رد: مواقف لم تنشر من سيرة الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله-{1333-1420ه}
قال الإمام الألباني رحمه الله : جرى لي مع أحد الذين يزعمون بأنهم يستحضرون الأرواح، أرواح ابن سيرين مثلاً، روح الطبيب ابن سينا، ابن عربي النكرة .. إلى آخره، في قصة طويلة نروي لكم خلاصتها، حضرت جلسة، أطفئت الأنوار وبقي هناك نور خافت، يعني بصعوبة أن تميز من بجانبك، ثم بدأت الجلسة وتبين لي فيما بعد زعم هذا المستحضر أنها جلسة طبية، وفعلاً لما دخلت وجدت الصالة ممتلئة أربعة جدرانها بالزباين، شيخ كبير، امرأة كبيرة، امرأة في يدها طفل صغير .. إلى آخره، كل هؤلاء حضروا للاستشفاء والتطبب على يد روح الطبيب الذي سيحتضره حقي بك، هذا مستحضر هناك في دمشق، أطفئت الأنوار كما قلنا، وابتدأ الجلسة حقي بيك أفندي، فسمعنا بكلمة استغربنا، قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والجلسة كما يقال لو ألقي فيها إبرة لسمع صوتها، صمت، لمن يقول؟! فيما بعد ستعرفون ..
أهلاً وسهلاً دكتور، واحد يسمون عندنا بالشام بجانبوه، يسموه (مكولك) ما بعرف شو بتسموه إنتم، يعني مداهن، قال له: مرحباً دكتور، يلقي كلمة الطبيب هذا، لأنه جزاك الله خير، احنا .. على أفضالك، وزباينا الحمد لله بيكثروا بسبب الوصفات الطبية الناجحة، من هذا الكلام، والآن عندنا طفل صغير اسمه كذا ابن كذا ساكن في منطقة كذا .. إلى آخره، وعمره -هنا في نكتة- سبعة شهور، أمه الغلام حاملته تقول: لا يا دكتور هذا عمره تسعة مو سبعة، المكولك هذا اللي بجانب الطبيب يقول لها: اسكتي أنتي أعرف من الدكتور؟!
الشاهد هذا رجل جالس حول طاولة مستديرة عليها أرقام وفنجان مقلوب على وجهه، وحاطط هو إصبع هكذا وزوجته تجاهه، والحق يقال الزوجة هناك مستورة حتى في وجهها لا يرى منها شيء، رأينا هذا الفنجان يلعب بيروح وبيجي، يمين ويسار وهيك إلى آخره، فهمنا أن هذا الفنجان يمر على أرقام، يمشي دورة ودورتين يوقف وهو معه ورقة يكتب رموز مطلع هو عليها، ويشغل الفنجان مرتين وثلاث وهكذا، بيعطي هذه الراشيتة للموظف المختص للمرأة ومع السلامة، وهكذا مقدار ساعة يدخل مريض ويخرج مريض ساعة تمام زمنية انتهت الجلسة، أوقدت الأنوار، الناس الحضور وأنا منهم مع الأسف كلهم بيقولوا له: الله يعطيك العافية يا دكتور، الله يجزيك الخير، لكن أنا أكاد أتفجر غيظاً، وخاصة أنه يومئذ أنا شاب وأشقر، وتظهر علي آثار الحرارة والغضب، فلمح الرجل، شو رأي الأستاذ، والله يا أستاذ، يا دكتور يا كذا، عندي سؤالين إذا بتسمح، قال: تفضل، قلت له: الجلسة افتتحتها بقولك: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لمن كنت تقول: وعليكم السلام، والناس جالسين، واحد يتكلم، واحد ... قال: أنا رديت السلام على الدكتور. أنو دكتور؟ قال: روح الدكتور الذي استحضرناه، قلت له: هو سلم عليك؟ قال: نعم، قلنا له: كيف أنت سمعت هذا السلام ونحن ما سمعنا؟ هل صماخ أذنك يعني تركيب غير تركيب البشر عامة. قال: لا، هاي سر المهنة، هذا شيء ما بإمكانك تعرفه حتى تدخل فيه، هاي كلام الصوفيين تماماً، طيب وصاحبك ما بقدر أقول له طبعاً، هذا اللي عم يكولك معك، كمان الثاني سمع معك، لما قال له: مرحبا دكتور، المهم دخلت معه في نقاش من الناحية الذي يسمونها فسيولوجية نفسية، لكن انتقلت معه سريعاً إلى السؤال الثاني وهو الناحية الشرعية، يا دكتور هذا الروح اللي حضرته إنسان ميت ولا حي؟ قال: لا، ميت. قلنا له: ميت، كيف تستحضر روحه وهو بين روحين لا ثالث لهما.
