بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة الصحابي الجليل البطل المغوار (سلمة بن الأكوع رضي الله عنه)
ترجمة الصحابي الجليل البطل المغوار (سلمة بن الأكوع رضي الله عنه)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد.
في زمن غياب القدوة الحسنة وتشبه الفتيان والفتيات في هذا العصر بالكفار والفساق ممن يتسمون بالفنانين واللاعبين وغيرهم، تبرز أهمية تبصير أبنائنا بسيرة أسلافهم العظام الأبطال المغاوير الذين ضربوا أروع الأمثلة في العطاء والفداء والتضحية في سبيل إعلاء كلمة التوحيد.
مع ترجمة بطل من أبطال المسلمين الصحابي الجليل ( سلمة بن الأكوع ) رضي الله عنه، هذا البطل الصنديد الشجاع الذي كانت له مواقف مشهودة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام.
اسمه ونسبه وكنيته:
هو : سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي.
كنيته : أبو مسلم، ويقال: أبو إياس، ويقال: أبو عامر، المدني.
مناقبه :
صحب سلمة رضي الله عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وتلقى عنه العلم الغزير، وأصبح من الصحابة الذين تنقل عنهم الفتوى في مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر، ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، وعبد الله بن بحينة، مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من لدن توفي عثمان، إلى أن توفوا.
وشارك سلمة رضي الله عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام في معظم غزواته، وكان بطلاً صنديداً، شديد البأس على الأعداء، و قد وصفه أهل السير بقولهم :
وكان شجاعاً رامياً، ويقال: إنه كان يسبق الفرس شدا على قدميه.
عن يزيد بن أبي عبيد قال: سمعت سلمة يقول: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، فذكر خيبر، والحديبية، ويوم حنين، ويوم القرد، قال يزيد: ونسيت بقيتها. ( [1]).
وشهد بيعة الرضوان تحت الشجرة، وبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: في أول الناس، وفي أوسطهم، وفي آخرهم، وبايعه يومئذ على الموت ([2] ).
وعن إياس بن سلمة، عن أبيه-سلمة بن الأكوع قال: كان شعارنا ليلة بيتنا هوازن مع أبي بكر، أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمت أمت، وقتلت بيدي ليلتئذ سبعة أهل أبيات.
ومن أعظم بطولاته التي سجلتها لنا المصادر المختلفة، دوره العظيم في الغزوة المعروفة باسم ذي قرد([3] ) أو الغابة والتي حدثت في السنة السادسة للهجرة .
روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال :
قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحن أربع عشرة مائة. وعليها خمسون شاة لا ترويها. قال : فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الركية. فإما دعا وإما بسق فيها. قال : فجاشت. فسقينا واستقينا. قال : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا للبيعة في أصل الشجرة. قال فبايعته أول الناس. ثم بايع وبايع. حتى إذا كان في وسط من الناس قال (بايع. يا سلمة!) قال قلت : قد بايعتك. يا رسول الله! في أول الناس. قال (وأيضا) قال : ورآني رسول الله صلى الله عليه وسلم عزلا (يعني ليس معه سلاح). قال : فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أو درقة. ثم بايع. حتى إذا كان في آخر الناس قال (ألا تبايعني؟ يا سلمة!) قال : قلت : قد بايعتك. يا رسول الله! في أول الناس، وفي أوسط الناس. قال (وأيضا) قال : فبايعته الثالثة. ثم قال لي (يا سلمة! أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟) قال قلت : يا رسول الله! لقيني عمي عامر عزلا. فأعطيته إياها. قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (إنك كالذي قال الأول : اللهم! أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي). ثم إن المشركين راسلونا الصلح. حتى مشى بعضنا في بعض. واصطلحنا. قال : وكنت تبيعا لطلحة بن عبيدالله. أسقي فرسه، وأحسه، وأخدمه. وآكل من طعامه. وتركت أهلي ومالي، مهاجرا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال : فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض، أتيت شجرة فكسحت شوكها. فاضجعت في أصلها. قال : فأتاني أربع من المشركين من أهل مكة. فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأبغضتهم. فتحولت إلى شجرة أخرى. وعلقوا سلاحهم. واضطجعوا. فبينما هم كذلك إذ نادى منادي من أسفل الوادي : يا للمهاجرين! قتل ابن زنيم. قال : فاخترطت سيفي. ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود. فأخذت سلاحهم. فجعلته ضغثا في يدي. قال : ثم قلت : والذي كرم وجه محمد! لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه. قال : ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز. يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. على فرس مجفف. في سبعين من المشركين. فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (دعوهم. كان لهم بدء الفجور وثناه) فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنزل الله : {هو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} [48 /الفتح /24] الآية كلها. قال : ثم خرجنا راجعين إلى المدينة. فنزلنا منزلا. بيننا وبين بني لحيان جبل. وهم المشركون. فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقي هذا الجبل الليلة. كأنه طليعة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال سلمة : فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثا. ثم قدمنا المدينة. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنا معه. وخرجت معه بفرس طلحة. أنديه مع الظهر. فلما أصبحنا إذا عبدالرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستاقه أجمع. وقتل راعيه. قال فقلت : يا رباح! خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيدالله. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه. قال : ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة. فناديت ثلاثا : يا صباحاه! ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل. وأرتجز. أقول : أنا ابن الأكوع * واليوم يوم الرضع. فألحق رجلا منهم. فأصك سهما في رحله. حتى خلص نصل السهم إلى كتفه. قال قلت : خذها. وأنا ابن الأكوع * واليوم يوم الرضع. قال : فوالله! ما زلت أرميهم وأعقر بهم. فإذا رجع إلى فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها. ثم رميته. فعقرت به. حتى إذا تضايق الجبل دخلوا في تضايقه، علوت الجبل. فجعلت أرديهم بالحجارة. قال : فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري. وخلوا بيني وبينه. ثم لتبعتهم أرميهم. حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا. يستخفون. ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة. يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. حتى إذا أتوا متضايقا من ثنية فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري. فجلسوا يتضحون (يعني يتغدون). وجلست على رأس قرن. قال الفزاري : ما هذا الذي أرى؟ قالوا : لقينا، من هذا البرح. والله! ما فارقنا منذ غلس. يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا. قال : فليقم إليه نفر منكم، أربعة. قال : فصعد إلي منهم أربعة في الجبل. قال : فلما أمكنوني من الكلام قال قلت : هل تعرفوني؟ قالوا : لا. ومن أنت؟ قال قلت : أنا سلمة ابن الأكوع. والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم! لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته. ولا يطلبني رجل منكم فيدركني. قال أحدهم : أنا أظن. قال : فرجعوا. فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر. قال : فإذا أولهم الأخرم الأسدي. على أثره أبو قتادة الأنصاري. وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي. قال : فأخذت بعنان الأخرم. قال : فولوا مدبرين. قلت : يا أخرم! احذرهم. لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال : يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق والنار حق، فلا تحل بيني وبين الشهادة. قال : فخليته. فالتقى هو وعبدالرحمن. قال : فعقر بعبدالرحمن فرسه. وطعنه عبدالرحمن فقتله. وتحول على فرسه. ولحق أبو قتادة، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبدالرحمن. فطعنه فقتله. فوالذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم! اتبعتهم أعدو على رجلي. حتى ما أرى ورائي، من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولا غبارهم، شيئا. حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء. يقال له ذا قرد. ليشربوا منه وهم عطاش. قال : فنظروا إلي أعدو ورائهم. فحليتهم عنه (يعني أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة. قال : ويخرجون فيشتدون في ثنية. قال : فأعدوا فألحق رجلا منهم. فأصكه بسهم في نغض كتفه. قال قلت : خذها وأنا ابن الأكوع. واليوم يوم الرضع. قال : يا ثكلته أمه! أكوعه بكرة. قال قلت : نعم. يا عدو نفسه! أكوعك بكرة. قال : وأردوا فرسين على ثنية. قال : فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن. وسطيحة فيها ماء. فتوضأت وشربت. ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حلأتهم منه. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل. وكل شيء استنقذته من المشركين. وكل رمح وبردة. وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم. وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها. قال قلت : يا رسول الله! خلني فأنتخب من القوم مائة رجل. فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه في ضوء النهار. فقال (يا سلمة! أتراك كنت فاعلا؟) قلت : نعم. والذي أكرمك! فقال (إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان) قال : فجاء رجل من غطفان. فقال : نحر لهم جزورا. فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا. فقالوا : أتاكم القوم. فخرجوا هاربين. فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة. وخير رجالتنا سلمة) قال : ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين : سهم الفارس وسهم الراجل. فجمعهما لي جميعا. ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء. راجعين إلى المدينة. قال : فبينما نحن نسير. قال : وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا، قال : فجعل يقول : ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك. قال : فلما سمعت كلامه قلت : أما تكرم كريما، ولا تهاب شريفا؟ قال : لا. إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال قلت : يا رسول الله! بأبي أنت وأمي! ذرني فلأسابق الرجل. قال (إن شئت) قال قلت : اذهب إليك. وثنيت رجلي فطفرت فعدوت. قال : فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي. ثم عدوت في إثره. فربطت عليه شرفا أو شرفي. ثم إني رفعت حتى ألحقه. قال فأصكه بين كتفيه. قال قلت : قد سبقت. والله! قال : أنا أظن. قال : فسبقته إلى المدينة. قال : فوالله! ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم :تالله! لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا. ونحن عن فضلك ما استغنينا * فثبت الأقدام إن لاقينا. وأنزلن سكينة علينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من هذا؟) قال : أنا عامر. قال (غفر لك ربك) قال : وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد. قال : فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل له : يا نبي الله! لولا ما متعتنا بعامر. قال : فلما قدمنا خيبر قال : خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول : قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب. إذا الحروب أقبلت تلهب. قال : وبرز له عمي عامر، فقال : قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل مغامر قال : فاختلفا ضربتين. فوقع سيف مرحب في ترس عامر. وذهب عامر يسفل له. فرجع سيفه على نفسه. فقطع أكحله. فكانت فيها نفسه. قال سلمة : فخرجت فإذا أنا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : بطل عمل عامر. قتل نفسه. قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي. فقلت : يا رسول الله! بطل عمل عامر؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال ذلك؟) قال قلت : ناس من أصحابك. قال (كذب من قال ذلك. بل له أجره مرتين). ثم أرسلني إلى علي، وهو أرمد. فقال (لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله) قال : فأتيت عليا فجئت به أقوده، وهو أرمد. حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبسق في عينيه فبرأ. وأعطاه الراية. وخرج مرحب فقال : قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب. إذا الحروب أقبلت تلهب. فقال علي : أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث الغابات كريه المنظره. أوفيهم بالصاع كيل السندره. قال : فضرب رأس مرحب فقتله. ثم كان الفتح على يديه.)
رواه مسلم في صحيحه ( 1807 ) وأخرج البخاري منه بعضه ( 4194 ) – غزوة ذات قرد – وبوب عليه الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة ( 3553 ) بقوله : ( من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، وبطولات بعض أصحابه ) رحمه الله تعالى
*********************
وهذا شرح بعض غريب الحديث من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله :
(اللقاح : ذوات الدر من الإبل واحدها لقحه بالكسر وبالفتح أيضا واللقوح الحلوب وذكر بن سعد أنها كانت عشرين لقحة.
قوله يا صباحاه : هي كلمة تقال عند استنفار من كان غافلا عن عدوه قوله ثم اندفعت على وجهي أي لم ألتفت يمينا ولا شمالا بل أسرعت الجري وكان شديد العدو كما سيأتي بيانه في آخر الحديث قوله حتى أدركتهم في رواية مكي حتى ألقاهم وقد أخذوها يعني اللقاح ذكره بهذه الصيغة مبالغة في استحضار الحال قوله فأقبلت أرميهم أي أقبلت عليهم أرميهم أي بالسهام.
