الحكمة
الحكمة، حيث يقول الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269].
والحكمة أن يكون طالب العلم مُربيًا لغيره بما يتخلق به من الأخلاق، وبما يدعو إليه من دين الله - عز وجل - بحيث يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله، وإذا سلكنا هذا الطريق حصل لنا خير كثير كما قال ربنا عز وجل: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.
والحكيم هو: الذي ينزل الأشياء منازلها؛ لأن الحكيم مأخوذ من الإحكام وهو الإتقان، وإتقان الشيء أن ينزله منزلته، فينبغي بل يجب على طالب العلم أن يكون حكيمًا في دعوته.
وقد ذكر الله مراتب الدعوة في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وذكر الله تعالى مرتبة رابعة في جدال أهل الكتاب فقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] فيختار طالب العلم من أساليب الدعوة ما يكون أقرب إلى القبول.
ومثال ذلك في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء أعرابي فبال في جهة من المسجد، فقام إليه الصحابة يزجرونه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما قضى بوله دعاه النبي وقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن" أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
أرأيتم أحسن من هذه الحكمة؟ فهذا الأعرابي انشرح صدره واقتنع حتى إنه قال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدًا.
وقصة أخرى عن معاوية بن الحكم السُلميّ ، قال: « بيْنا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت: واثُكل أُمياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني، لكنّي سكتّ. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبأبي هو وأمي ! ما رأيت معلمًا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ! ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" .
ومن هنا نجد أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة كما أمر الله عز وجل.
ومثال آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وفي يده خاتم ذهب وخاتم الذهب حرام على الرجال، فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده ورمى به، وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده"
ولما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل: خذ خاتمك انتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتمًا طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلوب التوجيه هنا أشد؛ لأن لكل مقام مقالا ، وهكذا ينبغي لكل من يدعو إلى الله أن ينزل الأمور منازلها وألا يجعل الناس على حد سواء، والمقصود حصول المنفعة.
وإذا تأملنا ما عليه كثير من الدعاة اليوم وجدنا أن بعضهم تأخذه الغيرة حتى يُنَفِّر الناس من دعوته، لو وجد أحدًا يفعل شيئًا محرمًا لوجدته يُشهِّر به بقوة وبشدة يقول: ما تخاف الله، ما تخشى الله، وما أشبه ذلك حتى ينفر منه، وهذا ليس بطيب؛ لأن هذا يقابل بالضد، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لما نقل عن الشافعي - رحمه الله - ما يراه في أهل الكلام، حينما قال: "حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في العشائر ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام".
قال شيخ الإسلام
إن الإنسان إذا نظر إلى هؤلاء وجدهم مستحقين لما قاله الشافعي من وجه، ولكنه إذا نظر إليهم بعين القدر ، والحيرة قد استولت عليهم والشيطان قد استحوذ عليهم، فإنه يَرِقّ لهم ويرحمهم، ويحمد الله أن عافاه مما ابتلاهم به، أوتوا ذكاءً وما أوتوا ذكاء، أو أوتوا فهوما وما أوتوا علوما، أو أوتوا سمعًا وأبصارًا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء. هكذا ينبغي لنا أيها الإخوة أن ننظر إلى أهل المعاصي بعينين: عين الشرع، وعين القدر، عين الشرع أي لا تأخذنا في الله لومة لائم كما قالت تعالى عن الزانية والزاني: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2].
وننظر إليهم بعين القدر فنرحمهم ونرق لهم ونعاملهم بما نراه أقرب إلى حصول المقصود وزوال المكروه، وهذا من آثار طالب العلم بخلاف الجاهل الذي عنده غيرة، لكن ليس عنده علم، فطالب العلم الداعية إلى الله يجب أن يستعمل الحكمة.
وقد ذكر الله مراتب الدعوة في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وذكر الله تعالى مرتبة رابعة في جدال أهل الكتاب فقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] فيختار طالب العلم من أساليب الدعوة ما يكون أقرب إلى القبول.
ومثال ذلك في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء أعرابي فبال في جهة من المسجد، فقام إليه الصحابة يزجرونه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما قضى بوله دعاه النبي وقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن" أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
أرأيتم أحسن من هذه الحكمة؟ فهذا الأعرابي انشرح صدره واقتنع حتى إنه قال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدًا.
وقصة أخرى عن معاوية بن الحكم السُلميّ ، قال: « بيْنا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت: واثُكل أُمياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني، لكنّي سكتّ. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبأبي هو وأمي ! ما رأيت معلمًا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ! ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" .
ومن هنا نجد أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة كما أمر الله عز وجل.
ومثال آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وفي يده خاتم ذهب وخاتم الذهب حرام على الرجال، فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده ورمى به، وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده"
ولما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل: خذ خاتمك انتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتمًا طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلوب التوجيه هنا أشد؛ لأن لكل مقام مقالا ، وهكذا ينبغي لكل من يدعو إلى الله أن ينزل الأمور منازلها وألا يجعل الناس على حد سواء، والمقصود حصول المنفعة.
وإذا تأملنا ما عليه كثير من الدعاة اليوم وجدنا أن بعضهم تأخذه الغيرة حتى يُنَفِّر الناس من دعوته، لو وجد أحدًا يفعل شيئًا محرمًا لوجدته يُشهِّر به بقوة وبشدة يقول: ما تخاف الله، ما تخشى الله، وما أشبه ذلك حتى ينفر منه، وهذا ليس بطيب؛ لأن هذا يقابل بالضد، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لما نقل عن الشافعي - رحمه الله - ما يراه في أهل الكلام، حينما قال: "حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في العشائر ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام".
قال شيخ الإسلام
إن الإنسان إذا نظر إلى هؤلاء وجدهم مستحقين لما قاله الشافعي من وجه، ولكنه إذا نظر إليهم بعين القدر ، والحيرة قد استولت عليهم والشيطان قد استحوذ عليهم، فإنه يَرِقّ لهم ويرحمهم، ويحمد الله أن عافاه مما ابتلاهم به، أوتوا ذكاءً وما أوتوا ذكاء، أو أوتوا فهوما وما أوتوا علوما، أو أوتوا سمعًا وأبصارًا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء. هكذا ينبغي لنا أيها الإخوة أن ننظر إلى أهل المعاصي بعينين: عين الشرع، وعين القدر، عين الشرع أي لا تأخذنا في الله لومة لائم كما قالت تعالى عن الزانية والزاني: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2].
وننظر إليهم بعين القدر فنرحمهم ونرق لهم ونعاملهم بما نراه أقرب إلى حصول المقصود وزوال المكروه، وهذا من آثار طالب العلم بخلاف الجاهل الذي عنده غيرة، لكن ليس عنده علم، فطالب العلم الداعية إلى الله يجب أن يستعمل الحكمة.
المصدر : كتاب العلم