الحَمدُ للهِ ربِّ العَالمِـــــين والعَاقبَةُ للمُتَّقينَ ولا عُدوانَ إلاَّ على الظَّالمِين؛ من المُبتَدعَة والمُشركِين؛ وبعدُ :
فهَؤُلاَء شيخَاتٌ مُسنِدَاتٌ سمعَ منهُنَّ شَيخُ الإسلاَمِ أبُو العَبَّاس تَقيُّ الدِّين أحمد بنُ عَبد الحَليمِ بن عَبد السَّلاَم بنُ تَيميَّة النُّميريُّ الحَرَّانيُّ -قَدَّسَ اللهُ رُوحَه-، ورَوَى عنهُنَّ الأحَاديث الأخيرَة من الأربعِين حَديثَا من مَرويَّاته المَوجُودة ضمنَ مَجمُوع الفَتاوَى؛ ومعهُنَّ تِلمِيذَةٌ لهُ؛ أنقُلُ أسمَاءهُنَّ وطرفاً من تَراجمهِنَّ شَحذاً لهمَمِ المُسلمَات العَفيفَات في طَلب العِلم وتَحصيله :
◘ شَـيـخَـاتُ شَيخِ الإسلاَم ابن تَيميَّة -رحمه الله- .
• زَينَب بنتُ مَكـيٍّ الحَرَّانيَّة (وُلدَت: 509 وتُوفيَت:688 هـ)
«رَوَت الكَثِيرَ وَطَالَ عُمرُها، وَكَانَت أسنَدَ مَن بَـقيَ مِنَ النِّسَاء فِي الدُّنيَا...وَكَانَت مِن النّسَاء العَوَابِدِ الفَقِيرَات المُتَعَفِّفَات، صَاحبَة أورَاد ونَوافِل وأذكَارٍ وتلاوَةٍ وخَشيَة واستغفَار، رَضِيَ اللّهُ عَنهَا... وَقد رَوَتِ "المُسنَدَ" كُلهُ، وَرَوَت شيئًا كثيرًا عَنِ ابن طَبَرزَد، وازدَحَمَ عَليهَا الطَّلبةُ، وهيَ أختُ الفَخرِ عَليٍّ فِي الرِّضَاعِ وَالسَّمَاع.» [تاريخ الإسلاَم (15/606)]
قَالَ ابـنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : «أَخبَرَتنَا الصَّالِحَةُ العَابِدَةُ المُجتَهِدَةُ أُمُّ أَحمَد زَينَبُ بِنتُ مَكِّيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ كَامِلٍ الـحَرَّانِي...» إهـ
• أمُّ محمَّد زَينَب المقدسيَّة (وُلدَت:601 وتُوفيَت:787)
« سَمِعَت ابنَ اللّتي، والهَمَذَانيَّ، وتفردّت بأجزَاءَ كَـ «الثقفيات» ، ومُسنَدَي عَبد بن حُمَيد وَالدّارَمي، وارتَحَلَـت إليهَا الطَّـلبة، وحَدَّثت بِمِصرَ، وَالمَدِينَة النَّبويَّة، وَمَاتَت ببَيتِ المَقدِس.» [شذرات الذهب (8/103)]
قَالَ ابنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : « أَخبَرَتنَا الشَّيـخَةُ الصَّالِحَةُ أُمُّ مُحَمَّدٍ زَيـنَبُ بِنتُ أَحمَد بنِ عُمَرَ بنِ كَامِلٍ المَقدسيَّة؛ قِــرَاءَةً عَلَيهَا وَأَنَا أَسمَعُ سَنَةَ 684 ...» إهـ
• أمُّ العَربِ فَاطمَة بنتُ أبي القَاسم (وُلدَت:596 وتُوفيَت:683 هـ)
«كَانَت أصيلَةً، جَلِيلَةً، عَاليَّة الإسنَادِ، مُعرقَةً فِي الحَديثِ، وسَمَاعُهَا من عُمَر، وحَنبَل فِي الخَامِسَة، وَلَهَا فِي السّادسة أيضًا عَلَى عُمَر.» [تاريخ الإسلام (15/503)]
قَالَ ابنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : « أَخبَرَتنَا الشَّيخَةُ الجَلِيلَةُ الأَصِيلَةُ أُمُّ العَرَبِ فَاطِمَةُ بِنتُ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ أَبِي مُحَـمَّدِ القَاسِمِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللَّهِ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ الحُسَينِ بنِ عَسَاكِـرَ؛ قِرَاءَةً عَلَيهَا وَأَنَا أَسمَعُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ 681...» إهـ
