بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الأول قبل كل شيء الآخر بعد كل شيء، والصلاة والسلام على أول من يفتح له باب الجنان ودار الرضوان، ومن اتبع هداه من أئمة العلم والدين أما بعد
فمنذ أن رأيت إحدى المشاركات في منتدى الآجري المسماة:" إتحاف ذوي الفطن بذكر أول من ألف في كل فـــن دعوة للمشاركة" ونفسي تنازعني للإشارة أو الكتابة فيها، لعلها تساعد الأعضاء في معرفة أول من صنف في كل فن،فنشطت في أول الأمر فجمعت مادةً لا بأس بها، لكنها تحتاج إلى تنقيح وانتقاء، هذا بالإضافة إلى ما كان قد اجتمع لديَّ خلال قراءة الكتب وسماع الشروح، لكن تأخر ترتيبها،حتى أني عزمت على وضع المراجع من غير المادة العلمية -تداركًا لأقل الأجرين-، فإنَّ من أهم ما يعرض للباحث عند بحثه معرفة مظان بحثه، ولذا تجد الدكاترة المشرفين في قسمَيْ الماجستير والدكتوراه- يحرصون على إثارة هذه الغريزة في الطالب، وللشيخ مقبل-رحمه الله- محاضرة حول البحث فُرغت ثم نشرت، وأظنها موجودة في موقعنا الآجري، كل هذا ليعتاد الطالب أنْ يقفَ مع نفسه للحظات ينظر فيها إلى المواد التي تكتنف بحثه وتتشابك خلاله، ثم بعدها يرجع لمراجع تلك المواد فتتكون مادة البحث الرئيسة شيئا فشيئا، وكنت أنوي الاكتفاء بالإشارة فقط لمراجع هذا الجمع لـمَّا طالت المدة دون كتابته، ثم قويت الرغبة في نفسي باستئثار أجر تسطيره أيضا [1]، لكن لضيق الوقت وتعدد الرغبات -آثرت الاقتصار على بعض الفنون وتركت الباقي-وهو كثير جدًا- لإخواني الفضلاء، وأرجو أن يكون هذا المقال مفتاحًا لجمعها كما كانت مشاركة ذلك الأخ مفتاحا لهذا المقال..
فابتداء أشير إلى أنَّ أفضل المواطن التي يجد فيها الطالب هذه المادة هي: كتب الفهارس وكتب تصنيف الفنون، سواء الكتب التي اهتمت بفن معين كعلم اللغة، أو الحديث، أو السير..الخ، أو الكتب التي اهتمت بالعلوم إجمالا كـ:
1-"كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" لخواجه خليفة زاده.
2- "أبجد العلوم" للأمير العالم صديق حسن خان-رحمه الله-[2] .
3- "الفهرست" لابن النديم.
4- "كشاف اصطلاحات الفنون" للتهانوي.
5-"الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة" لمحمد بن جعفر الكتاني.
وغيرها من الكتب، ومن المراجع أيضا شروح العلماء على المتون العلمية، فغالبا يبتدءون فيها بذكر مقدمات الفن وهي كما نظمها الصبان:
إن مبــادئ كل فـــن عشــرة***الحـــــد والمـوضوع ثم الثــمرة
ونسبة وفضـلـــه والواضع [3]***الاســـم الاستمداد حكم الشـارع
مســائل والبعض بالبعض اكتفى***ومن درى الجمــــيع حـــاز الشــرفا
ونسبة وفضـلـــه والواضع [3]***الاســـم الاستمداد حكم الشـارع
مســائل والبعض بالبعض اكتفى***ومن درى الجمــــيع حـــاز الشــرفا
وكذلك من المراجع المفيدة كتب التراجم، وإن كان هذا النوع الأخير يحتاج إلى استقراء تام، حيث يحتاج إلى مراجعة مؤلفات كل عالم، ثم يقارن بين تواريخ الوفيات..وهذا يحتاج إلى عمر مديد،وزمن غير يسير ، وليس بالإمكان تحصيله ولكن غاية ما هنالك أننا نستعين باستقراء العلماء ممن سبقنا، كل في فنه، والله المستعان.[ولم أكثر من الإحالات فالفائدة الواحدة قد تتكرر في عدد من المراجع لكن ذكرت أجمعها ومايحضرني منها.]
والآن مع ذكر جملة مفيدة لطالب هذا العلم [4]:
• علم الخط العربي:[وآثرت البدء به لأن العلوم إنما خطت به]
قيل : أول من وضع الخط آدم عليه السلام كتبه في طين، وطبخه ليبقى بعد الطوفان .
وقيل : إدريس .
وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- : أنَّ أول من وضع الخط العربي ثلاثة رجال من بولان قبيلة من طي نزلوا مدينة الأنبار، فأولهم : مرار ( مرامر ) وهو وضع الصور. وثانيهم : أسلم، فهو وصل وفصل. وثالثهم : عامر فوضع الإعجام ثم انتشر.
وقيل : أول من اخترعه ستة أشخاص من طسم أسماؤهم : أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت، فوضعوا الكتابة، والخط، وما شذ من أسمائهم من الحروف ألحقوها .
ويروى أنها أسماء ملوك مدين .
وفي السيرة لابن هشام: أنَّ أول من كتب الخط العربي حمير بن سبأ .
وقال السهيلي في "التعريف والأعلام" : والأصح ما رويناه من طريق ابن عبد البر برفعه إلى النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- قال : أول من كتب بالعربية إسماعيل -عليه السلام-. [كشف الظنون، ونقله صاحب أبجد العلوم]
• أول من صنف في الإسلام بإطلاق:
اعلم : أنه اختُلف في أول من صنف، فقيل : الإمام : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج البصري، المتوفى : سنة خمس وخمسين ومائة.
وقيل : أبو النضر : سعيد بن أبي عروبة، المتوفى : سنة ست وخمسين ومائة، ذكرهما : الخطيب البغدادي.
وقيل : ربيع بن صبيح، المتوفى : سنة ستين ومائة، قاله : أبو محمد الرامهرمزي.
ثم صنف : سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس بالمدينة، وعبد الله بن وهب بمصر، ومعمر وعبد الرزاق باليمن، وسفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان بالكوفة، وحماد بن سلمة وروح بن عبادة بالبصرة، وهشيم بواسط، وعبد الله بن المبارك بخراسان، وكان مطمح نظرهم في التدوين : ضبط معاقد القرآن والحديث ومعانيهما، ثم دونوا فيما هو كالوسيلة إليهما.[كشف الظنون، ونقله صاحب أبجد العلوم] [5]
• القراءات:
أول من صنف في القراءات أبو عبيد القاسم بن سلام ثم أحمد بن جبير الكوفي [مناهل العرفان، والاتقان]
• تفسير القرآن:
وأما تصنيفه فأول من صنف فيه عبد الملك بن جريج المكي المولود سنة 80 ه والمتوفي سنة 149 ه صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة وجمع فيه آثارا وغيرها [مقدمة التحرير والتنوير لابن عاشور]
• علم أسباب النزول:
من الكتب المؤلفة فيه ( ( أسباب النزول ) ) لشيخ المحدثين علي بن المديني وهو أول من صنف فيه [أبجد العلوم، وهو في كشف الظنون]
• أحكام القرآن:
للإمام المجتهد : محمد بن إدريس الشافعي، المتوفى : بمصر سنة 204 ، أربع ومائتين وهو : أول من صنف فيه. [كشف الظنون].
• علم التجويد:
وأول من صنف في التجويد موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الخاقاني البغدادي المقري المتوفى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ذكره ابن الجزري. [كشف الظنون، ونقله في أبجد العلوم]
• علم فضائل القرآن:
أول من صنف فيه : الإمام : محمد بن إدريس الشافعي، المتوفى: سنة 204 ، أربع ومائتين، و[كتابه]هو : ( منافع القرآن ). [كشف الظنون]
• علم متشابهات القرآن:
وأول من صنف فيه الكسائي، ونظمه السخاوي. [أبجد العلوم]
• علم الحديث الشريف:
إنَّ أول كتاب صُنف في الإسلام- كتاب ابن جريج وقيل : موطأ مالك بن أنس وقيل : إن َّأول من صنف : الربيع بن صبيح بالبصرة، ثم انتشر جمع الحديث، وتدوينه، وتسطيره في الأجزاء والكتب . [أبجد العلوم]
• علم غريب الحديث:
النضر بن شميل المازني [الرسالة المستطرفة] [6]
• علم السير:
أول من صنف فيه : الإمام المعروف : بمحمد بن إسحاق رئيس أهل المغازي المتوفى : سنة 151 ، إحدى وخمسين ومائة .
وهذبه : أبو محمد : عبد الملك بن هشام الحميري المتوفى : سنة 218 ، ثمان عشرة ومائتين، فأحسن وأجاد.[كشف الظنون، وانظر الحطة]
وفي[الرسالة المستطرفة]: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزُّهْري:وهو أول من ألف في السير.
قال بعضهم: أول سيرة أُلفت في الإسلام سيرة (الزهري) اهـ .
• علم المغازي:
جمعها : محمد إسحاق أولا، ويقال : أول من صنف فيها : عروة بن الزبير [كشف الظنون]
• علم مصطلح الحديث:
الحسن بن خلاد الرامهرزي، قال في[ الرسالة المستطرفة]: وهو أول ((كتاب)) ألف في علوم الحديث في ما يغلب على الظن، وإن كان يوجد قبله مصنفات مفردة في أشياء من فنونه لكن هو أجمع ما جمع من ذلك في زمانه، وإن كان لم يستوعب.
• علم الفقه:
يذكر بعضهم أنَّ أول من ألف فيه : الإمام أبوحنيفة النعمان بن ثابت-رحمهه الله-.
• في الخراج:
حفصويه وكان من أفاضل كتاب الخراج متقدما في صناعته وهو أول من ألف في الخراج كتابا وله من الكتب كتاب الخراج [الفهرست]
• علم أصول الفقه:
ثم اعلم أنَّ أول من صنف في أصول الفقه الإمام الشافعي ذكره الإسنوي في ( ( التمهيد ) ) وحكى الإجماع فيه وهو شيخ المحدثين والفقهاء [أبجد العلوم، وهو في كشف الظنون]
• علم القواعد الفقهية:
ذكر بعضهم أنَّ من أول من ألف في القواعد الفقهية أبوالحسن الكرخي وذكروا في ذلك قصة.
• علم الفروق الفقهية:
أول من ألف فيها : أحمد بن سريج الشافعي ت306هـ.
• علم أصول النحو:
أبو البركات الأنباري (ت577هـ) هو أول من ألّف في هذا الباب:"الإعراب في جدل الإعراب" و"لمع الأدلة في أصول النحو" وقد اتكأ عليهما السيوطي في كتابه "الاقتراح في علم أصول النحو".[حاشية فهرست السيوطي]
• علم البديع:
كتاب : ( ( البديع ) ) لأبي العباس عبد الله بن المعتز العباسي المتوفى سنة ست وتسعين ومائتين وهو أول من صنف فيه [كشف الظنون، نقله في أبجد العلوم]
• الأفعال وتصاريفها :
لأبي بكر : محمد بن عمر القرطبي المعروف : بابن القوطية النحوي، المتوفى : سنة سبع وستين وثلاثمائة، وهو أول : من صنف فيه. [كشف الظنون].
• اللغة وجمعها:
كتاب العين، قال السيوطي في ( المزهر ) : وهو : أول من صنف فيه في جمع اللغة وهذا الكتاب أول التأليف [كشف الظنون] [7]
• في الدول وأخبارها:
أبو عبد الله محمد بن صالح بن النطاح روى عن الحسن بن ميمون وهذا الرجل أول من ألف في الدولة وأخبارها كتابا [الفهرست]
• قصص الأنبياء:
وهب بن منبه هو : أول من صنف فيها [كشف الظنون]
• أول من ألف في المثالب:
قال محمد بن إسحاق قرأت بخط أبي الحسن بن الكوفي أول من ألف في المثالب كتابا زياد بن أبيه فإنه لما ظفر عليه وعلى نسبه عمل ذلك ودفعه إلى ولده وقال استظهروا به على العرب فانهم يكفون عنكم [الفهرست]
هذا قليل من كثير جدًا تركته لضيق المقام خشية الإملال، فكل فن من هذا الفنون يمكن تقسميه بالنظر إلى اعتبارات عديدة، وهناك من الفنون ما لم أذكره بالكلية ولم أشترط في جمعي الاستقصاء، والله أسأل أن ينفع بهذا الجمع المختصر والحمدلله رب العالمين.
جمعه: أبوصهيب عاصم بن علي الأغبري اليمني.
الهامش:
[1] أسأل الله أن يحسن نياتنا.
[2] وقد ذكر رحمه الله في مقدمة كتابه أسماء عدة كتب ألفت في نفس مضماره منها ما ذكرت في الأعلى، وغالب مادة صديق حسن خان في بحثنا من كتاب "كشف الظنون" وهو أفضلها.
[3] هذا محل الشاهد.
[4] وقد يقع الاختلاف بين العلماء في تحديد أول من صنف في بعض الفنون، فأنا أذكر هنا ما تيسر ومن أراد تحقيق القول في بعضها فليفدنا.
[5] وهذا فيه نظرٌ على قول من قال: إنَّ أول من صنف في علم المغازي: عروة بن الزبير. وقد توفي عام 93هـ، وسيأتي نقله من كشف الظنون.
[6] وقد ذكر هناك أن منهم من قال بل هو: أبوعبيد القاسم بن سلام، ثم استدرك عليه بالنضر بن شميل
[7] وذكر الخلاف في نسبته إليه، وانظر كلام عبدالسلام هارون –رحمه الله-في تحقيقه للكتاب، وفي كتابه حول تحقيق المخطوطات.
تعليق