هل عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين ؟
كثيرا ما نسمع هذه العبارة ( عندما يذكر اسم الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ) ، ولكن هل هذا الكلام صحيح ؟
هذا الكلام ليس بصواب ، وهذا اشتهر خاصة عند بعض المعاصرين ، والأصح منه لو أنصفنا أن يقال ذلك عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، فهو أول خليفة اجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد الخليفة الرابع الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
قال العلامة : سعد الحصين حفظه الله تعالى : ووصف عمر بن عبد العزيز رحمه الله بأنه ( خامس الخلفاء ) وهذا لا يصح أبدا ، فلو كان للخلفاء الراشدين المهديين خامس لكان معاوية رضي الله عنه أولى المسلمين بهذا الوصف ، فهو أول الخلفاء من قريش بعد الخلفاء الراشدين وهو الصحابي الجليل الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لكتابة الوحي واختاره أكثر الخلفاء الراشدين للقيادة والإمارة . ( ( مصطلحات للمسلمين وفيها نظر )
وهذه بعض الأحاديث الواردة في فضل معاوية رضي الله عنه :
1- دعاؤه صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه بقوله : ( اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به )
أخرجه الترمذي وغيره وصححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة برقم ( 1969 )
2- : - دعاؤه صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه ، بقوله : ( اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب )
أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة – 1748 – و حسنه لغيره الشيخ وصي الله عباس وأورده العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة - برقم ( 3227 )
2- حديث أبي سفيان رضي الله عنه ، لما طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأمور ومنها : أن يجعل معاوية كاتبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه – 2501- وعند مسلم أيضا عن ابن عباس أن معاوية رضي الله عنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم
4- عن ابن أبي مليكة قال : أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال : دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية : قيل لابن عباس : هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا واحدة ؟ قال : إنه فقيه
أخرجهما البخاري في صحيحه ( 3764- 3765 )
قال الحافظ في الفتح : عبر البخاري في هذه الترجمة بقوله ( ذكر ) ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب لأن ظاهر شهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير وقد صنف ابن ابي عاصم جزءا في مناقبه وكذلك أبو عمر غلام تعلب وابو بكر النقاش ( الفتح – ج 7- ص 120- ط التقوى )
و في عصر سلفنا الصالح رحمهم الله جميعا ، برز البعض يحاول أن يفاضل بين الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان والخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فقام العلماء بالرد عليه كأمثال المعافى بن عمران وعبد الله ابن المبارك والأعمش رحمهم الله ، وإليك بعض أقوالهم ، مع التنبيه على أن هذا الكلام لا يعني التنقص من الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقد سار بالناس سيرة حسنة ، وعدل بين الرعية حتى ساد الأمان في عهده ، و هذا ما ستشاهده أخي الكريم في ترجمته هنا المنقولة من تهذيب الكمال للإمام المزي رحمه الله تعالى
والآن مع أقوال العلماء في المفاضلة والمقارنة بين معاوية رضي الله عنه و عمر بن عبد العزيز رحمه الله :
سئل المعافى بن عمران : معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : كان معاوية أفضل بستمائة مثل عمر بن عبد العزيز
قال أبو هريرة المكتب : كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله ، فقال الأعمش : فكيف لو أدركتم معاوية ! قالو : يا أبا محمد يعني في حلمه ، قال : لا والله ، لا بل في عدله
مسائل أحمد للأثرم - نقلا عن حاشية – الشرح والابانة لابن بطة - ص 300
وقال أبو أسامة : وقيل له : أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد
وقيل لابن المبارك : معاوية خير أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : تراب دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز
وسأل رجل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟ فر أيته غضب غضبا شديدا وقال : لا يقاس بأصحاب محمد أحد ، معاوية كاتبه وصهره وأمينه على وحي الله عز وجل
الشريعة للآجري - ص 701- ط دار الحديث
والآن لنقرأ معا ترجمة الخليفة العادل (عمر بن عبد العزيز ) رحمه الله تعالى
هو : عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي أبو حفص المدني ثم الدمشقي أمير المؤمنين الإمام العادل والخليفة الصالح
وأمه أم عاصم حفصة وقيل ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ولي الخلافة بعد بن عمه سليمان بن عبد الملك بن مروان وكان من أئمة العدل وأهل الدين والفضل وكانت ولايته تسعة وعشرين شهرا مثل ولاية أبي بكر الصديق روى عن أنس بن مالك وصلى أنس خلفه وقال : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا
ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة قال : وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب قالوا ولد سنة ثلاث وستين وهي السنة التي ماتت فيها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال : وكان ثقة مأمونا له فقه وعلم وورع وروى حديثا كثيرا وكان إمام عدل رحمه الله ورضي عنه ، وذكره أبو الحسن بن سميع الدمشقي في الطبقة الرابعة ، وقال الزبير بن بكار : ولد عبد العزيز بن مروان بن الحكم عمر بن عبد العزيز استخلفه سليمان بن عبد الملك وعاصما وأبا بكر ومحمدا لا عقب له وأمهم أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وذكر غيرهم وقال عمرو بن علي : سمعت عبد الله بن داود يقول طلحة بن يحيى والأعمش وهشام بن عروة وعمر بن عبد العزيز ولدوا مقتل الحسين بن علي يعني سنة إحدى وستين وكذلك قال خليفة بن خياط وغير واحد أنه ولد سنة إحدى وستين ، وذكر سعيد بن كثير بن عفير ، أنه كان أسمر دقيق الوجه حسنه نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد وخطه الشيب ، وقال إسماعيل بن علي الخطبي : رأيت صفته في بعض الكتب أنه كان رجلا أبيض رقيق الوجه جميلا نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية وكان قد وخطه الشيب
وقال آدم بن أبي إياس عن ضمرة بن ربيعة حدثنا أبو علي ثروان مولى عمر بن عبد العزيز قال / دخل عمر بن عبد العزيز إلى اصطبل أبيه وهو غلام فضربه فرس فشجه فجعل أبوه يمسح عنه الدم ويقول إن كنت أشج بني أمية إنك إذا لسعيد وقال ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل : إن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير فبلغ ذلك أمه فأرسلت إليه وقالت ما يبكيك قال ذكرت الموت قال وكان يومئذ قد جمع القرآن وهو غلام صغير فبكت أمه حين بلغها ذلك وقال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الأسود عن جده أبي الأسود عن الضحاك بن عثمان أن عبد العزيز بن مروان ضم عمر بن عبد العزيز إلى صالح بن كيسان فلما حج أتاه فسأله عنه فقال ما خبرت أحدا الله أعظم في صدره من هذا الغلام وقال عمر بن شبة حدثنا بن عائشة قال سمعت أبي يقول قيل ليحيى بن الحكم بن أبي العاص ما بال عمر بن عبد العزيز ومولده مولده ومنشأه منشأه جاء على ما رأيت قال إن أباه أرسله وهو شاب إلى الحجاز سوقة فكان يغضب الناس ويغضبونه ويمحصهم ويمحصونه والله لقد كان الحجاج وما عربي أحسن منه أدبا فطالت ولايته فكان لا يسمع إلا ما يحب فمات وإنه لأحمق سيء الأدب عن داود بن أبي هند قال : دخل علينا عمر بن عبد العزيز من هذا الباب يعني بابا من أبواب مسجد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من القوم بعث إلينا الفاسق بابنه هذا يتعلم الفرائض والسنن ويزعم أنه لن يموت حتى يكون خليفة ويسير بسيرة عمر بن الخطاب فقال لنا داود فوالله مامات حتى رأينا ذلك فيه
