السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طلبة العلم .. والاجتهاد !!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - كما في " الاختيارات " في كتاب القضاء ( 481 ) - :
" وأكثر من تميّز في العلم من المتوسطين إذا نظر وتأمل أدلة الفريقين بقصدٍ حسنٍ ونظرٍ تامٍّ = ترجّح عنده أحدهما . لكن قد لا يثق بنظره , بل يحتمل أن عنده ما لا يعرف جوابه ؛ فالواجب على مثل هذا : موافقته للقول الذي ترجّح عنده بلا دعوى منه للاجتهاد , كالمجتهد في أعيان المفتين والأئمة إذا ترجح عنده أحدهما قلّده , والدليلُ الخاص الذي تَرجح به قولٌ على قول أولى بالاتباع من دليل عام على أن أحدهما أعلم وأدين ! وعلمُ أكثر الناس بترجيح قول على قول أيسر من علم أحدهم بأن أحدهما أعلم وأدين ؛ لأن الحق واحد , ولا بدّ " .
ثم قال : " النبيه الذي سمع اختلاف العلماء وأدلتهم في الجملة = لا بد أن يكون عنده ما يعرف به رجحان القول " .
وقال في " مجموع الفتاوى " ( 20 / 204 ) :
" وكذلك العامي إذا أمكنه الاجتهاد فى بعض المسائل جاز له الاجتهاد ؛ فإن الاجتهاد مَنصِب يقبل التجزّي والانقسام , فالعبرة بالقدرة والعجز , وقد يكون الرجل قادراً فى بعضٍ عاجزاً فى بعض , لكن القدرة على الاجتهاد لا تكون إلا بحصول علومٍ تفيد معرفة المطلوب , فأما مسألة واحدة من فنٍّ فيبعد الاجتهاد فيها , والله سبحانه أعلم " .
وقال في " مجموع الفتاوى " ( 20 / 212 - 214 ) :
" والاجتهاد ليس هو أمراً واحداً لا يقبل التجزّي والانقسام , بل قد يكون الرجل مجتهداً فى فنٍّ أو بابٍ أو مسألةٍ دون فنٍّ وبابٍ ومسألةٍ , وكل أحد فاجتهاده بحسب وسعه .
فمن نظر فى مسألة تنازع العلماء فيها ورأى مع أحد القولين نصوصاًلم يعلم لها معارضاً - بعد نظر مثله - فهو بين أمرين :
• إما أن يتْبع قول القائل الآخر لمجرد كونه الإمام الذى اشتغل على مذهبه .
ومثل هذا ليس بحجة شرعية , بل مجرد عادةٍ يعارضها عادة غيره , واشتغالٌ على مذهب إمام آخر !
• وإما أن يتْبع القول الذي ترجح فى نظره بالنصوص الدالة عليه , وحينئذ فتكون
موافقته لإمامٍ يقاوم ذلك الإمام , وتبقى النصوص سالمة فى حقه عن المعارض بالعمل .
فهذا هو الذي يصلح .
وإنما تنزّلنا هذا التنزيل ؛ لأنه قد يقال : إن نظر هذا قاصرٌ , وليس اجتهاده قائماً فى هذه المسألة ؛ لضعف آلة الاجتهاد في حقه .
أما إذا قدر على الاجتهاد التام الذي يعتقد معه أن القول الآخر ليس معه ما يدفع به النص فهذا يجب عليه اتباع النصوص , وإن لم يفعل كان متبعاً للظن وما تهوى الأنفس وكان من أكبر العصاة لله ولرسوله .
بخلاف من يقول : قد يكون للقول الآخر حجة راجحة على هذا النص وأنا لا أعلمها ؛ فهذا يقال له : قد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) , وقال النبى صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " . والذي تستطيعه من العلم والفقه فى هذه المسألة قد دلك على أن هذا القول هو الراجح , فعليك أن تتبع ذلك , ثم إن تبين لك فيما بعد أن للنص معارضاً راجحاً كان حكمك في ذلك حكم المجتهد المستقل إذا تغير اجتهاده .