إما سعيدة وإما شقية، فإن كانت سعيدة فوالله ما راح تدخل الدنيا مرة أخرى إطلاقاً؛ لأنها مشغولة بنعيمها في قبرها، وذكرنا بعض الأحاديث التي تدل على أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وإن كانت روح شقية فأولى وأولى أن لا تستطيع الخروج من سجنها المحيط بها، كيف أنت تستطيع أن تستحضر هذه الروح، هذا شرعاً غير ممكن.
ثانياً وأخيراً وهنا الشاهد: هب أن هذه الروح باستطاعتك أن تستحضرها، كيف تعرف أن هذه روح الطبيب ابن سينا مثلاً المسلم على عجره وبجره كما يقول العلماء العارفون به، بأنه كان فيلسوفاً وكان منحرفاً عن كثير من العقائد الإسلامية أو كان الدكتور الطبيب الرازي مثلاً قديم، شو عرفك إن هذا كافر مشرك بالله، مجرد ما يقول لك أنا روح فلان، تقول أنت آمين، اليوم المعاملات بين البشر، بين دولة ودولة، لما الدولة تريد أن ترسل سفير لها إلى دولة أخرى تبعث مع السفير شهادات وقيود واعتمادات وختوم وتواقيع .. وغير ذلك من هذه المصطلحات، حتى تكون الدولة المرسل إليها هذا السفير مطمئنة إن هذا فعلاً سفير دولة إسلامية، وليس دجال جاء ليلعب على هذه الدولة، وهؤلاء بشر مع بعضهم البعض، فهذا عالم من وراء الغيب، من أين لك أن تعرف أن هذا فعلاً الدكتور الفلاني، ما وسعه إلا أن يقول وقد أفحم وأقيمت الحجة عليه، قال: الحقيقة يا أستاذ أن هذه جلسة طبية، وعندنا جلسة علمية إذا تريد أن تناقش فيها فأهلاً وسهلاً، أنا ما صدقت أن هناك جلسة علمية ... ،
قلت له: متى؟ قال لي: يوم الأحد، قلنا له إن شاء الله موعدنا يوم الأحد، يشاء الله جاء يوم الأحد فاضطررت أن أتعاون وأحد إخواننا هناك كان موظفاً في المعارف، وكان هناك محاولة لإصلاح بعض الكتب التي تسمى بالتربية الإسلامية، كتب التربية الإسلامية، فيها أحاديث ضعيفة وموضوعة وفيها أفكار حنفية مخالفة للسنة، فدعاني أحدهم أن أتعاون معه، هو موظف في المعارف وأنا لست موظفاً والحمد لله، لكن عندي شوية علم كما تعلمون، فرأيت الاجتماع مع هذا الشخص أولى من الوفاء بالوعد، لكن صاحبي الذي أخذني إليه جاءني في اليوم الموعود يوم الأحد صباحاً إلى مكتب الظاهرية على أساس نتو اعد ونذهب، قلت له: أنا قصتي كذا وكذا ولن أستطيع أن أذهب معك، فأنت جزاك الله خير اذهب إليه واعتذر له إن شاء الله في جلسة أخرى، ذهب الرجل وإذا به يفاجئ أن البيت ليس به أحد إطلاقاً في اليوم الموعود، ومظلوم ليس فيه نور وليس فيه شيء، جاء اليوم الثاني يقول لي القصة كذا وكذا، قلت له: هذا نصر من الله لنا، روح لعنده الأحد الثاني، طبعاً الأحد الثاني بيلاقيه كالعادة، قلت له أنا لا تقول له أن الشيخ لم يأتِ، خليها معماية، أجينا حسب الموعد ما وجدناك، خير إن شاء الله يا دكتور يا حقي بيك، قال له هذا الكلام فعلاً وهنا الشاهد يا إخواننا، وهنا فاعتبروا يا أولي الأبصار، قال له: روح أنت جبت لنا واحد وهابي كبير خطير، ما بيحب الرسول. قاتله الله! قال له: شو عرفك، هذا الرجل صاحبنا نحضر دروسه دائماً قال الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ..