وقال أبو زرعة الدمشقي حدثنا عبيد بن حبان عن مالك بن أنس قال : كان عمر بن عبد العزيز بالمدينة قبل أن يستخلف وهو يعنى بالعلم ويحفر عنه ويجالس أهله ويصدر عن رأي سعيد بن المسيب وكان سعيد لا يأتي أحدا من الأمراء غير عمر أرسل إليه عبد الملك فلم يأته وأرسل إليه عمر فأتاه وكان عمر يكتب إلى سعيد في علمه قال أبو زرعة فحدثت به عبد الرحمن بن إبراهيم فحدثني عن بن وهب عن عبد الجبار الأيلي عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : قدمت المدينة وبها بن المسيب وغيره وقد بذهم عمر يومئذ رأيا عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال : لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة واليا عليها كف حاجبه الناس ثم دخلوا فسلموا عليه فلما صلى الظهر دعا عشرة نفر من فقهاء البلد عروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الله بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد بن ثابت فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال إني أدعوكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعوانا على الحق ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم فإن رأيتم أحدا يتعدى أو بلغكم عن عامل ظلامة فأحرج بالله على أحد بلغه ذلك إلا أبلغني فجزوه خيرا وافترقوا
وقال بن وهب عن الليث حدثني قادم البربري أنه ذاكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيئا من قضاء عمر بن عبد العزيز إذ كان بالمدينة قال فقال له ربيعة كأنك تقول إنه أخطأ والذي نفسي بيده ما أخطأ قط وقال عطاء بن مسلم الخفاف عن عمرو بن قيس الملائي سئل محمد بن علي بن الحسين عن عمر بن عبد العزيز فقال : أما علمت أن لكل قوم نجيبة وإن نجيبة بني أمية عمر بن عبد العزيز وإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده وقال علي بن حرب عن سفيان بن عيينة سألت عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حين قدم علينا كم أتى على عمر قال مات ولم يتم أربعين سنة وذكر أشياء من فضله قال وقال مجاهد أتيناه نعلمه فما برحنا حتى تعلمنا منه قال وقال ميمون بن مهران ما كانت العلماء عند عمر بن عبد العزيز إلا تلامذة
وقال البخاري وقال موسى حدثنا نوح بن قيس قال سمعت أيوب يقول : لا نعلم أحدا ممن أدركنا كان آخذ عن نبي الله صلى الله عليه وسلم منه يعني عمر بن عبد العزيز وقال محمد بن مسلم بن أبي الوضاح عن خصيف : ما رأيت رجلا قط خيرا من عمر بن عبد العزيز وقال علي بن أبي حملة عن أبي الأعيس كنت جالسا مع خالد بن يزيد في صحن بيت المقدس فأقبل شاب عليه مقطعات فأخذ بيد خالد فقال هل علينا من عين قال أبو الأعيس فبدرت أنا فقلت عليكما من الله عين ناظرة وأذن سامعة قال فترقرقت عينا الفتى فأرسل يده من يد خالد وولى فقلت من هذا قال هذا عمر بن عبد العزيز بن أخي أمير المؤمنين ولئن طالت بك حياة لترينه إمام هدى وقال سعيد بن عامر الضبعي عن بن عون : لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة قام على المنبر فقال يا أيها الناس إن كرهتموني لم أقم عليكم قالوا : رضينا رضينا فقال بن عون : ألآن حين طاب الأمر وقال يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود الخولاني : إن رجلا بايع عمر بن عبد العزيز فمد يده إليه ثم قال بايعني بلا عهد ولا ميثاق وأطعني ما أطعت الله فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليك فبايعه وقال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز : كانت خلافة سليمان بن عبد الملك كأنها خلافة عمر بن عبد العزيز كان إذا أراد شيئا قال له ما تقول يا أبا حفص قال فعهد إلى عمر بن عبد العزيز فأقام سنتين ونصفا ثم مات بدير سمعان
وقال عبيد الله بن سعد عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد توفي سليمان يوم الجمعة لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين واستخلف عمر بن عبد العزيز في ذلك اليوم وقال يحيى بن بكير عن الليث بن سعد نحو ذلك إلا أنه قال لعشر ليال بقين من صفر وقال الزبير بن بكار حدثني محمد بن سلام عن سلام بن سليم قال : لما ولي عمر بن عبد العزيز صعد المنبر فكان أول خطبة خطبها حمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فلا يقربنا يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها ويعيننا على الخير بجهده ويدلنا من الخير على مالا نهتدي إليه ولا يغتابن عندنا الرعية ولا يعترض فيما لا يعنيه فانقشع عنه الشعراء والخطباء وثبت الفقهاء والزهاد وقالوا ما يسعنا أن نفارق هذا الرجل حتى يخالف فعله قوله وقال فضيل بن عياض عن السري بن يحيى : إن عمر بن عبد العزيز حمد الله تعالى ثم خنقته العبرة ثم قال أيها الناس أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم والله إن عبد ليس بينه وبين آدم أب إلا قد مات إنه لمغرق له في الموت
