئْبِ والغَنَمِ
خاتمة في تحصيلِ ثَمَرَاتِ العِلْمِ النافِعَةِ
واجْتِناءِ قُطوفِهِ الدَّانِيَةِ اليانِعَة
وَحَاصِلُ العِلْم ما أُمْلِي الصِّفَاتِ لَهُ .... فَأَصْغِ سَمْعَكَ واسْنَتْصِتْ إلَى كَلِمِي
وَذَاكَ لَا حِفْظَكَ الفُتْيَا بِأحْرُفِهَا .... وَلَا بِتَسْوِيدِكَ الْأَوْرَاقَ بِالْحُمَمِ
وَلَا تَصَدُّر صَدْرَ الْجَمْع مُحْتَبِيًا .... تُمْلِيهِ لَمْ تَفْقَهِ الْمَعْنِيَّ بالكَلِمِ
ولا العِمَامَة إذْ تُرخَى ذُؤابَتُها .... تَصَنُّعًا وخِضاب الشيْبِ بالْكَتَمِ
ولا بِقَوْلكَِ يعني دائبًا ونَعَمْ .... كَلا ولا حَمْلكَ الأسْفارَ كالْبُهُمِ
ولا بِحَمْلِ شهاداتٍ مُبَهْرَجَةٍ .... بِزُخْرُفِ القَوْلِ مِن نَثْرٍ ومُنْتَظِمِ
بلْ خَشْيَة اللهِ في سِرٍّ وفِي عَلَنٍ .... فاعْلَمْ هيَ العِلْمُ كلَّ العِلْمِ فالْتَزِمِ
فَلْتعْرِف اللهَ ولْتَذْكُرْ تَصَرُّفَهُ .... ومَا عَلى عِلْمِهِ قد خَطَّ بالقَلَمِ
وحَقَّهُ اعْرِفْ وقُمْ حَقًّا بِمُوجبِهِ .... ومَنْهَجَ الْحَقِّ فَاسْلُكْ عَنْهُ غَيْرَ عَمِي
أشْقَى وأسْعَدَ مُخْتَارًا أضَلَّ هَدَى .... أدْنى وأبْعَدَ عَدْلا مِنْهُ فِي القسَمِ
أوْحَى وأرْسل وصَّى آمِرا ونَهَى .... أَحَلَّ حَرَّمَ شَرْعًا كَامِلَ الْحِكَمِ
يُحِبُّ الِاحْسَانَ والعِصْيانَ يَكْرَهُهُ .... والْبِرَّ يَرْضاهُ معْ سُخْطٍ لِحُرْمِهِمِ
بِمُقْتَضَى دِينِ فِي الدّارَيْنِ مُطَّرِدٍ .... لا ظُلْمَ يَخْشَى ولا خَيْرٌ بِمُنْهَضِمِ
فاعْمَلْ عَلى وَجَلٍ وادْأَبْ إلَى أجَلٍ .... واعْزِلْ عن اللهِ سُوءَ الظنِّ والتُّهَمِ
للشَّرْعِ فانْقَدْ وسَلِّمْ لِلقَضَاءِ ولَا .... تُخَاصِمَنَّ بِه كالْمُلْحِدِ الْخَصِمِ
وبالْمَقادِيرِ كُنْ عَبْدًا لِمَالِكِهِ .... وعابِدًا مُخْلِصًا فِي شَرْعِهِ القِيَمِ
إيَّاهُ فاعْبُدْ وإيَّاهُ اسْتَعِنْ فَبِذَا .... تَصِلْ إليْهِ وإلا حُرْتَ فِي الظُّلَمِ
وخُذْ بالَاسْبابِ واسْتَوْهِبْ مُسَبِّبَها .... وثِقْ بِهِ دُونَها تُفْلِحْ ولَمْ تُضَمِ
بالشَّرْعِ زِنْ كُلَّ أمْرٍ ما هَمَمْتَ بِهِ .... فإنْ بَدَا صالِحًا أقْدِمْ ولا تَجِمِ
أخْلِصْهُ واصْدُقْ أصِبْ واهْضِمْ فَذِي شُرِطَتْ .... فِي صالِحِ السَّعْيِ أوْ فِي طَيِّبِ الكَلِمِ
أخْلِصْهُ للهِ واصْدُقْ عازِمًا وأصِبْ .... صِرَاطَهُ واهْضِمَنَّ النّفْسَ تَنْهَضِمِ
لا تُعْجَبَنَّ بِهِ يُحبَطُ ولا تَرَهُ .... في جانبِ الذنْبِ والتقْصِيرِ والنِّعَمِ
وحيثُ كانَ مِن النّهْيِ اجْتَنِبْهُ وإنْ .... زَلَلْتَ تُبْ منهُ واسْتَغْفِرْ معَ النَّدَمِ
وَأَوْقِفِ النفْسَ عندَ الأمرِ هلْ فَعَلَتْ .... والنّهْيِ هلْ نَزَعَتْ عن موجِبِ النّقَمِ
فإنْ زَكَتْ فاحْمَدِ الْمَوْلَى مُطَهِّرَها .... ونِعْمَةَ اللهِ بالشُّكْرانِ فاسْتَدِمِ
وإنْ عَصَتْ فاعْصِها واعْلَمْ عَدَاوَتَها .... وحَذِّرَنْها وُرُودَ الْمَوْرِدَ الوَخِمِ
وانْظُرْ مَخازِي الْمُسِيئينَ التي أُخَذُوا .... بِها وحَاذِرْ ذُنوبًا مِن عِقابِهِمِ
والْزَمْ صِفاتِ أولِي التّقوَى الذينَ بِها .... عَلَيْهم اللهُ أثْنَى واقْتَدِهْ بِهِمِ
واقْنُتْ وبينَ الرَّجَا والْخَوْفِ قُمْ أبَدًا .... تَخْشَى الذنُوبَ وتَرْجُو عَفْوَ ذَي الكَرَمِ
فالخوفُ ما أوْرَثَ التقوَى وحَثَّ عَلى .... مَرْضاةِ رَبِّي وهَجْرِ الإِثْمِ والأَثَمِ
كَذا الرَّجَا ما عَلى هذا يحِثُّ لِتَصْ .... دِيقٍ بِمَوْعودِ رَبِّي بالْجَزَا العَظِمِ
والْخَوْفُ إنْ زادَ أفْضَى لِلْقُنُوطِ كَمَا .... يُفْضِي الرَّجاءُ لأَمْنِ الْمَكْرِ والنِّقَمِ
فَلا تُفَرِّطْ ولا تُفْرِطْ وكُنْ وَسَطًا .... وَمِثْلَ مَا أمَرَ الرَّحْمَنُ فاسْتَقِمِ
سَدِّدْ وقارِبْ وأَبْشِرْ واسْتَعِنْ بِغُدوْ .... وٍ والرّواحِ وأَدْلِجْ قاصِدًا ودُمِ
فمِثْل ما خَانَتِ الكسْلانَ هِمَّتُهُ .... فَطَالَمَا حُرِمَ الْمُنْبَتُّ بالسَّأَمِ