إلى آخره، قال له: عرفني أنا بعدما راح،-يعني: أنا رحت من عنده- قال استحضر روح مدري مين نسيت أنا، وسأله عني وأعطاه هذه البيانات، أن هذا رجل وهابي لا يحب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقلت: يا جماعة هذا دليل أن هؤلاء يستعينوا بالشياطين، ليس هناك استحضار أرواح هذا أمر مستحيل، لكن فعلاً يحضرهم الشياطين ويوحون إليهم كما قال رب العالمين: و {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (الأنعام: 112) .
===========
شريط سلسلة الهدى والنور ( 455 )
قال الأخ أمجد المستريحي :
في بداية التسعينيات إتصلت بشيخنا الألباني رحمه الله واستأذنته بزيارته مع أربعة شباب من تلاميذ المدعو حسن السقاف وأخبرته بأن هؤلاء الشباب من أشد الناس تعصباً للسقاف ولكنهم يودون يا شيخنا مقابلتك والجلوس معك وسؤالك بعض الأسئلة فقال الشيخ رحمه الله على الرحب والسعة ولكن ليكن ذلك في بداية الأسبوع القادم إن شاء الله كوني مشغول ببعض الأمور هذه الأيام.
وفي هذا اليوم الذي حددت فيه اللقاء مع شيخنا رحمه الله طلب مني هؤلاء الشباب وكانوا عندي في بيتي في ماركا الجنوبية أن يلتقوا بالشيخ حسين العوايشة حفظه الله فذهبنا سوية لأداء صلاة العشاء في مسجد النصر الكبير ثم بعد الصلاة استأذنت الشيخ حسين بالزيارة فرحب بنا وجلس الشباب مع الشيخ حفظه الله وأذكر أن أحدهم أخرج من جيبه آلة تسجيل صغيرة يريد أن يسجل اللقاء إلا أن الشيخ حسين رفض ذلك وقال أرجوكم عدم التسجيل فهذه جلسة عادية وليست بجلسة مناظرة أو محاورة وأنتم ضيوف عليّ وحق عليّ أن أكرمكم وأن أستمع لكم ولكن دون تسجيل فأخذت بدوري آلة التسجيل وأغلقتها ووضعتها في جيبي ودار حديث طويل بين الشباب تلاميذ السقاف وبين الشيخ حسين حفظه الله وكان الشيخ في غاية اللطف والكرم حتى أنهم شكروا الشيخ على هذا اللقاء وقالوا نحن كنا نبغضك ولكننا الآن نحبك فالخبر ليس كالمعاينة حيث كنا نسمع من مشايخنا ما يدعونا لكرهك وكره منهجك ولكن بعد أن رأيناك وسمعناك تغير كل شيء.
