و قال عند ترجممة موسى بن نصير
وقال له سليمان يوما : ما كنت تفزع إليه عند الحرب ؟ قال : الدعاء والصبر . قال : فأي الخيل رأيت أصبر ؟ قال : الشقر . قال : فأي الأمم أشد قتالا ؟ قال : هم أكثر من أن أصف . قال : فأخبرني عن الروم . قال : أسد في حصونهم ، عقبان على خيولهم ، نساء في مراكبهم ، إن رأوا فرصة انتهزوها ، وإن رأوا غلبة فأوعال تذهب في الجبال ، لا يرون الهزيمة عارا .
قال : فالبربر ؟ قال : هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرا وفروسية ; غير أنهم أغدر الناس . قال : فأهل الأندلس ؟ قال : ملوك مترفون ، وفرسان لا يجبنون . قال : فالفرنج ؟ قال : هناك العدد والجلد ، والشدة والبأس . قال : فكيف كانت الحرب بينك وبينهم ؟ قال : أما هذا فوالله ما هزمت لي راية قط ، ولا بدد لي جمع ، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين ، ولقد بعثت إلى الوليد بتور زبرجد ، كان يجعل فيه اللبن حتى ترى فيه الشعرة البيضاء . ثم أخذ يعدد ما أصاب من الجوهر والزبرجد حتى تحير سليمان .
و قال عند ترجممة ميمون بن مهران
وروى إسماعيل بن عبيد الله ، عن ميمون بن مهران قال : كنت أفضل عليا على عثمان ، فقال لي عمر بن عبد العزيز : أيهما أحب إليك ، رجل أسرع في الدماء ، أو رجل أسرع في المال ، فرجعت وقلت : لا أعود . وقال : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فلما قمت ، قال : إذا ذهب هذا وضرباؤه ، صار الناس بعد رجراجة .
قال أحمد العجلي والنسائي : ميمون ثقة . زاد أحمد : كان يحمل على علي -رضي الله عنه- قلت : لم يثبت عنه حمل ، إنما كان يفضل عثمان عليه ، وهذا حق .
عن حبيب بن أبي مرزوق : قال ميمون : وددت أن إحدى عيني ذهبت ، وأني لم أل عملا قط ، لا خير في العمل لعمر بن عبد العزيز ، ولا لغيره .
قلت : كان ولي خراج الجزيرة ، وقضاءها ، وكان من العابدين .
قلت : كان ولي خراج الجزيرة ، وقضاءها ، وكان من العابدين .
وروى حبيب بن أبي مرزوق ، عن ميمون : وددت أن عيني ذهبت ، وبقيت الأخرى أتمتع بها ، وأني لم أل عملا قط ، قلت له : ولا لعمر بن عبد العزيز ؟ قال : لا لعمر ولا لغيره .
يعلى بن عبيد : حدثنا هارون البربري ، قال : كتب ميمون بن مهران إلى عمر بن عبد العزيز : إني شيخ رقيق ، كلفتني أن أقضي بين الناس ، وكان علي الخراج والقضاء بالجزيرة ، فكتب إليه : إني لم أكلفك ما يعنيك ، اجب الطيب من الخراج ، واقض بما استبان لك ، فإذا لبس عليك شيء ، فارفعه إلي ، فإن الناس لو كان إذا كبر عليهم أمر تركوه ، لم يقم دين ولا دنيا .
روى أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران قال : لا تجالسوا أهل القدر ، ولا تسبوا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا تعلموا النجوم .
بقية بن الوليد : أخبرنا عبد الملك بن أبي النعمان الجزري ، عن ميمون بن مهران قال : خاصمه رجل في الإرجاء فبينما هما على ذلك إذ سمعا امرأة تغني ، فقال ميمون : أين إيمان هذه من إيمان مريم بنت عمران ، فانصرف الرجل ولم يرد عليه .
أبو المليح ، عن فرات بن السائب قال : كنت في مسجد ملطية فتذاكرنا هذه الأهواء ، فانصرفت فنمت ، فسمعت هاتفا يهتف : الطريق مع ميمون بن مهران .
جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران قال : لا يكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه ، وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه .
أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الله بن ميمون ، عن الحسن بن حبيب قال : رأيت على ميمون جبة صوف تحت ثيابه ، فقلت له : ما هذا ؟ قال : نعم ، فلا تخبر به أحدا .
وقال جامع بن أبي راشد : سمعت ميمون بن مهران يقول : ثلاثة تؤدى إلى البر والفاجر : الأمانة ، والعهد ، وصلة الرحم .
قال أبو المليح : جاء رجل إلى ميمون بن مهران يخطب بنته ، فقال : لا أرضاها لك ، قال : ولم ؟ قال : لأنها تحب الحلي والحلل ، قال : فعندي من هذا ما تريد ، قال : الآن لا أرضاك لها .