قوله : وأقول أنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع بضم الراء وتشديد المعجمة : جمع راضع وهو : اللئيم ، فمعناه اليوم يوم اللئام أي اليوم يوم هلاك اللئام والأصل فيه أن شخصا كان شديد البخل فكان إذا أراد حلب ناقته ارتضع من ثديها لئلا يحلبها فيسمع جيرانه أو من يمر به صوت الحلب فيطلبون منه اللبن وقيل بل صنع ذلك لئلا يتبدد من اللبن شيء إذا حلب في الإناء أو يبقى في الإناء شيء إذا شربه منه فقالوا في المثل الأم من راضع وقيل بل معنى المثل ارتضع اللؤم من بطن أمه وقيل كل من كان يوصف وباللؤم يوصف بالمص والرضاع وقيل المراد من يمص طرف الخلال إذا خل أسنانه وهو دال على شدة الحرص وقيل هو الراعي الذي لا يستصحب محلبا فإذا جاءه الضيف اعتذر بأن لا محلب معه وإذا أراد أن يشرب ارتضع ثديها وقال أبو عمرو الشيباني هو الذي يرتضع الشاة أو الناقة عند إرادة الحلب من شدة الشره وقيل أصله الشاة ترضع لبن شاتين من شدة الجوع وقيل معناه اليوم يعرف من ارتضع كريمة فانجبته ولئيمة فهجنته وقيل معناه اليوم يعرف من أرضعته الحرب من صغره وتدرب بها من غيره وقال الداودي معناه هذا يوم شديد عليكم تفارق فيه المرضعة من أرضعته فلا تجد من ترضعه قال السهيلي قوله اليوم يوم الرضع يجوز الرفع فيهما ونصب الأول ورفع الثاني على جعل الأول ظرفا قال وهو جائز إذا كان الظرف واسعا ولا يضيق على الثاني قال وقال أهل اللغة يقال في اللؤم رضع بالفتح يرضع بالضم رضاعة لا غير ورضع الصبي بالكسر ثدي أمه يرضع بالفتح رضاعا مثل سمع يسمع سماعا.
قوله : إنهم ليقرون في أرض غطفان ويقرون بضم أوله وسكون القاف وفتح الراء وسكون الواو من القرى وهي الضيافة ... والمراد أنهم فاتوا وأنهم وصلوا إلى بلاد قومهم ونزلوا عليهم فهم الآن يذبحون لهم ويطعمونهم .
وفي الحديث جواز العدو الشديد في الغزو والإنذار بالصياح العالي وتعريف الإنسان نفسه إذا كان شجاعا ليرعب خصمه واستحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلة لا سيما عند الصنع الجميل ليستزيد من ذلك ومحله حيث يؤمن الافتتان وفيه المسابقة على الأقدام ولا خلاف في جوازه بغير عوض وأما بالعوض فالصحيح لا يصح والله أعلم ) " .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري- ابن حجر ج 7 ص 528- 531
وفاته :
توفي سلمة رضي الله عنه سنة 74 هـ رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الإصابة:
ونزل المدينة- أي سلمة- ثم تحول إلى الربذة بعد قتل عثمان وتزوج بها وولد له حتى كان قبل أن يموت بليال نزل إلى المدينة فمات بها رواه البخاري وكان ذلك سنة أربع وسبعين على الصحيح. وقيل: مات سنة أربع وستين. وزعم الواقدي ومن تبعه أنه عاش ثمانين سنة وهو على القول الأول باطل إذ يلزم منه أن يكون له في الحديبية نحو من عشر سنين ومن يكون في تلك السن لا يبايع على الموت. (الإصابة –ابن حجر العسقلاني).
*************************
أهم المصادر :
صحيح البخاري ومسلم
تاريخ الإسلام للإمام لذهبي.
تهذيب الكمال – للإمام المزي.
الإصابة –ابن حجر العسقلاني).
فتح الباري بشرح صحيح البخاري- ابن حجر العسقلاني).
إعداد : أبو عمر الفلسطيني.
موقع شبكة الإمام الآجري.http://www.ajurry.com/vb/showthread....4856#post54856
[1] - أخرجه البخاري 7 / 399، ومسلم (1815) وابن سعد 4 / 305
[2] - أخرج البخاري 7 / 346 في المغازي: باب غزوة الحديبية، ومسلم (1860) في الإمارة، والترمذي (1952) والنسائي 7 / 141 عن يزيد بن أبي عبيد قال: قلت لسلمة: على أي شئ بايعتم رسول الله يوم الحديبية ؟ قال: على الموت.
[3] - قوله باب غزوة ذي قرد بفتح القاف والراء وحكى الضم فيهما وحكى ضم أوله وفتح ثانية قال الحازمي الأول ضبط أصحاب الحديث والضم عن أهل اللغة وقال البلاذري الصواب الأول وهو ماء على نحو بريد مما يلي بلاد غطفان وقيل على مسافة يوم ( ابن حجر- فتح الباري)