تويت
فضيلة الشيخ محمد بن عبدالوهاب العقيل
مختصر السيرة المحاضرة الثانية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد فهذا هو الدرس الثاني في سيرة النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم من جمع الإمام الحافظ أبي محمد عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي رحمه الله رحمة واسعة . نعم. مختصر السيرة المحاضرة الثانية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
قال الحافظ أبو محمد عبدالغني المقدسي رحمه الله تعالى : ثم خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها .والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
يعني ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم مرة آخرى إلى الشام وهذه المرة خرج للتجارة فقد أشترك مع خديجة رضي الله عنها مضاربة وقيل مع غيرها وخرج بصحبة غلام لخديجة أسمه ميسرة ، فلما رجع ميسرة هذا قص خبر هذه الرحلة لخديجة رض الله عنها وما رأى فيها من خلق النبي صلى الله عليه وسلم الكامل ، وأعظم ما يعرف الخلق في الأسفار ولذلك سمي السفر سفرا لأنه يسفر أي يظهر أخلاق صاحبه فلما قص ميسرة قصة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة والعجب العجاب الذي رآه من كمال خلقه الشريف صلى الله عليه وسلم مع أنه كان في بداية الشباب صلى الله عليه وسلم تعلق الأم الصالحة الطاهرة العزيزة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأرسلت إليه تدعوه أن يخطبها من ولييها وفعلا خطبها صلى الله عليه وسلم من ولييها وذلك لكمال عقلها ورشدها رضي الله عنها وأرضاها فقد اصطفاها الله عز وجل واختارها لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة وفعلا حدث ما أراده الله عز وجل حيث ثبت الله عز وجل نبينا محمدا بهذه المرأة العاقلة ، فلما نزل عليه جبريل أول ما نزل عليه وضمه تلك الضمات الثلاثة وقال له إقرأ ، رجع النبي صلى الله عليه وسلم خائفا إلى زوجه العاقلة خديجة رضي الله عنها فثبته الله بها , وقالت كلا والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم وإنك لتصدق الحديث وإنك لتكسب المعدوم وإنك لتقرء الضيف وإنك لتعين على نوائب الحق . ثم أخذته رضي الله عنها إلى عالم بهذه الأمور وهو ورقة بن نوفل فثبته الله عز وجل بما ذكره له ورقة بن نوفل ، وبهذا يتبين لنا فضل المرأة العاقلة ويتبين لنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (أظفر بذات الدين تربت يداك ) فذات الدين تعينك على صلة الرحم وعلى بر الوالدين وعلى تربية الأبناء وعلى تحصيل سعادة الدنيا و الآخرة ، أطفر بذات الدين تربت يداك ، أما هذه المرأة الصالحو أم المؤمنين رضي الله عنها فقد جاء في شأنها عجب فقد نقل حبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وقال هذه خديجة قد أتتك ومعها طعام فأقرأ عليها السلام من الله ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا وصب ، هذه المرأة المباركة أرسل الله عز وجل من فوق سبع سماواته روح القدس جبريل عليه السلام يقرأ عليها السلام من الله ومني أي جبريل وبشرها ببيت في الجنة من ذهب ، فهذا الشرف حفظكم الله جزاء إيمانها ونصرتها للنبي صلى الله عليه وسلم بمالها ونفسها وجاهها رضي الله عنها وأرضاها ، نعم .
قال في تجارة لها قبل أن يتزوجها حتى بلغ سوق بصرا فباع تجارته .
بصرا هذه قلنا مدينةفي جنوب الشام بين الأردن وسوريا .نعم.
فلما بلغ خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة رضي الله عنها .
لما تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة كان عمره خمسا وعشرين سنة في بداية الشباب صلى الله عليه وسلم وكان عمرها على الصحيح أرعبن سنة مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان موفور العقل قبل البعثة ولذلك آثر العقل على العاطفة ، وإلا العاطفة معاشر الأحبة تستوجب على الشاب أن يتزوج شابة بكرا لكن النبي صلى الله عليه وسلم قد كمله ربه فآثر العقل فاختار هذه المرأة التي اشتهرت في الجاهلية بالطاهرة العفيفة ، وقد كانت قد تزوجت قبله رجلين فهي أسن ممن النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر عاما ، وقد تزوجت قبله برجلين ومع هذا تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، وآثرها مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كمل الله عز وجل عقله ، كما كمل خلقه وخلقه صلوات ربي وسلامه عليه.نعم.
فلما بلغ أربعيت سنة أختصه الله بكرامته وابتعثه برسالته ، أتاه جبريل عليه السلام وهو بغار حراء جبل بمكة فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة .
خديجة رضي الله عنها أيضا قرشية تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي بن كلاب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمها ، ولم يتزوج عليها امرأة حتى ماتت ، رضي الله عنها وأرضاها ولما ماتت كان يبر صواحب لها يذبح الذبيحة ويرسل لهن باللحم ، ويذكر من شأنها حتى أن أمنا عائشة رضي الله عنها كانت تغار منها بعد موتها رضي الله عنهن جميعا ، ثم لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة وهو اكتمال الرجولة واكتمال الأشد الخلقي والخلقي ووفرة العقل ، كما قال ربنا عز وجل ((حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ))وقد ذكر غير واحد من العلماء أن جميع الأنبياء يبعثون إذا بلغوا أربعين سنة إذا بلغ أحدهم أربعين سنة نزل عليه الوحي ، وكان بداية الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر عن طريق الرؤية الصادقة ، ولذلك تقول عائشة في الحديث الصحيح الرؤية الصادقة فكان لايرى الرؤية إلا وقعت مثل فلق الصبح يعني إلا تحققت ، كما رأها صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ، ولذلك جاء في الحديث الرؤية الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من أجزاء النبوة ، لأن مدة الوحي ثلاثا وعشرين سنة والرؤيا ستة أشهر ، فالستة أشهر جزء من ستة وأربعين جزءا من ثلاثا وعشرين سنة جزء من ستة وأربعين جزءا من أجزاء النبوة ، وهذا كله إرهاص للنبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يفجأه الملك إذا رآه أول مرة ثم حدث ما عرفتم ، أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتعبد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما قلنا قد كمل الله عز وجل عقله وكمل خلقه وخلقه ومن كمال عقله صلى الله عليه وسلم وكمال فطرته كراهته لأندية قريش وكراهته لأمكنة عبادتهم التي كانوا يعبدون فيها الأوثان والأصنام فكان صلى الله عليه وسلم حبب الله إليه الخلا ، فكان يخرج إلى الخلا ربما مكث الشهر كاملا ، وكانت عبادته صلى الله عليه وسلم التفكر ، التفكر وهو كيف يعبد خالقه كان يعرف صلى الله عليه وسلم فطرة أن له خالقا مالكات مدبرا يستحق أن يعبد وحده كما أنه يخلق وحده ويرزق وحده ويدبر وحده يجب أن يعبد وحده ، ولكن ما كان يدري ما الكتاب ولا الإيمان ، ما كان يعرف كيف يعبد الله عز وجل ولذلك حبب إليه الخلا ، فكان يتزود بهذا التحنث وهو التعبد والتفكر الليالي الطوال أسبوع أسبوعين وربما مكث شهرا ، قبل أن يخرج كان يطوف البيت ويخرج وإذا رجع أبتدأطواف البيت ثم ذهب إلى أهله ، ففي أحدى خلواته صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل على صورة رجل ، رفع رأسه فإذا رجل أمامه فأخذه وضمه إليه حتى وجد منه الجهد ، وجبريل عليه السلام قوي كما وصفه ربه سبحانه وتعالى ، فغط النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث غطات كل واحدة يقول له فيها إقرأ ويقول ما أنا بقاريء ، الأمر المشهود حتى تلى عليه قوله تعالى (( إقرأ بسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) هذه أول الآيات نزولا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم حدث ما حدث من نزوله إلى خديجة رضي الله عنها تثبيت الله له بها وقوله زملوني زملوني . نعم.