• أمُّ الخَير سِتُّ العَـرَب (وُلدَت:599 وتُوفيَت:684 هـ)
«قال المُزيُّ : شَيخَةٌ جَلِيلَةٌ، كَثِيرَةُ السَّمَاع، سَمِعَت من ابنِ طَبَرْزَد "الغَيلانيّات" وغَيرَهَا، وحدَّثَت سِنِينَ كَثيرَة.» [تاريخ الاسلاَم (15/519)]
قَالَ ابنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : « أَخبَرَتنَا الشَّيخَةُ الصَّالِحَةُ أُمُّ الخَـيـرِ سِتُّ العَرَبِ بِنتُ يَحْيَى بنِ قايماز بنِ عَبدِ اللَّهِ التَّاجِيَّةُ الـكِنـدِيَّةُ؛ قِرَاءَةً عَلَيهَا وَأَنَا أَسمَعُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ 681...»إهـــ
◘ تِلمِيذَةُ شيخ الاسلاَم: أمُّ زَينَب فاطمَة البَغدَاديَّة (و: 640هـ - تُ : 724هـ)
قَالَ العِمَادُ بنُ كَثير -رحمهُ الله- :
« الشَّـيـخَةُ الصَّـالِـحَـةُ الـعَـابِدَةُ الـنَّـاسِكةُ؛ أُمُّ زَيـنَـبَ فَـاطِـمَةُ بِنتُ عَـبَّاسِ بن أَبي الفَتحِ بنِ مُحَمَّد البَغـدَادِيَّةُ،...وَكَانَت مِنَ العَالِمَات الفَاضِلَاتِ، تَأمُـرُ بِالمَعـرُوفِ، وَتَنهَى عَن المُنكر، وَتَقُومُ عَلَى الأَحمَدِيَّة [فرقة من المُبتدعَة] فِي مُؤَاخَاتِهم النِّسَاءَ وَالـمُردَان، وَتُنـكِرُ أَحـوَالَهُم وَأحـوَالَ أَهـلِ الـبِدَعِ وَغَيرِهِم، وَتَفعَلُ مِن ذَلِكَ مَا لَا يَقـدِرُ عَلَيـهِ الرِّجَالُ، وَقَد كَانَت تَحضُرُ مَجلِسَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابنِ تَيمِيَّـة، فَاستَفَادَت مِنـهُ ذَلِكَ وَغَيـرَهُ، وَقَد سَمِعتُ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ يُـثـنِي عَلَيـهَـا، وَيَصِفُهَا بِالـفَـضِيلَة وَالعِلـمِ، وَيَذكُرُ عَنهَا أنَّها كَانَت تَستَحضِرُ كَثِيرًا مِنَ "المُغنِي" أَو أَكـثَـرَهُ، وَأَنَّـهُ كَانَ يَسـتَـعِدُّ لَهَا مِن كثـرَة مَسائلهَا، وَحُسنِ سُـؤَالَاتـهَا، وَسُرعَـة فَهمِهَا، وَهِيَ الَّتِي خَتَّمَت نِسَاءً كَثِيرًا الـقُرآنَ، مِنهُنَّ أُمُّ زَوجتي عَائِشةُ بِنتُ صِدِّيقٍ، زَوجَةُ الشَّيخِ جَمَالِ الدّينِ المِزِّيِّ، وَهِـي الَّتِي أقرَأت ابنتَهَا زَوجَتِي أَمَةَ الرَّحِيمِ زَينبَ، رَحِمَهُنَّ اللَّهُ، وَأَكرَمهُنَّ بِرَحمَـتِـهِ وَجَنَّتِهِ، آمِينَ. » إهـ
[البدايَة والنهايَة (18/140)]
قَالَ صلاَحُ الدين الصَّفدي -رحمهُ الله-:
« الشَّيخَة المُفتيَّةُ الفَقِيهَةُ العَالمَة الزَّاهِـدَة العَابدَة، أمُّ زَينَب البَغدَاديَّة الحَنبَلِيَّة الوَاعِظَة.
كَانَت تَصعَدُ المِنبَرَ وتَعظُ النسَاء، فيُنِيبُ لِوعظهَا، ويُقلِعُ مَن أسَاءَ، وانتَفَعَ بوَعظِهَا جَمَاعةٌ منَ النسوَه، وَرقَّت قُلُوبهُنَّ للطَّاعَة بَعدَ القَسوَة، كَم أذرَّت عَبَرَات، وأجرَت عُيُوناً منَ الحَسَرَات، كأنَّها أيكيَّة عَلَى فنَنِهَا، وحَمَامَةٌ تَصدَح فِي أعلَى غُصنِهَا.
