بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
أولا الإخلاص لله:
في طلب هذا العلم الشرعي فلا تطلبونه للدنيا ولا لحطامها ، ولا لقصد الأموال ، ولا لقصد الجاه والمناصب ، وإنما تطلبونه لوجه الله تبارك وتعالى ، فلابد أولا من تصحيح هذه النية (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ))وطلب العلم عبادة فيجب أن يُخلص فيه لله تبارك وتعالى ، وتعلمون جميعا إن شاء الله الحديث الصحيح في هذا " من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة " ـ نعوذ بالله من ذلك ـ فهذا العلم الشرعي شريف ، فما ينبغي أن يكون عوضا وثمنا يُدفع ليُتوصل به إلى الخسيس وهو الدنيا ، فهو أعلى وأغلى وأجلّ وأعزّ وأعظم من أن يُبذل لأجل الحصول على الدنيا . وتعلمون جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا عن ثلاثة نفر :
أولهم ، قرأ القرآن فيُجاء به يوم القيامة ، فيُعرّفه الله سبحانه وتعالى نعمه عليه فيعرفها فيقول له ماذا عملت فيها ؟ فيقول : يا رب قرأت القرآن وأقرأته فيك. فيقول الله له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت .إنما قرأت ليقال قارئ ، وقد قيل . فيُأمر به ، فيُلقى على وجهه في النارـ نعوذ بالله ـ .
وهكذا الذي قاتل ، وهكذا الذي تصدق وأنفق ، فهم ثلاثة ، الشاهد من هذا قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الله يقول له كذبت ، وأيضا الملائكة تقول له كذبت وإنما قرأت ليقال قارئ وقد قيل .
فنصيبك من هذا العلم هو الثناء عليك ، والمدح لك فأنت ما قصدت به وجه الله ، وإنما قصدت المدح في الدنيا ، وقد قيل ، قد حصل لك ذلك لكن ، في الآخرة اليوم عندنا لا شيء لك (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) . فلابد من الإخلاص لله تبارك وتعالى في طلب العلم ، والإخلاص أن يكون مقصد الإنسان بتعلمه ، رفع الجهل عن نفسه ، أن يعلم ما أوجبه الله تبارك وتعالى عليه من الأحكام ، فيكون فقيها في دين الله تبارك وتعالى ، يعلم الحلال والحرام ، فيعرف الواجب عليه ويعرف المندوب أو المستحب ، ويعرف الحرام ويعرف المكروه ، فيأتي هذا ويدع هذا ، لأن هذا قد أوجبه الله عليه ، وهذا قد حرّمه الله عليه ، ويسارع إلى هذا وهو المستحب ، ليكمّل به ويزداد به ، يكمّل به النقص الذي يحصل عنده في الواجبات ، ويزداد به تقدما عند الله تبارك وتعالى ، " ما تقرب إليّ عبد بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه "، هذا الواجب " ولا يزال يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه " هذا في المستحبات ، فيكون حينئذ ممتثلا للأوامر جائيا بالواجب ، ومسارعا إلى أداء المستحبات ، طالبا الإزدياد في الحسنات ، والرفعة في الدرجات ،وهكذا ممتثلا الأمر في الحرام ، إذ الحرام امتثالنا فيه لأمر ربنا تبارك وتعالى وأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم، إنما هو بالكف عنه ، " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه " يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" فالمحرمات الأمر فيها على الإجتناب ، وهكذا في المكروهات ، يتوقى بقدر ما يستطيع لأن من توسع في المكروهات قادته إلى الوقوع في الحرام ، من توسع في المكروهات ، نعني به من تساهل في أمر المكروه ، فيقول المكروه هو الذي لا يعاقب فاعله ، ويثاب تاركه فأنا لاشيء عليّ في هذا ، فحينئذ يتساهل في هذا ، ويحذو به التساهل أو يجره التساهل إلى أن يقع في المحرّمات ، ويدع أيضا المشتبهات وهي ما اشتبه عليه حلّه بحرمته ولم يتبين له وجه الحلّ فيه تبينا واضحا ،بل بقي مترددا فيه ، فتجده حينئذ آخذا لنفسه بالحزم ، مؤديا الفرائض ،مسارعا إلى المستحبات ، مستزيدا منها ،وتأتي الدرجة الثانية وهي :
المقتصد ، اللازم للفرائض لا يزيد عليها ،وما بعد ذلك إلا الظالم لنفسه ، كما قال جلّ وعلا (( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله )) .
فالظالم لنفسه هو الذي وقع في ما حرّم الله عليه.
والمقتصد هو الذي اقتصر على أداء الفرائض .
والسابق بالخيرات من جاء بالواجبات وزاد على ذلك المبادرة والتقرّب إلى الله بالمستحبات بأنواعها .