الحاصل أنه في بداية الأسبوع المتفق عليه مع شيخنا الألباني رحمه الله أكدت على شيخنا بالموعد فأذن لنا بالزيارة بعد صلاة العشاء لكن لا أذكر في أي يوم كان اللقاء فدخلنا على الشيخ رحمه الله فرحب بالشباب أجمل ترحيب وقدم لهم الضيافة بنفسه وكان يكثر من قول أهلاً وسهلاً ويسأل عن أحوال الشباب وماذا تدرسون وماذا تعملون ويبتسم في وجوههم ولكن الشيخ رحمه الله رأى بفطنته أن الشباب في وجوههم شيء وعلى ألسنتهم كلام،فقال لي يا أمجد أرى أن أصحابك عندهم شيء. فقلت نعم يا شيخنا هم فقط يودون معرفتك عن قرب والجلوس إليك وحقيقة هم من المفتونين بفكر حسن السقاف،فقال الشيخ رحمه الله (السقاف السقاف هداه الله هداه الله إلى طريق الحق ) فما كان من هؤلاء الشباب وبعدما سمعوا هذا الكلام من الشيخ إلا أن قالوا سبحان الله سبحان الله. فقلت لهم لمَ تسبحون وتستغربون هل قال الشيخ من خطأ؟ فقالوا: لا والله لا شيء إلا أننا قارنا بين الصورتين فالشيخ!!حسن السقاف عندما يذكر إسم الشيخ الألباني أمامه يقوم يشتمه ويلعنه ويسبه والشيخ الألباني يدعو له بالهداية !!! هذه والله أخلاق العلماء.
ثم قال أحدهم للشيخ الألباني رحمه الله وأذكر أن إسمه إياد: والله يا شيخنا ما إن دخلنا عليك وجلسنا معك واستمعنا إلى حديثك واستمعنا إلى ردودك على الهاتف وأنت تتلطف مع المتصلين والمستفتيين شعرنا بأننا نجلس أمام عالم محدث يذكرنا بعلماء السلف الصالح وشعرنا برهبة عجيبة وبميل قلبي عجيب لحضرتكم ونحن يا شيخنا نطلب منكم أن تسامحونا على أي كلمة سوء قلناها بحقكم . فقال الشيخ رحمه الله بعد أن ابتسم في وجوههم سامحكم الله وأنتم في حلٍّ مني ثم صار الشيخ رحمه الله يوجههم وينصحهم إلى طلب العلم وعدم التعصب إلا للدليل وصار بينهم وبين الشيخ رحمه الله نقاش طويل كان فيه الحب والإخاء والتوجيه من عالم جليل يذكرك بحق أنه من بقية السلف الصالح.
قال الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 11 / 283 ) :
قد وقع الشيخ أحمد شاكر في كثير من الخطيئات في تصحيح أحاديث من "المسند" وغيره ؛ بسبب تقليده لابن حبان في هذه القاعدة الباطلة ؛ كما حققه الحافظ في المقدمة المشار إليها ، وقد حاولت إقناعه بالرجوع عن ذلك حين اجتمعت به في "المدينة الطيبة" على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد أداء فريضة الحج سنة 1368 ، وأوردت له خلاصة كلام الحافظ ، والمثال الذي نقلته عنه آنفاً ، فلم يعتد ذلك ، وصرح بأنه لا ينظر إلى نقله عن ابن حبان بعين الاعتبار ؛ لأنه وقف على خطيئات له فيما ينقله عن بعض الأئمة ، فأردت التبسط معه في الموضوع ؛ فرأيته يضيق صدره بذلك ، فلا أدري أهو من طبعه ؛ أم هو أمر عارض له لمرضه ؛ فإنه كان ملازماً فراشه في الفندق ؟! فأمسكت عن الكلام معه في هذه المسألة ؛ وفي نفسي حسرات من قلة الاستفادة من مثل هذا الفاضل !
قصة الشيخ الألباني مع " مُحَضِّر الأرواح "
وانتهاؤها بهروبه !!