وَكَانَت تَدرِي الفِقهَ وغَوَامضَهُ الدَّقِـيـقه، وَمَسائِلَه العَويصَه، التِي تَـدُورُ مَباحِثُهَا بَينَ المَجَازِ والحَقيقَه. وكَان ابنُ تَيمِيَّةَ -رَحمهُ اللهُ تَعَالى يَتعجَّبُ من عَمَلهَا، ويُثنِي عَلَى ذَكَائِهَـا وخُشُوعِها وبُـكَائهَا.
وبَحَثَت معَ الشَّيخِ صَدرِ الـدِّينِ بن الوَكيلِ فِي الحَيضِ وَرَاجَت، وَزَخَرَت بُحُورُ عُلُومِهَا وَمَاجَت، فَـلَو عَايَنتُهَا لقَرَّبتُ مِن الشَّيخ تَقيِّ الدينِ فِي تفضِيلِهَا. وَلَن أقصِيهُ، وقُلتُ له: هَذِه التِي يَصحُّ أن يُـقَال عَنهَا : إنَّـهَا بأربَعِ أخصِيَّة، لأنَّـهَا مُؤنَّـثَـة قَد تَـفرَّدَت بالتَّذكِير، وعَارِفَة لم يَدخُـل علَـى مَعرِفَتهَا تَنكِير.
...حَكَى لِي غَيرُ وَاحِدٍ أنَّ الشَّيخَ تَقيَّ الدينِ بنَ تَيمِيَّة قَالَ: "بَقيَ فِي نَفسِي مِنهَا شَيءٌ، لأنَّـهَا تَصعَدُ المِنبَر، وَأردتُ أن أنـهَـاهَـا".
وحُكيَ لِي أيـضاً أنَّـهَا بحَثَت مَعَ الشَّيخِ صَدر الدِّين بنِ الوَكِـيلِ فِـي الحَيضِ، وَرَاجَت عَليهِ. ثُمَّ قَالَت : "أنتَ تَدرِي هَذَا عِلماً، وأنَـا أدرِيـهِ عِلماً وَعَـمَـلاً." » إهــ
[أعيانُ العصر وأعوانُ النَّصر (4 / 2 ]
والحمدُ لله.
فهَؤُلاَء شيخَاتٌ مُسنِدَاتٌ سمعَ منهُنَّ شَيخُ الإسلاَمِ أبُو العَبَّاس تَقيُّ الدِّين أحمد بنُ عَبد الحَليمِ بن عَبد السَّلاَم بنُ تَيميَّة النُّميريُّ الحَرَّانيُّ -قَدَّسَ اللهُ رُوحَه-، ورَوَى عنهُنَّ الأحَاديث الأخيرَة من الأربعِين حَديثَا من مَرويَّاته المَوجُودة ضمنَ مَجمُوع الفَتاوَى؛ ومعهُنَّ تِلمِيذَةٌ لهُ؛ أنقُلُ أسمَاءهُنَّ وطرفاً من تَراجمهِنَّ شَحذاً لهمَمِ المُسلمَات العَفيفَات في طَلب العِلم وتَحصيله :
◘ شَـيـخَـاتُ شَيخِ الإسلاَم ابن تَيميَّة -رحمه الله- .
