182 - " إذا زار أحدكم أخاه فجلس عنده ، فلا يقومن حتى يستأذنه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 304 :
رواه أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " ( 113 ) : حدثنا إسحق بن محمد ابن حكيم
قال : حدثنا يحيى بن واقد قال : حدثنا ابن أبي غنية قال : حدثنا أبي قال :
حدثنا جبلة بن سحيم عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات معرفون .
و في الحديث تنبيه على أدب رفيع و هو أن الزائر لا ينبغي أن يقوم إلا بعد أن
يستأذن المزور ، و قد أخل بهذا التوجيه النبوي الكريم كثير من الناس في بعض
البلاد العربية ، فتجدهم يخرجون من المجلس دون استئذان ، و ليس هذا فقط ، بل
و بدون سلام أيضا ! و هذه مخالفة أخرى لأدب إسلامي آخر ، أفاده الحديث الآتى :
" إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإذا أراد أن يقوم فيسلم ، فليست الأولى
بأحق من الآخرة " .
183 - " إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإذا أراد أن يقوم فيسلم ، فليست الأولى
بأحق من الآخرة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 306 :
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1007 و 1008 ) و أبو داود ( 5208 )
و الترمذي ( 2 / 118 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 2 / 139 ) و أحمد ( 2 / 230 ،
287 ، 429 ) و الحميدي ( 1162 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( ق 306 / 1 )
و الفاكهي في " حديثه عن أبي يحيى بن أبي ميسرة " ( 1 / 5 / 2 ) عن ابن عجلان
عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا به و قال الترمذي : " حديث حسن " .
قلت : و إسناده جيد ، رجاله كلهم ثقات ، .....
و من شواهد الحديث ما أخرجه أحمد ( 3 / 438 ) من طريق ابن لهيعة حدثنا زبان عن
سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" حق على من قام على مجلس أن يسلم عليهم ، و حق على من قام من مجلس أن يسلم .
فقام رجل و رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم ، و لم يسلم ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ما أسرع ما نسي ؟ !
قلت : و هذا سند ضعيف ، و لكن لا بأس به في الشواهد . و يقويه أن البخاري أخرجه
في " الأدب المفرد " ( 1009 ) من طريق أخرى عن بسطام قال : سمعت معاوية بن قرة
قال : قال لي أبي :
" يا بني إن كنت في مجلس ترجو خيره فعجلت بك حاجة فقل : سلام عليكم ، فإنك
تشركهم فيما أصابوا في ذلك المجلس ، و ما من قوم يجلسون مجلسا فيتفرقون عنه لم
يذكروا الله ، إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار " .
و إسناده صحيح ، رجاله كلهم ثقات ، و هو و إن كان موقوفا ، فهو في حكم المرفوع
لأنه لا يقال من قبل الرأي ، لاسيما و غالبه قد صح مرفوعا ، فطرفه الأول ورد
في حديث أبي هريرة هذا ، و الآخر ورد من حديثه أيضا ، و قد سبق برقم ( 77 )
و انظر ما قبله و ما بعده .
و السلام عند القيام من المجلس أدب متروك في بعض البلاد ، و أحق من يقوم
بإحيائه هم أهل العلم و طلابه ، فينبغي لهم إذا دخلوا على الطلاب في غرفة الدرس
مثلا أن يسلموا ، و كذلك إذا خرجوا ، فليست الأولى بأحق من الأخرى ، و ذلك من
إفشاء السلام المأمور به في الحديث الآتى :
" إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض ، فأفشوا السلام بينكم " .
184 - " إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض ، فأفشوا السلام بينكم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 308 :
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 989 ) حدثنا شهاب قال : حدثنا حماد بن سلمة
عن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن
رجال مسلم وحده .
و له شاهد من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعا به ......
و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 3 / 267 - 268 ) بزيادة :
" فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة
بتذكيره إياهم السلام ، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم " .
و قال :
" رواه البزار و الطبراني و أحد إسنادي البزار جيد قوي " .
و في الباب عن أبي هريرة مثل حديث أنس .
أخرجه العقيلي كما في " الجامع الكبير " ( 1 / 159 / 1 ) .