ودُمْ عَلى البَاقِياتِ الصَّالِحاتِ وحَوْ .... قِلَنْ واسْأَلِ اللهَ رِزْقًا حُسْنَ مُخْتَتَمِ
واضْرَعْ إلى اللهِ في التَّوْفِيقِ مُبْتَهِلًا .... فَهو الْمُجِيبُ وأهْلُ الْمَنِّ والْكَرَمِ
يا رَبِّ يا حيُّ يا قيومُ مَغْفِرَةً .... لِمَا جَنَيْتُ مِنَ العِصْيانِ واللَّمَمِ
وامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا يُرْضيكَ واقْضِهِ لِي .... مِنِ اعْتِقادٍ ومِنْ فِعْلٍ ومِنْ كَلِمِ
وأَعْلِ دينَكَ وانْصُرْ ناصِريهِ كَمَا .... وَعَدْتَهُمْ ربَّنا فِي أصْدَقِ الكَلِمِ
واقسِمْ بِبَأْسِكَ رَبِّي حِزْبَ خاذِلِهِ .... ورُدَّ كَيْدَ الأعادِي فِي نُحُورِهِمِ
واشْدُدْ عَليْهِمْ بِزِلْزَالٍ ودَمْدَمَةٍ .... كمَا فَعَلْتَ بأهْلِ الْحِجْرِ فِي القِدَمِ
واجْعَلْهُمُو رَبَّنا لِلْخَلْقِ مَوْعِظَةً .... وعِبْرَةً يا شَديدَ البَطْشِ والنِّقَمِ
ثم الصَّلاةُ عَلى الْمَعْصومِ مِنْ خَطَأٍ .... مُحَمَّدٍ خَيْرِ رُسْلِِ اللهِ كُلِّهِمِ
والآلِ والصَّحْبِ ثمَّ التابعينَ لَهُمْ .... وتَمَّ نَظْمِي بِحَمْدِ اللهِ ذِي النِّعَمِ
للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله
الحَمْد ُللهِ ربِّ العالمينَ عَلى.... آلائه وهْوَ أهلُ الحَمْدِ والنِّعَمِ
ذي الملكِ والملكوتِ الواحِدِ الصمَدِ ال.... بَرِّ المهيْمِنِ مُبدِي الخلْقِ مِن عَدَمِ
مَنْ عَلَّمَ الناسَ ما لا يعْلمونَ وبِال....ْ بَيانِ أنْطَقَهُمْ والخَطِّ بالقَلَمِ
ثمَّ الصلاةُ على المُخْتارِ أكرَمِ مَبْ .... عُوثٍ بِخيْرِ هُدًى في أفضَلِ الأُمَمِ
والآلِ والصَّحْبِ والأتْباع قاطِبَةً .... والتابِعينَ بإحْسانٍ لِنَهْجِهِمِ
ما لاحَ نَجْمٌ وما شمسُ الضُّحى طَلَعَتْ.... وعَدُّ أنْفاسِ ما في الكوْنِ مِن نَسَمِ
وبَعْدُ مَنْ يُرِدِ اللهُ العظيمُ بِهِ .... خيْرًا يُفَقِّهَهُ فِي دِينهِ القِيَمِ
وحَثَّ ربِّي وحَضَّ المؤمنينَ عَلى.... تَفَقُّهِ الدِّينِ معْ إنْذارِ قَوْمِهِمِ
وامْتَنَّ رَبِّي عَلى كلِّ العِبادِ وكُلْ.... لِ الرُّسْلِ بالعِلْمِ فاذْكُرْ أكْبَرَ النِّعَمِ
يَكفِيكَ في ذاكَ أُولَى سُورَةٍ نَزَلَتْ.... عَلى نَبِيِّكَ أعْني سورَة القَلَمِ
كذاكَ فِي عِدَّةِ الآلاءِ قدَّمَهُ.... ذِكْرًا وقَدَّمَهُ في سُورَةِ النَّعَمِ
ومَيزَهُ اللهُ حَتى في الجوارِحِ مَا.... مِنْها يُعلمُ عنْ باغٍ ومُغْتَشِمِ
وذمَّ ربِّي تعالَى الجاهِلِينَ بِهِ.... أشَدَّ ذمٍّ فَهُمْ أدْنى مِنَ البُهمِ
وليْسَ غِبْطَةٌ اْلا في اثْنَتَيْنِ هُما الْ.... إحْسانُ في المالِ أو في العِلْمِ والحكمِ
ومِنْ صِفاتِ أُولِي الإيمانِ نَهْمَتُهُمْ.... فِي العِلْمِ حتى اللَّقَى غِبْط بِذِي النَّهَمِ
العِلْمُ أغْلَى وأحْلى ما لَهُ اسْتَمَعَتْ.... أذْنٌ وأعْرَبَ عنهُ ناطِقٌ بِفَمِ
العِلْمُ غايَتُهُ القُصْوَى ورُتْبَتُهُ الْ .... عَلْياءُ فاسْعَوا إليهِ يَا أُولِي الهِمَمِ
العِلْمُ أشْرَفُ مَطْلوبٍ وَطالِبُه....ُ للهِ أكْرَمُ مَن يَمْشِي عَلى قَدَمِ
العِلْمُ نورٌ مُبِينٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ .... أهْلُ السَّعادَةِ والجُهَّالُ فِي الظُّلَمِ
الْعِلْمُ أعْلَى حَياةٍ للعِبادِ كَما .... أهْلُ الجَهالَةِ أمْواتٌ بِجَهْلِهِمِ
لا سَمْع لا عَقْل بل لا يُبْصِرونَ وفِي السْ .... سَعِيرِ مُعْتَرِفٌ كُلٌّ بِذَنْبِهِمِ
فالجَهْلُ أَصْلُ ضَلَالِ الخَلْقِ قاطِبَةً.... وأصْلُ شَقْوَتِهِمْ طُرًّا وظُلْمِهِمِ
والعِلْمُ أصْلُ هُداهُمْ مَعْ سَعادَتِهِمْ.... فلا يَضِلُّ ولا يَشْقى ذَوُو الْحِكَمِ
والخَوفُ بالجهْلِ والحُزْنُ الطويلُ بِهِ.... وعَن أُولِي العِلْمِ مَنْفِيَّانِ فَاعْتَصِمِ
العِلْمُ واللهِ مِيراثُ النُّبُوَّةِ لا.... ميراثَ يُشْبِهُهُ طوبَى لِمُقْتَسِمِ
لأنَّهُ إرْثُ حَقٍّ دائِم أبَدًا.... وما سِواهُ إلى الإِفْنَاءِ والعَدَمِ
ومنْه إرْثُ سُليْمانَ النُّبُوَّة والْ.... فَضْل المُبِين فمَا أوْلاهُ بِالنِّعَمِ