فالشاهد من هذا كله ، المقصود أن يعلم الإنسان ما أوجب الله تبارك وتعالى عليه فعله فيفعله ، وما أوجب عليه اجتنابه فيجتنبه ، فيكون مقصوده هذا ، بتعلمه رفع الجهل عن نفسه (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب )) الجواب : لا ، الجواب : لا يستوون (( إنما يتذكر أولوا الألباب )) (( أمن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) الجواب : لا ، لا يستويان ،فأنت من هذا المنطلق انطلقت ، لترفع عن نفسك الجهل فتعبد الله على بصيرة ، وتتقرب إليه بعلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " فأنت يكون مقصدك هذا بطلبك للعلم الشرعي ، لا تطلبه لشيء من الدنيا ، فإذا صلحت النية وحسنت النية ، فأبشر بالخير ، لأن من خدم الدين خدمته الدنيا بأمر الله تبارك وتعالى ، ومن خدم الدنيا استخدمته وأذلته ، فينبغي للعاقل أن يعرف هذا حق المعرفة وإذا عرف ذلك وصحح نيته ، حصل له الأجر الذي تعرفونه أيضا في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه المشهور :من سلك طريقا يلتمس فيه علما سّهل الله له به طريقا إلى الجنة " واللفظ الآخر " سلك الله به طريقا إلى الجنة "وهذا الحديث في أبي داود وغيره وهو حديث حسن وقد جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه في الشام يسأله عن حديثه فقال له كما جاء عند ابن ماجه في هذا الحديث قال له ما جاء بك ؟ تجارة ؟ قال : لا ، يعني ما جئت للشام لتجارة ؟قال : لا ، قال : ولا لشيء آخر؟ قال : لا ، قال : ولم تأت إلا لطلب هذا الحديث ؟ قال : نعم ، قال : أبشر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله له به طريقا إلى الجنة "أو اللفظ الآخر المشهور " سّهل الله له به طريقا إلى الجنة "فإذا كان الخروج إنما هو لطلب العلم خاصة فليبشر الإنسان بالخير ، لا يقصد به أي شيء من الدنيا ، إنما قصد العلم والفقه في دين الله تبارك وتعالى.
المصدر :
شريط بعنوان وصايا للأندونيسيين [ الدقيقة : 4 و15ثا ] .
لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
قال فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
أولا الإخلاص لله:
في طلب هذا العلم الشرعي فلا تطلبونه للدنيا ولا لحطامها ، ولا لقصد الأموال ، ولا لقصد الجاه والمناصب ، وإنما تطلبونه لوجه الله تبارك وتعالى ، فلابد أولا من تصحيح هذه النية (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ))وطلب العلم عبادة فيجب أن يُخلص فيه لله تبارك وتعالى ، وتعلمون جميعا إن شاء الله الحديث الصحيح في هذا " من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة " ـ نعوذ بالله من ذلك ـ فهذا العلم الشرعي شريف ، فما ينبغي أن يكون عوضا وثمنا يُدفع ليُتوصل به إلى الخسيس وهو الدنيا ، فهو أعلى وأغلى وأجلّ وأعزّ وأعظم من أن يُبذل لأجل الحصول على الدنيا . وتعلمون جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا عن ثلاثة نفر :
أولهم ، قرأ القرآن فيُجاء به يوم القيامة ، فيُعرّفه الله سبحانه وتعالى نعمه عليه فيعرفها فيقول له ماذا عملت فيها ؟ فيقول : يا رب قرأت القرآن وأقرأته فيك. فيقول الله له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت .إنما قرأت ليقال قارئ ، وقد قيل . فيُأمر به ، فيُلقى على وجهه في النارـ نعوذ بالله ـ .
وهكذا الذي قاتل ، وهكذا الذي تصدق وأنفق ، فهم ثلاثة ، الشاهد من هذا قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الله يقول له كذبت ، وأيضا الملائكة تقول له كذبت وإنما قرأت ليقال قارئ وقد قيل .