فأقام بمكة ثلاثة عشر سنة وقيل خمسة عشر وقيل عشرة .
هل يصح أن يذهب أحد الآن إلى جبل حراء أو غار حراء فيجلس يتعبد هل يشرع هذا ولا ما يشرع أنا أقول بارك الله فيك يشرع ، إذا كان بعد النبي نبي يشرع ، يمكن تكون أنت النبي هاه ينزل عليك جبريل مرة ثانية ، وجبريل لن ينزل مرة ثانية ولذلك لا يشرع معاشر الأحبة ، يعني هؤلاء الحجاج والزوار الذين يتعبون أجسادهم ويذهبون إلى غار حراء لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل إليه جبريل ما رجع مرة أخرى لأنه كان يبحث عن الله عز وجل ، عن طريقة عبادة الله عز وجل فعرفه الله عز وجل كيف يعبد ربه وأنزل عليه هذا القرءان فليس بحاجة صلى الله عليه وسلم بعد هذا إلى الخلوة ، ولذلك لم يذكر لنا أهل السير وأهل التاريخ أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا مائة وعشرين ألف صحابي رجعوا إلى هذا الغار مرة أخرى ، فتنثوا فيه ليلة أو ليلتين أو زاروه ، ما يشرع وكل خير في اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ووالله الأمر الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا خير فيه ، ولذلك ننصح الإخوة الحجاج والعمار أن يتقوا الله في أنفسهم وأجسادهم وأن لا يكلفوها شططا ، وإن كانوا صادقين يجردوا اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم في شأنه كله عسى أن يستطيعوا ذلك الإيمان بضع وسبعون إذا خلصتها كلها روح غار حراء إن شاء الله أه إذا خلصتها كلها من يخلصها ، الله يعينا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته ، أما مدة بقاء النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فثلاث عشرة سنة على المشهور من كلام العلماء ، ما نزل عليه إلا شعبة واحدة من شعب الإيمان وهي لا إله إلا الله ، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ، قبيل الهجرة بسنة ونحوها عرش به إلى السماء صلى الله عليه وسلم ففرضت عليه الصلاة وفرض عليه استقبال بيت المقدس هذا في بداية فرض الصلاة ، فكان صلى الله عليه وسلم يستقبل بيت المقدس لكنه لا يستدبر الكعبة .نعم.
وكان يصلي إلى بيت المقدس مدة إقامته بمكة ولا يستدبر الكعبة ويجعلها بين يديه .
يعني يستقبل الشمال يصلي الجهة التي يصلي فيها الإمام إذا كان تحت المكبرية يعني بين الركنين بين الحجر الأسود والركن اليماني ، يستقبل جهة الشمال لأن بيت المقدس شمال مكة ولكنه يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس ، هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يجعل بيت المقدس قبلته ، أما الآن ولله الحمد والمنة فإي جهة يستقبلها المسلم من الكعبة فهي قبلة وهواء الكعبة كذلك قبلة إذا صليت في الدور الثاني أو الثالث هوائها قبلة ، أو كنت على جبل مستواك فوق الكعبة هواء الكعبة في أي جهة من الجهات كله قبلة ، يعني لا يشتط إنسان على نفسه الآن ويقول لا أصلي إلا في تلك الجهة مستقبلا الشمال لا ، هذا لما كانت القبلة إلى بيت المقدس.
قال وصلى إلى بيت المقدس أيضا بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا .
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة لازالت قبلته إلى بيت المقدس ولذلك أستقبلها ستة أو سبعة عشر شهرا حتى نزل عليه تحويل القبلة كما قال ربنا (( فول وجهك شطر المسجد الحرام )) وهذا في رجب بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أو سبعة عشر شهرا ، اسقبل صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعد هذا الكعبة .نعم.
هجرته صلى الله عليه وسلم
ثم هاجر إلى المدينة ومعه أبوبكر الصديق و رضي الله عنه ومولى أبي بكر ودليلهم عبدالله بن أريقط الليثي وهو كافر ولم يعرف له إسلام ، وأقام بالمدينة عشر سنين.
يعني بعد أن مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة أذن الله عز وجل له بالهجرة إلى المدينة ، هذه الرحلة المباركة التي ما رأت الدنيا أبرك منها والتي غير الله عز وجل بها التاريخ وأخرج الناس بها من الظلمات إلى النور ، تلك الهجرة التي كانت بسبب ذلك الوفد المبارك وفد الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم ، الذي قبل أن يهاجر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه على القبائل في مواسم الحج ، ويقول أي رجل يحملني إلى قومه لأبلغ رسالات ربي فإن قومي منعوني أن أبلغ رسالات ربي ، فشرف الله عز وجل الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم وقبلوا أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وعاهدوه أن يمنعوه مما يمنعوا منه أنفسهم وأبنائهم وأعراضهم وأموالهم فأذن الله للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة فأخبر الصحابة رضي الله عنهم بذلك وأذن لهم بذلك فخرج كثير من الصحابة رضي الله عنهم إلى المدينة النبيوية قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم استأذن أبوبكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم ليهاجر إلى المدينة فلم يأذن له وكأن النبي صلى الله عليه وسلم أرجأه لكي يتشرف بصحبته في تلك الرحلة المياركة ، الني قال الله عز وجل عنها ((إلا تنصروه فقد نصره الله )) وكان من نصر الله له وأن صحبه أبوبكر رضي الله عنه لذلك يقول الله عز وجل ((ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )) وهذا نوع ثال من أنواع المعية وهي خاصة الخاصة . لأن المعية ثلاثة أنواع معية عامة ، ومعية خاصة ، ومعية خاصة الخاصة ، إن الله معنا ، وفي هذا فضل وشرف لأبي بكر رضي الله عنه حيث بين أن الله عز وجل وصفه أولا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم بين أن الله اختصه بهذه المعية الخاسة وكان معه في هذه الرحلة المباركة مولى لأبي بكر وهو عامرة بن فهيرة رضي الله عنه وكان الدليل والخريت عبدالله بن اريقط كان كافرا ، وقد حاولت أن أبحث عن هذا الرجل الرجل هل أسلم ولا ما أسلم فرأيت أن بعض المؤرخين ذكروا له إسلاما ، بعد هذه الرحلة، قال هنا لم يعرف له إسلام في تلك الرحلة ، استأجروه وهو كافر مما يدل على جواز التعامل مع الكفار بيعا وشراءا و استأجارا التعامل معهم غير مولاتهم ومحبتهم ، غير مداهنتهم هذا التعامل معهم في مصلحة من مصالح الدنيا ، ذكر بعض المؤرخين أنه أسلم بعد هذه الرحلة ،لكني ما وجدت خبرا حاولت ، لأني قلت في نفسي ياسبحان الله رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة المباركة ورأى بعض المعجزات عيانا ، رأى بعينيه حفظ الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم وكيف سلم الله نبيه من كيد كفار مكة وخيلهم وكيف وصل إلى المدينة وكيف أنارت المدينة بمقدمه صلى الله عليه وسلم ، لابد أن يحصل له تأثر لكن ما رأيت خبرا ثابتا في إسلام هذا الرجل والله أعلم بحاله ، واستقبل النبي صلى الله عليه وسلم الإستقبال اللائق به وكان أهل المدينة يتباشرون بمقدمه صلى الله عليه وسلم وربما خرجوا إلى أن تشتد بهم الشمس ويرجعون إلى بيوتهم ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم فرحين بمقدمه حتى شرف الله المدينة وأهلها بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم عليهم و، وسكناه بالمدينة وانتشار هذا الدين المبارك فلم يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ولله الحمد والمنة ، ومن فضل وبركة هذه الهجرة أن الصحابة رضي الله عنهم جعلوها بداية للتأريخ الإسلامي ، فإن الصحابة رضي الله عنهم لما قامت الدولة المسلمة في أيام عمر رضي الله عنه واحتاجوا إلى التأريخ وكانوا قبل يؤرخون بالأهلة ، أفترقوا على أربعة أقوال فمن قائل نؤرخ بالمولد ، ومن قائل نؤرخ بالمبعث ، ومن قائل نؤرخ بالوفاة ، ومن قائل نؤرخ بالهجرة ، فأجمعوا رضي الله عنهم وأرضاهم بعد هذا على التأريخ بالهجرة ، فكانت هذه الرحلة المباركة بداية لقيام وانتشار وتأريخ الإسلام ، ومن بركات هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية أنها الدولة المسلمة الوحيدة التي تعتمد الهجرة النبوية تأريخا سنته في ذلك ينة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وللأسف الشديد جميع الدول الإسلامية اليوم تؤرخ بالتأريخ الأعجمية وشهوره الأعجمية ميلاد عيسى عليه السلام ، لا يؤرخون ولا يعتبرون الشهور القمرية والإسلام أحبيتي مرتبط بالشهور القمرية أكثر من ارتباطه بالشهور الشمسية ، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته والحج عندنا والصلاة والصيام كلها مرتبط حفظكم الله ، بخلاف الشمسية هذه تصلح للصيد ورعي الغنم والأمطار والزراعة والتجارة هذه الأشهر الشمسية يعرفها الفلاحون ، فنحمد الله ونشكر لدولتنا أنها تؤرخ بالشهور الشمسية نسأل الله أن يثبتها على ذلك ، وندعوا إخواننا أصحاب الشركات والمؤسسات الذين بدأوا يؤرخون بالتأريخ الميلادي وأن لا يسنوا في الإسلام سنة سيئة ، لأن من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وندعو المسلمين كذلك إلى العناية بالتأريخ الهجري ونشره به في بلادهم عل الله عز وجل أن يحي الناس أو أن يعودوا مرة أخرى إلى التأريخ بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن فقه الصحابة رضي الله عنهم اختيارهم الهجرة على المولد ، لأنهم خافوا إن أرخوا بالمولد أن يتخذ مولده عيدا ، فنغلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم كما غلا النصارى في عيسى عليه السلام ومن فقههم أنهم لم يختاروا يوم موته صلى الله عليه وسلم بداية للتأريخ لأن في هذا تجدد للأحزان ، وانظر الآن بعض المبتدعة الذين جعلوا موت بعض من يعظمون عيدا يجددون أحزانهم كل سنة ويبكون ويلطمون وينوحون فلو أننا جعلنا بداية التأريخ من موت النبي صلى الله عليه وسلم لتجددت الأحزان لدينا و لأصبحنا نبكي كل سنة متذكرين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فالشاهد أن هذه الرحلة المباركة وهي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، جعلها الصحابة رضي الله عنهم بداية للتأريخ الإسلامي .نعم.
قال وأقام بالمدينة عشر سنين ، وفاته صلى الله عليه وسلم ، توفي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وقيل خمس وستين وقيل ستين والأول أصح ،وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين حين اشتد الضحى لتنثي ليلة خات من ربيع الأول و، وقيل ليليلتين خلتا منه وقيل لأستهلال ربيع الأول .
مكث صلى الله عليه وسلم مجاهدا بنفسه وماله الليل والنهار في المدينة النبوية عشر سنين ، وقد حدث له صلى الله عليه وسلم فيا من أنواع البلاء مالا يطيقه إلا معصوم صلى الله عليه وسلم فقد حاربه قومه في بدر أقرب الناس إليه ، وأحد وحزب الأحزاب عليه في الخندق وهو صلى الله عليه وسلم صابر محتسب يقول كما قال نبي قبله اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون ، وحدث له فيها صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية من الأمور المتعلقة بالدعوة الإسلامية مايجب على كل داعية أن يتدبره وأن يجعله نصب عينيه من حسن تدبير وحسن عشرة ولين جانب ومراعاة لمصلحة الأمة وإثار لأصحابه عليه وصبر وحلم ورحمة ورأفة وشفقة بالأمة وخوف عليها ودعاء لله عز وجل آناء الليل و أطراف النهار أن يرحم أمته وأن يغفر لها وأن يحفظها في نفسها و مالها ودمائها الشيء العظيم ، وصدق الله عز وجل حيث يقول في وصفه (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) والمتدبر لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم يجزم أنه لن يأتي بعده أحد يستطيع ما استطاع النبي صلى الله عليه وسلم ولكن على المسلفم أن يجتهد ما استطاع ولاسيما من تولى أمر عامة المسلمين من ولاة أمر أو طلبة علم أو قضاة أو معلمين أو آمرين بالمعروف أو ناهين عن المنكر ، هذه العشر سنين حدث فيها العجب العجاب معاشر الأحبة ، كيف وقد قال الله عز وجل (( وإنك لعلى خلق عظيم )) عجائب منذ أن دخل المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة إلتفت فإذا أكبر أعداء على وجه الأرض أمامه صلى الله عليه وسلم اليهود والمنافقون ، لا يوجد على وجه الأرض أكبر عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والمنافقين ، ومع هذا رحمهم النبي صلى الله عليه وسلم وصبر عليهم وتألف قلوبهم وكان يزورهم في بيوتهم ، ويأكل طعامهم وكانوا يزورونه رجالا وأطفالا ونساءا ، كانوا يزورون النبي صلى الله عليه وسلم ، وربما امتحنوا النبي صلى الله عليه وسلم بأسئلة تعسفية كسؤالهم عن الروح وشؤالهم له عن ذي القرنين وسؤالهم له عن الجنين كيف يشبه أباه ، أو يشبه أمه، وربما جادلت نساء اليهود نساء النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور وفي بعض القضايا فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث رحمة للعالمين رحمة لليهود ورحمة للنصارى ورحمة للمجوس ورحمة للوثنيين ، فضلا عن أن يكون رحمة صلى الله عليه وسلم للمسلمين ، في مكة كان العدو واحد وهم كفار مكة أعراب وثنيون ، عداوتهم ظاهرة مافي تلون مافي كيد ولا مكر و لا خداع ، عينك عينك كاهن ساحر كاذب مجنون أتهموه صلى الله عليه وسلم ، وأرادوا قتله و ءاذوه في جسده . أما المدينة لا فيها أهل مكر وكيد ونفاق يهود ومنافقون ، فكان من حاله صلى الله عليه وسلم العجب العجاب حتى أنه صلى الله عليه وسلم كان يزور أطفالهم إذا مرضوا وكلنا يعرف قصة ذاك الغلام اليهودي الذي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل هو مريض ذهب يزوره ، غلام يهودي ذهب يزوره فلما رأه في الموت فقال ياغلام قل لا إله إلا الله ، فرفع الغلام رأسه يستشير أباه ، فقال أبوه أطع أباالقاسم ، فقال لا إله إلا الله فمات على الإسلام ففرح النبي صلى الله عليه وسلم وقال الحمد لله الذي أخرجه بي من النار ، انظر إلى حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم ، هالعشر سنين التي ذكرها الشيخ في سطر والله لو تكلمنا عليها عشر سنوات والله ما وفيناها حقها ، ولكن هذه بعض الإشارات حماكم الله من النار إلى بعض أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته وتراجعون تفاصيلها في كتب السيرة الصحيحة ، لتجعلوه صلى الله عليه وسلم إماما قدوة ، ثم بعد هذا فجع المسلمون بأكبر فاجعة مرت عليهم منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهي وفاته صلى الله عليه وسلم ، وقف رجل من الأعراب على النبي صلى الله عليه وسلم وقال يارسول الله والله إني لأحبك ولولا أني أتيك كل صباح لظننت أني سأموت ثم بكى هذا الرجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مايبكيك ، قال علمت أنك ستموت يارسول الله فتدخل الجنة وأنا إن دخلت الجنة كنت دونك ، فأنزل الله ((ومن يطع الله والرسول فاؤلئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين )) فقال النبي للرجل المرء مع من أحب ، هذه رواية الطبراني للحديث و أصله في البخاري ، وفيه أنس قال رضي الله عنه فوالله مافرحنا بعد الإسلام بمثل هذه الكلمة فأنا والله أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر وأرجو أن أكون معهم في الجنة وإن لم لأعمل بأعمالهم ولكن بحبي لهم ، ونحن والله نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر وعثمان وعلي وأنس وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وآله