الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله ..
وبعدُ ..
فَـتَـشَـبَّـهُوا إنْ لَـمْ تكونُوا مِثلَـهُـم ******* إنَّ التَّــشَـبُّـهَ بِالكِـــرامِ فَـــــلاحُ
قالَ الشيخُ محمد زياد التكلة تلميذُ فضيلة العلَّامةِ الشيخ عبدِ الله بن عبدِ العزيز العَقيلِ حفظهما الله تعالى في كتابِه ( فتحُ الجليلِ في ترجمةِ وثَـبَتِ شيخِ الحنابلةِ عبدِ الله العَقيلِ ـ ص : 186 ) تحتَ فصلٍ بعنوان :
( شيخُـنا والتَّدريسُ ) :
قالَ : يقومُ شيخُنا حفظه الله تعالى بالتَّدريسِ منذُ سبعينَ سنة ، بدأها سنة 1354 في منطقة ( جيزان ) ، وقامَ بالتدريسِ في ( الخرج ) لـما وليَ قضاءَها ، وكذا في ( عُنيزةَ ) في السُّوقِ ومسجدِ أمِّ حمار .
وكان لشيخِنا مُشاركاتٌ في الإذاعةِ ، وشاركَ في بعضِ المحاضراتِ ، والنَّدواتِ العلميَّةِ ، ولا سيَّما في جامعِ الرِّياضِ الكبيرِ .
وبعدَ تقاعُدِ شيخِنا تفرَّغَ تقريبًا في بيتِه بالرياضِ للتَّدريسِ وإقراءِ العُلومِ والفُنونِ المختلفةِ .
وهو الآن في التِّسعينَ مِن العُمرِ يَفتحُ بابَه للقِراءةِ مِن بعدِ صلاةِ الفَجرِ إلى مَا بعدَ طلوعِ الشَّمسِ بساعةٍ تقريبًا ، ومِن وَقتِ الضُّحى إلى الظُّهرِ ، وبُعَيدَ الظُّهرِ أحيانًا ، وبَعدَ العَصرِ إلى المغربِ ، ومِنه إلى العِشاءِ ، وبعدَ العِشاءِ ، لا يَقطعُه عن ذلكَ إلا المواعيدُ والزياراتُ الخاصَّةُ والفُحوصاتُ الطبِّـيَّـةُ ا.هـ
ثم قالَ حفظَه الله تعالى في الحاشيةِ (1) ص (187) : ـ وهو بيتُ القَصيدِ ـ
قلتُ : وهـمَّـةُ شيخِنا وجَلَدُه وصبرُه على الإقراءِ والتدريسِ مِن نَوادرِ هذا الزَّمانِ .
* فمِن الأمثلةِ على ذلكَ أنَّ الشيخَينِ الفاضلَين وَليدَ بنَ عبدِ الله المنيس وفيصلَ بنَ يوسفَ العليّ قَدِمَا مِن الكويتِ خصِّيصًا للقراءةِ على شيخِنا ، فأحسنَ شيخُنا استقبالهما كما هي عادتُه ، وتفرَّغ لهما مدَّةَ زيارتِهما ، فكنتُ معهما ومعنَا الأخُ عُمر بنُ سليمانَ الحفيان ، والأخُ أَنس بنُ عبدِ الرحمن بنِ الشيخ عبدِ الله العَقيلِ ـ حفيدُ الشَّيخِ ـ والأخُ عليٌّ بنُ حسنَ بنِ سيفٍ ، فقرأنا عليهِ :
ـ ( زاد المستقنع ) في ثلاثةِ أيَّام مُتواليةٍ ، وكانَ الختمُ بعدَ صلاةِ العِشاءِ ليلةَ الأربعاءِ 29/6/1424 .
ـ ثمَّ قرأنا ( العُمدة في الأحكامِ ) يومَ الأربعاءِ المذكور .
ـ ثمَّ قرأنا عليه ضُحَى الخميسِ خِلالَ ساعةٍ وثُلُث : ( مسائل الجاهليَّة ) لشيخِ الإسلامِ محمدِ بنِ عبدِ الوهَّاب .
ـ و ( شرح الشَّمس ابن عبد الهادي على القَصيدةِ الغراميَّـة لابنِ فَرْح ).
ـ و ( ميميَّة ابنِ القيِّمِ ) .
ـ و ( لاميَّة شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَـةَ ) .
وكُـلَّ ذلك قراءةَ ضَبطٍ وتصحيحٍ للنُّسخِ مع شيءٍ مِن الفوائدِ والنُّـكاتِ والتَّعليقاتِ مِن الشيخِ ، وإجابةِ ما يَعرِضُ لنَا مِن أسئلةٍ واستشكالاتٍ .
فكانَ شيخُنا يَجلسُ لنَا مِن الضُّحى إلى الظُّهرِ ، ثمَّ مِن العَصرِ إلى ما بعدَ صلاةِ العِشاءِ بساعتَينِ تقريبًا ، إلَّا يومَ الإثنينِ انشغلَ الشَّيخُ بعدَ العصرِ والمغربِ بموعدٍ ودرسٍ آخرَ !
ومحلُّ الشَّاهِدِ : أنَّـنا كُـنَّا نَتنَاوَبُ ، ونَسهُو ونَـكِلُّ ـ ونَحنُ الشَّبابُ ـ وشيخُنا في التِّسعينَ مِن عُمرهِ يَقِظٌ مُنتبِهٌ يَرُدُّ اللَّحنَ ، ويُصحِّحُ المتونَ المطبوعةَ مِن حافِظَـتِه ، وعلى جلسةٍ واحدةٍ !
كما كانَ الشَّيخُ يُحفِّـزُنَا قائلًا : إنَّ الحافظَ ابنَ حجر خَتَمَ الكتابَ الفُلانيَّ في أربعِ جَلساتٍ ، والكِتابَ الفُلانيَّ في جَلسةٍ . ويقولُ : لَو شِئتُم نقرأُ معكم الفَجرَ وبعدَ الظُّهرِ أيضًا ، وما عندي مانع نَزيدُ في الوقتِ . ويقولُ للشَّيخَينِ الكويتيَّين : أجِّلا سفركُما يومَين أو ثلاثةً نقرأُ ( دليل الطَّالبِ ) وما يَتيسَّرُ معه !
فما حاله إلا كما قال الشاعر :
لَـهُ هِـمَـمٌ لَا مُـنْـتَـهَى لِـكِـبَارِهَـا ******* وَهِـمَّـتُهُ الصُّغرَى أَجَلُّ مِن الدَّهرِ
وللحديثِ بقيَّـةٌ إن شاءَ اللهُ تعالَى ..
تعليق