قال الإمام ابن كثير في البداية (183/11-184) : وقد سأل بعضهم ههنا سؤالاً.
فقال: قد أحلَّ الله سبحانه بأصحاب الفيل - وكانوا نصارى - ما ذكره في كتابه، ولم يفعلوا بمكة شيئاً مما فعله هؤلاء، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَرَامِطَةَ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِ والنَّصارى والمجوس، بل ومن عبدة الأصنام، وأنهم فعلوا بمكة ما لم يفعله أحد، فهلاّ عوجلوا بالعذاب والعقوبة، كَمَا عُوجِلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ؟ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ إِنَّمَا عُوقِبُوا إِظْهَارًا لشرف البيت، ولمّا يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم، من البلد الذي فيه البيت الحرام، فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها وإرسال الرسول منها أهلكهم سريعاً عاجلاً، ولم يكن شرائع مقررة تدل على فضله، فلو دخلوه وأخربوه لأنكرت القلوب فضله.
وأما هؤلاء القرامطة فإنما فعلوا ما فعلوا بَعْدَ تَقْرِيرِ الشَّرَائِعِ وَتَمْهِيدِ الْقَوَاعِدِ، وَالْعِلْمِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ اللَّهِ بِشَرَفِ مَكَّةَ وَالْكَعْبَةِ، وَكُلُّ مؤمن يعلم أن هؤلاء قد ألحدوا في الحرام إلحاداً بالغاً عظيماً، وأنهم من أعظم الْمُلْحِدِينَ الْكَافِرِينَ، بِمَا تَبَيَّنَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وسنة رسوله، فَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجِ الْحَالُ إِلَى مُعَاجَلَتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ، بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار، والله سبحانه يُمْهِلُ وَيُمْلِي وَيَسْتَدْرِجُ ثُمَّ يَأْخُذُ أَخْذَ عَزِيزٍ مقتدر، كما قَالَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " ثم قرأ قوله تَعَالَى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم:42] وقال (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جنهم وبئس المهاد) [آل عمران: 196] وقال (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ) [لُقْمَانَ: 24] وَقَالَ: (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس: 70] .
فقال: قد أحلَّ الله سبحانه بأصحاب الفيل - وكانوا نصارى - ما ذكره في كتابه، ولم يفعلوا بمكة شيئاً مما فعله هؤلاء، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَرَامِطَةَ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِ والنَّصارى والمجوس، بل ومن عبدة الأصنام، وأنهم فعلوا بمكة ما لم يفعله أحد، فهلاّ عوجلوا بالعذاب والعقوبة، كَمَا عُوجِلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ؟ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ إِنَّمَا عُوقِبُوا إِظْهَارًا لشرف البيت، ولمّا يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم، من البلد الذي فيه البيت الحرام، فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها وإرسال الرسول منها أهلكهم سريعاً عاجلاً، ولم يكن شرائع مقررة تدل على فضله، فلو دخلوه وأخربوه لأنكرت القلوب فضله.
وأما هؤلاء القرامطة فإنما فعلوا ما فعلوا بَعْدَ تَقْرِيرِ الشَّرَائِعِ وَتَمْهِيدِ الْقَوَاعِدِ، وَالْعِلْمِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ اللَّهِ بِشَرَفِ مَكَّةَ وَالْكَعْبَةِ، وَكُلُّ مؤمن يعلم أن هؤلاء قد ألحدوا في الحرام إلحاداً بالغاً عظيماً، وأنهم من أعظم الْمُلْحِدِينَ الْكَافِرِينَ، بِمَا تَبَيَّنَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وسنة رسوله، فَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجِ الْحَالُ إِلَى مُعَاجَلَتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ، بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار، والله سبحانه يُمْهِلُ وَيُمْلِي وَيَسْتَدْرِجُ ثُمَّ يَأْخُذُ أَخْذَ عَزِيزٍ مقتدر، كما قَالَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " ثم قرأ قوله تَعَالَى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم:42] وقال (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جنهم وبئس المهاد) [آل عمران: 196] وقال (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ) [لُقْمَانَ: 24] وَقَالَ: (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس: 70] .