الرد على من أورد قصة مكذوبة
على معاوية رضي الله عنه من العقد الفريدفقد سأل سائل سوالاً هذه صيغته: معاوية بن أبي سفيان سمع الغناء فطرب فقالوا له كيف تطرب وأنت الخليفة ؟ فقال: الكريمُ طروب.
فأقول مجيباً وذاباً عن عرض صحابة النبي صلى الله عليه وسلم مما ألبسهم إياه أهل الأهواء من أهل التشيع وغيرهم:
أولاً: هذه القصة المكذوبة أكثر ما تناقلها الناس من كتاب العقد الفريد لأحمد بن عبدربه القرطبي، وفي هذا عدة ملحوظات:
1- الكتاب كتابُ شعر وأدب ذكره الحموي في معجم الآداب وترجم لمؤلفه؛ فعلى هذا مثله لا يعتمد في معرفة تاريخ الصحابة رضي الله عنهم وسيرتهم.
2- إنَّ مؤلفه ابن عبدربه عُرف بالتشيع الشنيع ووضع روايات واهية ومكذوبة على الصحابة وخاصةً معاوية رضي الله عنهم. قال ابن كثير: صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع ومغالاة في أهل البيت (21/10)البداية والنهاية. وقال أيضاً ويدل كثيراً من كلامه على تشيعٍ فيه وميلٍ إلى الحط من بني أمية (194/11)البداية والنهاية .
3- إنَّ الرواية التي أوردها فيها شناعة وقبح لا تليق لا بمعاوية ولا بعبدالله بن جعفر، فتمام الرواية : دخل معاوية على ابن جعفر يعوده فوجده مفيقاً وعنده جارية في حجرها عود فقال: ماهذا يابن جعفر فقال: هذه جارية أرويها رقيق الشعر فتزيده حسناً، بحسن نغمتها، قال فلتقل: فحركت عودها وغنت وكان معاوية قد خضب، فحرك معاوية رجله،،،إلخ. فهل يليق أن نثبت أن معاوية وعبدالله يجتمعان على الغناء، وضرب العود، ومعاوية كاتب القرآن، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به)).
ثانياً: بعض هذه الرواية ودون زيادة: فحركت عودها.رواه الطبري في تاريخه (188،187/6) وحكمها أنها معضلة، والمعضل نوعٌ من أنواع الضعيف. قال محقق تاريخ الطبري البرزنجي: إسناده معضل. وجعله من قسم الضعيف(ضعيف تاريخ الطبري(156/9).
ثالثاً: ممَّا يدل على رد هذه التهمة على معاوية وأنها ملفقة عليه، ما أخرجه الطبراني بإسنادٍ حسن من طريق كيسان مولى معاوية، قال: خطب معاوية الناس فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تسع، وأنا أنهاكم عنهن: النوح، والشعر، والتبرج، والتصاوير، وجلود السباع، والغناء، والذهب، والحر، والحرير. وكان رضي الله عنه ينهى عن الإستماع إلى الغناء، وينكر ذلك على من يُعرف به، وكان عامله على المدينة ابن الحكم شديداً على أهل الدعارة والفسوق فكانوا يهربون من المدينة أثناء ولايته.
رابعاً: أوصي الإخوة بالحرص على تلقي الأخبار وخاصةً مايتعلق بالصحابة رضوان الله عليهم فقد كثر الطعن فيهم، فلا ينبغي أن نتلقف كل مايقال ونسارع في تثبيته دون تمحيص للرواية.
خامساً: لا ينبغي أن نجعل أهل الأهواء ومقالاتهم اعتمادنا ودليلنا كالرافضة والزنادقة في معرفة حال الصحابة وتراجمهم، ومن يكن الغراب له دليلاً، يمرُّ به على جيّف الكلاب، بل نرجع للمحققين من أهل العلم من أهل السُّنة ومؤلفاتهم المبنية على الدليل، ومعتقد أهل السُّنة.
وفق الله الجميع لكل خير.
كتبه أخوكم
تعليق