وانتهاؤها بهروبه !!
قال الإمام الألباني رحمه الله : جرى لي مع أحد الذين يزعمون بأنهم يستحضرون الأرواح، أرواح ابن سيرين مثلاً، روح الطبيب ابن سينا، ابن عربي النكرة .. إلى آخره، في قصة طويلة نروي لكم خلاصتها، حضرت جلسة، أطفئت الأنوار وبقي هناك نور خافت، يعني بصعوبة أن تميز من بجانبك، ثم بدأت الجلسة وتبين لي فيما بعد زعم هذا المستحضر أنها جلسة طبية، وفعلاً لما دخلت وجدت الصالة ممتلئة أربعة جدرانها بالزباين، شيخ كبير، امرأة كبيرة، امرأة في يدها طفل صغير .. إلى آخره، كل هؤلاء حضروا للاستشفاء والتطبب على يد روح الطبيب الذي سيحتضره حقي بك، هذا مستحضر هناك في دمشق، أطفئت الأنوار كما قلنا، وابتدأ الجلسة حقي بيك أفندي، فسمعنا بكلمة استغربنا، قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والجلسة كما يقال لو ألقي فيها إبرة لسمع صوتها، صمت، لمن يقول؟! فيما بعد ستعرفون ..
أهلاً وسهلاً دكتور، واحد يسمون عندنا بالشام بجانبوه، يسموه (مكولك) ما بعرف شو بتسموه إنتم، يعني مداهن، قال له: مرحباً دكتور، يلقي كلمة الطبيب هذا، لأنه جزاك الله خير، احنا .. على أفضالك، وزباينا الحمد لله بيكثروا بسبب الوصفات الطبية الناجحة، من هذا الكلام، والآن عندنا طفل صغير اسمه كذا ابن كذا ساكن في منطقة كذا .. إلى آخره، وعمره -هنا في نكتة- سبعة شهور، أمه الغلام حاملته تقول: لا يا دكتور هذا عمره تسعة مو سبعة، المكولك هذا اللي بجانب الطبيب يقول لها: اسكتي أنتي أعرف من الدكتور؟!
الشاهد هذا رجل جالس حول طاولة مستديرة عليها أرقام وفنجان مقلوب على وجهه، وحاطط هو إصبع هكذا وزوجته تجاهه، والحق يقال الزوجة هناك مستورة حتى في وجهها لا يرى منها شيء، رأينا هذا الفنجان يلعب بيروح وبيجي، يمين ويسار وهيك إلى آخره، فهمنا أن هذا الفنجان يمر على أرقام، يمشي دورة ودورتين يوقف وهو معه ورقة يكتب رموز مطلع هو عليها، ويشغل الفنجان مرتين وثلاث وهكذا، بيعطي هذه الراشيتة للموظف المختص للمرأة ومع السلامة، وهكذا مقدار ساعة يدخل مريض ويخرج مريض ساعة تمام زمنية انتهت الجلسة، أوقدت الأنوار، الناس الحضور وأنا منهم مع الأسف كلهم بيقولوا له: الله يعطيك العافية يا دكتور، الله يجزيك الخير، لكن أنا أكاد أتفجر غيظاً، وخاصة أنه يومئذ أنا شاب وأشقر، وتظهر علي آثار الحرارة والغضب، فلمح الرجل، شو رأي الأستاذ، والله يا أستاذ، يا دكتور يا كذا، عندي سؤالين إذا بتسمح، قال: تفضل، قلت له: الجلسة افتتحتها بقولك: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لمن كنت تقول: وعليكم السلام، والناس جالسين، واحد يتكلم، واحد ... قال: أنا رديت السلام على الدكتور. أنو دكتور؟ قال: روح الدكتور الذي استحضرناه، قلت له: هو سلم عليك؟ قال: نعم، قلنا له: كيف أنت سمعت هذا السلام ونحن ما سمعنا؟ هل صماخ أذنك يعني تركيب غير تركيب البشر عامة. قال: لا، هاي سر المهنة، هذا شيء ما بإمكانك تعرفه حتى تدخل فيه، هاي كلام الصوفيين تماماً، طيب وصاحبك ما بقدر أقول له طبعاً، هذا اللي عم يكولك معك، كمان الثاني سمع معك، لما قال له: مرحبا دكتور، المهم دخلت معه في نقاش من الناحية الذي يسمونها فسيولوجية نفسية، لكن انتقلت معه سريعاً إلى السؤال الثاني وهو الناحية الشرعية، يا دكتور هذا الروح اللي حضرته إنسان ميت ولا حي؟ قال: لا، ميت. قلنا له: ميت، كيف تستحضر روحه وهو بين روحين لا ثالث لهما.