كذَا دَعا زكريا ربَّهُ بِوَلِي.... الآلِ خَوفَ الموالِي مِن وَرائِهِمِ
العِلْمُ مِيزانُ شَرْعِ اللهِ حيثُ بِهِ .... قِوامُهُ وبِدُونِ العِلْمِ لَمْ يَقُمِ
وكُلَّما ذُكِرَ السُّلطانُ في حُجَجٍ.... فالعِلْمُ لا سُلْطَةُ الأيْدِي لَمُحْتَكِمِ
فسُلطَة اليَدِ بالأبْدانِ قاصِرَةٌ .... تَكونُ بالعَدْلِ أوْ بالظُّلْمِ والغَشَمِ
وسُلْطَةُ العِلْمِ تَنْقادُ القُلوبُ لَها.... إلَى الهُدَى وإلَى مَرْضاةِ رَبِّهِمِ
ويَذْهَبُ الدِّينُ والدُّنْيا إذَا ذَهَبَ الْ.... عِلْمُ الّذِي فيهِ مَنْجاةٌ لِمُعْتَصِمِ
العِلْمُ يا صَاحِ يَسْتَغْفِرْ لِصاحِبِهِ.... أهلُ السّماوَاتِ والأرْضِينَ مِنْ لَمَمِ
كَذَاكَ تَسْتَغِفِرُ الحْيتانُ في لُجَجٍ.... مِن البِحارِ لَه فِي الضَّوْءِ والظُّلَمِ
وخارِجٍ فِي طِلابِ العِلمِ مُحْتَسِبًا .... مُجاهِدٌ في سَبيلِ أيُّ كَمِي
وإنَّ أجْنِحَةَ الأمْلاكِ تَبْسِطُها.... لِطالِبِيهِ رضًا مِنْهُمْ بِصُنْعِهِمِ
والسَّالِكونَ طريقَ العِلْمِ يَسْلُكُهُمْ.... إلَى الجِنانِ طريقًا بارئُ النَّسَمِ
والسَّامِعُ العِلْمَ والوَاعِي لِيَحْفَظَهُ .... مُؤَدِّيًا ناشِرًا إيَّاهُ في الأمَمِ
فيَا نَضَارَتَهُ إذْ كاَنَ مُتَّصِفًا.... بِذا بِدَعْوَةِ خَيْرِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
كَفاكَ فِي فَضْلِ أهْلِ العِلْمِ أنْ رَفَعُوا .... مِنْ أجْلِهِ دَرَجاتٍ فوْقَ غَيْرِهِمِ
وكانَ فضْلُ أبِينَا فِي القَدِيمِ عَلى الْ .... أمْلاكِ بالعِلْمِ مِن تَعْلِيمِ رَبِّهِمِ
كذاكَ يوسُفُ لَمْ تَظْهَرْ فَضِيلَتُهُ .... لِلعالَمينَ بِغَيْرِ العِلْمِ والْحِكَمِ
وما اتِّباعُ كَليمِ اللهِ لِلْخَضِرِ الْ .... مَعْروفِ إلا لعِلْمٍ عَنْهُ مُنْبَهِمِ
مَعْ فَضْلِهِ بِرِسالاتِ الإلَهِ لَهُ .... وَمَوْعِدٍ وسَماعٍ مِنْهُ لِلْكَلِمِ
وقَدَّمَ المصْطفى بالعِلْمِ حامِلَهُ .... أعْظِمْ بِذلِكَ تَقْدِيمًا لِذِي قِدَمِ
كفَاهُمُو أنْ غَدَوْا لِلْوَحْيِ أوْعِيَةً .... وأضْحَتِ الآيُ مِنْهُ فِي صُدورِهِمِ
وخصَّهُمْ ربُّنا بَصَرًا بِخَشْيَتِهِ.... وعَقْلُ أمْثالِهِ فِي أصْدَقِ الكَلِمِ
ومَعْ شَهادَتِهِ جاءَتْ شَهادَتُهُمْ.... حَيْثُ اسْتَجابُوا وأهْلُ الجَهْلِ في صَمَمِ
ويَشْهدُونَ عَلى أهْلِ الجَهالَةِ بالْ .... مَوْلَى إذا اجتَمَعُوا فِي يَوْمِ حَشْرِهِمِ
والعَالِمُونَ عَلى العِبادِ فَضْلُهُمُو.... كالبَدْرِ فَضْلا عَلى الدُّرِّيِّ فَاغْتَنِمِ
وعَالِمٌ مِنْ أُولِي التّقْوَى أشدُّ عَلى ال.... شيْطانِ مِنْ ألْف عُبَّادٍ بِجَمْعِهِمِ
ومَوْتُ قَوْمٍ كَثِيرُو الْعَدِّ أيْسَرُ مِنْ .... حَبْرٍ يَموتُ مُصَابٌ واسِعُ الألَمِ
كَمَا مَنافِعُهُ فِي العالَمِ اتَّسَعَتْ .... وَلِلشّيَاطِينِ أفْراحٌ بِمَوْتِهِمِ
تَاللهِ لَوْ عَلِمُوا شَيْئًا لَمَا فَرِحُوا .... لأنَّ ذَلِكَ مِن أعْلامِ حَتْفِهِمِ
همُ الرُّجُومُ بِحَقٍّ كُلَّ مُسْتَرِقٍ .... سَمْعًا كَشُهْبِ السَّمَا أعْظِمْ بِشُهْبِهِمِ
لأنَّهَا لِكِلا الجِنْسَيْنِ صائِبَةٌ.... شيطانِ إنْسٍ وجِنٍّ دونَ بَعْضِهِمِ
هُمُ الهُداةُ إلى أهْدَى السَّبيلِ وأهْ .... لُ الجَهْلِ عنْ هَدْيِهِمْ ضَلُّوا لِجَهْلِهِمِ
وفَضْلُهُمْ جاءَ في نصِّ الكِتابِ وفِي الْ .... حَديثِ أشْهَرُ مِنْ نارٍ عَلى عَلَمِ
يا طالِبَ العِلمِ لا تَبْغِي به بَدَلا .... فقَدْ ظَفَرْتَ ورَبِّ اللَّوْحِ والْقَلَمِ
وقَدِّسِ العِلمَ واعْرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ .... فِي القَوْلِ والفِعْلِ والآدابَ فَالْتَزِمِ
واجْهَدْ بِعَزْمٍ قَوِيٍّ لا انْثِنَاءَ لَهُ .... لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ قَدْرَ العِلْمِ لَمْ يَنَمِ
والنُّصْحُ فابْذُلْهُ لِلطُّلابِ مُحْتَسِبًا .... في السِّرِّ والْجَهْرِ والأُسْتاذَ فَاحْتَرِمِ