• زَينَب بنتُ مَكـيٍّ الحَرَّانيَّة (وُلدَت: 509 وتُوفيَت:688 هـ)
«رَوَت الكَثِيرَ وَطَالَ عُمرُها، وَكَانَت أسنَدَ مَن بَـقيَ مِنَ النِّسَاء فِي الدُّنيَا...وَكَانَت مِن النّسَاء العَوَابِدِ الفَقِيرَات المُتَعَفِّفَات، صَاحبَة أورَاد ونَوافِل وأذكَارٍ وتلاوَةٍ وخَشيَة واستغفَار، رَضِيَ اللّهُ عَنهَا... وَقد رَوَتِ "المُسنَدَ" كُلهُ، وَرَوَت شيئًا كثيرًا عَنِ ابن طَبَرزَد، وازدَحَمَ عَليهَا الطَّلبةُ، وهيَ أختُ الفَخرِ عَليٍّ فِي الرِّضَاعِ وَالسَّمَاع.» [تاريخ الإسلاَم (15/606)]
قَالَ ابـنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : «أَخبَرَتنَا الصَّالِحَةُ العَابِدَةُ المُجتَهِدَةُ أُمُّ أَحمَد زَينَبُ بِنتُ مَكِّيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ كَامِلٍ الـحَرَّانِي...» إهـ
• أمُّ محمَّد زَينَب المقدسيَّة (وُلدَت:601 وتُوفيَت:787)
« سَمِعَت ابنَ اللّتي، والهَمَذَانيَّ، وتفردّت بأجزَاءَ كَـ «الثقفيات» ، ومُسنَدَي عَبد بن حُمَيد وَالدّارَمي، وارتَحَلَـت إليهَا الطَّـلبة، وحَدَّثت بِمِصرَ، وَالمَدِينَة النَّبويَّة، وَمَاتَت ببَيتِ المَقدِس.» [شذرات الذهب (8/103)]
قَالَ ابنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : « أَخبَرَتنَا الشَّيـخَةُ الصَّالِحَةُ أُمُّ مُحَمَّدٍ زَيـنَبُ بِنتُ أَحمَد بنِ عُمَرَ بنِ كَامِلٍ المَقدسيَّة؛ قِــرَاءَةً عَلَيهَا وَأَنَا أَسمَعُ سَنَةَ 684 ...» إهـ
• أمُّ العَربِ فَاطمَة بنتُ أبي القَاسم (وُلدَت:596 وتُوفيَت:683 هـ)
«كَانَت أصيلَةً، جَلِيلَةً، عَاليَّة الإسنَادِ، مُعرقَةً فِي الحَديثِ، وسَمَاعُهَا من عُمَر، وحَنبَل فِي الخَامِسَة، وَلَهَا فِي السّادسة أيضًا عَلَى عُمَر.» [تاريخ الإسلام (15/503)]
قَالَ ابنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : « أَخبَرَتنَا الشَّيخَةُ الجَلِيلَةُ الأَصِيلَةُ أُمُّ العَرَبِ فَاطِمَةُ بِنتُ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ أَبِي مُحَـمَّدِ القَاسِمِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللَّهِ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ الحُسَينِ بنِ عَسَاكِـرَ؛ قِرَاءَةً عَلَيهَا وَأَنَا أَسمَعُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ 681...» إهـ
• أمُّ الخَير سِتُّ العَـرَب (وُلدَت:599 وتُوفيَت:684 هـ)
«قال المُزيُّ : شَيخَةٌ جَلِيلَةٌ، كَثِيرَةُ السَّمَاع، سَمِعَت من ابنِ طَبَرْزَد "الغَيلانيّات" وغَيرَهَا، وحدَّثَت سِنِينَ كَثيرَة.» [تاريخ الاسلاَم (15/519)]
قَالَ ابنُ تَيميَّة -رحمهُ الله- : « أَخبَرَتنَا الشَّيخَةُ الصَّالِحَةُ أُمُّ الخَـيـرِ سِتُّ العَرَبِ بِنتُ يَحْيَى بنِ قايماز بنِ عَبدِ اللَّهِ التَّاجِيَّةُ الـكِنـدِيَّةُ؛ قِرَاءَةً عَلَيهَا وَأَنَا أَسمَعُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ 681...»إهـــ
◘ تِلمِيذَةُ شيخ الاسلاَم: أمُّ زَينَب فاطمَة البَغدَاديَّة (و: 640هـ - تُ : 724هـ)
قَالَ العِمَادُ بنُ كَثير -رحمهُ الله- :