وقال إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر : إن عمر بن عبد العزيز لما استخلف قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إنه لاكتاب بعد القرآن ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ألا وإني لست بقاض ولكني منفذ ألا وإني لست بمبتدع ولكن متبع إن الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بظالم ألا وإن الإمام الظالم هو العاصي ألا لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق
وقال الأصمعي عن الوليد بن يسار الخزاعي : لما استخلف عمر بن عبد العزيز قال للحاجب : أدن مني قريشا ووجوه الناس ، ثم قال لهم : إن فدك كانت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يضعها حيث أراه الله ثم وليها أبو بكر ففعل مثل ذلك ثم وليها عمر ففعل مثل ذلك ، قال الأصمعي : وخفي علي ما قال في عثمان ، ثم إن مروان أقطعها فوهبها لمن لا يرثه من بني بنيه فكنت أحدهم ثم ولي الوليد فوهب لي نصيبه ثم ولي سليمان فوهب لي نصيبه ثم لم يكن من مالي شيء أرد علي منها ألا واني قد رددتها موضعها قال : فانقطعت ظهور الناس ويئسوا من المظالم وقال جرير بن عبد الحميد عن مغيرة : جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم ويزوج منها أيمهم وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبي وكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لسبيله فلما أن ولي أبو بكر عمل فيها بما عمل النبي صلى الله عليه وسلم حياته حتى مضى لسبيله فلما أن ولي عمر عمل فيها بمثل ما عملا حتى مضى لسبيله ثم أقطعها مروان ثم صارت لعمر بن عبد العزيز قال عمر فرأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ليس لي بحق وإني أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود في كتاب المراسيل عن عبد الله بن الجراح عن جرير
وقال يعقوب بن سفيان حدثني هشام بن عمار قال حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثنا سليمان بن داود أن عبدة بن أبي لبابه بعث معه بخمسين ومئة يفرقها في فقراء الأمصار قال فأتيت الماجشون فسألته فقال ما أعلم أن فيهم اليوم محتاج أغناهم عمر بن عبد العزيز فزع إليهم فلم يترك منهم أحدا إلا ألحقه وقال أيضا حدثنا زيد بن بشر قال أخبرنا بن وهب قال حدثني بن زيد عن عمر بن أسيد بن عبد الرحمن بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال : إنما ولي عمر بن عبد العزيز سنتين ونصفا ثلاثين شهرا والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء فما نبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيهم فلا يجدهم فيرجع بماله قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس وقال جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي إن للإسلام سننا وشرائع وفرائض فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش أبينها لكم لتعلموا بها وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص وقال محمد بن سعد عن سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء قال عمر بن عبد العزيز إن نفسي هذه نفس تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه فلما أعطيت الذي لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل من ذلك قال سعيد الجنة أفضل من الخلافة وقال عبد ربه بن أبي هلال عن ميمون بن مهران قلت لعمر بن عبد العزيز ليلة بعد ما نهض جلساؤه يا أمير المؤمنين ما بقاؤك على ما أرى أما أول الليل فأنت في حاجات الناس وأما وسط الليل فأنت مع جلسائك وأما آخر الليل فالله أعلم ما تصير إليه قال فعدل عن جوابي وضرب على كتفي فقال ويحك يا ميمون إني وجدت لقي الرجال تلقيحا لألبابهم وقال عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي أن عمر بن عبد العزيز كان يقول : ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير وقال جعفر بن سليمان الضبعي عن هشام بن حسان لما جاء نعي عمر بن عبد العزيز قال الحسن مات خير الناس ومناقبه وفضائله كثيرة جدا ، قال عمرو بن علي : ملك سنتين وخمسة أشهر وخمسة عشر يوما ومات يوم الجمعة لعشر بقين من رجب سنة إحدى ومئة وكذلك قال أبو نعيم وأبو مسهر وغير واحد أنه مات في رجب سنة إحدى ومئة ، وقال الهيثم بن عدي مات سنة اثنتين ومئة والصحيح الأول وفي بعض ما ذكرناه خلاف روى له الجماعة
