عناية المستنصر بالله بتصحيح كتب خزانته ومقابلتها
تصحيح الكتب وضبطها يتمثل في:
صيانتها وإخراجها صحيحه سليمة من التحريف والزيادة والنقص،
ويشمل: الاصلاحات، وإلحاق الكلمات الساقطة سهوا من المؤلف أو الناسخ، وتصحيح ما وقع منهما من تصحيف وتحريف في الأسماء والألفاظ، وضبط المشكل منها، ثم إثبات الفروق التي بين نسخ الكتاب الواحد، وغيرها من أصول الضبط والتصحيح التي من شأنها: تقويم الكتاب وإخراجه موافقا لمراد صاحبه، ويستدل العلماء بهذه الإلحاقات والإصلاحات على صحة الكتاب وسلامته، قال الإمام الشافعي (204): إذا رأيت الكتاب فيه إلحاق وإصلاح فاشهد له بالصحة.
ص96
وقد كان الحكم المستنصر بالله شديد العناية بتصحيح الكتب ومعرفة أصالتها وصحتها؛
يقول الحافظ ابن الأبار الأندلسي658: كان كثيرا التهمم بكتبه والتصحيح لها،
وشهد العلماء أيضا بنفاستة خزانة كتبه، وأن جلها مصحح ومقابل،
قال الفقيه أحمد بابا التنبكتي (1036): خزائن كتب المستنصر في غاية الصحة، بحيث إذا اطلع على ما قوبل بأصل منها، ولو بوسائط اطلع في غاية الصحة.
ومن هذه الكتب التي قابلها المستنصر بالله كتاب: الوقف والابتداء، للإمام حبر القرآن وأحد القراء السبعة، نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي مولاهم المدني (169)، وهو كتاب نفيس، جلبه إلى الأندلس: عبد الملك بن إدريس البجاني الأندلسي، بروايته له عن أبي عبد الله محمد بن جعفر الأنماطي المصري سنة 345؛ ولما علم المستنصر بالله بخبر هذا الكتاب، أمر بنسخ نسخة منه، وليتأكد من إتقان نَسخِ الكتاب، قابله مع راويه عبد المالك ابن إدريس البجاني الأندلسي في رمضان سنة 348، وقد نص المستنصر بالله على روايته لهذا الكتاب ومقابلته له.
وكان لهذا العمل محل خاص في خزانه، كما أشار إلى ذلك القاضي عياض اليحصبي (544) بعد حديثه عن كيفية تخريج وإلحاق النصوص الناقصة في كتب العلماء، قال: وقد حدثني بعض من لقيته ممن يعتني بهذا الشأن -[أي بتصحيح الكتب]-: أن كتب الحكم المستنصر بالله خرجت إلى أهل "بيت المقابلة والنسخ" بقصره برسوم منها بعض ما ذكرناه.
وكان المستنصر بالله يحضر بعض تلك المجالس، ويشرف عليها، ويشارك العلماء في ما يقومون به من عملية التصحيح والضبط، باحضار الكتب ومقابلتها، لمعرفة كمال الكتاب وسلامته من التصحيف والتحريف والسقط، ومن تلك المجالس التي حضرها مجلس تصحيح كتاب "العين" في اللغة، للعلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي (170)، وقد حضره جمع من العلماء، قال الأديب علي بن محمد بن أبي الحسين الأندلسي: وجدت بخط أبي قال: أمرنا الحكم المستنصر بالله رحمه الله بمقابلة كتاب: "العين" للخليل بن أحمد، مع أبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي، وابني سيد، في دار الملك التي بقصر قرطبة، وأحضر من الكتاب نسخا كثيرة في جملتها نسخة القاضي منذر بن سعيد، التي رواها بمصر عن ابن ولاد، فمرت لنا صور من الكتاب بالمقابلة، فدخل علينا الحكم في بعض الأيام فسألنا عن النسخ؟
فقلنا نحن: اما نسخة القاضي التي كتبها بخطه فهي أشد النسخ تصحيفا وخطأ وتبديلا.
فسألنا عما نذكره من ذلك، فأنشدناه أبياتا مكسورة، وأسمعناه ألفاظا مصحفة، ولغات مبدلة، فعجب من ذلك، وسأل أبا علي، فقال له نحو ذلك.