وانتقالُ الانسان من قول إلى قول ؛ لأجل ما تبين له من الحق = هو محمود فيه , بخلاف إصراره على قولٍ لا حجة معه عليه , وترك القول الذي وضحت حجته , أو الانتقال عن قول إلى قول لمجرد عادة واتباع هوى فهذا مذموم " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - كما في " الاختيارات " في كتاب القضاء ( 481 ) - :
" وأكثر من تميّز في العلم من المتوسطين إذا نظر وتأمل أدلة الفريقين بقصدٍ حسنٍ ونظرٍ تامٍّ = ترجّح عنده أحدهما . لكن قد لا يثق بنظره , بل يحتمل أن عنده ما لا يعرف جوابه ؛ فالواجب على مثل هذا : موافقته للقول الذي ترجّح عنده بلا دعوى منه للاجتهاد , كالمجتهد في أعيان المفتين والأئمة إذا ترجح عنده أحدهما قلّده , والدليلُ الخاص الذي تَرجح به قولٌ على قول أولى بالاتباع من دليل عام على أن أحدهما أعلم وأدين ! وعلمُ أكثر الناس بترجيح قول على قول أيسر من علم أحدهم بأن أحدهما أعلم وأدين ؛ لأن الحق واحد , ولا بدّ " .
ثم قال : " النبيه الذي سمع اختلاف العلماء وأدلتهم في الجملة = لا بد أن يكون عنده ما يعرف به رجحان القول " .
وقال في " مجموع الفتاوى " ( 20 / 204 ) :
" وكذلك العامي إذا أمكنه الاجتهاد فى بعض المسائل جاز له الاجتهاد ؛ فإن الاجتهاد مَنصِب يقبل التجزّي والانقسام , فالعبرة بالقدرة والعجز , وقد يكون الرجل قادراً فى بعضٍ عاجزاً فى بعض , لكن القدرة على الاجتهاد لا تكون إلا بحصول علومٍ تفيد معرفة المطلوب , فأما مسألة واحدة من فنٍّ فيبعد الاجتهاد فيها , والله سبحانه أعلم " .
وقال في " مجموع الفتاوى " ( 20 / 212 - 214 ) :
" والاجتهاد ليس هو أمراً واحداً لا يقبل التجزّي والانقسام , بل قد يكون الرجل مجتهداً فى فنٍّ أو بابٍ أو مسألةٍ دون فنٍّ وبابٍ ومسألةٍ , وكل أحد فاجتهاده بحسب وسعه .
فمن نظر فى مسألة تنازع العلماء فيها ورأى مع أحد القولين نصوصاًلم يعلم لها معارضاً - بعد نظر مثله - فهو بين أمرين :
• إما أن يتْبع قول القائل الآخر لمجرد كونه الإمام الذى اشتغل على مذهبه .
ومثل هذا ليس بحجة شرعية , بل مجرد عادةٍ يعارضها عادة غيره , واشتغالٌ على مذهب إمام آخر !
• وإما أن يتْبع القول الذي ترجح فى نظره بالنصوص الدالة عليه , وحينئذ فتكون
موافقته لإمامٍ يقاوم ذلك الإمام , وتبقى النصوص سالمة فى حقه عن المعارض بالعمل .
فهذا هو الذي يصلح .
وإنما تنزّلنا هذا التنزيل ؛ لأنه قد يقال : إن نظر هذا قاصرٌ , وليس اجتهاده قائماً فى هذه المسألة ؛ لضعف آلة الاجتهاد في حقه .
أما إذا قدر على الاجتهاد التام الذي يعتقد معه أن القول الآخر ليس معه ما يدفع به النص فهذا يجب عليه اتباع النصوص , وإن لم يفعل كان متبعاً للظن وما تهوى الأنفس وكان من أكبر العصاة لله ولرسوله .
بخلاف من يقول : قد يكون للقول الآخر حجة راجحة على هذا النص وأنا لا أعلمها ؛ فهذا يقال له : قد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) , وقال النبى صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " . والذي تستطيعه من العلم والفقه فى هذه المسألة قد دلك على أن هذا القول هو الراجح , فعليك أن تتبع ذلك , ثم إن تبين لك فيما بعد أن للنص معارضاً راجحاً كان حكمك في ذلك حكم المجتهد المستقل إذا تغير اجتهاده .
وانتقالُ الانسان من قول إلى قول ؛ لأجل ما تبين له من الحق = هو محمود فيه , بخلاف إصراره على قولٍ لا حجة معه عليه , وترك القول الذي وضحت حجته , أو الانتقال عن قول إلى قول لمجرد عادة واتباع هوى فهذا مذموم " .