بسم الله الرحمن الرحيم
نصيحة الشيخ الالباني بالانضمام في المجالس العلمية وعدم التفرق وبيان أثر ذلك على القلوب .
الشيخ: الإنضمام وعدم التفرق فمن شاء أن يستمع للعلم فلينضم إلى الحلقة.
فقد جاء في السنة في مسند الإمام أحمد -رحمه الله- من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: "كنا إذا سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فنزلنا منزلا تفرقنا في الوديان والشعاب فقال لنا ذات يوم: « ألا إن تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان»؛ قال: فكنا إذا سافرنا بعد ذلك ونزلنا منزلا اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا"،
جمع غفير ويمشون في الصحراء فإذا نزلوا منزلا حضهم الرسول عليه الصلاة والسلام على أن لا يتفرقوا فيه وعلى أن يجتمعوا وأن يتضاموا لأن الإجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير في تجميع القلوب وفي إصلاحها وذلك مما جاء التصريح به عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – : « إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثيراً من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد إستبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»، والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»؛ ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن صلاحاً وطلاحاً، إذا صلح القلب صلح الجسد وإذا فسد القلب فسد الجسد
ومن هنا نأخذ مبدأ هاما جداً يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم الذين لم يتلقوا شيئا من العلم الشرعي وإنما شرعهم عقولهم وأهواءهم فإذا ما قلت لأحدهم لماذا لا تصلي مثلا يقول العبرة ليست بالصلاة وإنما العبرة بصلاح الباطن ويتجاهل هذه الحقيقة أنه لو كان باطنه أي قلبه صالحا لنضح صالحا والعكس بالعكس.
ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتم بإصلاح ظاهره وأن لا يغتر في أن الأمر بما وقر في قلبه لأن الظاهر عنوان الباطن هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط بل ذلك ما يدل هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولاً ثم الحديث الأول حديث أبي ثعلبه الخشني لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمرهم بأن يجتمعوا وأن لا يتفرقوا في المنزل ولو في الصحراء الواسعة الأطراف، أمرهم أن يجتمعوا لأن هذا الإجتماع بالأجساد يقرب القلوب بعضها إلى بعض.
ولعلكم ما نسيتم ما ذكرتكم به أثناء الإصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم مما ذكرته ساعتئذ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لتسون الصفوف أو ليخالفن الله بين الوجوه»؛ فتسوية الصفوف أمر ظاهر ربط به عليه السلام فيما إذا أخل به القائمون في الصف أن يضرب الله قلوب بعضهم ببعض.
فإذا لا يجوز للمسلم أن يستهين بإصلاح ظاهره بدعوى أن باطنه صالح لأنه يكون أولاً يكذب على نفسه فضلاً على أنه يكذب على غيره.
لهذا فليس من الأدب في الإسلام في شيء إذا ما اجتمع طلاب العلم أن يجلسوا هكذا كما يشاءون متفرقين بعضهم عن بعض؛ بل عليهم أن ينضموا .
وأخيراً جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:" دخل ذات يوما المسجد فوجد الناس متفرقين فيه فقال لهم: « مالي أراكم عزين، مالي أراكم عزين »؛ أي: متفرقين.
إذًا علينا أن نتذكرهذا الأدب في تلقي العلم سواء كان التلقي بطريق جرى عليه العلماء اليوم وهو تلقي الأسئلة والإجابة عليها، أو بالطريقة القديمة التي كانت ولا تزال طريقة مطروقة لتعليم الناس ألا وهو أن يجلس الشيخ مع طلابه ويقرأ عليهم من الكتاب سواء كان من التفسير أو من الحديث أو الفقه المستقى من الكتاب والسنة، أو يقرأ عليه أحدهم ثم هو يعلق على ما قرأ ويشرح لهم ما قد يكون غامضا عليهم.
على هذا أردت التذكير بهذا الأدب
من تفريغ سلسلة الهدى والنور ( من الشريط 385)