« الشَّـيـخَةُ الصَّـالِـحَـةُ الـعَـابِدَةُ الـنَّـاسِكةُ؛ أُمُّ زَيـنَـبَ فَـاطِـمَةُ بِنتُ عَـبَّاسِ بن أَبي الفَتحِ بنِ مُحَمَّد البَغـدَادِيَّةُ،...وَكَانَت مِنَ العَالِمَات الفَاضِلَاتِ، تَأمُـرُ بِالمَعـرُوفِ، وَتَنهَى عَن المُنكر، وَتَقُومُ عَلَى الأَحمَدِيَّة [فرقة من المُبتدعَة] فِي مُؤَاخَاتِهم النِّسَاءَ وَالـمُردَان، وَتُنـكِرُ أَحـوَالَهُم وَأحـوَالَ أَهـلِ الـبِدَعِ وَغَيرِهِم، وَتَفعَلُ مِن ذَلِكَ مَا لَا يَقـدِرُ عَلَيـهِ الرِّجَالُ، وَقَد كَانَت تَحضُرُ مَجلِسَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابنِ تَيمِيَّـة، فَاستَفَادَت مِنـهُ ذَلِكَ وَغَيـرَهُ، وَقَد سَمِعتُ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ يُـثـنِي عَلَيـهَـا، وَيَصِفُهَا بِالـفَـضِيلَة وَالعِلـمِ، وَيَذكُرُ عَنهَا أنَّها كَانَت تَستَحضِرُ كَثِيرًا مِنَ "المُغنِي" أَو أَكـثَـرَهُ، وَأَنَّـهُ كَانَ يَسـتَـعِدُّ لَهَا مِن كثـرَة مَسائلهَا، وَحُسنِ سُـؤَالَاتـهَا، وَسُرعَـة فَهمِهَا، وَهِيَ الَّتِي خَتَّمَت نِسَاءً كَثِيرًا الـقُرآنَ، مِنهُنَّ أُمُّ زَوجتي عَائِشةُ بِنتُ صِدِّيقٍ، زَوجَةُ الشَّيخِ جَمَالِ الدّينِ المِزِّيِّ، وَهِـي الَّتِي أقرَأت ابنتَهَا زَوجَتِي أَمَةَ الرَّحِيمِ زَينبَ، رَحِمَهُنَّ اللَّهُ، وَأَكرَمهُنَّ بِرَحمَـتِـهِ وَجَنَّتِهِ، آمِينَ. » إهـ
[البدايَة والنهايَة (18/140)]
قَالَ صلاَحُ الدين الصَّفدي -رحمهُ الله-:
« الشَّيخَة المُفتيَّةُ الفَقِيهَةُ العَالمَة الزَّاهِـدَة العَابدَة، أمُّ زَينَب البَغدَاديَّة الحَنبَلِيَّة الوَاعِظَة.
كَانَت تَصعَدُ المِنبَرَ وتَعظُ النسَاء، فيُنِيبُ لِوعظهَا، ويُقلِعُ مَن أسَاءَ، وانتَفَعَ بوَعظِهَا جَمَاعةٌ منَ النسوَه، وَرقَّت قُلُوبهُنَّ للطَّاعَة بَعدَ القَسوَة، كَم أذرَّت عَبَرَات، وأجرَت عُيُوناً منَ الحَسَرَات، كأنَّها أيكيَّة عَلَى فنَنِهَا، وحَمَامَةٌ تَصدَح فِي أعلَى غُصنِهَا.
وَكَانَت تَدرِي الفِقهَ وغَوَامضَهُ الدَّقِـيـقه، وَمَسائِلَه العَويصَه، التِي تَـدُورُ مَباحِثُهَا بَينَ المَجَازِ والحَقيقَه. وكَان ابنُ تَيمِيَّةَ -رَحمهُ اللهُ تَعَالى يَتعجَّبُ من عَمَلهَا، ويُثنِي عَلَى ذَكَائِهَـا وخُشُوعِها وبُـكَائهَا.
وبَحَثَت معَ الشَّيخِ صَدرِ الـدِّينِ بن الوَكيلِ فِي الحَيضِ وَرَاجَت، وَزَخَرَت بُحُورُ عُلُومِهَا وَمَاجَت، فَـلَو عَايَنتُهَا لقَرَّبتُ مِن الشَّيخ تَقيِّ الدينِ فِي تفضِيلِهَا. وَلَن أقصِيهُ، وقُلتُ له: هَذِه التِي يَصحُّ أن يُـقَال عَنهَا : إنَّـهَا بأربَعِ أخصِيَّة، لأنَّـهَا مُؤنَّـثَـة قَد تَـفرَّدَت بالتَّذكِير، وعَارِفَة لم يَدخُـل علَـى مَعرِفَتهَا تَنكِير.
...حَكَى لِي غَيرُ وَاحِدٍ أنَّ الشَّيخَ تَقيَّ الدينِ بنَ تَيمِيَّة قَالَ: "بَقيَ فِي نَفسِي مِنهَا شَيءٌ، لأنَّـهَا تَصعَدُ المِنبَر، وَأردتُ أن أنـهَـاهَـا".
وحُكيَ لِي أيـضاً أنَّـهَا بحَثَت مَعَ الشَّيخِ صَدر الدِّين بنِ الوَكِـيلِ فِـي الحَيضِ، وَرَاجَت عَليهِ. ثُمَّ قَالَت : "أنتَ تَدرِي هَذَا عِلماً، وأنَـا أدرِيـهِ عِلماً وَعَـمَـلاً." » إهــ
[أعيانُ العصر وأعوانُ النَّصر (4 / 2 ]
والحمدُ لله.