ومَرْحَبًا قُلْ لِمَنْ يَأتِيكَ يَطْلُبُهُ.... وفِيهِمِ احْفَظْ وَصايَا الْمُصْطَفَى بِهِمِ
والنِّيَّةَ اجْعَلْ لِوَجْهِ اللهِ خالصَةً .... إنَّ البِناءَ بدونِ الأصْلِ لَمْ يَقُمِ
ومَن يَكُنْ لِيَقُولَ الناسُ يَطْلُبُهُ .... أخْسِرْ بِصَفْقَتِهِ فِي مَوْقِفِ النَّدَمِ
ومَنْ به يَبْتَغِي الدُّنْيا فَلَيْسَ بِهِ.... يَومَ القِيامَةِ مِن حَظٍّ ولا قَسَمِ
كَفَى بِهِ (مَن كانَ) فِي شورَى وهُودٍ وفِي الْ .... إسْراءِ مَوْعِظَةً لِلحَاذِقِ الفَهِمِ
إيَّاكَ واحْذَرْ مُمارَاةَ السَّفِيهِ بِهِ .... كَذا مُباهاةَ أهْلِ العِلْمِ لا تَرُمِ
فإنَّ أبْغَضَ كلِّ الخَلْقِ أجْمَعِهِمْ .... إلى الإلَهِ ألَدُّ الناسِ فِي الخِصَمِ
والعُجْبَ فاحْذَرْهُ إنَّ العُجْبَ مُجْتَرِفٌ .... أعْمالَ صاحِبِهِ في سَيْلِهِ العَرِمِ
وبِالْمُهِمِّ الْمُهِمِّ ابْدَأْ لِتُدْرِكَهُ .... وَقَدِّمِ النَّصَّ والآرَاءَ فَاتَّهِمِ
قَدِّمْ وُجوبًا عُلومَ الدِّينِ إنَّ بِها .... يَبِينُ نَهجُ الهُدَى مِن مُوجِبِ النِّقَمِ
وكلُّ كَسْرِ الفَتَى فالدِّينُ جابِرُهُ .... وَالكَسْرُ فِي الدِّينِ صَعْبٌ غَيْرُ مُلْتَئِمِ
دَعْ عَنْكَ ما قالَهُ العَصْرِيُّ مُنْتَحِلا .... وبالعَتِيقِ تَمَسَّكْ قطُّ واعْتَصِمِ
ما العِلْمُ إلا كِتابُ اللهِ أو أثَرٌ .... يَجْلو بِنُورِ هُداهُ كلُّ مُنْبَهِمِ
مَا ثَمَّ عِلْمٌ سِوى الوَحْيِ المُبينِ ومَا.... مِنْهُ اسْتُمِدَّ ألا طُوبَى لِمُغْتَنِمِ
والكَتْمُ لِلعِلْمِ فاحْذَرْ إنَّ كاتِمَهُ.... فِي لَعْنَةِ اللهِ والأقْوامِ كلِّهِمِ
ومِن عُقوبَتِهِ أنْ فِي الْمَعادِ لَهُ .... مِنَ الجَحيمِ لِجَامًا لَيْسَ كَاللُّجُمِ
وصائِنُ العِلْمِ عمَّنْ لَيْسَ يَحْمِلُهُ .... ما ذا بِكِتْمانِ بلْ صَوْنٌ فَلا تَلُمِ
وإنَّمَا الكَتْمُ مَنْعُ العِلْمِ طالِبَهُ .... مِن مُسْتَحِقٍّ لَهُ فَافْهَمْ ولا تَهِمِ
وأتْبِعِ العِلمَ بالأعْمالِ وادْعُ إلَى.... سَبيلِ ربِّكَ بالتِّبْيانِ والْحِكَمِ
واصْبِرْ عَلى لاحِقٍ مِنْ فِتْنَةٍ وأذَى .... فِيهِ وفِي الرُّسْلِ ذكرى فاقْتَدِهْ بِهِمِ
لَواحِدٌ بِكَ يَهْدِيهِ الإلَهُ لَذَا .... خَيْرٌ غَدًا لكَ مِنْ حُمْرٍ مِن النَّعَمِ
واسْلُكْ سَواءَ الصِّراطِ المسْتَقِيمِ ولا.... تَعْدِلْ وقُلْ ربِّيَ الرحمْنُ واسْتَقِمِ
الوصية بكتاب الله عز وجل
وَبَالتَّدَبُّرِ والتّرتِيلِ فَاتْلُ كِتا .... بَ اللهِ لاسِيَّما في حِنْدسِ الظُّلَمِ
حَكِّمْ بَراهِينَهُ واعْمَلْ بِمُحْكَمِه ِ.... حِلًّا وحَظْرًا ومَا قدْ حَدَّهُ أقِمِ
واطْلُبْ مَعانِيهِ بالنَّقْلِ الصّريحِ ولا .... تَخُضْ بِرَأيِكَ واحْذَرْ بَطْشَ مُنْتَقِمِ
فمَا عَلِمْتَ بِمَحْضِ النَّقْلِ مِنْهُ فَقُلْ .... وَكِلْ إلَى اللهِ مَعْنى كلِّ مُنْبَهِمِ
ثُمّ الْمِرَا فيه كُفْرٌ فاحْذَرَنْهُ ولا .... يَسْتَهْوِيَنَّكَ أقوامٌ بِزَيْغِهِمِ
وعنْ مَناهِيهِ كُنْ يا صاحِ مُنْزَجِرًا .... والأمْرُ منهُ بلا تِردادِ فالْتَزِمِ
وما تَشابَهَ فَوِّضْ لِلإلهَ وَلا .... تَخُضْ فَخَوْضُكَ فيه مُوجِبُ النِّقَمِ
ولا تُطِعْ قولَ ذي زيْغٍ يُزَخْرِفُهُ .... مِنْ كُلِّ مُبْتَدِعٍ في الدين مُتَّهَمِ
حَيْرانَ ضلَّ عنِ الحقِّ الْمُبينِ فلا .... يَنْفَكُّ مُنْحَرِفًا مُعْوَجّ لَمْ يَقُمِ
هُوَ الكِتابُ الذي مَن قامَ يَقْرَؤُهُ .... كَأنَّما خاطَبَ الرَّحْمَنَ بالكَلِمِ
هُوَ الصِّراطُ هُو الْحَبْلُ الْمَتِينُ هُوَ الْ .... ميزانُ والعُرْوَةُ الوُثْقَى لَمُعْتَصِمِ
هُو البَيانُ هُو الذِّكْرُ الْحَكِيمُ هُوَ التْ .... َتَفْصِيلُ فاقْنَعْ بِهِ فِي كُلِّ مُنْبَهِمِ
هُو البَصائِرُ والذكرَى لِمُدَّكِرٍ .... هو الْمواعِظُ والبُشْرى لِغَيرِ عَمِي
هُو الْمُنَزَّلُ نُورًا بَيِّنًا وهُدًى .... وهو الشِّفاءُ لِما فِي القَلْبِ مِن سَقَمِ
لَكَنَّهُ لِأُولِي الإيمانِ إذْ عَمِلُوا .... بِما أتَى فِيه مِنْ عِلْمٍ ومِنْ حِكَمِ
