ترجمة علي بن الفضيل بن عياض
من سير أعلام النبلاء
من سير أعلام النبلاء
من كبار الأولياء ومات قبل والده .
روى عن : عبد العزيز بن أبي رواد ، وعباد بن منصور ، وجماعة .
حدث عنه : سفيان بن عيينة ، وأبوه ، وموسى بن أعين ، وجماعة ، حكايات ، وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي ، فرأيته وله حديث في سنن النسائي ، رواه لنا أحمد بن سلامة ، عن أبي الفضائل الكاغدي ، ومسعود الحمال ، قالا : أخبرنا أبو علي ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا إبراهيم بن محمد بنحمزة ، ومحمد بن علي بن حبيش ، قالا : أخبرنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا علي بن فضيل ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : رأى رجل من الأنصار فيما يرى النائم أنه قيل له : بأي شيء يأمركم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قال : أمرنا أن نسبح ثلاثا وثلاثين ، ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين ، فذلك مائة . قال : فسبحوا خمسا وعشرين ، واحمدوا خمسا وعشرين ، وكبروا خمسا وعشرين ، وهللوا خمسا وعشرين . فتلك مائة . فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : افعلوا كما قال الأنصاري غريب من الأفراد . أخرجه النسائي عن أبي زرعة ، عن أحمد ، فوافقناه في شيخ شيخه . وعلي : صدوق ، قد قال فيه النسائي : ثقة مأمون .
قلت : خرج هو وأبوه من الضعف الغالب على الزهاد والصوفية ، وعدا في الثقات إجماعا . وكان علي قانتا لله خاشعا وجلا ربانيا كبير الشأن .
قال الخطيب : مات قبل أبيه بمدة من آية سمعها تقرأ ، فغشي عليه ، وتوفي في الحال .
قال إبراهيم بن الحارث العبادي : حدثنا عبد الرحمن بن عفان ، حدثنا أبو بكر بن عياش قال : صليت خلف فضيل بن عياض المغرب وابنه علي إلى جانبي ، فقرأ : ألهاكم التكاثر فلما قال : لترون الجحيم سقط علي على وجهه مغشيا عليه ، وبقي فضيل عند الآية . فقلت في نفسي : ويحك أما عندك من الخوف ما عند الفضيل وعلي ، فلم أزل أنتظر عليا ، فما أفاق إلى ثلث من الليل بقي . رواها ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عفان ، وزاد : وبقي فضيل لا يجاوز الآية ، ثم صلى بنا صلاة خائف ، وقال : فما أفاق إلى نصف من الليل . قال ابن أبي الدنيا : حدثني عبد الصمد بن يزيد ، عن فضيل بن عياض قال : بكى علي ابني . فقلت : يا بني ما يبكيك ؟ قال : أخاف ألا تجمعنا القيامة .
وقال لي ابن المبارك : يا أبا علي ما أحسن حال من انقطع إلى الله ، فسمع ذلك علي ابني ، فسقط مغشيا عليه .
مسدد بن قطن : حدثنا الدورقي ، وحدثنا محمد بن نوح المروزي ، حدثنا محمد بن ناجية قال : صليت خلف الفضيل ، فقرأ : " الحاقة " في الصبح . فلما بلغ إلى قوله : خذوه فغلوه غلبه البكاء فسقط ابنه علي مغشيا عليه ، وذكر الحكاية .
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن عبد الرحيم بن محمد ، أخبرنا أبو علي المقرئ ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا أبو يعلى ، حدثنا عبد الصمد بن يزيد ، سمعت الفضيل يقول : أشرفت ليلة على علي ، وهو في صحن الدار ، وهو يقول : النار ، ومتى الخلاص من النار ؟ وقال لي : يا أبة سل الذي وهبني لك في الدنيا أن يهبني لك في الآخرة . ثم قال : لم يزل منكسر القلب حزينا . ثم بكى الفضيل ، ثم قال : كان يساعدني على الحزن والبكاء ، يا ثمرةقلبي ، شكر الله لك ما قد علمه فيك .
قال الدورقي : حدثني محمد بن شجاع ، عن سفيان بن عيينة قال : ما رأيت أحدا أخوف من الفضيل وابنه .
قال إبراهيم الحربي : حدثنا ابن أبي زياد ، عن شهاب بن عباد قال : كانوا يعودون علي بن الفضيل وهو يمشي فقال : لو ظننت أني أبقى إلى الظهر لشق علي .
وعن الفضيل قال : اللهم إني اجتهدت أن أؤدب عليا ، فلم أقدر على تأديبه ، فأدبه أنت لي .
قال أبو سليمان الداراني : كان علي بن الفضيل لا يستطيع أن يقرأ القارعة ولا تقرأ عليه .
الحسن بن عبد العزيز الجروي : حدثنا محمد بن أبي عثمان قال : كان علي بن الفضيل عند سفيان بن عيينة ، فحدث بحديث فيه ذكر النار ، فشهق علي شهقة ووقع ، فالتفت سفيان فقال : لو علمت أنك هاهنا ما حدثت به ، فما أفاق إلا بعد ما شاء الله . وبه ، قال الفضيل لابنه : لو أعنتنا على دهرنا ، فأخذ قفة ، ومضى إلى السوق ليحمل ، فأتاني رجل فأعلمني ، فمضيت فرددته وقلت : يا بني لست أريد هذا ، أو لم أرد هذا كله .
وبالإسناد عن فضيل ، أنهم اشتروا شعيرا بدينار - وكان الغلاء - فقالت أم علي للفضيل : قورته لكل إنسان قرصين ، فكان علي يأخذ واحدا ويتصدق بالآخر ، حتى كاد أن يصيبه الخواء .
وبه ، أن عليا كان يحمل على أباعر لأبيه ، فنقص الطعام الذي حمله ، فحبس عنه الكراء فأتى الفضيل إليهم ، فقال : أتفعلون هذا بعلي ، فقد كانت لنا شاة بالكوفة ، أكلت شيئا يسيرا من علف أمير ، فما شرب لها لبنا بعد . قالوا : لم نعلم - يا أبا علي - أنه ابنك .
حماد بن الحسن : حدثنا عمر بن بشر المكي ، عن الفضيل قال : أهدى لنا ابن المبارك شاة فكان ابني لا يشرب منها ، فقلت له في ذلك . فقال : إنها قد رعت بالعراق .
أنبأني المقداد القيسي ، أخبرنا أحمد بن الدبيقي ، أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا علي بن محمد المصري ، سمعت أبا سعيد الخراز ، سمعت إبراهيم بن بشار يقول : الآية التي مات فيها علي بن الفضيل ، في الأنعام : "ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد" مع هذا الموضع مات ، وكنت فيمن صلى عليه - رحمه الله .
[انظر سير أعلام النبلاء 8/390]