الطاهرين ونسأل الله أن يجعلنا معهم في الجنة بحبنا لهم ، وإن لم نعمل بأعمالهم . كان الصحابة يحبون النبي صلى الله عليه وسلم حبا شديدا وكانوا لا يصبرون عن رؤيته صلى الله عليه وسلم وكانوا لا يغيبون عن مجلسه إلا للضرورة ولا سيما الشيخان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما ، ولذلك كانصلى الله عليه وسلم يقول خرجت أنا وأبوبكر وعمر ودخلت أنا أبوبكر وعمر ، وكان ربما عرض لعمر رضي الله عنه حاجة فكان ينيب أخ له من الأنصار بينه وبينه شركة في زراعة ، ينيبه أن يحضر عنده يوما وفي زراعته يوما حتى لا يفوته شيء من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، و أنس رضي الله عنه لزم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين في مدينته ، بذلك كان من أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ، فبينما هم في هذه النعمة العظمى ، ونبيهم صلى الله عليه وسلم معهم ، إذ أصبحوا ونبيهم صلى الله عليه وسلم في الموت ، ففجعوا حتى طاشت عقولهم ، وحق لهم رضي الله عنهم وأرضاهم ، أن يفجعوا حتى إن المحدث الملهم الفاروق عمر رضي الله عنه قام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم رافعا سيفه يقول والله من يقول محمدا مات ضربته بهذا السيف ، وخرج بعضهم من المدينة واقفا في الطرقات لا يلوي على أحد ، يعني ما يدري أين يذهب ، منهم عثمان رضي الله عنه وكان الناس يمرون عليه ويسلمون عليه فلا يرد السلام ، مشغولا بهذه الفاجعة موت النبي صلى الله عليه وسلم .
أما موته صلى الله عليه وسلم فالثابت أنه يوم الإثنين من شهر ربيع الأول وأختلف المؤرخون فالمشهور أنه مات في الثاني عشر من ربيع الأول وقيل غير ذلك .نعم.
ودفن ليلة الإربعاء وقيل ليلة الثلاثاء وكانت مدة علته أثني عشر يوما وقيل أربعة عشر يوما ، وغسله علي بن أبي طالب وعمه العباس والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولياه وحضرهم أوس بن خول الأنصاري ، وكفن ثلاثة أثواب بيض سحولية من ثياب سحول بلدة في اليمن ليس فيها قميص ولا عمامة ، وصلى عليه المسلمون أفذاذا لم يؤمهم عليه أحد وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطى بها ، ودخل قبره العباس وعلي والفضل وقثم وشقران ، واطبق عليه تسع لبنات ودفن في الموضع الذي توفاه الله فيه حول فراشه وحفر له والحد في بيته الذي كان بيت عائشة ، ثم دفن معه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما .
مرض النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته أثني عشر يوما وقيل أربعة عشرة يوما ولما اشتد به مرضه صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن ليلته واستأذن زوجاته رضي الله عنهن أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فأذن له رضي الله عنهن وأرضاهن وذلك أن عائشة رضي الله عنها شابة قوية والرجل في حال مرضه يحتاج إلى من يقوم بشؤنه وكن أكثر نساء النبي صلى الله عليه وسلم كبيرات في السن ، والكبيرة لا تقم بما تقوم به الصغيرة ، إضافة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكرمها فهي شابة توفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمرها ثمانية عشر عاما فأراد أن يجبر خاطرها وأن يمرض في بيتها لتكون مدة بقائه عندها لأن لن تتزوج بعده صلى الله عليه وسلم فهي زوجته في الدنيا والآخرة رضي الله عنها وأرضاها ، وأكرمها الله عز وجل بأن توفي النبي صلى الله عليه وسلم على صدرها ، وشهدت رضي الله عنها شهادة حق أنه صلى الله عليه وسلم ماكتب كتابا لأحد بالخلافة ، ولو أرادت أن تكذب رضي الله عنها وتدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا لأبيها فالكاتب اخوها والخاتم عندها ن ولكنها الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها شهدت أن النبي صلى الله عليه وسلم مات على صدرها وما كتب كتابا لأحد ، وفي هذا ردا على الرافضة الذين زعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي رضي الله عنه وأرضاه .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال قبل يموت بخمس (( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) ثم وهو في سكرات الموت كان يجد من هذه السكرات شدة ، فقالت له عائشة رضي الله عنها إنك تجد شدة قال نعم لأني ((ربما قوله لأني أوعك كما يوعك الرجلان )) صلى الله عليه وسلم، وكانت عائشة تظن أن تخفيف السكرات كرامة للميت فلما رأت شدة سكرات الموت على النبي صلى الله عليه وسلم عرفت أن شدة السكرات كفارة للميت ، ففي الحديث تقول عائشة رضي الله عنها (( لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة على وجهه (خرقة) فإذا اغتم بها كشفها فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، يحذر مما صنعوا )تقول عائشة ذلك لأبرز قبره غلا أنه خشي أن يتخذ مسجدا ، انظر حفظك الله في آخر لحظات النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه القضية الخطيرة التي يفارق فيها المسلم دينه من التوحيد غلى الشرك ألا وهي اتخاذ القبور مساجد فيطوف عليها وينذر لها ويستغيث بها ويذبح عندها ،فالنبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعل هذا بالأنبياء فكيف بمن فعله بالأولياء أو الأئمة والصالحين ولذلك هذا ليس من دين الإسلام أبدا بل هذا من دين اليهود والنصارى ، أما المساجد إنما بنيت للصلاة (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه)) والسؤال الآن هذه المساجد المبنية على القبور يذكر فيها أسم الله أم يذكر فيها أسم هذا المقبور ، خذوا هذه التجربة روحوا شوفوا زوروا العالم الإسلامي من عشرة كيلو ينادون يابدوي ، من عشرة كيلو ..........أو يا عبدالقادر الجيلاني أو يا أحمد التيجاني أو ياحسين يأتون حبوا على الركب ، أما هذه قال (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه )) أما تلك مايذكر فيها اسمه مابنيت لله عز وجل إنما بنيت لاؤلئك الرجال ، ولذلك يسمونها مقام سيدي فلان وضريح سيدي فلان والله يا أحبتي مقام الإمام فلان ماهو مسجد مع أنهم زعموا أنها مساجد ، فتحذير النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد يدلنا على خطورة هذه القضية وأن من محبة النبي لأمته ورأفته بها ورحمته لها وحرصه عليها حذرها فب آخر آخر لحظات حياته ، مات صلوات ربي وسلامه عليه يوم الإثنين ضحا عند اشتداد النهار فحدث هرج ومرج حتى قال أنس رضي الله عنه أظلمت المدينة في عيوننا وحق لهم رضي الله عنهم وأرضاهم أن يفجعوا به صلوات ربي وسلامه عليه ، فتركه رضي الله عنهم لأنشغالهم بأنفسهم بقية يوم الإثنين ويوم الثلاثاء كاملا ودفن يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء في حجرة عائشة رضي الله عنها لأنه صلى الله عليه وسلم بين أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون ، فنهض بفراشه صلى الله عليه وسلم وفحفر في مكانه وألحد له ، ولم يرضى المسلمون أن يصلى عليه جماعة من شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم صلوا عليه أفذاذا صلى عليه الرجال وصلت عليه النساء وصلى عليه الأطفال ،كل يأتي يودع ويصلي يودع المصطفى صلى الله عليه وسلم ويصلي ث، ثم دفن صلوات ربي وسلامه عليه في حجرة عائشة وقبره معروف ، ويقول شيخ الإسلام رحمه الله رحمة واسعة لا يعرف قبر لنبي إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يعرف قبر لنبي محدد أن هذا قبر النبي فلان إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم . فإنه معروف في حجرة عائشة رضي الله عنها شرقي مسجده صلى الله عليه وسلم هذا المكان المعروف .
قال ودفن يوم الثلاثاء وكانت مدة عدته أثنا عشر يوما وقيل أربعة عشر يوما ، أما من تولى تغسيله فهم أولياؤه أعمامه وبني أعمامه وهذه عادة العرب وعادة المسلمين قديما وحديثا أن أولياء الرجل يتولون غسله ، فتشرف بغسل المصطفى صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أبن عمه و صهره رضي الله عنه وأرضاه وعمه العباس رضي الله عنه وأرضاه والفضل بن العباس أبن عم النبي صلى الله عليه وسلم ذاك الشاب الذي أردفه معه في حجة الوداع وقثم بن العباس يعني أبن عمه العباس رضي الله عنه ومولياه أسمة بن زيد لأن أسامة بن زيد هو أبن زيد بن ثابت مولى النبي صلى الله عليه وسلم وحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبن حبه وشقران كذلك مولى للنبي صلى الله عليه وسلم وحضرهم أوس بن خولي الأنصاري .
قال وكفن في ثلاثة أثواب يعني ، الثوب عند العرب يعني قطعة القماش التي لا تخاط ، ولذلك قال ليس فيها قميص ولا عمامة وقوله سحولية أو سحولية نسبة إلى بلد في اليمن يعني أنه قماش عادي ليس حرير ولا ديباج ولا قطن نوع فاخر وإنما قماش عادي ولكنه أبيض ، ومن السنة لبس البياض للأحياء وتكفين الأموات بالبياض هذا كله من الستة والسنة أن يكفن الرجل بثلاثة خرق غير مفصلة على جسده واحده تلف عليه كالإزار وواحده كالرداء وثالثة يربط بها جسده كله ، هذا حفظكم الله معنى أثواب يعني خرقة لم تفصل ليس فيها قميص ولا عمامة ، يعني لم تفصل على قدر جسده .نعم.
شرف الله عز وجل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بأن صحباه صلى الله عليه وسلم في قبره فما بين جسده الشريف وجسد أبي بكر رضي الله عنه إلا ذراع أو نحوه وما بين جسد النبي صلى الله عليه وسلم الشريف وجسد عمر رضي الله عنه إلا ذراعين أو نحوهما وفي هذا دليل حسي مثل الشمس على فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأن الله ارتضاهما لصحبة نبيه في الدنيا وصحبته في البرزخ وهذه مقدمات لصحبته في الجنة وقد فعل ، فهما معه صلى الله عليه وسلم في الجنة وفي هذا دليل مثل الشمس في الرد على الرافضة الطاعنين في أبي بكر وعمر ونسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياهم وأن يصلحنا وإياهم صراطه المستقيم ، لو كان االإنسان عنده ذره من عقل وينظر لهذا الشرف لعرف شرف أبي بكر وعمر و لا ما تجرأ أن يطعن فيهما ،لكن إنها لا تعمى الأبصار لكنها تعمى القلوب التي في الصدور ، ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله)) . نعم.
فصل في أولاده.
وله صلى الله عليه وسلم من البنين ثلاثة القاسم وبه كان يكنى ولد بمكة قبل النبوة ومات بها وهو ابن سنتين ، وقال قتادة عاش حتى مشى ، فعبدالله ويسمى الطيب والطاهر لأنه ولد في الإسلام وقيل إن الطاهر والطيب غيره والصحيح الأول .
يعني بعض العلماء يرى أن الطيب والطاهر أبنبن للنبي صلى الله عليه وسلم وعامة المؤرخين يقولون هما صفتان لعبدالله ، وعبدالله هذا من خديجة لكنه ولد بعد البعثة لذلك لقب بالطيب والطاهر والقاسم وعبدالله كلاهما من خديجة رضي الله عنها.
وإبراهيم عليه السلام ولد بالمدينة ومات بها سنة عشر وهو أبن سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر .
إبراهيم هذا من جاريته ماريا القبطية التي أهداها له المقوقس ملك مصر ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل مصر خيرا وقال إن لهم رحما وصهرا ، أما رحمهم فإن أم العرب هاجر رضي الله عنها أم اسماعيل كانت من مصر ، و أما كون لهم صهر فإن مارية القبطية فأم إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم كانت من مصر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم إن لهم رحما وصهرا. ولما مات إبراهيم بن النبي عليه السلام قال كسفت الشمس ، فقال بعض الناس إن الشمس قد إنكسفت لموت أبن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الشمس والقمر آياتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ثم ذهب إلى إبراهيم وقبله وضمه وبكى صلى الله عليه وسلم وقال إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع ولا نقول إلا مايرضي الرب وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم أو كلاما نحوه ولما مات أبنه ومات وهو في الرضاع ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن له ضئرين أي مرضعتين ترضعانه في الجنة ) لأنه مات قبل أن يكمل سن الرضاع سنتين وهذا من ابتلاء الله للنبي صلى الله عليه وسلم لأن أعظم ما يصاب الرجل به وفاة أبنائه لحياته وفي هذا زيادة أجر للمصطفى صلى الله عليه وسلم . نعم.
وقيل كان له أبن يقال له عبدالعزى وقد طهره الله عز وجل من ذلك وأعاذه منه .
يعني ما يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى بعض ولده عبدالعزى لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاهر مطهر مبرء من الشرك ، والتسمية بعبدالعزى من أنواع الشرك الأصغر ، لا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل .نعم.
البنات
زينب تزوجها أبوالعاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبدشمس وهو أبن خالتها وأمه هالة بنت خويلد .
طبعا تزوجها قبل الإسلام وقصته معروفة لما أراد أن يفدي نفسه .نعم.
ولدته عليا مات صغيرا وأمامة التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وبلغت حتى تزوجها علي بعد موت فاطمة .
يعني علي هذا يقال هو الذي لما طلبت زينب رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر وقت موته فحمله ونفس النبي تقعقع في صدره وبكى فقيل له تبكي ، قال نعم إنما يرحم الله من عباده الرحماء ، وقال لها إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى. نعم .
وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها علي بن أبي طالب ولدت له الحسن والحسين ومحسنا مات صغيرا وأم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب .
أم كلثوم هذه أبنة فاطمة من علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأرضاهما عمر وعلي رضي الله عنهما وأرضاهما بينهما صهر وكان علي رضي الله عنه يحب عمر حبا شديدا ولذلك زوجه ابنته وسمى بعض أبنائه بأسمه كما سيئاتي معنا أن علي رضي الله عنه سمى بعض أبنائه عمر وسمى بعض أبنائه أبا بكر وسمى بعض أبنائه عثمان وأبنه محمد بن الحنفية معروف ، فسمى بأسم النبي صلى الله عليه وسلم و خلفائه الراشدين الثلاثة وهذا دليل على علي رضي الله عنه يحب عمر رضي الله عنه ويرى فضله ويرى سابقته ولذلك زوجه أبنته ولذلك سمى بعض أبنائه بأسمه ، وعمر رضي الله عنه لم تكن له تلك الحاجة الماسة في النساء ، ولكن أراد أن يتصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بسبب وهذا السبب هو الصهر ، فهو الآن صهر النبي صلى الله عليه وسلم من جهتين ، فأمنا حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أبنت عمر ، وعمر رضي الله عنه تزوج أم كلثوم أبنت فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل هذا الشرف من شرف ، مابعد هذا الشرفمن شرف ، هنيئا له بما حبه الله عز وجل .نعم.
وأم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزينب تزوجها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، ورقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها عثمان بن عفان فماتت عنده .
هاجرت مع عثمان رضي الله عنه إلى الحبشة رقية رضي الله عنها صابرة محتسبة فارقت أباها المصطفى صلى الله عليه وسلم فرارا بدينها مع زوجها عثمان رضي الله عنه إلى الحبشة ثم لما ماتت زوجه النبي صلى الله عليه وسلم أختها أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم فماتت عنده ، ويقال إنه لم تجتمع بنتا نبي تحت رجل إلا عثمان رضي الله عنه ويلقب بذلك بذي النورين ، لأنه تزوج رقية وأم كلثوم بنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيئا له بهذا الشرف . نعم .
ثم تزوج أم كلثوم فماتت عنده وولدت رقية أبنا فسماه عبدالله وبه كان يكنى .
عبدالله يقال له عبدالله الأكبر لأنه عنده عبدالله آخر .
فالبنات أربع بلا خلاف والبنين ثلاث وأول من ولد له القاسم ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ثم في الإسلام عبدالله ثم إبراهيم بالمدينة.
وعبدالله هو الذي يلقب الطيب الطاهر .
وأولاده كلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية .
ولذلك لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على خديجة قال ورزقني الله منها ولد ، ولذلك هذه مسألة مهمة المرأة الصالحة الصادقة التي يرزقك الله منها ولد يجب على الرجل أن يكرمها لا يهينها ويذلها . هذه إمرأة جابت لك ذرية يحمل نسلك ونسبك ويعينونك على الدنيا ويدعون الله لك في الدنيا و أنت في قبرك ، تكرم هذه المرأة لأجل ولدها ، فالنبي إذا أثنى على خديجة رضي الله عنها كان يقول وكان لي منها ولد ، فالمرأة التي جابت لك ولد ورفعت إسمك وأحيت نسبك هذه ينبغي لك أن تكرمها زيادة لهذا الذي تعبت وكادت أن تموت وأنت فرحان بشروك بولد فرحان أبشر أبشر رحت شريت لك خروف ولا خروفين ، الله المستعان.
وكلهم ماتوا قبله إلا فاطمة عاشت بعده ستة أشهر
يعني كل أبناء النبي صلى الله عليه وسلم من الذكور والإناث ماتوا قبله وهذا من الإبتلاء ، الذي ابتلى الله به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم تعظيما لأجره يوم القيامة ، هذا كله من أنواع البلاء وصبر بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم على هذا البلاء حتى يكون صلى الله عليه وسلم في تلك المنزلة الرفيعة من الجنة .نعم .
فصل في حجه وعمره
روى همام بن يحي عن قتادة قال قلت لأنس كم حج النبي صلى الله عليه وسلم من حجة ؟ قال حجة واحدة واعتمر أربع عمرات ، عمرة النبي صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون عن البيت .
يعني الحديبية معروف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية معتمرا فصده المشركون عن البيت فتحلل صلى الله عليه وسلم وحلق ونحر ، وتحلل أصحابه رضي الله عنهم وقام ذلك الصلح العظيم الذي الله عز وجل فتحا وأنزل في صبيحة ذلك اليوم ((إنا فتحنا لك فتحا مبينا )) وأمن المسلمون على أنفسهم وتحالف النبي صلى الله عليه وسلم بعده مع كثير من قبائل العرب وأرسل رسله آمنين على أنفسهم إلى ملوك الحبشة وملوك اليمن وملوك البحرين وملوك العرب والعجم من فرس وروم يدعوهم فيها إلى الإسلام كل هذا ببركة هذا الصلح الذي ماكان يعجب كثيرا من الصحابة ، لكن الله عز وجل أعلم بما يصلح دينه سبحانه وتعالى فأنزل الله ((إنا فتحنا لك فتحا مبينا )) ودخل الناس في دين الله أفواجا أفواجا .نعم.
قال والعمرة الثانية حيث صالحوه من العام المقبل وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة .
يعني بعد خزوة حنين أحرم من الجعرانة .نعم
وعمرته مع حجته صحيح متفق عليه .
يعني في السنة العاشرة لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حج على الصحيح قارنا ، والقارن هو الذي يجمع الحج والعمرة في نسك واحد .نعم.
هذا بعد قدومه المدينة .
يعني هذا كله بعد الهجرة .نعم.
وأما ما حج بمكة و اعتمر فلم يحفظ ، والذي حج حجة الوداع ودع الناس فيها وقال عسى أن لا تروني بعد عامي هذا .
أما كونه صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل الهجرة أو قبل مبعثه فلم ينص أحد من المؤرخين على ذلك ولكن ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعظم البيت وكان يطوف بالبيت كثيرا كان يطوف صلى الله عليه وسلم بالبيت كثيرا ، قبل البعثة وقبل الهجرة بعد البعثة ، وكان صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في مواسم الحج على القبائل فربما حج النبي صلى الله عليه وسلم بل جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي يوم عرفة بعرفة ، مخالفا في هذا هدي قريش لأن قريش ابتدعوا في الحج فأسقطوا عرفة عن القرشيين وقالوا أنتم الحبس أهل الحرم لا تخرجوا في الحج من الحرم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مخالفا في هذا هدي المشركين إلى عرفة فلعله صلى الله عليه وسلم حج ، أما بعد هجرته فما حج صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ، لأن مكة فتحت في العام الثامن وفي العام التاسع كان أمير الحاج أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه ، حج هو صلى الله عليه وسلم حجة الوداع تلك الحجة المباركة التي حضرها قرابة المائة ألف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتي ودع النبي صلى الله عليه وسلم فيها أصحابه في تلك الخطب المباركة التي قال فيها لعلي لا ألقاكم بعج عامي هذا وسألهم هل بلعت قالوا اللهم نعم فرفع يده ينكثها عليهم الله أشهد اللهم أشهد ، وقال لا تجعوا بعجي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وقال صلى الله عليه وسلم كذلك إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حراما كحرمة يومك هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، فالحقيقة إن هذه الخطب المباركة منهج حياة ينبغي للمسلم أن يراجعها وأن يعتني بها . نعم .
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين ، قال المصنف رحمه الله فصل في غزواته صلى الله عليه وسلم .
فصل في غزواته صلى الله عليه وسلم .
غزى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه خمس وعشرين غزوة هذا هو المشهور قاله محمد بن اسحاق وأبو معشر وموسى بن عقبة وغيرهم ، و قيل سبعا وعشرين , والبعوث والسرايا خمسون أو نحوها ولم يقاتل إلا في تسع ، بدر وأحد والخندق وبني قريضة و المصطلق وخيبر وفتح مكة وحنين والطائف وقد قيل أنه قد قاتل في وادي القرى وفي الغابة و بني النضير .
هذه غزوات النبي صلى الله عليه وسلم التي خرج بنفسه فيها وقد اختلف المؤرخون في حصرها وكلها انطلقت من المدينة النبوية لأن الإذن بالقتال جاء بعد الإذن بالهجرة ، أو قبله بقليل إذانا من الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة النبوية فهذه العشر سنين غزا فيها النبي صلى الله عليه وسلم إحى وعشرين غزوة ، وقيل خمس وعشرين غزوة وقيل سبع وعشرين غزوة ، ومرد الإختلاف إلى أمور منها أن بعض الغزوات تتبعها غزوة في نفس السفرة الواحدة فسماها بعض المؤرخين غزوة ،وفصل بينهما بعض المؤرخين فلذلك زاد العدد ونقص ، ولبعض الغزوات أسمين ولذلك حفظكم الله ظن بعض المؤرخين أنهما غزوتين مستقلتين ، والغزوات الكبار التي شهدها النبي صلى الله عليه وسلم هذه التسع التي ذكرها المصنف رحمه الله وأولها بدر ثم أحد ثم الخندق وكان المقابل له في هذه الغزوات الثلاث أبناء عمومته من قريش نسوا القبلية والعصبية القبلية والرحم التي بينهم وبينه وحسدوه صلى الله عليه وسلم وأرادوا القضاء عليه وعلى دعوته ، ولكن كما وعد الله وكما جعل ذلك سنة في أنبيائه والعاقبة للمتقين ، ثم تلا هذا حفظكم الله غزوة بني قريضة المصطلق وخيبر و بني النظير كلها مع اليهود ثم فتح مكة أيضا مع أبناءه ولم يلقى حربا صلى الله عليه وسلم وإن دخلها وعلى رأسه المغفر ثم حنين والطائف وهكذا حفظكم الله أتم الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم دينه بالقرءان والسنان فمن لم يدع أذى النبي صلى الله عليه وسلم و يدخل هذا الدين بالقرءان ترك أذاه ودخل هذا الدين بالسنان . وهذه سنة الله عز وجل في أنبيائه ورسله ، وقد مر معنا أن من أسمائه صلى الله عليه وسلم نبي الملحمة لكنه صلى الله عليه وسلم في غزواته كلها ما ظلم أحدا وما انتقم من أحد وكان يعفو وكان يقول أغزوا بسم الله ولله وعلى بركة الله ، أغزوا من كفر بالله وكان ينهى عن المثلى ، وقول إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، ولما فتح مكة دخلها متواضعا متخشعا يكاد يضرب رحله رأسه من توضعه صلى الله عليه وسلم ، وهو منتصر بعد أن أخرج منها ، فجاءه أهلها يهرعون قالوا ماتظنون أني فاعل بكم ، قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ، فاذهبوا فأنتم الطلقاء صلى الله عليه وسلم ، وهذه والله مايستطيعوها الرجل حتى مع ابناءه من صلبه ، والله الذي لا إله إلا غيره هذه الرحمة مايستطيعها الرجل العادي حتى مع أبناءه من صلبه فإن أحدنا يعني يضرب أبنه من صلبه كما يضرب الفحل الشموس نسأل الله العافية ولا يمكن أن يعفو إن أخطأ أبنه عليه أضاع ريالا أو ريالين ، لكن انظر أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم أذوه وقتلوا أصحابه ومثلوا بعمه وأتوه في بلد مهاجره يحاربون الله ورسوله واتهموه وفعلوا ما فعلوا ، فعفى وقال اذهبوا فأنتم الطلقاء ، بأبي هو و أمي صلى الله عليه وسلم .نعم ,.
فصل في كتابه ورسله .
كتابه يعني الذين يكتبون بين يديه لأنه كان أميا ، يعني لا يكتب وهذه من معجزاته صلى الله عليه وسلم والأمية في حقه صلى الله عليه وسلم كمال ، والأمية لا تستلزم الجهل الجهل ضد العلم و الأمية ضد الكتابة ، من معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه أمي ويحفظ هذا القرءان العظيم الذي أنزل عليه فإذا كان أميا فمستجيل أن يأخذه من غيره إلا بالتلقي عن طريق الوحي من طريق جبريل عليه السلام فليتنبه لهذا حفظكم الله ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب لذلك قال في أول لقاء له مع جبريل ما أنا بقاريء بخلاف الجهل ، أما الأمية الآن في هذا الزمان فهي قرينة للجهل فلا تكاد تجد أميا إلا جاهلا ، هذا حطأ ، أما الأمية في حقه صلى الله عليه وسلم فهو كمال و هو أعلم الدنيا بالعلم صلى الله عليه وسلم قال أنا أعلمكم وأتقاكم وأخشاكم لله ،صلى الله عليه وسلم فاتخذ كتابا يكتبون القرءان إذا نزل من عند جبريل يقرأه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فيعقله ويفقهه ويحفظه ثم يلقيه على هؤلاء الكتاب فيكتبون أو يحتاج أن يكتب رسالة إلى حد فيكتب له هؤلاء الكتاب رضي الله عنهم وأرضاهم نعم.
كتب له صلى الله عليه وسلم أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعامر بن فهيرة وعبدالله بن الأرقم الزهري وأبي بن كعب وثابت بن قيس بن شماس وخالد بن سعيد بن العاص وحنظلة بن الربيع الأسدي وزيد بن ثابت و معاوية بن أبي سفيان وشرحيل بن حسنة وكان معاوية ابن أبي سفيان وزيد بن أبي ثابت ألزمهم لذلك وأخصهم به.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن أمية هؤلاء رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيوخ القبائل و ملوك البلاد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسلا بكتب إلى شيوخ القبائل في الجزيرة العربية وإلى أمراء المناطق وملوك البلاد يدعوهم فيها إلى الإسلام .من هؤلاء الرسل هؤلاء الذين هذه أسمائهم .نعم.
عمر بن أمية الضمري رسولا إلى النجاشي وأسمه أصحمة ومعناه عطية فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه على عينيه ونزل عن سريره فجلس على الأرض وأسلم وحسن إسلامه ، إلا أن إسلامه كان عند حضور جعفر بن أبي طالب وأصحابه وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه يوم مات وروي أنه لا يزال يرى النور على قبره ،
يعني يقال أنهما رجلان والعلم عند الله عز وجل النجاشي الأول الذي أسلم لما هاجر الصحابة إليه الهجرة الأولى إلى الحبشة وهو الذي زوجه أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها ، فأصلح من شأنها وأمهرها أربعة الاف درهم أو نحو ذلك هذا نجاشي بعده جاء أيضا أرسل له النبي صلى الله عليه وسلم هذا عبدالله الضمري بهذا الكتاب يقال أنه أسلم أو أراد أ، يسلم والله أعلم .
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحي بن خليفة الكلبي
دحية بن خليفة الكلبي مشهور لأن جبريل عليه السلام كان كثيرا ما يتمثل بصورته ، لأن جبريل قد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بصورة رجل وهو دحية بن خليفة الكلبي . نعم .
إلى قيصر ملك الروم وأسمه هرقل فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنده صحة نبوته فهم بالإسلام فلم توافقه الروم فخاف على ملكه .
لأنه كان نصرانيا وكان عنده علم ويقال كانت عنده كتب فيها وصف للنبي صلى الله عليه وسلم فعرف من كلام هذا الرجل صفة النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يسلم ولكن منعه علماءه ورؤساء جنده منعوه من الإسلام فخاف على ملكه ، وفي هذا دليل على أن رئيس الدولة لايستطيع أن يغير شيء لا خير ولا شر إذا لم يكن له أعوان لا يستطيع أن يغير الشر إلى خير إذا لم يكن له أعوان من الناس ولا يستطيع أن يغير الخير إلى شر إذا لم يكن له أعوان ، فهذا هرقل تحقق من صدق النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يسلم فهاج عليه جيشه وعلماءه و أحباره وقال لا لا لا إنما أردت أن أمتحنكم فنرك الإسلام خوفا على ملكه . نعم .