إما سعيدة وإما شقية، فإن كانت سعيدة فوالله ما راح تدخل الدنيا مرة أخرى إطلاقاً؛ لأنها مشغولة بنعيمها في قبرها، وذكرنا بعض الأحاديث التي تدل على أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وإن كانت روح شقية فأولى وأولى أن لا تستطيع الخروج من سجنها المحيط بها، كيف أنت تستطيع أن تستحضر هذه الروح، هذا شرعاً غير ممكن.
ثانياً وأخيراً وهنا الشاهد: هب أن هذه الروح باستطاعتك أن تستحضرها، كيف تعرف أن هذه روح الطبيب ابن سينا مثلاً المسلم على عجره وبجره كما يقول العلماء العارفون به، بأنه كان فيلسوفاً وكان منحرفاً عن كثير من العقائد الإسلامية أو كان الدكتور الطبيب الرازي مثلاً قديم، شو عرفك إن هذا كافر مشرك بالله، مجرد ما يقول لك أنا روح فلان، تقول أنت آمين، اليوم المعاملات بين البشر، بين دولة ودولة، لما الدولة تريد أن ترسل سفير لها إلى دولة أخرى تبعث مع السفير شهادات وقيود واعتمادات وختوم وتواقيع .. وغير ذلك من هذه المصطلحات، حتى تكون الدولة المرسل إليها هذا السفير مطمئنة إن هذا فعلاً سفير دولة إسلامية، وليس دجال جاء ليلعب على هذه الدولة، وهؤلاء بشر مع بعضهم البعض، فهذا عالم من وراء الغيب، من أين لك أن تعرف أن هذا فعلاً الدكتور الفلاني، ما وسعه إلا أن يقول وقد أفحم وأقيمت الحجة عليه، قال: الحقيقة يا أستاذ أن هذه جلسة طبية، وعندنا جلسة علمية إذا تريد أن تناقش فيها فأهلاً وسهلاً، أنا ما صدقت أن هناك جلسة علمية ... ،
قلت له: متى؟ قال لي: يوم الأحد، قلنا له إن شاء الله موعدنا يوم الأحد، يشاء الله جاء يوم الأحد فاضطررت أن أتعاون وأحد إخواننا هناك كان موظفاً في المعارف، وكان هناك محاولة لإصلاح بعض الكتب التي تسمى بالتربية الإسلامية، كتب التربية الإسلامية، فيها أحاديث ضعيفة وموضوعة وفيها أفكار حنفية مخالفة للسنة، فدعاني أحدهم أن أتعاون معه، هو موظف في المعارف وأنا لست موظفاً والحمد لله، لكن عندي شوية علم كما تعلمون، فرأيت الاجتماع مع هذا الشخص أولى من الوفاء بالوعد، لكن صاحبي الذي أخذني إليه جاءني في اليوم الموعود يوم الأحد صباحاً إلى مكتب الظاهرية على أساس نتو اعد ونذهب، قلت له: أنا قصتي كذا وكذا ولن أستطيع أن أذهب معك، فأنت جزاك الله خير اذهب إليه واعتذر له إن شاء الله في جلسة أخرى، ذهب الرجل وإذا به يفاجئ أن البيت ليس به أحد إطلاقاً في اليوم الموعود، ومظلوم ليس فيه نور وليس فيه شيء، جاء اليوم الثاني يقول لي القصة كذا وكذا، قلت له: هذا نصر من الله لنا، روح لعنده الأحد الثاني، طبعاً الأحد الثاني بيلاقيه كالعادة، قلت له أنا لا تقول له أن الشيخ لم يأتِ، خليها معماية، أجينا حسب الموعد ما وجدناك، خير إن شاء الله يا دكتور يا حقي بيك، قال له هذا الكلام فعلاً وهنا الشاهد يا إخواننا، وهنا فاعتبروا يا أولي الأبصار، قال له: روح أنت جبت لنا واحد وهابي كبير خطير، ما بيحب الرسول. قاتله الله! قال له: شو عرفك، هذا الرجل صاحبنا نحضر دروسه دائماً قال الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ..