و بالجملة فالحديث صحيح لا شك فيه ، و الأحاديث في الأمر بإفشاء السلام كثيرة
صحيحة ، بعضها في الصحيح ، و قد اخترت منها هذا الحديث للكلام عليه ، لأنه ليس
في " الصحيح " مع أن إسناده صحيح ، و له تلك الشواهد فأحببت أن أبين ذلك .
إذا عرفت هذا فينبغي أن تعلم أن إفشاء السلام المأمور به دائرته واسعة جدا ،
ضيقها بعض الناس جهلا بالسنة ، أو تهاملا في العمل بها . فمن ذلك السلام على
المصلي ، فإن كثيرا من الناس يظنون أنه غير مشروع ، بل صرح النووي في الأذكار
بكراهته ، مع أنه صرح في " شرح مسلم " : " أنه يستحب رد السلام بالإشارة "
و هو السنة . فقد جاءت أحاديث كثيرة في سلام الصحابة على النبي صلى الله عليه
وسلم و هو يصلي فأقرهم على ذلك ، و رد عليهم السلام ، فأنا أذكر هنا حديثا
واحدا منها و هو حديث ابن عمر قال :
" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصل فيه . فجاءته الأنصار فسلموا
عليه و هو يصلي ، قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه و هو يصلي ؟ قال : يقول هكذا ، و بسط كفه
و بسط جعفر بن عون كفه ، و جعل بطنه أسفل ، و جعل ظهره إلى فوق " .
185 - " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه . فجاءته الأنصار فسلموا
عليه و هو يصلي ، قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه و هو يصلي ؟ قال : يقول هكذا ، و بسط كفه
و بسط جعفر بن عون كفه ، و جعل بطنه أسفل ، و جعل ظهره إلى فوق " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 310 :
أخرجه أبو داود ( 927 ) بسند جيد و بقية أصحاب السنن .
و قال الترمذي ( 2 / 204 ) : " حديث حسن صحيح " .
و له طريق أخرى في المسند ( 2 / 30 ) و غيره عن ابن عمر .
و سنده صحيح على شرط الشيخين .
و قد ذهب إلى الحديث الإمامان أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهويه فقال المروزي في
" المسائل " ( ص 22 ) :
" قلت ( يعني لأحمد ) : يسلم على القوم و هم في الصلاة ؟ قال : نعم ، فذكر قصة
بلال حين سأله ابن عمر ، كيف كان يرد ؟ قال : كان يشير ، قال إسحاق : كما قال "
و اختار هذا بعض محققي المالكية فقال القاضي أبو بكر بن العربي في " العارضة "
( 2 / 162 ) :
" قد تكون الإشارة في الصلاة لرد السلام لأمر ينزل بالصلاة ، و قد تكون في
الحاجة تعرض للمصلي . فإن كانت لرد السلام ففيها الآثار الصحيحة كفعل النبي
صلى الله عليه وسلم في قباء و غيره . و قد كنت في مجلس الطرطوشي ، و تذاكرنا
المسألة ، و قلنا الحديث و احتججنا به ، و عامي في آخر الحلقة ، فقام و قال :
و لعله كان يرد عليهم نهيا لئلا يشغلوه ! فعجبنا من فقهه ! ثم رأيت بعد ذلك أن
فهم الراوي أنه كان لرد السلام قطعي في الباب ، على حسب ما بيناه في أصول الفقه
" .
و من العجيب أن النووي بعد أن صرح في الأذكار بكراهة السلام على المصلي قال ما
نصه :
" و المستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة ، و لا يتلفظ بشيء " .
أقول : و وجه التعجب أن استحباب الرد فيه أن يستلزم استحباب السلام عليه
و العكس بالعكس ، لأن دليل الأمرين واحد ، و هو هذا الحديث و ما في معناه ،
فإذا كان يدل على استحباب الرد ، فهو في الوقت نفسه يدل على استحباب الإلقاء ،
فلو كان هذا مكروها لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم و لو بعدم الإشارة
بالرد ، لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز . و هذا بين ظاهر
و الحمد لله .