************** وكتبه : محمد أبو عمر الفلسطيني
كثيرا ما نسمع هذه العبارة ( عندما يذكر اسم الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ) ، ولكن هل هذا الكلام صحيح ؟
هذا الكلام ليس بصواب ، وهذا اشتهر خاصة عند بعض المعاصرين ، والأصح منه لو أنصفنا أن يقال ذلك عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، فهو أول خليفة اجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد الخليفة الرابع الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
قال العلامة : سعد الحصين حفظه الله تعالى : ووصف عمر بن عبد العزيز رحمه الله بأنه ( خامس الخلفاء ) وهذا لا يصح أبدا ، فلو كان للخلفاء الراشدين المهديين خامس لكان معاوية رضي الله عنه أولى المسلمين بهذا الوصف ، فهو أول الخلفاء من قريش بعد الخلفاء الراشدين وهو الصحابي الجليل الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لكتابة الوحي واختاره أكثر الخلفاء الراشدين للقيادة والإمارة . ( ( مصطلحات للمسلمين وفيها نظر )
وهذه بعض الأحاديث الواردة في فضل معاوية رضي الله عنه :
1- دعاؤه صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه بقوله : ( اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به )
أخرجه الترمذي وغيره وصححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة برقم ( 1969 )
2- : - دعاؤه صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه ، بقوله : ( اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب )
أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة – 1748 – و حسنه لغيره الشيخ وصي الله عباس وأورده العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة - برقم ( 3227 )
2- حديث أبي سفيان رضي الله عنه ، لما طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأمور ومنها : أن يجعل معاوية كاتبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه – 2501- وعند مسلم أيضا عن ابن عباس أن معاوية رضي الله عنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم
4- عن ابن أبي مليكة قال : أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال : دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية : قيل لابن عباس : هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا واحدة ؟ قال : إنه فقيه
أخرجهما البخاري في صحيحه ( 3764- 3765 )
قال الحافظ في الفتح : عبر البخاري في هذه الترجمة بقوله ( ذكر ) ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب لأن ظاهر شهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير وقد صنف ابن ابي عاصم جزءا في مناقبه وكذلك أبو عمر غلام تعلب وابو بكر النقاش ( الفتح – ج 7- ص 120- ط التقوى )
و في عصر سلفنا الصالح رحمهم الله جميعا ، برز البعض يحاول أن يفاضل بين الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان والخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فقام العلماء بالرد عليه كأمثال المعافى بن عمران وعبد الله ابن المبارك والأعمش رحمهم الله ، وإليك بعض أقوالهم ، مع التنبيه على أن هذا الكلام لا يعني التنقص من الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقد سار بالناس سيرة حسنة ، وعدل بين الرعية حتى ساد الأمان في عهده ، و هذا ما ستشاهده أخي الكريم في ترجمته هنا المنقولة من تهذيب الكمال للإمام المزي رحمه الله تعالى
والآن مع أقوال العلماء في المفاضلة والمقارنة بين معاوية رضي الله عنه و عمر بن عبد العزيز رحمه الله :
سئل المعافى بن عمران : معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : كان معاوية أفضل بستمائة مثل عمر بن عبد العزيز
قال أبو هريرة المكتب : كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله ، فقال الأعمش : فكيف لو أدركتم معاوية ! قالو : يا أبا محمد يعني في حلمه ، قال : لا والله ، لا بل في عدله
مسائل أحمد للأثرم - نقلا عن حاشية – الشرح والابانة لابن بطة - ص 300
وقال أبو أسامة : وقيل له : أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد
وقيل لابن المبارك : معاوية خير أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : تراب دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز
وسأل رجل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟ فر أيته غضب غضبا شديدا وقال : لا يقاس بأصحاب محمد أحد ، معاوية كاتبه وصهره وأمينه على وحي الله عز وجل
الشريعة للآجري - ص 701- ط دار الحديث
والآن لنقرأ معا ترجمة الخليفة العادل (عمر بن عبد العزيز ) رحمه الله تعالى
هو : عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي أبو حفص المدني ثم الدمشقي أمير المؤمنين الإمام العادل والخليفة الصالح
وأمه أم عاصم حفصة وقيل ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ولي الخلافة بعد بن عمه سليمان بن عبد الملك بن مروان وكان من أئمة العدل وأهل الدين والفضل وكانت ولايته تسعة وعشرين شهرا مثل ولاية أبي بكر الصديق روى عن أنس بن مالك وصلى أنس خلفه وقال : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا
ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة قال : وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب قالوا ولد سنة ثلاث وستين وهي السنة التي ماتت فيها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال : وكان ثقة مأمونا له فقه وعلم وورع وروى حديثا كثيرا وكان إمام عدل رحمه الله ورضي عنه ، وذكره أبو الحسن بن سميع الدمشقي في الطبقة الرابعة ، وقال الزبير بن بكار : ولد عبد العزيز بن مروان بن الحكم عمر بن عبد العزيز استخلفه سليمان بن عبد الملك وعاصما وأبا بكر ومحمدا لا عقب له وأمهم أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وذكر غيرهم وقال عمرو بن علي : سمعت عبد الله بن داود يقول طلحة بن يحيى والأعمش وهشام بن عروة وعمر بن عبد العزيز ولدوا مقتل الحسين بن علي يعني سنة إحدى وستين وكذلك قال خليفة بن خياط وغير واحد أنه ولد سنة إحدى وستين ، وذكر سعيد بن كثير بن عفير ، أنه كان أسمر دقيق الوجه حسنه نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد وخطه الشيب ، وقال إسماعيل بن علي الخطبي : رأيت صفته في بعض الكتب أنه كان رجلا أبيض رقيق الوجه جميلا نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية وكان قد وخطه الشيب
وقال آدم بن أبي إياس عن ضمرة بن ربيعة حدثنا أبو علي ثروان مولى عمر بن عبد العزيز قال / دخل عمر بن عبد العزيز إلى اصطبل أبيه وهو غلام فضربه فرس فشجه فجعل أبوه يمسح عنه الدم ويقول إن كنت أشج بني أمية إنك إذا لسعيد وقال ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل : إن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير فبلغ ذلك أمه فأرسلت إليه وقالت ما يبكيك قال ذكرت الموت قال وكان يومئذ قد جمع القرآن وهو غلام صغير فبكت أمه حين بلغها ذلك وقال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الأسود عن جده أبي الأسود عن الضحاك بن عثمان أن عبد العزيز بن مروان ضم عمر بن عبد العزيز إلى صالح بن كيسان فلما حج أتاه فسأله عنه فقال ما خبرت أحدا الله أعظم في صدره من هذا الغلام وقال عمر بن شبة حدثنا بن عائشة قال سمعت أبي يقول قيل ليحيى بن الحكم بن أبي العاص ما بال عمر بن عبد العزيز ومولده مولده ومنشأه منشأه جاء على ما رأيت قال إن أباه أرسله وهو شاب إلى الحجاز سوقة فكان يغضب الناس ويغضبونه ويمحصهم ويمحصونه والله لقد كان الحجاج وما عربي أحسن منه أدبا فطالت ولايته فكان لا يسمع إلا ما يحب فمات وإنه لأحمق سيء الأدب عن داود بن أبي هند قال : دخل علينا عمر بن عبد العزيز من هذا الباب يعني بابا من أبواب مسجد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من القوم بعث إلينا الفاسق بابنه هذا يتعلم الفرائض والسنن ويزعم أنه لن يموت حتى يكون خليفة ويسير بسيرة عمر بن الخطاب فقال لنا داود فوالله مامات حتى رأينا ذلك فيه
