(15)
[صاحب الهمة العالية في تعب دائم]
[صاحب الهمة العالية في تعب دائم]
من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها ، كما قال الشاعر :
و إذا كانت النفوس كبارا*** ً تعبت في مرادها الأجسام
و قال الآخر :
و لكل جسم في النحول بلية *** و بلاء جسمي من تفاوت همتي
و بيان هذا أن من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب .
ثم يرى ترك الدنيا و يحتاج إلى ما لا بد منه .
و يحب الإيثار و لا يقدر على البخل ، و يتقاضاه الكرم البذل ، و يمنعه عز النفس عن الكسب من وجوه التبذل .
فإن هو جرى على طبعه من الكرم ، احتاج و افتقر و تأثر بدنه و عائلته . و إن أمسك فطبعه يأبى ذلك .
و في الجملة يحتاج إلى معاناة و جمع بين أضداد ، فهو أبداً في نصب لا ينقضي ، و تعب لا يفرغ .
ثم إذا حقق الإخلاص في الأعمال زاد تعبه ، و قوى وصبه .
فأين هو و من دنت همته؟ إن كان فقيها فسئل عن حديث قال : ما أعرفه ، و إن كان محدثاً عن مسألة فقيهة قال : ما أدري ، و لا يبالي إن قيل عنه مقصر .
و العالي الهمة يرى التقصير في بعض العلوم فضيحة ، قد كشفت عيبه ،وقد رأت الناس عورته .
و القصير الهمة لا يبالي بمنن الناس ، و لا يستقبح سؤالهم ، و لا يأنف من رد ، و العالي الهمة لا يحمل ذلك .
و لكن تعب العالي الهمة راحة في المعنى ، و راحة القصير الهمة تعب و شين إن كان ثم فهم .
و الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي ، فينبغي لذي الهمة ألا يقصر في شوطه .
فإن سبق فهو المقصود ، و إن كبا جواده مع اجتهاده لم يلم .[509]
و إذا كانت النفوس كبارا*** ً تعبت في مرادها الأجسام
و قال الآخر :
و لكل جسم في النحول بلية *** و بلاء جسمي من تفاوت همتي
و بيان هذا أن من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب .
ثم يرى ترك الدنيا و يحتاج إلى ما لا بد منه .
و يحب الإيثار و لا يقدر على البخل ، و يتقاضاه الكرم البذل ، و يمنعه عز النفس عن الكسب من وجوه التبذل .
فإن هو جرى على طبعه من الكرم ، احتاج و افتقر و تأثر بدنه و عائلته . و إن أمسك فطبعه يأبى ذلك .
و في الجملة يحتاج إلى معاناة و جمع بين أضداد ، فهو أبداً في نصب لا ينقضي ، و تعب لا يفرغ .
ثم إذا حقق الإخلاص في الأعمال زاد تعبه ، و قوى وصبه .
فأين هو و من دنت همته؟ إن كان فقيها فسئل عن حديث قال : ما أعرفه ، و إن كان محدثاً عن مسألة فقيهة قال : ما أدري ، و لا يبالي إن قيل عنه مقصر .
و العالي الهمة يرى التقصير في بعض العلوم فضيحة ، قد كشفت عيبه ،وقد رأت الناس عورته .
و القصير الهمة لا يبالي بمنن الناس ، و لا يستقبح سؤالهم ، و لا يأنف من رد ، و العالي الهمة لا يحمل ذلك .
و لكن تعب العالي الهمة راحة في المعنى ، و راحة القصير الهمة تعب و شين إن كان ثم فهم .
و الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي ، فينبغي لذي الهمة ألا يقصر في شوطه .
فإن سبق فهو المقصود ، و إن كبا جواده مع اجتهاده لم يلم .[509]
تعليق