إلى آخره، قال له: عرفني أنا بعدما راح،-يعني: أنا رحت من عنده- قال استحضر روح مدري مين نسيت أنا، وسأله عني وأعطاه هذه البيانات، أن هذا رجل وهابي لا يحب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقلت: يا جماعة هذا دليل أن هؤلاء يستعينوا بالشياطين، ليس هناك استحضار أرواح هذا أمر مستحيل، لكن فعلاً يحضرهم الشياطين ويوحون إليهم كما قال رب العالمين: و {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (الأنعام: 112) .
===========
شريط سلسلة الهدى والنور ( 455 )
من أخلاقيات الإمام الألباني
قال الأخ أمجد المستريحي :
في بداية التسعينيات إتصلت بشيخنا الألباني رحمه الله واستأذنته بزيارته مع أربعة شباب من تلاميذ المدعو حسن السقاف وأخبرته بأن هؤلاء الشباب من أشد الناس تعصباً للسقاف ولكنهم يودون يا شيخنا مقابلتك والجلوس معك وسؤالك بعض الأسئلة فقال الشيخ رحمه الله على الرحب والسعة ولكن ليكن ذلك في بداية الأسبوع القادم إن شاء الله كوني مشغول ببعض الأمور هذه الأيام.
وفي هذا اليوم الذي حددت فيه اللقاء مع شيخنا رحمه الله طلب مني هؤلاء الشباب وكانوا عندي في بيتي في ماركا الجنوبية أن يلتقوا بالشيخ حسين العوايشة حفظه الله فذهبنا سوية لأداء صلاة العشاء في مسجد النصر الكبير ثم بعد الصلاة استأذنت الشيخ حسين بالزيارة فرحب بنا وجلس الشباب مع الشيخ حفظه الله وأذكر أن أحدهم أخرج من جيبه آلة تسجيل صغيرة يريد أن يسجل اللقاء إلا أن الشيخ حسين رفض ذلك وقال أرجوكم عدم التسجيل فهذه جلسة عادية وليست بجلسة مناظرة أو محاورة وأنتم ضيوف عليّ وحق عليّ أن أكرمكم وأن أستمع لكم ولكن دون تسجيل فأخذت بدوري آلة التسجيل وأغلقتها ووضعتها في جيبي ودار حديث طويل بين الشباب تلاميذ السقاف وبين الشيخ حسين حفظه الله وكان الشيخ في غاية اللطف والكرم حتى أنهم شكروا الشيخ على هذا اللقاء وقالوا نحن كنا نبغضك ولكننا الآن نحبك فالخبر ليس كالمعاينة حيث كنا نسمع من مشايخنا ما يدعونا لكرهك وكره منهجك ولكن بعد أن رأيناك وسمعناك تغير كل شيء.