فنصيبك من هذا العلم هو الثناء عليك ، والمدح لك فأنت ما قصدت به وجه الله ، وإنما قصدت المدح في الدنيا ، وقد قيل ، قد حصل لك ذلك لكن ، في الآخرة اليوم عندنا لا شيء لك (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) . فلابد من الإخلاص لله تبارك وتعالى في طلب العلم ، والإخلاص أن يكون مقصد الإنسان بتعلمه ، رفع الجهل عن نفسه ، أن يعلم ما أوجبه الله تبارك وتعالى عليه من الأحكام ، فيكون فقيها في دين الله تبارك وتعالى ، يعلم الحلال والحرام ، فيعرف الواجب عليه ويعرف المندوب أو المستحب ، ويعرف الحرام ويعرف المكروه ، فيأتي هذا ويدع هذا ، لأن هذا قد أوجبه الله عليه ، وهذا قد حرّمه الله عليه ، ويسارع إلى هذا وهو المستحب ، ليكمّل به ويزداد به ، يكمّل به النقص الذي يحصل عنده في الواجبات ، ويزداد به تقدما عند الله تبارك وتعالى ، " ما تقرب إليّ عبد بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه "، هذا الواجب " ولا يزال يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه " هذا في المستحبات ، فيكون حينئذ ممتثلا للأوامر جائيا بالواجب ، ومسارعا إلى أداء المستحبات ، طالبا الإزدياد في الحسنات ، والرفعة في الدرجات ،وهكذا ممتثلا الأمر في الحرام ، إذ الحرام امتثالنا فيه لأمر ربنا تبارك وتعالى وأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم، إنما هو بالكف عنه ، " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه " يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" فالمحرمات الأمر فيها على الإجتناب ، وهكذا في المكروهات ، يتوقى بقدر ما يستطيع لأن من توسع في المكروهات قادته إلى الوقوع في الحرام ، من توسع في المكروهات ، نعني به من تساهل في أمر المكروه ، فيقول المكروه هو الذي لا يعاقب فاعله ، ويثاب تاركه فأنا لاشيء عليّ في هذا ، فحينئذ يتساهل في هذا ، ويحذو به التساهل أو يجره التساهل إلى أن يقع في المحرّمات ، ويدع أيضا المشتبهات وهي ما اشتبه عليه حلّه بحرمته ولم يتبين له وجه الحلّ فيه تبينا واضحا ،بل بقي مترددا فيه ، فتجده حينئذ آخذا لنفسه بالحزم ، مؤديا الفرائض ،مسارعا إلى المستحبات ، مستزيدا منها ،وتأتي الدرجة الثانية وهي :
المقتصد ، اللازم للفرائض لا يزيد عليها ،وما بعد ذلك إلا الظالم لنفسه ، كما قال جلّ وعلا (( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله )) .
فالظالم لنفسه هو الذي وقع في ما حرّم الله عليه.
والمقتصد هو الذي اقتصر على أداء الفرائض .
والسابق بالخيرات من جاء بالواجبات وزاد على ذلك المبادرة والتقرّب إلى الله بالمستحبات بأنواعها .
فالشاهد من هذا كله ، المقصود أن يعلم الإنسان ما أوجب الله تبارك وتعالى عليه فعله فيفعله ، وما أوجب عليه اجتنابه فيجتنبه ، فيكون مقصوده هذا ، بتعلمه رفع الجهل عن نفسه (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب )) الجواب : لا ، الجواب : لا يستوون (( إنما يتذكر أولوا الألباب )) (( أمن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) الجواب : لا ، لا يستويان ،فأنت من هذا المنطلق انطلقت ، لترفع عن نفسك الجهل فتعبد الله على بصيرة ، وتتقرب إليه بعلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " فأنت يكون مقصدك هذا بطلبك للعلم الشرعي ، لا تطلبه لشيء من الدنيا ، فإذا صلحت النية وحسنت النية ، فأبشر بالخير ، لأن من خدم الدين خدمته الدنيا بأمر الله تبارك وتعالى ، ومن خدم الدنيا استخدمته وأذلته ، فينبغي للعاقل أن يعرف هذا حق المعرفة وإذا عرف ذلك وصحح نيته ، حصل له الأجر الذي تعرفونه أيضا في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه المشهور :من سلك طريقا يلتمس فيه علما سّهل الله له به طريقا إلى الجنة " واللفظ الآخر " سلك الله به طريقا إلى الجنة "وهذا الحديث في أبي داود وغيره وهو حديث حسن وقد جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه في الشام يسأله عن حديثه فقال له كما جاء عند ابن ماجه في هذا الحديث قال له ما جاء بك ؟ تجارة ؟ قال : لا ، يعني ما جئت للشام لتجارة ؟قال : لا ، قال : ولا لشيء آخر؟ قال : لا ، قال : ولم تأت إلا لطلب هذا الحديث ؟ قال : نعم ، قال : أبشر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله له به طريقا إلى الجنة "أو اللفظ الآخر المشهور " سّهل الله له به طريقا إلى الجنة "فإذا كان الخروج إنما هو لطلب العلم خاصة فليبشر الإنسان بالخير ، لا يقصد به أي شيء من الدنيا ، إنما قصد العلم والفقه في دين الله تبارك وتعالى.
المصدر :
شريط بعنوان وصايا للأندونيسيين [ الدقيقة : 4 و15ثا ] .
لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله