خالد بن الوليد (1)
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي أبو سليمان المخزومي سيف الله احد الشجعان المشهورين لم يقهر في جاهلية ولا إسلام وأمه عصماء بنت الحارث أخت لبابة بنت الحارث وأخت ميمونة بنت الحارث ام المؤمنين قال الواقدي أسلم أول يوم من صفر سنة ثمان وشهد مؤتة وانتهت إليه الإمارة يومئذ من غير إمرة فقاتل يومئذ قتالا شديدا لم ير مثله اندقت في يده تسعة أسياف ولم تثبت في يده إلا صفيحة يمانية وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحه فأصيب ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه
طريق اسلامه
قال الواقدي حدثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت أبي يحدث عن خالد بن الوليد قال لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضرني رشدي فقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس في موطن أشهده إلا انصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا سيظهر فلما خرج رسول الله إلى الحديبية خرجت في خيل من المشركين فلقيت رسول الله في أصحابه بعسفان فقمت بإزائه
وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا وكانت فيه خيرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف فوقع ذلك منا موقعا وقلت الرجل ممنوع فاعتز لنا وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسي أي شيء بقي أين أذهب إلى النجاشي فقد اتبع محمد وأصحابه عنده آمنون فاخرج إلى هرقل فأخرج من ديني الى نصرانية أو يهودية فأقيم في عجم فأقيم في داري بمن بقي فانا في ذلك إذ دخل رسول الله مكة في عمرة القضية فتغيبت ولم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقل : عقلك ومثل الإسلام جهله أحد وقد سألني رسول الله عنك وقال أين خالد فقلت يأتي الله به فقال مثله جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرا له ولقدمناه على غيره فاستدرك يا أخي ما قد فاتك [ من ] مواطن صالحة قال فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرني سؤال رسول الله عني وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة مجدبة فخرجت في بلاد خضراء واسعة فقلت إن هذه لرؤيا فلما أن قدمت المدينة قلت لأذكرن لأبى بكر فقال مخرجك الذي هداك الله للإسلام والضيق الذي كنت فيه من الشرك قال فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله قلت من أصاحب إلى رسول الله فلقيت صفوان بن أمية فقلت يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن كأضراس وقد ظهر محمد على العرب والعجم فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف فأبى اشد الإباء فقال لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا فافترقنا وقلت هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية قلت فاكتم علي ما قال لا أذكره فخرجت إلى منزلي فأمرت براحلتي فخرجت بها إلى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت إن هذا لي صديق فلو ذكرت له ما أرجو ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أن أذكره ثم قلت وما علي وأنا راحل من ساعتي فذكرت له ما صار الأمر إليه فقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج وقلت له نحوا مما قلت لصاحبي فأسرع الإجابة وقلت له إني غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو وهذه راحلتي بفج مناخه قال فاتعدت أنا وهو يأجج إن سبقني أقام وإن سبقته أقمت عليه قال فأدلجنا سحرا فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها قال مرحبا بالقوم فقلنا وبك فقال إلى أين مسيركم فقلنا وما أخرجك فقال وما أخرجكم قلنا الدخول في الإسلام واتباع محمد قال وذاك الذي أقدمني فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فاخبر بنا رسول الله فسر بنا فلبست من صالح ثيابي ثم عمدت إلى رسول الله فلقيني أخي فقال أسرع فان رسول الله قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم فأسرعنا المشي فاطلعت عليه فما زال يتبسم إلي حتى وقفت عليه فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق فقلت إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال تعال ثم قال رسول الله الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير قلت يا رسول الله إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معاندا للحق فادعوا الله أن يغفرها لي فقال رسول الله الإسلام يجب ما كان قبله قلت يا رسول الله على ذلك قال اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله قال خالد وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله قال وكان قدومنا في صفر سنة ثمان قال والله ما كان رسول الله يعدل بي أحدا من أصحابه فيما حز به
فضله
وقد روينا في مسند احمد من طريق الوليد بن مسلم عن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي بن حرب عن أبي بكر الصديق انه لما أمر خالدا على حرب أهل الردة قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول فنعم عبد الله واخو العشيرة خالد بن الوليد خالد بن الوليد سيف من سيوف الله
سله الله على الكفار والمنافقين
وفاته
قال الواقدي رحمه الله ومحمد بن سعيد وغير واحد مات سنة إحدى وعشرين بقرية على ميل من حمص وأوصى الى عمر بن الخطاب وقال دحيم وغيره مات بالمدينة والصحيح الأول وقال عبد الله بن المبارك عن حماد بن زيد حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل ثم شك حماد في أبي وائل قال ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس والسماء تهلني تمطر إلى الصبح حتى نغير على الكفار ثم قال إذا أنامت فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله فلما توفي خرج عمر على جنازته فذكر قوله ما على آل نساء الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة
قال ابن المختار النقع التراب على الرأس واللقلقة الصوت وقد علق البخاري في صحيحه بعض هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الترجمة من كتاب البداية والنهابة للحافظ ابن كثير -رحمه الله- بتصرف
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي أبو سليمان المخزومي سيف الله احد الشجعان المشهورين لم يقهر في جاهلية ولا إسلام وأمه عصماء بنت الحارث أخت لبابة بنت الحارث وأخت ميمونة بنت الحارث ام المؤمنين قال الواقدي أسلم أول يوم من صفر سنة ثمان وشهد مؤتة وانتهت إليه الإمارة يومئذ من غير إمرة فقاتل يومئذ قتالا شديدا لم ير مثله اندقت في يده تسعة أسياف ولم تثبت في يده إلا صفيحة يمانية وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحه فأصيب ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه
طريق اسلامه
قال الواقدي حدثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت أبي يحدث عن خالد بن الوليد قال لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضرني رشدي فقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس في موطن أشهده إلا انصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا سيظهر فلما خرج رسول الله إلى الحديبية خرجت في خيل من المشركين فلقيت رسول الله في أصحابه بعسفان فقمت بإزائه
وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا وكانت فيه خيرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف فوقع ذلك منا موقعا وقلت الرجل ممنوع فاعتز لنا وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسي أي شيء بقي أين أذهب إلى النجاشي فقد اتبع محمد وأصحابه عنده آمنون فاخرج إلى هرقل فأخرج من ديني الى نصرانية أو يهودية فأقيم في عجم فأقيم في داري بمن بقي فانا في ذلك إذ دخل رسول الله مكة في عمرة القضية فتغيبت ولم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقل : عقلك ومثل الإسلام جهله أحد وقد سألني رسول الله عنك وقال أين خالد فقلت يأتي الله به فقال مثله جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرا له ولقدمناه على غيره فاستدرك يا أخي ما قد فاتك [ من ] مواطن صالحة قال فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرني سؤال رسول الله عني وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة مجدبة فخرجت في بلاد خضراء واسعة فقلت إن هذه لرؤيا فلما أن قدمت المدينة قلت لأذكرن لأبى بكر فقال مخرجك الذي هداك الله للإسلام والضيق الذي كنت فيه من الشرك قال فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله قلت من أصاحب إلى رسول الله فلقيت صفوان بن أمية فقلت يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن كأضراس وقد ظهر محمد على العرب والعجم فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف فأبى اشد الإباء فقال لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا فافترقنا وقلت هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية قلت فاكتم علي ما قال لا أذكره فخرجت إلى منزلي فأمرت براحلتي فخرجت بها إلى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت إن هذا لي صديق فلو ذكرت له ما أرجو ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أن أذكره ثم قلت وما علي وأنا راحل من ساعتي فذكرت له ما صار الأمر إليه فقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج وقلت له نحوا مما قلت لصاحبي فأسرع الإجابة وقلت له إني غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو وهذه راحلتي بفج مناخه قال فاتعدت أنا وهو يأجج إن سبقني أقام وإن سبقته أقمت عليه قال فأدلجنا سحرا فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها قال مرحبا بالقوم فقلنا وبك فقال إلى أين مسيركم فقلنا وما أخرجك فقال وما أخرجكم قلنا الدخول في الإسلام واتباع محمد قال وذاك الذي أقدمني فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فاخبر بنا رسول الله فسر بنا فلبست من صالح ثيابي ثم عمدت إلى رسول الله فلقيني أخي فقال أسرع فان رسول الله قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم فأسرعنا المشي فاطلعت عليه فما زال يتبسم إلي حتى وقفت عليه فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق فقلت إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال تعال ثم قال رسول الله الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير قلت يا رسول الله إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معاندا للحق فادعوا الله أن يغفرها لي فقال رسول الله الإسلام يجب ما كان قبله قلت يا رسول الله على ذلك قال اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله قال خالد وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله قال وكان قدومنا في صفر سنة ثمان قال والله ما كان رسول الله يعدل بي أحدا من أصحابه فيما حز به
فضله
وقد روينا في مسند احمد من طريق الوليد بن مسلم عن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي بن حرب عن أبي بكر الصديق انه لما أمر خالدا على حرب أهل الردة قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول فنعم عبد الله واخو العشيرة خالد بن الوليد خالد بن الوليد سيف من سيوف الله
سله الله على الكفار والمنافقين
وفاته
قال الواقدي رحمه الله ومحمد بن سعيد وغير واحد مات سنة إحدى وعشرين بقرية على ميل من حمص وأوصى الى عمر بن الخطاب وقال دحيم وغيره مات بالمدينة والصحيح الأول وقال عبد الله بن المبارك عن حماد بن زيد حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل ثم شك حماد في أبي وائل قال ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس والسماء تهلني تمطر إلى الصبح حتى نغير على الكفار ثم قال إذا أنامت فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله فلما توفي خرج عمر على جنازته فذكر قوله ما على آل نساء الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة
قال ابن المختار النقع التراب على الرأس واللقلقة الصوت وقد علق البخاري في صحيحه بعض هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الترجمة من كتاب البداية والنهابة للحافظ ابن كثير -رحمه الله- بتصرف
تعليق