قال فخافهم على ملكه فأمسك ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن حذافة السهمي إلى كسرا ملك فارس فمزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم
كسرا ملك فارس مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه وثني والوثنيون أمة متكبرة كما قال ربنا (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا )) بخلاف النصارى ملك الروم ما مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ملك الفرس لأنه وثني متكبر نعم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم مزق الله ملكه فمزق الله ملكه وملك قومه .
نعم والحديث صحيح في البخاري وغيره نعم.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر وقال خيرا وقارب الأمر ولم يسلم
وهو من أهل الكتاب أيضا وهو أيضا من أهل الكتاب . نعم
فأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية .
مارية أم إبراهيم سارية النبي صلى الله عليه وسلم
وأختها سيرين فوهبها لحسان بن ثابت فولدت له عبدالرحمن بن حسان ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ملكي عمان جيفر وعبد بن الجلندي وهما من الأزد .و الملك جيفر
الملك جيفر هم أخوان أثنين جيفر وعبد الملك من فيهم الملك جيفر كان له ابنين الجلندي جيفر وعبد وعمان كانت تسمى جلفار الآن وهذا قديما كانت تسمى ايش تسمى جلفار عمان والمناطق التي حولها والملك فيهم اسمه جيفر نعم.
فأسلما وصدقا وخليا بين عمر وبين الصدقة والحكم فيما بينهم والقضاء ، فلم يزل عندهم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو بن العامري إلى اليمامة إلى هوزة بن علي الحنفي فأكرمه وأنزله وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ماتدعوا إليه وأجمله وأنا خطيب قومي وشاعرهم فاجعل لي بعض الأمر فأبى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم ومات زمن الفتح وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن شمر الغساني ملك البلقاء من أرض الشام قال شجاع فانتهيت
يعني هذول الغساسنة كانوا يعني مثل الخط الفاصل بين الجزيرة العربية وملوك الروم ، كما كان المناذرة الخط الفاصل بين الجزيرة العربية وملوك الفرس فكانوا يؤدبون القبائل العربية بسم الدولة الفارسية أو بسم الدولة الرومية فلما بلغه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يحارب يظنه كبقية القبائل الخارجة عن طاعة قيصر أو عن طاعة كسرى لكن هرقل كان أعقل منه فمنعه هرقل من غزو النبي صلى الله عليه وسلم .نعم .
قال شجاع فأنتهيت إليه وهو بغوطة دمشق فقرأ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم رمى به وقال إني سائر إليه وعزم على ذلك فمنعه قيصر.
ملك الروم لأنه كان تابعا له الغساسنة والمناذرة تابعين للفرس وللروم نعم.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجربن أبي أمية المخزومي إلى الحارث الحميري أحد مقاولة اليمن وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا القاول والأقيان أسم لأسماء ملوك اليمن يسمونهم الأقيان أو المقاولة من أسماء ملوك اليمن مثل قيصر وكسرى.
قال وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلا بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي العبدي ملك البحرين وكتب إليه كتابا يدعوه إلى الإسلام فأسلم وصدق ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أباموسى الأشعري ومعاذ بن جبل الأنصاري رضي الله عنهما إلى جملة اليمن (( يعني إلى عامة اليمن )) داعيين إلى الإسلام فأسلم عامة أهل اليمن وملوكهم طوعا من غير قتال
نعم رضي الله عنهم وأرضاهم أهل اليمن عامة أسلموا ودخلوا في دين الله عز وجل دون قتال ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الإيمان يماني والحكمة يمانية ويصفهم رضي الله عنهم بطيب القلوب ونحو ذلك من الصفات المباركة نعم .
فصل في أعمامه وعماته
أعمامه يعني إخوان أبيه وأخوات أبيه وإخوان أبيه وأخوات أبيه كثيرون لكن ما أدرك الإسلام منهم إلا القليل وما أسلم منهم كذلك إلا القليل لأن الله عز وجل يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، نسأل الله عز وجل لأن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم نعم.
وكان له صلى الله عليه وسلم من العمومة أحدى عشر منهم الحارث وهو أكبر ولد عبد المطلب وبه كان يكنى ومن ولده وولد ولده جماعة لهم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقثم هلك صغيرا وهوأخو الحارث لأمه ، الزبير بن عبدالمطلب وكان من أشراف قريش وابنه عبدالله بن الزبير شهد
هذا عبدالله بن الزبير غير عبدالله بن الزبير بن العوام هذا عبدالله بن الزبير بن عبدالمطلب أبن عم النبي صلى الله عليه وسلم أما ذاك عبدالله بن الزبير أبن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وأبوه الزبير بن العوام أبن عمة النبي صلى الله عليه وسلم صفية حواري النبي صلى الله عليه وسلم فاتفقا في الأسم واحد ولد عمه وواحد ولد عمته كلهم أسمهم الزبير نعم.
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنين وثبت يوم إذ واستشهد بأجنادين وروي أنه وجد إلى جنب سبعة قد قتلهم وقد قتلوه وضباعة بنت الزبير لها صحبة وأم الحكم بنت الزبير روت عن النبي صلى الله عليه وسلم
هذا كله مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولكن أتأنى بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله )انظر أباءهم ماتوا على الكفر وأبناءهم صحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يخرج الحي من الميت لو أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على أهل مكة فأهلكهم وماتوا صغارا وكبارا ورجالا ونساءا لما خرج هؤلاء الأصحاب رضي الله عنهم وأرضاهم ولكن صدق تأنى بهم صلى الله عليه وسلم فخرج هؤلاء الصحابة شوفوا أباءهم ماتوا على الكفر وهم أصحاب للنبي وهم ناصروه صلى الله عليه وسلم ودعوا لهذا الدين وجاهدوا فيه .
وحمزة بن عبدالمطلب ااسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة
رضع من ثويبة جارية أبي لهب
وأسلم قديما وهاجر إلى المدينة وشهد بدر وقتل يوم أحد شهيدا ولم يكن له إلا أبنة
أبنة واحدة عرضها عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فاعتذر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أبنة أخيه من الرضاعة وقال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فحمزة عمه وأخوه كذلك من الرضاعة فبنات عمه لا يجوز له أن ينكحهن لأنهن بنات أخيه من الرضاعة .
وأبوالفضل العباس بن عبدالمطلب أسلم عام الفتح وحسن أسلامه وهاجر إلى المدينة.
يقال إنه أسلم في مكة قديما ولكنه كتم إسلامه رضي الله عنه وكان ينصر النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا في السر والعلن وكان يخاف عليه حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب في مواسم الحج فكان يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان يؤكد بيعة القبائل له يؤكد بيعة القبائل للنبي صلى الله عليه وسلم .
وهاجر إلى المدينة وكان أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين وكان له عشرة من الذكور الفضل وعبدالله وقثم وله صحبة
الدولة كلها تنسب إليه هذا العباس رضي الله عنه ذلك الرجل الصالح الذي كان يستسقي به عمر رضي الله عنه ويقول كنا إذا قحطنا نستسقي برسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم نستسقي بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ياعباس ادعو الله لنا فيقوم العباس ويدعو الله هذا الرجل الصالح بارك الله عز وجل في ذريته فقامت دولة مسلمة أسمها الدولة العباسية تنسب إليه حكمت العالم الإسلامي أكثر من أربعمائة سنة الدولة العباسية كلهم ينسبون غليه رضي الله عنه وأرضاه .
قال ومات سنة أثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان بالمدينة ولم يسلم من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم إلا العباس وحمزة .
لأنه ما أدرك النبي صلى الله عليه وسلم إلا أربعة من أعمامه أدركه أبو لهب وأدركه أبوطالب ولم يسلما وأدركه العباس وأدركه حمزة وأسلما رضي الله عنهما و أرضاهما.
و صلى الله وسلم على نبينا محمد
------------------------------------------------------------------
تعليق