الحاصل أنه في بداية الأسبوع المتفق عليه مع شيخنا الألباني رحمه الله أكدت على شيخنا بالموعد فأذن لنا بالزيارة بعد صلاة العشاء لكن لا أذكر في أي يوم كان اللقاء فدخلنا على الشيخ رحمه الله فرحب بالشباب أجمل ترحيب وقدم لهم الضيافة بنفسه وكان يكثر من قول أهلاً وسهلاً ويسأل عن أحوال الشباب وماذا تدرسون وماذا تعملون ويبتسم في وجوههم ولكن الشيخ رحمه الله رأى بفطنته أن الشباب في وجوههم شيء وعلى ألسنتهم كلام،فقال لي يا أمجد أرى أن أصحابك عندهم شيء. فقلت نعم يا شيخنا هم فقط يودون معرفتك عن قرب والجلوس إليك وحقيقة هم من المفتونين بفكر حسن السقاف،فقال الشيخ رحمه الله (السقاف السقاف هداه الله هداه الله إلى طريق الحق ) فما كان من هؤلاء الشباب وبعدما سمعوا هذا الكلام من الشيخ إلا أن قالوا سبحان الله سبحان الله. فقلت لهم لمَ تسبحون وتستغربون هل قال الشيخ من خطأ؟ فقالوا: لا والله لا شيء إلا أننا قارنا بين الصورتين فالشيخ!!حسن السقاف عندما يذكر إسم الشيخ الألباني أمامه يقوم يشتمه ويلعنه ويسبه والشيخ الألباني يدعو له بالهداية !!! هذه والله أخلاق العلماء.
ثم قال أحدهم للشيخ الألباني رحمه الله وأذكر أن إسمه إياد: والله يا شيخنا ما إن دخلنا عليك وجلسنا معك واستمعنا إلى حديثك واستمعنا إلى ردودك على الهاتف وأنت تتلطف مع المتصلين والمستفتيين شعرنا بأننا نجلس أمام عالم محدث يذكرنا بعلماء السلف الصالح وشعرنا برهبة عجيبة وبميل قلبي عجيب لحضرتكم ونحن يا شيخنا نطلب منكم أن تسامحونا على أي كلمة سوء قلناها بحقكم . فقال الشيخ رحمه الله بعد أن ابتسم في وجوههم سامحكم الله وأنتم في حلٍّ مني ثم صار الشيخ رحمه الله يوجههم وينصحهم إلى طلب العلم وعدم التعصب إلا للدليل وصار بينهم وبين الشيخ رحمه الله نقاش طويل كان فيه الحب والإخاء والتوجيه من عالم جليل يذكرك بحق أنه من بقية السلف الصالح.
لقاء الإمام الألباني بالعلاّمة أحمد شاكر ( ت 1377 هـ ) رحمه الله
قال الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 11 / 283 ) :
قد وقع الشيخ أحمد شاكر في كثير من الخطيئات في تصحيح أحاديث من "المسند" وغيره ؛ بسبب تقليده لابن حبان في هذه القاعدة الباطلة ؛ كما حققه الحافظ في المقدمة المشار إليها ، وقد حاولت إقناعه بالرجوع عن ذلك حين اجتمعت به في "المدينة الطيبة" على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد أداء فريضة الحج سنة 1368 ، وأوردت له خلاصة كلام الحافظ ، والمثال الذي نقلته عنه آنفاً ، فلم يعتد ذلك ، وصرح بأنه لا ينظر إلى نقله عن ابن حبان بعين الاعتبار ؛ لأنه وقف على خطيئات له فيما ينقله عن بعض الأئمة ، فأردت التبسط معه في الموضوع ؛ فرأيته يضيق صدره بذلك ، فلا أدري أهو من طبعه ؛ أم هو أمر عارض له لمرضه ؛ فإنه كان ملازماً فراشه في الفندق ؟! فأمسكت عن الكلام معه في هذه المسألة ؛ وفي نفسي حسرات من قلة الاستفادة من مثل هذا الفاضل !
تعليق