و من ذلك أيضا السلام على المؤذن و قارىء القرآن ، فإنه مشروع ، و الحجة ما
تقدم فإنه إذا ما ثبت استحباب السلام على المصلي ، فالسلام على المؤذن
و القارىء أولى و أحرى . و أذكر أنني كنت قرأت في المسند حديثا فيه سلام النبي
صلى الله عليه وسلم على جماعة يتلون القرآن ، و كنت أود أن أذكره بهذه المناسبة
و أتكلم على إسناده ، و لكنه لم يتيسر لي الآن .
و هل يردان السلام باللفظ أم بالإشارة ؟ الظاهر الأول ، قال النووي : " و أما
المؤذن فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد لأن ذلك يسير ، لا يبطل الأذان
و لا يخل به " .
و من ذلك تكرار السلام بعد حصول المفارقة و لو بعد مدة يسيرة ، لقوله صلى الله
عليه وسلم :
" إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم
لقيه فليسلم عليه أيضا " .
186 - " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم
لقيه فليسلم عليه أيضا " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 312 :
رواه أبو داود ( 5200 ) من طريق ابن وهب قال . أخبرني معاوية ابن صالح عن أبي
موسى عن أبي مريم عن أبي هريرة قال : إذا لقي ... قال معاوية : و حدثني
عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم مثله سواء .
قلت : و إسناد المرفوع صحيح رجاله كلهم ثقات ، و أما إسناد الموقوف ففيه
أبو موسى هذا و هو مجهول . و قد أسقطه بعضهم من السند ، فرواه عبد الله
بن صالح قال : حدثني معاوية عن أبي مريم عن أبي هريرة به موقوفا .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1010 ) . و عبد الله ابن صالح فيه ضعف فلا
يحتج به ، و خصوصا عند مخالفته ، لكن قد أخرجه أبو يعلى ( 297 / 1 ) عنه هكذا ،
و عنه عن معاوية ابن صالح عن عبد الوهاب بن بخت مثل رواية ابن وهب المرفوعة ،
فهذا أصح .
و قد ثبت أن الصحابة كانوا يفعلون بمقتضى هذا الحديث الصحيح .
فروى البخاري في " الأدب " ( 1011 ) عن الضحاك بن نبراس أبي الحسن عن ثابت عن
أنس بن مالك .
" إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يكونون ، فتستقبلهم الشجرة ، فتنطلق
طائفة منهم عن يمينها و طائفة عن شمالها ، فإذا التقوا سلم بعضهم على بعض " .
قلت : و الضحاك هذا لين الحديث ، لكن عزاه المنذري ( 3 / 268 ) و الهيثمي
( 8 / 34 ) للطبراني في الأوسط و قالا : " و إسناده حسن " .
فلا أدري أهو من طريق أخرى ، أم من هذه الطريق ؟ ثم إنه بلفظ :
" كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتفرق بيننا شجرة ، فإذا
التقينا يسلم بعضنا على بعض " . ثم رأيته في " عمل اليوم و الليلة " لابن السني
رقم ( 241 ) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة حدثنا ثابت و حميد عن أنس به .
و هذا سند صحيح .
و يشهد له حديث المسيء صلاته المشهور عن أبي هريرة .
" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ،
قال : ارجع فصل فإنك لم تصل ، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ، ثم جاء إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فسلم عليه . ( فعل ذلك ثلاث مرات ) " .
أخرجه الشيخان و غيرهما . و به استدل صديق حسن خان في " نزل الأبرار "
( ص 350 - 351 ) على أنه :
" إذا سلم عليه إنسان ثم لقيه على قرب يسن له أن يسلم عليه ثانيا و ثالثا " .
و فيه دليل أيضا على مشروعية السلام على من في المسجد ، و قد دل على ذلك حديث
سلام الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء كما تقدم و مع هذا كله
نجد بعض المتعصبين لا يعبؤون بهذه السنة ، فيدخل أحدهم المسجد و لا يسلم على من
فيه ، زاعمين أنه مكروه . فلعل فيما كتبناه ذكرى لهم و لغيرهم ، و الذكرى تنفع
المؤمنين .