أمَّا عَلى مَن تَوَلّى عنه فهو عَمًى .... لِكَوْنِهِ عَنْ هُداهُ الْمُسْتَنيرِ عُمِي
فمَنْ يُقِمْهُ يَكُنْ يَومَ الْمَعادِ لَهُ .... خَيرَ الإِمامِ إلَى الفِرْدَوسِ والنِّعَمِ
كمَا يَسُوقُ أولِي الإِعْراضِ عنهُ إلَى .... دارِ الْمَقامِعِ والأَنْكالِ والألَمِ
وقَدْ أتَى النصُّ في الطُّولَيْنِ أنَّهُما .... ظِلٌّ لِتالِيهِما فِي مَوْقِفِ الغَمَمِ
وأنَّه فِي غَدٍ يَأتِي لِصاحِبِهِ .... مُبَشِّرًا وحَجِيجًا عَنْهُ إنْ يَقُمِ
والْمُلْكَ والْخُلْدَ يُعْطِيهِ ويُلْبِسُهُ .... تاجَ الوَقارِ الإِلهُ الْحَقُّ ذو الكَرَمِ
يُقالُ إِقْرَأْ ورَتِّلْ وارْقَ فِي غُرَفِ الْ .... جَناتِ كيْ تَنْتَهِي لِلْمَنْزِلِ النَّعِمِ
وحُلَّتانِ مِن الفِرْدَوسِ قَدْ كُسِيَتْ .... لِوالِدَيْهِ لَها الأكْوانُ لَمْ تَقُمِ
قالَا بِماذا كُسِيناهَا فقيلَ بِما .... أقْرَأْتُمَا ابْنَكُما فاشْكُرْ لِذِي النِّعَمِ
كَفَى وحَسْبُكَ بالقُرْآنِ مُعْجِزَةً .... دامَتْ لَدَيْنَا دومًا غيْرَ مُنْصَرِمِ
لَمْ يَعْتَرِهْ قطُّ تَبْدِيلٌ ولا غِيَرٌ .... وَجَلَّ فِي كَثْرَةِ التَّرْدادِ عنْ سَأَمِ
مُهَيْمِنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ .... مُصَدِّقًا جاءَ فِي التَّنْزِيلِ فِي القِدَمِ
فيهِ التفاصِيلُ للأحْكامِ مَعْ نَبَأٍ .... عمَّا سَيأتِي وعنْ ماضٍ مِن الأمَمِ
فانْظُرْ قَوارِعَ آياتِ الْمَعادِ بِهِ .... وانْظُرْ لِما قَصَّ عَنْ عادٍ وعنْ إرَمِ
وانْظُرْ بهِ شَرْحَ أحْكامِ الشَّريعَةِ هلْ .... تَرى بِها مِن عَويصٍ غَيرِ مُنْفَصِمِ
أمْ مِن صَلاحٍ ولَمْ يَهْدِ الأنامَ لَهُ .... أمْ بابُ هلْكٍ ولَمْ يَزْجُرْ ولَمْ يَلُمِ
أمْ كانَ يُغْنِي نَقِيرًا عن هِدايَتِهِ .... جَميعُ ما عندَ أهلِ الأرضِ مِنْ نُظُمِ
أخبارُهُ عِظَةٌ أمثالُهُ عِبَرٌ .... وكُلُّهُ عَجَبٌ سُحْقًا لِذِي صَمَمِ
لَمْ تَلْبَثِ الْجِنُّ إذْ أصْغَتْ لِتَسْمَعَهُ .... إنْ بادَرُوا نُذُرًا مِنْهم لِقَوْمِهِمِ
اللهُ أكْبَرُ ما قدْ حازَ مِن عِبَرٍ .... ومِن بَيانٍ وإعْجازٍ ومِن حِكَمِ
واللهُ أكْبَرُ إذْ أعْيَتْ بلاغَتُهُ .... وحُسْنُ تَرْكِيبِهِ للعُرْبِ والعَجَمِ
كمْ مُلْحِدٍ رامَ أن يُبْدِي مُعارَضَةً .... فعَادَ بالذُّلِّ والْخُسْرانِ والرَّغَمِ
هيْهاتَ بُعْدًا لِما رامُوا وما قَصَدُوا .... وما تَمَنَّوْا لَقَدْ بَاؤُوا بِذُلِّهِمِ
خابَتْ أمانِيهِمْ شاهَتْ وُجُوهُهُمُ .... زَاغَتْ قُلوبُهُمُ عنْ هَدْيِهِ القِيَمِ
كَمْ قَدْ تَحدَّى قريشًا في القديمِ وهُمْ .... أهلُ البلاغةِ بينَ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
بِمِثْلِهِ وبِعَشْرٍ ثمَّ واحدةٍ .... فلَمْ يَرُومُوهُ إذْ ذا الأمرُ لَمْ يُرَمِ
الجنُّ والإنسُ لم يأتوا لَوِ اجْتمعوا .... بِمِثْلِهِ ولَوِ انْضَمُّوا لِمِثْلِهِمِ
أنَّى وكيْفَ وربُّ العَرْشِ قائِلُهُ .... سبْحانَهُ جلَّ عنْ شِبْهٍ له وسَمِي
مَا كان خَلْقًا ولا فَيْضًا تَصَوَّرَهُ .... نَبِيُّنا لا ولا تَعبيرَ ذِي نَسَمِ
بلْ قالَهُ ربُّنا قوْلا وأنْزَلَهُ .... وَحْيًا عَلى قلْبِهِ الْمُسْتَيْقِظِ الفَهِمِ
واللهُ يَشْهَدُ والأملاكُ شاهِدَةٌ .... والرُّسْلُ معْ مُؤْمِنِي العُرْبَانِ والعَجَمِ
الوصية بالسنة
ارْوِ الْحَدِيثَ ولازِم أهْلَهُ فهُمُ الْ .... ناجُونَ نَصًّا صريحًا للرّسولِ نُمِي
سامِتْ مَنابِرَهُمْ واحْمِلْ محابِرَهُمْ .... والْزَمْ أكابِرَهُم في كلِّ مُزْدَحَمِ
اسْلُكْ مَنارَهُمُو والْزَمْ شِعارَهُمُ .... واحْطُطُ رَحْلَكَ إنْ تَنْزِلْ بِسُوحِهِمِ
همُ العُدولُ لِحَمْلِ العِلمِ كَيْفَ وَهُمْ .... أُولُو المكارِمِ والأخْلاقِ والشِّيَمِ
همُ الأفاضِلُ حازُوا خَيْرَ مَنْقَبَةٍ .... همُ الأُولَى بِهمُ الدِّينُ الْحَنيفُ حُمِي
همُ الْجهابِذَةُ الأعْلامُ تعرِفُهُمْ .... بينَ الأنامِ بِسيمَاهُمْ وَوَسْمِهِمِ
