فلايخفى على من طالع التاريخ الإسلامي شهرة دولة (( الموحدين )) !! وزعيمها ابن تومرت المتلقب بالمهدي وقد انخدع بهذا الرجل كثير من الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
فلايخفى على من طالع التاريخ الإسلامي شهرة دولة (( الموحدين )) !!
وزعيمها ابن تومرت المتلقب بالمهدي وقد انخدع بهذا الرجل كثير من الناس
فاليك أخي الكريم كلام الشيخ الإمام الناقد البصير المجدد ابن تيمية -رحمه الله -:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
عن (( المرشدة )) لابن التومرت المتلقب بالمهدي ،
-----------------------------------------------------
فَأَجَابَ - رحمه الله تعالى - قَائِلًا : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
أَصْلُ هَذِهِ :
أَنَّهُ وَضَعَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التومرت الَّذِي تَلَقَّبَ بِالْمَهْدِيِّ وَكَانَ قَدْ ظَهَرَ فِي الْمَغْرِبِ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إلَى بِلَادِ الْعِرَاقِ وَتَعَلَّمَ طَرَفًا مِنْ الْعِلْمِ وَكَانَ فِيهِ طَرَفٌ مِنْ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ .
وَلَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَغْرِبِ صَعِدَ إلَى جِبَالِ الْمَغْرِبِ ; إلَى قَوْمٍ مِنْ الْبَرْبَرِ .
وَغَيْرُهُمْ : جُهَّالٍ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَّمَهُمْ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَجَازَ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ أَنْوَاعًا مِنْ المخاريق لِيَدْعُوَهُمْ بِهَا إلَى الدِّينِ فَصَارَ يَجِيءُ إلَى الْمَقَابِرِ يَدْفِنُ بِهَا أَقْوَامًا وَيُوَاطِئُهُمْ عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوهُ إذَا دَعَاهُمْ وَيَشْهَدُوا لَهُ بِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ مِثْلَ أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمَهُ وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِيهِ .
وَأَنَّهُ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا .
وَأَنَّ مَنْ اتَّبَعَهُ أَفْلَحَ وَمَنْ خَالَفَهُ خَسِرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ . فَإِذَا اعْتَقَدَ أُولَئِكَ الْبَرْبَرُ أَنَّ الْمَوْتَى يُكَلِّمُونَهُ وَيَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَظُمَ اعْتِقَادُهُمْ فِيهِ وَطَاعَتُهُمْ لِأَمْرِهِ .
كيفية خداع الجهلة والعوام :
ثُمَّ إنَّ أُولَئِكَ الْمَقْبُورِينَ يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ الْقُبُورَ لِيَمُوتُوا وَلَا يُظْهِرُوا أَمْرَهُ وَأَعْتَقِدُ أَنَّ دِمَاءَ أُولَئِكَ مُبَاحَةٌ بِدُونِ هَذَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إظْهَارُ هَذَا الْبَاطِلِ لِيَقُومَ أُولَئِكَ الْجُهَّالُ بِنَصْرِهِ وَاتِّبَاعِهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَخْبَارَهُ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ أَنْوَاعًا .
وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَهُ عَنْهُ . وَمِنْ الْحِكَايَاتِ الَّتِي يَأْثُرُونَهَا عَنْهُ أَنَّهُ وَاطَأَ رَجُلًا عَلَى إظْهَارِ الْجُنُونِ وَكَانَ ذَلِكَ عَالِمًا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ فَظَهَرَ بِصُورَةِ الْجُنُونِ وَالنَّاسُ لَا يَعْرِفُونَهُ إلَّا مَجْنُونًا .
ثُمَّ أَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عَاقِلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَزَعَمَ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ وَعُوفِيَ مِمَّا كَانَ بِهِ وَرُبَّمَا قِيلَ : إنَّهُ ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ ذَلِكَ فَصَارُوا يُحْسِنُونَ الظَّنَّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنَّهُ كَانَ لَهُمْ يَوْمٌ يُسَمُّونَهُ يَوْمَ الْفُرْقَانِ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ بِزَعْمِهِ فَصَارَ كُلُّ مَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَعَصَمُوا دَمَهُ وَمَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَاسْتَحَلُّوا دَمَهُ
جرائـــــــــــــــــــــمه :
وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ أُلُوفِ مُؤَلَّفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ : كَالصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْفِقْهَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إظْهَارُ الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ .
عقيدة ابن التومرت من(( المرشدة )):
وَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " كَانَتْ هَذِهِ عَقِيدَتَهُ كَمَا قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابٍ لَهُ كَبِيرٍ شَرَحَ فِيهِ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ
ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وُجُودٌ مُطْلَقٌ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَابْنُ سَبْعِينَ وَأَمْثَالُهُمْ .
وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي " مُرْشِدَتِهِ " الِاعْتِقَادَ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ : مِنْ الكلابية وَالْأَشْعَرِيَّةِ والكرامية وَغَيْرِهِمْ وَمَشَايِخِ التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ وَعُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيٌّ عَالِمٌ بِعِلْمٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةِ .
وَذَكَرْنَا سَبَبَ تَسْمِيَتِهِ لِأَصْحَابِهِ بِالْمُوَحِّدِينَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ الْمُسْلِمُونَ ; إذْ جَمِيعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُوَحِّدُونَ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَحَدٌ
وَ " التَّوْحِيدُ " هُوَ مَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم . كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } { اللَّهُ الصَّمَدُ } { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } وَهَذِهِ السُّورَةُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ . وَقَوْلُهُ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } { لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } { وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ } { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .
فنفاة الجهمية مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ سَمَّوْا نَفْيَ الصِّفَاتِ تَوْحِيدًا .
فَمَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقِ . أَوْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يَرَى فِي الْآخِرَةِ أَوْ قَالَ : " أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك . وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك " لَمْ يَكُنْ مُوَحِّدًا عِنْدَهُمْ ;
بَلْ يُسَمُّونَهُ مُشَبِّهًا مُجَسِّمًا وَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " لَقَّبَ أَصْحَابَهُ مُوَحِّدِينَ اتِّبَاعًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا تَوْحِيدًا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ وَأَلْحَدُوا فِي التَّوْحِيدِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ الْقُرْآنَ .
انتهى كلام الشيخ رحمه الله - بتصرف - ومن أراد الجواب كاملا فعليه بالفتاوي
المصدر - شبكة سحاب السلفية
بسم الله الرحمن الرحيم
فلايخفى على من طالع التاريخ الإسلامي شهرة دولة (( الموحدين )) !!
وزعيمها ابن تومرت المتلقب بالمهدي وقد انخدع بهذا الرجل كثير من الناس
فاليك أخي الكريم كلام الشيخ الإمام الناقد البصير المجدد ابن تيمية -رحمه الله -:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
عن (( المرشدة )) لابن التومرت المتلقب بالمهدي ،
-----------------------------------------------------
فَأَجَابَ - رحمه الله تعالى - قَائِلًا : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
أَصْلُ هَذِهِ :
أَنَّهُ وَضَعَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التومرت الَّذِي تَلَقَّبَ بِالْمَهْدِيِّ وَكَانَ قَدْ ظَهَرَ فِي الْمَغْرِبِ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إلَى بِلَادِ الْعِرَاقِ وَتَعَلَّمَ طَرَفًا مِنْ الْعِلْمِ وَكَانَ فِيهِ طَرَفٌ مِنْ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ .
وَلَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَغْرِبِ صَعِدَ إلَى جِبَالِ الْمَغْرِبِ ; إلَى قَوْمٍ مِنْ الْبَرْبَرِ .
وَغَيْرُهُمْ : جُهَّالٍ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَّمَهُمْ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَجَازَ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ أَنْوَاعًا مِنْ المخاريق لِيَدْعُوَهُمْ بِهَا إلَى الدِّينِ فَصَارَ يَجِيءُ إلَى الْمَقَابِرِ يَدْفِنُ بِهَا أَقْوَامًا وَيُوَاطِئُهُمْ عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوهُ إذَا دَعَاهُمْ وَيَشْهَدُوا لَهُ بِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ مِثْلَ أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمَهُ وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِيهِ .
وَأَنَّهُ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا .
وَأَنَّ مَنْ اتَّبَعَهُ أَفْلَحَ وَمَنْ خَالَفَهُ خَسِرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ . فَإِذَا اعْتَقَدَ أُولَئِكَ الْبَرْبَرُ أَنَّ الْمَوْتَى يُكَلِّمُونَهُ وَيَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَظُمَ اعْتِقَادُهُمْ فِيهِ وَطَاعَتُهُمْ لِأَمْرِهِ .
كيفية خداع الجهلة والعوام :
ثُمَّ إنَّ أُولَئِكَ الْمَقْبُورِينَ يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ الْقُبُورَ لِيَمُوتُوا وَلَا يُظْهِرُوا أَمْرَهُ وَأَعْتَقِدُ أَنَّ دِمَاءَ أُولَئِكَ مُبَاحَةٌ بِدُونِ هَذَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إظْهَارُ هَذَا الْبَاطِلِ لِيَقُومَ أُولَئِكَ الْجُهَّالُ بِنَصْرِهِ وَاتِّبَاعِهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَخْبَارَهُ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ أَنْوَاعًا .
وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَهُ عَنْهُ . وَمِنْ الْحِكَايَاتِ الَّتِي يَأْثُرُونَهَا عَنْهُ أَنَّهُ وَاطَأَ رَجُلًا عَلَى إظْهَارِ الْجُنُونِ وَكَانَ ذَلِكَ عَالِمًا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ فَظَهَرَ بِصُورَةِ الْجُنُونِ وَالنَّاسُ لَا يَعْرِفُونَهُ إلَّا مَجْنُونًا .
ثُمَّ أَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عَاقِلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَزَعَمَ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ وَعُوفِيَ مِمَّا كَانَ بِهِ وَرُبَّمَا قِيلَ : إنَّهُ ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ ذَلِكَ فَصَارُوا يُحْسِنُونَ الظَّنَّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنَّهُ كَانَ لَهُمْ يَوْمٌ يُسَمُّونَهُ يَوْمَ الْفُرْقَانِ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ بِزَعْمِهِ فَصَارَ كُلُّ مَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَعَصَمُوا دَمَهُ وَمَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَاسْتَحَلُّوا دَمَهُ
جرائـــــــــــــــــــــمه :
وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ أُلُوفِ مُؤَلَّفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ : كَالصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْفِقْهَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إظْهَارُ الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ .
عقيدة ابن التومرت من(( المرشدة )):
وَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " كَانَتْ هَذِهِ عَقِيدَتَهُ كَمَا قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابٍ لَهُ كَبِيرٍ شَرَحَ فِيهِ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ
ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وُجُودٌ مُطْلَقٌ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَابْنُ سَبْعِينَ وَأَمْثَالُهُمْ .
وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي " مُرْشِدَتِهِ " الِاعْتِقَادَ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ : مِنْ الكلابية وَالْأَشْعَرِيَّةِ والكرامية وَغَيْرِهِمْ وَمَشَايِخِ التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ وَعُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيٌّ عَالِمٌ بِعِلْمٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةِ .
وَذَكَرْنَا سَبَبَ تَسْمِيَتِهِ لِأَصْحَابِهِ بِالْمُوَحِّدِينَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ الْمُسْلِمُونَ ; إذْ جَمِيعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُوَحِّدُونَ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَحَدٌ
وَ " التَّوْحِيدُ " هُوَ مَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم . كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } { اللَّهُ الصَّمَدُ } { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } وَهَذِهِ السُّورَةُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ . وَقَوْلُهُ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } { لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } { وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ } { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .
فنفاة الجهمية مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ سَمَّوْا نَفْيَ الصِّفَاتِ تَوْحِيدًا .
فَمَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقِ . أَوْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يَرَى فِي الْآخِرَةِ أَوْ قَالَ : " أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك . وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك " لَمْ يَكُنْ مُوَحِّدًا عِنْدَهُمْ ;
بَلْ يُسَمُّونَهُ مُشَبِّهًا مُجَسِّمًا وَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " لَقَّبَ أَصْحَابَهُ مُوَحِّدِينَ اتِّبَاعًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا تَوْحِيدًا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ وَأَلْحَدُوا فِي التَّوْحِيدِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ الْقُرْآنَ .
انتهى كلام الشيخ رحمه الله - بتصرف - ومن أراد الجواب كاملا فعليه بالفتاوي
المصدر - شبكة سحاب السلفية
تعليق