ماذا تعرف عن شعب أورومو؟(الحلقة الثانية)
لفضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي عميد كلية الحديث الشريف
لابد أن أروي:لفضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي عميد كلية الحديث الشريف
أخذا عن أخبار الثقات التي تردنا أود أن أورد هنا تقريرا خاصا عن سير الإسلام في الحبشة، فأقول:
الحمد لله الذي له الحمد كله، وله الأمر كله، وصل اللهم وسلم وبارك على من أرسلته رحمة للعالمين وآله وصحـبه وحزبه.
لقد وافانا بعض القادمين من أثيوبيا بحقائق تثلج الصدور، ما كنا نتوقعها، وملخصها فيما يلي:
عندما اشتدت وطأة الشيوعية على المسلمين في أمهات المدن وأخذ أعداء الإسلام يطلقون عبارة جهمية جريئة (لا بد من التخلي عن الأديان السماوية لوحدة إثيوبيا)، أدرك المسلمون أن الدين المقصود بالتخلي عنه هـو الإسلام وحده على الرغم من مراوغة الماركسيين والصليبيين معا.
ولقد أوجد هذا الموقف لدى الريفيين وسكان القرى والمدن الصغار النائية عن العاصمة أديس أبابا رد فعل يثلج صدر كل مسلم يعتز بإسلامه ويسعى للانتصار له بكل ما يملك، ولديه من الغيرة ما يجعله يتألم من انتشار الشيوعية بشكل مخيف في العالم الإسلامي بصفة عامة، وفي إثيوبيا بصفة خاصة.
التفصيـل:
مما قام به المسلمون كرد فعل للدعوة الماركسية في إثيوبيا ما يأتي:
1- الإكثار من بناء المساجد في القرى والأرياف.
2- إقامة صلاة الجماعة والمحافظة عليها في كـل مكـان، ومما لفت نظر السلطة الماركسية وأدخل الرعب عليها وجعلها تتودد إلى الشعب أن الفلاحين في مزارعهم أخذوا يؤذنون للصلاة ويقيمون صلاة الجماعة بصورة غير معهودة من قبل وأنهم أعلنوا مقاطعة كل من لا يصلي، وإذا مات لا يصلى على جنازته.
3- كثرة المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة، وهو أمر لا عهد لهم به في الأرياف والقرى الصغيرة سابقا.
4- اتفاق شعبي سري وفي صمت على عدم تطبيق التعاليم الماركسية في مجال الزراعة حيث حاولت السلطة أن يشترك سكان كل قرية في الزراعة، بأن يزرعوا معا ويحصدوا معا ويشتركوا في المحصول بصرف النظر عن تفاوت مساحات الأراضي وتفاوت الأسر في عددها، ولقد رفضت هذه الاشتراكية في كثير من الأقاليم وفي مقدمتها إقليم هرر الذي هو أكبر إقليم زراعي في إثيوبيا.
5- اتفاق شعبي سري على عدم تطبيق نظام التعليم الإجباري الذي تحاول الماركسية تطبيقه في الأرياف حيث تنشئ مدارس في القرى والأرياف بدعوى محو الأمية ليجتمع فيها الرجال والنساء معا، ولقد كان الهدف من هذه المدارس محو الأخلاق قبل محو الأمية بل محو العقيدة من قلوب المسلمين لو استطاعت الماركسية.
ولقد أدرك المسلمون الأوروميون هذا الهدف فأخذوا يفوتون سنة بعد سنة بأعذار يلهمون بها كطلب المهلة أحيانا، وعدم وجود المدرسين حينا، ونزول القحط والجفاف حينا…الخ.
هكذا يعيش المسلمون في إثيوبيا وبصفة خاصة في إقليم هرر.
ومما هو جدير بالتنويه به أن هذا العمل الإسلامي الجليل الذي يقوم شعب أرومو إنما يتم تحت إشراف جبهة تحرير أورومو وبتوجيه منها وتوعية دقيقة تتم سرا ودون جعجعة، تلك الجبهة التي تعمل في صمت ولا تحمل معها بوقا حين تعمل وحين توجه وحين تجاهد، وما النصر إلا من عند الله وحده.
وقصارى القول أن سير الإسلام أخذ في تحسن في الوقت الذي فيه الماركسية القضاء عليه لو استطاعت، ولكنها أدركت فشلها وأخذت تتودد إلى الشعب لذر الرماد في العيون لتتمكن من تغيير مجرى السياسة إدراكا منها أن سياسة العنف غير ناجحة بل هي فاشلة لتستخدم سياسة النفاق والمكر والخداع.
ونحن نقول لها مسبقا إن فشل هذا النوع من السياسة قد ظهر قبل تنفيذها فهل أنتم مدركون؟
إن شعب أورومو الذي قد جرب أنواع الأساليب التي يستخدمها أعداء الإسلام من صليبية حاقدة وماركسة ماكرة سوف لا ينخدع بعد اليوم بأي أسلوب إذ "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" ، وهو شعب اكتسب دربة وخبرة من طول مدة الصراع بينه وبين الصليبية التي حاولت أن تقول أو قالت: لا وجود للإسلام في إثيوبيا، متجاهلة أن عدد المسلمين يمثل 75 % من سكان الحبشة، ومتجاهلة تاريخ دخول الإسلام للحبشة، وأنه سبق المسيحية إلى المنطقة، وأخيرا حلت الماركسية أو على الأصح تقمصت الصليبية بقميص الماركسية لتحاول ضرب الإسلام لو استطاعت بسلاح آخر يدعى الشيوعية الحمراء التي لا تؤمن بأي دين.
ولكن الشعب الأورومي - كما قلت - تجاوز مرحلة الانخداع وخبر الأعداء على اختلاف أساليبهم وتولنهم.
ألا إن نصر الله قريب إن شاء الله.