همْ ناصِرُو الدِّينِ والْحامُونَ حَوْزَتَهُ .... مِنَ العَدُوِّ بِجيشٍ غيرِ مُنْهَزِمِ
همُ البُدورُ ولكنْ لا أُفُولَ لَهُمْ .... بلِ الشُّموسُ وقد فاقُوا بِنُورِهِمِ
لَهُمْ مَقامٌ رَفيعٌ ليْسَ يُدْرِكُهُ .... مِنَ العِبادِ سِوَى السَّاعِي كَسَعْيِهِمِ
أبْلِغْ بِحُجَّتِهِمْ أرْجِحْ بِكِفَّتِهِمْ .... في الفَضْلِ إنْ قِسْتَهُمْ وَزْنًا بِغَيْرِهِمِ
كفاهُمُو شَرَفًا أنْ أصبحُوا خَلَفًا .... لسَيِّدِ الحُنَفَا في دينِهِ القِيَمِ
يُحْيُونَ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَلَهُمْ .... أوْلَى بهِ مِنْ جَميعِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ
يَرْوُونَ عنهُ أحادِيثَ الشريعةِ لا .... يَأْلُونَ حِفْظًا لَها بالصَّدْرِ والقَلَمِ
يَنْفُونَ عنها انْتِحَالَ الْمُبْطِلينَ وتَحْ .... ريفَ الغُلاةِ وتَأْويلَ الغَوِيْ اللَّئِمِ
أدَّوا مَقالَتَهُ نُصْحًا لأمَّتِهِ .... صانَوْا رِوايَتَها عنْ كُلِّ مُتَّهَمِ
لَمْ يُلْهِهِمْ قطُّ مِن مالٍ ولا خَوَلٍ .... ولا ابْتِياعٍ ولا حَرْثٍ ولا نَعَمِ
هَذا هُو الْمَجدُ لا مُلْكٌ ولا نَسَبٌ .... كَلَّا ولا الْجمعُ لِلأموالِ والْخَدَمِ
فكُلُّ مَجْدٍ وَضِيعٍ عِند مَجْدِهِمُو .... وكلُّ مُلْكٍ فَخُدَّامٌ لِمُلْكِهِمِ
والأمْنُ والنُّورُ والفَوْزُ العظيمُ لَهُمْ .... يَوْمَ القِيامَةِ والبُشرَى لِحِزْبِهِمِ
فإنْ أرَدْتَ رُقِيًّا نَحوَ رُتْبَتِهِمِ .... ورُمْتَ مَجْدًا رفِيعًا مِثْلَ مَجْدِهِمِ
فاعْمَدْ إلَى سُلَّمِ التقوَى الذِي نَصَبُوا .... واصْعَدْ بِعَزْمٍٍ وَجُدَّ مِثْلَ جِدِّهِمِ
واعْكُفْ عَلى السُّنَّةِ الْمُثْلى كَما عَكَفُوا .... حِفْظًا معَ الكَشْفِ عن تَفْسِيرِها وَدُمِ
واقْرَأْ كِتابًا يُفِيدُ الاصْطِلاحُ بِهِ .... تَدْرِي الصَّحيحَ مِن الموْصوفِ بالسَّقَمِ
فهْيَ الْمَحَجَّةُ فاسْلُكْ غيرَ مُنْحَرِفٍ .... وهيَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحاءُ فاعْتَصِمِ
وَحْيٌ مِنَ اللهِ كالقُرْآنِ شاهِدُهُ .... في سورةِ النَّجْمِ فاحْفَظْ ولا تَهِمِ
خيرُ الكلامِ ومِنْ خيرِ الأنامِ بَدَا .... مِن خيرِ قَلْبٍ بهِ قدْ فاهَ خيرُ فمِ
وهيَ البيانُ لأسْرارِ الكتابِ فبِالْ .... إعْراضِ عنْ حُكْمِها كُنْ غَيرَ مُتَّسِمِ
حَكِّمْ نَبِيَّكَ وانْقَدْ وارْضَ سُنَّتَهُ .... مَعَ اليَقينِ وحَوْلَ الشَّكِّ لا تَحُمِ
واعْضُضْ عَلَيها وجانِبْ كلَّ مُحْدَثَةٍ .... وقُلْ لِذِي بِدْعَةٍ يَدْعُوكَ لا نَعَمِ
فمَا لِذِي ريبَةٍ في نفسِهِ حَرَجٌ .... مِمَّا قَضَى قطُّ في الأَيْمانِ مِنْ قَسَمِ
(فَلا وَرَبِّكَ ) أقْوَى زاجِرًا لأُوْلِي الْ .... ألْبابِ والْمُلْحِدُ الزِّنْدِيقُ في صَمَمِ
في الفرائض
والآلةِ والتَّحْذيرِ منَ العُلومِ المُبْتدَعَةِ
وبالفرائضِ نصف العِلْمِ فَاعْنَ كَما .... أوْصَى الإلهُ وخيرُ الرسْلِ كُلِّهِمِ
مِن فضْلِها أن تَوَلَّى اللهُ قِسْمَتَها .... ولَمْ يَكِلْها إلى عُرْبٍ ولا عَجَمِ
(يُوصيكُمُ اللهُ) مِنْ بَعْدِها اتَّصَلَتْ .... وفي الكَلالَةِ أُخْرَى فَادْنُ واغْتَنِمِ
وخُذْ إذا شِئتَ ما قدْ تَستَعِينُ بِهِ .... مِنْ آلةٍ تَلْفَها حَلًّا لِمُنْبَهِمِ
كالنَّحْوِ والصَّرْفِ والتّجْويدِ معْ لُغَةٍ .... يُدْرَى بِها حَلَّ ما يَخْفى مِنَ الكَلِمِ
واحْذَرْ قوانينَ أرْبابِ الكَلامِ فمَا .... بِها مِنَ العِلْمِ غيرُ الشَّكِّ والتُّهَمِ
قامُوسُ فَلْسَفَةٍ مِفْتاحُ زنْدَقَةٍ .... كمْ منْ مُلِمٍّ بهِ قدْ باءَ بالنَّدَمِ
رامُوا بِها عَزْلَ حُكْمِ اللهِ واقْتَرَحُوا .... لِلْحَقِّ رَدًّا وإنْقاذًا لِحُكْمِهِمِ
يَرَوْكَ إنْ تَزِنِ الوَحْيَيْنِ مُجْتَرِئًا .... عَليهما بِعُقُولِ الْمُغْفلِ العَجَمِ
وأنْ تُحَكِّمَها فِي كُلِّ مُشْتَجَرٍ .... إذْ لَيْسَ فِي الوَحْيِ مِن حُكْمٍ لِمُحْتَكِمِ
أمّا الكِتابُ فحَرِّفْ عَنْ مَواضِعِهِ .... إذْ ليْسَ يُعْجِزُكَ التَّحْريفُ لِلْكَلِمِ