ص102-103
وينظر ما بعده = تتمة 103 و104 و105
103-105.pdf
تصحيح الكتب وضبطها يتمثل في:
صيانتها وإخراجها صحيحه سليمة من التحريف والزيادة والنقص،
ويشمل: الاصلاحات، وإلحاق الكلمات الساقطة سهوا من المؤلف أو الناسخ، وتصحيح ما وقع منهما من تصحيف وتحريف في الأسماء والألفاظ، وضبط المشكل منها، ثم إثبات الفروق التي بين نسخ الكتاب الواحد، وغيرها من أصول الضبط والتصحيح التي من شأنها: تقويم الكتاب وإخراجه موافقا لمراد صاحبه، ويستدل العلماء بهذه الإلحاقات والإصلاحات على صحة الكتاب وسلامته، قال الإمام الشافعي (204): إذا رأيت الكتاب فيه إلحاق وإصلاح فاشهد له بالصحة.
ص96
وقد كان الحكم المستنصر بالله شديد العناية بتصحيح الكتب ومعرفة أصالتها وصحتها؛
يقول الحافظ ابن الأبار الأندلسي658: كان كثيرا التهمم بكتبه والتصحيح لها،
وشهد العلماء أيضا بنفاستة خزانة كتبه، وأن جلها مصحح ومقابل،
قال الفقيه أحمد بابا التنبكتي (1036): خزائن كتب المستنصر في غاية الصحة، بحيث إذا اطلع على ما قوبل بأصل منها، ولو بوسائط اطلع في غاية الصحة.
ومن هذه الكتب التي قابلها المستنصر بالله كتاب: الوقف والابتداء، للإمام حبر القرآن وأحد القراء السبعة، نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي مولاهم المدني (169)، وهو كتاب نفيس، جلبه إلى الأندلس: عبد الملك بن إدريس البجاني الأندلسي، بروايته له عن أبي عبد الله محمد بن جعفر الأنماطي المصري سنة 345؛ ولما علم المستنصر بالله بخبر هذا الكتاب، أمر بنسخ نسخة منه، وليتأكد من إتقان نَسخِ الكتاب، قابله مع راويه عبد المالك ابن إدريس البجاني الأندلسي في رمضان سنة 348، وقد نص المستنصر بالله على روايته لهذا الكتاب ومقابلته له.
وكان لهذا العمل محل خاص في خزانه، كما أشار إلى ذلك القاضي عياض اليحصبي (544) بعد حديثه عن كيفية تخريج وإلحاق النصوص الناقصة في كتب العلماء، قال: وقد حدثني بعض من لقيته ممن يعتني بهذا الشأن -[أي بتصحيح الكتب]-: أن كتب الحكم المستنصر بالله خرجت إلى أهل "بيت المقابلة والنسخ" بقصره برسوم منها بعض ما ذكرناه.
وكان المستنصر بالله يحضر بعض تلك المجالس، ويشرف عليها، ويشارك العلماء في ما يقومون به من عملية التصحيح والضبط، باحضار الكتب ومقابلتها، لمعرفة كمال الكتاب وسلامته من التصحيف والتحريف والسقط، ومن تلك المجالس التي حضرها مجلس تصحيح كتاب "العين" في اللغة، للعلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي (170)، وقد حضره جمع من العلماء، قال الأديب علي بن محمد بن أبي الحسين الأندلسي: وجدت بخط أبي قال: أمرنا الحكم المستنصر بالله رحمه الله بمقابلة كتاب: "العين" للخليل بن أحمد، مع أبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي، وابني سيد، في دار الملك التي بقصر قرطبة، وأحضر من الكتاب نسخا كثيرة في جملتها نسخة القاضي منذر بن سعيد، التي رواها بمصر عن ابن ولاد، فمرت لنا صور من الكتاب بالمقابلة، فدخل علينا الحكم في بعض الأيام فسألنا عن النسخ؟
فقلنا نحن: اما نسخة القاضي التي كتبها بخطه فهي أشد النسخ تصحيفا وخطأ وتبديلا.
فسألنا عما نذكره من ذلك، فأنشدناه أبياتا مكسورة، وأسمعناه ألفاظا مصحفة، ولغات مبدلة، فعجب من ذلك، وسأل أبا علي، فقال له نحو ذلك.
ص102-103
وينظر ما بعده = تتمة 103 و104 و105
103-105.pdf
تعليق