وقال أبو زرعة الدمشقي حدثنا عبيد بن حبان عن مالك بن أنس قال : كان عمر بن عبد العزيز بالمدينة قبل أن يستخلف وهو يعنى بالعلم ويحفر عنه ويجالس أهله ويصدر عن رأي سعيد بن المسيب وكان سعيد لا يأتي أحدا من الأمراء غير عمر أرسل إليه عبد الملك فلم يأته وأرسل إليه عمر فأتاه وكان عمر يكتب إلى سعيد في علمه قال أبو زرعة فحدثت به عبد الرحمن بن إبراهيم فحدثني عن بن وهب عن عبد الجبار الأيلي عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : قدمت المدينة وبها بن المسيب وغيره وقد بذهم عمر يومئذ رأيا عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال : لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة واليا عليها كف حاجبه الناس ثم دخلوا فسلموا عليه فلما صلى الظهر دعا عشرة نفر من فقهاء البلد عروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الله بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد بن ثابت فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال إني أدعوكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعوانا على الحق ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم فإن رأيتم أحدا يتعدى أو بلغكم عن عامل ظلامة فأحرج بالله على أحد بلغه ذلك إلا أبلغني فجزوه خيرا وافترقوا
وقال بن وهب عن الليث حدثني قادم البربري أنه ذاكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيئا من قضاء عمر بن عبد العزيز إذ كان بالمدينة قال فقال له ربيعة كأنك تقول إنه أخطأ والذي نفسي بيده ما أخطأ قط وقال عطاء بن مسلم الخفاف عن عمرو بن قيس الملائي سئل محمد بن علي بن الحسين عن عمر بن عبد العزيز فقال : أما علمت أن لكل قوم نجيبة وإن نجيبة بني أمية عمر بن عبد العزيز وإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده وقال علي بن حرب عن سفيان بن عيينة سألت عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حين قدم علينا كم أتى على عمر قال مات ولم يتم أربعين سنة وذكر أشياء من فضله قال وقال مجاهد أتيناه نعلمه فما برحنا حتى تعلمنا منه قال وقال ميمون بن مهران ما كانت العلماء عند عمر بن عبد العزيز إلا تلامذة
وقال البخاري وقال موسى حدثنا نوح بن قيس قال سمعت أيوب يقول : لا نعلم أحدا ممن أدركنا كان آخذ عن نبي الله صلى الله عليه وسلم منه يعني عمر بن عبد العزيز وقال محمد بن مسلم بن أبي الوضاح عن خصيف : ما رأيت رجلا قط خيرا من عمر بن عبد العزيز وقال علي بن أبي حملة عن أبي الأعيس كنت جالسا مع خالد بن يزيد في صحن بيت المقدس فأقبل شاب عليه مقطعات فأخذ بيد خالد فقال هل علينا من عين قال أبو الأعيس فبدرت أنا فقلت عليكما من الله عين ناظرة وأذن سامعة قال فترقرقت عينا الفتى فأرسل يده من يد خالد وولى فقلت من هذا قال هذا عمر بن عبد العزيز بن أخي أمير المؤمنين ولئن طالت بك حياة لترينه إمام هدى وقال سعيد بن عامر الضبعي عن بن عون : لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة قام على المنبر فقال يا أيها الناس إن كرهتموني لم أقم عليكم قالوا : رضينا رضينا فقال بن عون : ألآن حين طاب الأمر وقال يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود الخولاني : إن رجلا بايع عمر بن عبد العزيز فمد يده إليه ثم قال بايعني بلا عهد ولا ميثاق وأطعني ما أطعت الله فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليك فبايعه وقال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز : كانت خلافة سليمان بن عبد الملك كأنها خلافة عمر بن عبد العزيز كان إذا أراد شيئا قال له ما تقول يا أبا حفص قال فعهد إلى عمر بن عبد العزيز فأقام سنتين ونصفا ثم مات بدير سمعان
وقال عبيد الله بن سعد عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد توفي سليمان يوم الجمعة لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين واستخلف عمر بن عبد العزيز في ذلك اليوم وقال يحيى بن بكير عن الليث بن سعد نحو ذلك إلا أنه قال لعشر ليال بقين من صفر وقال الزبير بن بكار حدثني محمد بن سلام عن سلام بن سليم قال : لما ولي عمر بن عبد العزيز صعد المنبر فكان أول خطبة خطبها حمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فلا يقربنا يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها ويعيننا على الخير بجهده ويدلنا من الخير على مالا نهتدي إليه ولا يغتابن عندنا الرعية ولا يعترض فيما لا يعنيه فانقشع عنه الشعراء والخطباء وثبت الفقهاء والزهاد وقالوا ما يسعنا أن نفارق هذا الرجل حتى يخالف فعله قوله وقال فضيل بن عياض عن السري بن يحيى : إن عمر بن عبد العزيز حمد الله تعالى ثم خنقته العبرة ثم قال أيها الناس أصلحوا آخرتكم تصلح لكم دنياكم وأصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم والله إن عبد ليس بينه وبين آدم أب إلا قد مات إنه لمغرق له في الموت