كذا الأحادِيثُ آحادٌ وليْس بِها .... بُرْهانُ حقٍّ ولا فصْلٌ لِمُخْتَصِمِ
وقَدْ أبَى اللهُ إلا نَصْرَ ما خَذَلُوا .... وكَسْرَ ما نَصَرُوا مِنْهُمْ عَلى رَغَمِ
كَذا الكَهانَةُ والتَّنْجِيمُ إنَّهُمَا .... كُفْرانِ قَدْ عَبَثَا بالناسِ مِنْ قِدَمِ
إسنادُهَا حِزْبُ إبْليسَ اللَّعينِ كَمَا .... مُتُونُها أكْذَبُ الْمَنْقولِ مِنْ كَلِمِ
مَا لِلتُّرابِ وما لِلْغَيْبِ يُدْرِكُهُ .... مَا لِلتَّصَرُّفِ والمخْلوقُ مِنْ عَدَمِ
لوْ كانتِ الْجِنُّ تَدْرِي الغَيْبَ ما لَبِثَتْ .... دَهْرًا تُعالِجُ أصنافًا مِنَ الأَلَمِ
أمَّا النُّجُومُ فَزَيْنٌ لِلسَّمَا ورُجُو .... مًا للشَّياطِينِ طَرْدًا لاسْتِمَاعِهِمِ
كما بِها يَهْتَدِي السَّارِي لِوِجْهَتِهِ .... في البَرِّ والبَحْرِ حيثُ السيْرُ فِي الظُّلَمِ
والنَّيِّرَيْنِ بِحُسْبَانٍ وذلكَ تَقْ .... دِيرُ العَزيزِ العَلِيمِ الْمُسْبِغِ النِّعَمِ
فمَنْ تَأَوَّلَ فيها غيْرَ ذاكَ قَفَا .... ما ليْسَ يَعْلَمُهُ فَهو الكَذُوبُ سَمِ
كَالْمُقْتَفِينَ لِعُبَّادِ الْهَياكِلِ فِي .... عَزْوِ التَّصَرُّفِ والتأثِيرِ للنُّجُمِ
والكاتِبِينَ نِظامًا في عِبادَتِها .... عَقْدًا وكَيْفًا وتَوْقِيتًا لِنُسْكِهِمِ
فَذَا سُعُودٌ وذَا نَحْسٌ وطَلْسَمُهُ .... كَذَا وناسِبُهُ ذا كمْ بِخَرْصِهِمِ
واحْذَرْ مَجَلّاتِ سُوءٍ في الْمَلَا نُشِرَتْ .... تَدعُو جِهارًا إلى نَشْرِ البَلَا بِهِمِ
تَدْعُو لِنَبْذِ الْهُدَى والدِّينِ أجْمَعِهِ .... والعِلْمِ بلْ كلِّ عَقْلٍ كامِلٍ سَلَمِ
ولِلرُّكُونِ إلى الدنْيا وزُخْرُفِها .... والرَّتْعِ كالحيَوانِ السّائِمِ البُهُمِ
ولِلتَّهَتُّكِ جَهْرًا والخَلاعَةِ معْ .... نَبْذِ الْمُروءَةِ والأخْلاقِ مِنْ عَدَمِ
والاعْتِمادِ عَلى الأسْبابِ مُطْلَقِها .... دُونَ الْمُسَبِّبِ والإخلاقِ مِنْ عَدَمِ
والكُفْرِ باللهِ والأمْلاكِ معْ رُسُلٍ .... والوَحْيِ معْ قَدَرٍ والبَعْثِ لِلرِّمَمِ
وَلِاعْتِناقِ الطَّبيعيَّاتِ ليْسَ لَها .... مُدَبِّرٌ فاعِلٌ ما شاءَ لَمْ يَضِمِ
قامَتْ لَدَيْهِمْ بِلا قَيُّومٍ اْبدَعَها .... مُسَخَّراتِ لِغاياتٍ مِنَ الْحِكَمِ
سَمَّوْهُ مَدْحًا لهُ العِلْمَ الْجدِيدَ بَلِ الْ .... كُفْر القَدِيم ومِنْهُ القَوْلُ بالقِدَمِ
تَقَسَّمُوهُ الْمَلاحِيدُ الطُّغاةُ عَلى .... سَهْمٍ وأكثَرَ لا أهْلًا بِِذِي القِسَمِ
وكُلَّما مَرَّ قَرْنٌ أوْ قُرُونٌ اْتَوْا .... بِهِ عَلى صُورَةٍ أُخْرَى لِخُبْثِهِمِ
بَعْضُ الْخَبيثُ عَلى بَعْضٍ سَيَرْكُمُهُ .... رَبِّي وَيَجْعَلُهُ في النارِ للضَّرَمِ
واعْجَبْ لِعُدْوانِ قَوْمٍ حاوَلُوا سَفَهًا .... أنْ يَجْمَعُوهُ إلى الإسْلامِ فِي كَمَمِ
كالنّارِ في الماءِ أو طُهْرٍ عَلى حَدَثٍ .... في وقتِهِ أوْ إِخاءِ الذِّئْبِ والغَنَمِ
خاتمة في تحصيلِ ثَمَرَاتِ العِلْمِ النافِعَةِ
واجْتِناءِ قُطوفِهِ الدَّانِيَةِ اليانِعَة
وَحَاصِلُ العِلْم ما أُمْلِي الصِّفَاتِ لَهُ .... فَأَصْغِ سَمْعَكَ واسْنَتْصِتْ إلَى كَلِمِي
وَذَاكَ لَا حِفْظَكَ الفُتْيَا بِأحْرُفِهَا .... وَلَا بِتَسْوِيدِكَ الْأَوْرَاقَ بِالْحُمَمِ
وَلَا تَصَدُّر صَدْرَ الْجَمْع مُحْتَبِيًا .... تُمْلِيهِ لَمْ تَفْقَهِ الْمَعْنِيَّ بالكَلِمِ
ولا العِمَامَة إذْ تُرخَى ذُؤابَتُها .... تَصَنُّعًا وخِضاب الشيْبِ بالْكَتَمِ
ولا بِقَوْلكَِ يعني دائبًا ونَعَمْ .... كَلا ولا حَمْلكَ الأسْفارَ كالْبُهُمِ
ولا بِحَمْلِ شهاداتٍ مُبَهْرَجَةٍ .... بِزُخْرُفِ القَوْلِ مِن نَثْرٍ ومُنْتَظِمِ
بلْ خَشْيَة اللهِ في سِرٍّ وفِي عَلَنٍ .... فاعْلَمْ هيَ العِلْمُ كلَّ العِلْمِ فالْتَزِمِ
فَلْتعْرِف اللهَ ولْتَذْكُرْ تَصَرُّفَهُ .... ومَا عَلى عِلْمِهِ قد خَطَّ بالقَلَمِ
وحَقَّهُ اعْرِفْ وقُمْ حَقًّا بِمُوجبِهِ .... ومَنْهَجَ الْحَقِّ فَاسْلُكْ عَنْهُ غَيْرَ عَمِي