قال أبو المليح : قال رجل لميمون : يا آبا أيوب ! ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم ، قال : أقبل على شأنك ، ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم .
ابن علية : حدثنا يونس بن عبيد ، قال : كتبت إلى ميمون بن مهران بعد طاعون كان ببلادهم أسأله عن أهله ، فكتب إلي : بلغني كتابك ، وإنه مات من أهلي وخاصتي سبعة عشر إنسانا ، وإني أكره البلاء إذا أقبل ، فإذا أدبر ، لم يسرني أنه لم يكن .
روى أبو المليح ، عن ميمون : من أساء سرا ، فليتب سرا ، ومن أساء علانية ، فليتب علانية ، فإن الناس يعيرون ولا يغفرون ، والله يغفر ولا يعير .
خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان : قال لي ميمون بن مهران : يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره ، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره .
عبد الله بن جعفر ، عن أبي المليح قال : قال ميمون : إذا أتى رجل باب سلطان ، فاحتجب عنه ، فليأت بيوت الرحمن ، فإنها مفتحة ، فليصل ركعتين ، وليسأل حاجته .
وقال ميمون : قال محمد بن مروان بن الحكم : ما يمنعك أن تكتب في الديوان ، فيكون لك سهم في الإسلام ؟ قلت : إني لأرجو أن يكون لي سهام في الإسلام . قال : من أين ولست في الديوان ؟ فقلت : شهادة أن لا إله إلا الله سهم ، والصلاة سهم ، والزكاة سهم ، وصيام رمضان سهم ، والحج سهم .
قال : ما كنت أظن أن لأحد في الإسلام سهما إلا من كان في الديوان ،
قلت : هذا ابن عمك حكيم بن حزام لم يأخذ ديوانا قط ، وذلك أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسألة ، فقال : استعف يا حكيم خير لك . قال : ومنك يا رسول الله ؟ قال : ومني ، قال : لا جرم لا أسألك ولا غيرك شيئا أبدا ، ولكن ادع الله لي أن يبارك لي في صفقتي -يعني التجارة- فدعا له رواها عبد الله بن جعفر ، عن أبي المليح ، عنه .
قال فرات : سمعت ميمونا يقول : لو نشر فيكم رجل من السلف ما عرف إلا قبلتكم .
أبو المليح : سمعت ميمون بن مهران ، وأتاه رجل فقال : إن زوجة هشام ماتت ، وأعتقت كل مملوك لها ، فقال : يعصون الله مرتين ، يبخلون به وقد أمروا أن ينفقوه ، فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه .
معمر بن سليمان ، عن فرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران قال : ثلاث لا تبلون نفسك بهن : لا تدخل على السلطان ، وإن قلت : آمره بطاعة الله ، ولا تصغين بسمعك إلى هوى ، فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه ، ولا تدخل على امرأة ، ولو قلت : أعلمها كتاب الله .
أبو المليح ، سمعت ميمونا يقول : لأن أوتمن على بيت مال أحب إلي من أن أوتمن على امرأة .
أبو المليح ، عن ميمون قال : لا تضرب المملوك في كل ذنب ، ولكن احفظ له ، فإذا عصى الله ، فعاقبه على المعصية ، وذكره الذنوب التي بينك وبينه .
عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني يحيى بن عثمان الحربي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون ، قال : ما نال رجل من جسيم الخير -نبي ولا غيره- إلا بالصبر .
الحارث بن أبي أسامة : حدثنا كثير بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، حدثنا يزيد بن الأصم قال : لقيت عائشة -رضي الله عنها- - مقبلة من مكة ، أنا وابن لطلحة وهو ابن أختها ، وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة ، فأصبنا منه ، فبلغها ذلك ، فأقبلت على ابن أختها تلومه ، ثم وعظتني ، ثم قالت : أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه ، ذهبت والله ميمونة ، ورمي برسنك على غاربك ، أما إنها كانت من أتقانا لله -عز وجل- وأوصلنا للرحم .
و قال عند ترجممة ميمونة أم المؤمنين
زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت أم الفضل زوجة العباس ، وخالة خالد بن الوليد ، وخالة ابن عباس .
تزوجها - أولا - مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام ، ففارقها . وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى ، فمات ، فتزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة ، وبنى بها بسرف - أظنه المكان المعروف بأبي عروة . وكانت من سادات النساء .
الواقدي : حدثنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن عكرمة : أن ميمونة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .
قال مجاهد : كان اسمها برة ، فسماها رسول الله : ميمونة .
حماد بن زيد ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم : أن ميمونة حلقت رأسها في إحرامها ، فماتت ، ورأسها محمم .
يتبع إن شاء الله تعالى
تعليق