وقال إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر : إن عمر بن عبد العزيز لما استخلف قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إنه لاكتاب بعد القرآن ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ألا وإني لست بقاض ولكني منفذ ألا وإني لست بمبتدع ولكن متبع إن الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بظالم ألا وإن الإمام الظالم هو العاصي ألا لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق
وقال الأصمعي عن الوليد بن يسار الخزاعي : لما استخلف عمر بن عبد العزيز قال للحاجب : أدن مني قريشا ووجوه الناس ، ثم قال لهم : إن فدك كانت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يضعها حيث أراه الله ثم وليها أبو بكر ففعل مثل ذلك ثم وليها عمر ففعل مثل ذلك ، قال الأصمعي : وخفي علي ما قال في عثمان ، ثم إن مروان أقطعها فوهبها لمن لا يرثه من بني بنيه فكنت أحدهم ثم ولي الوليد فوهب لي نصيبه ثم ولي سليمان فوهب لي نصيبه ثم لم يكن من مالي شيء أرد علي منها ألا واني قد رددتها موضعها قال : فانقطعت ظهور الناس ويئسوا من المظالم وقال جرير بن عبد الحميد عن مغيرة : جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم ويزوج منها أيمهم وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبي وكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لسبيله فلما أن ولي أبو بكر عمل فيها بما عمل النبي صلى الله عليه وسلم حياته حتى مضى لسبيله فلما أن ولي عمر عمل فيها بمثل ما عملا حتى مضى لسبيله ثم أقطعها مروان ثم صارت لعمر بن عبد العزيز قال عمر فرأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ليس لي بحق وإني أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود في كتاب المراسيل عن عبد الله بن الجراح عن جرير
وقال يعقوب بن سفيان حدثني هشام بن عمار قال حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثنا سليمان بن داود أن عبدة بن أبي لبابه بعث معه بخمسين ومئة يفرقها في فقراء الأمصار قال فأتيت الماجشون فسألته فقال ما أعلم أن فيهم اليوم محتاج أغناهم عمر بن عبد العزيز فزع إليهم فلم يترك منهم أحدا إلا ألحقه وقال أيضا حدثنا زيد بن بشر قال أخبرنا بن وهب قال حدثني بن زيد عن عمر بن أسيد بن عبد الرحمن بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال : إنما ولي عمر بن عبد العزيز سنتين ونصفا ثلاثين شهرا والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء فما نبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيهم فلا يجدهم فيرجع بماله قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس وقال جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي إن للإسلام سننا وشرائع وفرائض فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش أبينها لكم لتعلموا بها وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص وقال محمد بن سعد عن سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء قال عمر بن عبد العزيز إن نفسي هذه نفس تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه فلما أعطيت الذي لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل من ذلك قال سعيد الجنة أفضل من الخلافة وقال عبد ربه بن أبي هلال عن ميمون بن مهران قلت لعمر بن عبد العزيز ليلة بعد ما نهض جلساؤه يا أمير المؤمنين ما بقاؤك على ما أرى أما أول الليل فأنت في حاجات الناس وأما وسط الليل فأنت مع جلسائك وأما آخر الليل فالله أعلم ما تصير إليه قال فعدل عن جوابي وضرب على كتفي فقال ويحك يا ميمون إني وجدت لقي الرجال تلقيحا لألبابهم وقال عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي أن عمر بن عبد العزيز كان يقول : ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير وقال جعفر بن سليمان الضبعي عن هشام بن حسان لما جاء نعي عمر بن عبد العزيز قال الحسن مات خير الناس ومناقبه وفضائله كثيرة جدا ، قال عمرو بن علي : ملك سنتين وخمسة أشهر وخمسة عشر يوما ومات يوم الجمعة لعشر بقين من رجب سنة إحدى ومئة وكذلك قال أبو نعيم وأبو مسهر وغير واحد أنه مات في رجب سنة إحدى ومئة ، وقال الهيثم بن عدي مات سنة اثنتين ومئة والصحيح الأول وفي بعض ما ذكرناه خلاف روى له الجماعة
************** وكتبه : محمد أبو عمر الفلسطيني
تعليق