أشْقَى وأسْعَدَ مُخْتَارًا أضَلَّ هَدَى .... أدْنى وأبْعَدَ عَدْلا مِنْهُ فِي القسَمِ
أوْحَى وأرْسل وصَّى آمِرا ونَهَى .... أَحَلَّ حَرَّمَ شَرْعًا كَامِلَ الْحِكَمِ
يُحِبُّ الِاحْسَانَ والعِصْيانَ يَكْرَهُهُ .... والْبِرَّ يَرْضاهُ معْ سُخْطٍ لِحُرْمِهِمِ
بِمُقْتَضَى دِينِ فِي الدّارَيْنِ مُطَّرِدٍ .... لا ظُلْمَ يَخْشَى ولا خَيْرٌ بِمُنْهَضِمِ
فاعْمَلْ عَلى وَجَلٍ وادْأَبْ إلَى أجَلٍ .... واعْزِلْ عن اللهِ سُوءَ الظنِّ والتُّهَمِ
للشَّرْعِ فانْقَدْ وسَلِّمْ لِلقَضَاءِ ولَا .... تُخَاصِمَنَّ بِه كالْمُلْحِدِ الْخَصِمِ
وبالْمَقادِيرِ كُنْ عَبْدًا لِمَالِكِهِ .... وعابِدًا مُخْلِصًا فِي شَرْعِهِ القِيَمِ
إيَّاهُ فاعْبُدْ وإيَّاهُ اسْتَعِنْ فَبِذَا .... تَصِلْ إليْهِ وإلا حُرْتَ فِي الظُّلَمِ
وخُذْ بالَاسْبابِ واسْتَوْهِبْ مُسَبِّبَها .... وثِقْ بِهِ دُونَها تُفْلِحْ ولَمْ تُضَمِ
بالشَّرْعِ زِنْ كُلَّ أمْرٍ ما هَمَمْتَ بِهِ .... فإنْ بَدَا صالِحًا أقْدِمْ ولا تَجِمِ
أخْلِصْهُ واصْدُقْ أصِبْ واهْضِمْ فَذِي شُرِطَتْ .... فِي صالِحِ السَّعْيِ أوْ فِي طَيِّبِ الكَلِمِ
أخْلِصْهُ للهِ واصْدُقْ عازِمًا وأصِبْ .... صِرَاطَهُ واهْضِمَنَّ النّفْسَ تَنْهَضِمِ
لا تُعْجَبَنَّ بِهِ يُحبَطُ ولا تَرَهُ .... في جانبِ الذنْبِ والتقْصِيرِ والنِّعَمِ
وحيثُ كانَ مِن النّهْيِ اجْتَنِبْهُ وإنْ .... زَلَلْتَ تُبْ منهُ واسْتَغْفِرْ معَ النَّدَمِ
وَأَوْقِفِ النفْسَ عندَ الأمرِ هلْ فَعَلَتْ .... والنّهْيِ هلْ نَزَعَتْ عن موجِبِ النّقَمِ
فإنْ زَكَتْ فاحْمَدِ الْمَوْلَى مُطَهِّرَها .... ونِعْمَةَ اللهِ بالشُّكْرانِ فاسْتَدِمِ
وإنْ عَصَتْ فاعْصِها واعْلَمْ عَدَاوَتَها .... وحَذِّرَنْها وُرُودَ الْمَوْرِدَ الوَخِمِ
وانْظُرْ مَخازِي الْمُسِيئينَ التي أُخَذُوا .... بِها وحَاذِرْ ذُنوبًا مِن عِقابِهِمِ
والْزَمْ صِفاتِ أولِي التّقوَى الذينَ بِها .... عَلَيْهم اللهُ أثْنَى واقْتَدِهْ بِهِمِ
واقْنُتْ وبينَ الرَّجَا والْخَوْفِ قُمْ أبَدًا .... تَخْشَى الذنُوبَ وتَرْجُو عَفْوَ ذَي الكَرَمِ
فالخوفُ ما أوْرَثَ التقوَى وحَثَّ عَلى .... مَرْضاةِ رَبِّي وهَجْرِ الإِثْمِ والأَثَمِ
كَذا الرَّجَا ما عَلى هذا يحِثُّ لِتَصْ .... دِيقٍ بِمَوْعودِ رَبِّي بالْجَزَا العَظِمِ
والْخَوْفُ إنْ زادَ أفْضَى لِلْقُنُوطِ كَمَا .... يُفْضِي الرَّجاءُ لأَمْنِ الْمَكْرِ والنِّقَمِ
فَلا تُفَرِّطْ ولا تُفْرِطْ وكُنْ وَسَطًا .... وَمِثْلَ مَا أمَرَ الرَّحْمَنُ فاسْتَقِمِ
سَدِّدْ وقارِبْ وأَبْشِرْ واسْتَعِنْ بِغُدوْ .... وٍ والرّواحِ وأَدْلِجْ قاصِدًا ودُمِ
فمِثْل ما خَانَتِ الكسْلانَ هِمَّتُهُ .... فَطَالَمَا حُرِمَ الْمُنْبَتُّ بالسَّأَمِ
ودُمْ عَلى البَاقِياتِ الصَّالِحاتِ وحَوْ .... قِلَنْ واسْأَلِ اللهَ رِزْقًا حُسْنَ مُخْتَتَمِ
واضْرَعْ إلى اللهِ في التَّوْفِيقِ مُبْتَهِلًا .... فَهو الْمُجِيبُ وأهْلُ الْمَنِّ والْكَرَمِ
يا رَبِّ يا حيُّ يا قيومُ مَغْفِرَةً .... لِمَا جَنَيْتُ مِنَ العِصْيانِ واللَّمَمِ
وامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا يُرْضيكَ واقْضِهِ لِي .... مِنِ اعْتِقادٍ ومِنْ فِعْلٍ ومِنْ كَلِمِ
وأَعْلِ دينَكَ وانْصُرْ ناصِريهِ كَمَا .... وَعَدْتَهُمْ ربَّنا فِي أصْدَقِ الكَلِمِ
واقسِمْ بِبَأْسِكَ رَبِّي حِزْبَ خاذِلِهِ .... ورُدَّ كَيْدَ الأعادِي فِي نُحُورِهِمِ
واشْدُدْ عَليْهِمْ بِزِلْزَالٍ ودَمْدَمَةٍ .... كمَا فَعَلْتَ بأهْلِ الْحِجْرِ فِي القِدَمِ
واجْعَلْهُمُو رَبَّنا لِلْخَلْقِ مَوْعِظَةً .... وعِبْرَةً يا شَديدَ البَطْشِ والنِّقَمِ
ثم الصَّلاةُ عَلى الْمَعْصومِ مِنْ خَطَأٍ .... مُحَمَّدٍ خَيْرِ رُسْلِِ اللهِ كُلِّهِمِ
والآلِ والصَّحْبِ ثمَّ التابعينَ لَهُمْ .... وتَمَّ نَظْمِي بِحَمْدِ اللهِ ذِي النِّعَمِ
تعليق