حديث عائشة عن مسروق قال: دخلنا على عائشة -رضي الله عنها- وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا يشبب بأبيات، له:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ *** وَتُصُبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوافِلِ
فَقَالَتْ لَه عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذلكَ. قَالَ مَسْرُوق: فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِي لَه أَنْ يَدخُل عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ؟ فَقَالَت: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى ؟ قَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِي عَن -رَسُولِِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أخرجه البخاري في: (64) كتاب المغازي، (34) باب حادثة الإفك.
حَ صَانٌ: م حصة عفيفة.
رَزَانٌ: كاملة العقل.
تُزَنُّ: ما تُتَّهم، يقال: زنته وأزننته، إذا ظنك به خيراً أو شرًّا.
بِرِيبَةٍ: بِتُهْمَةٍ.
غَرْثَى: أي جائعة. ورجل غرثان وامرأة غرثى معناه: لا تَغْتَاب الناس، لأنها لو اغتابتهم شبعت من لحومهم. وهي استعارة فيها تلميح قوله تعالى {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا}.
الْغَوافِلِ: جمع غافلة وهي العفيفة الغافلة عن الش. والمراد تبرئتها من اغتياب الناس بأكل لحومهم من الغيبة. ومناسبة تسمية الغيبة بأكل اللحم؛ أن اللحم ستر على العظم، فكأن المغتاب يكشف ما على مَن اغتابه مِن ستر.
لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذلكَ: أي بل اغتبت وخضت في قول أهل الإفك.
لِمَ تَأْذَنِي لَه: بحذف نون الرفع لمجرد التخفيف. قال ابن مالك: وهو ثبت في الكلام الفصيح نثره ونظمه.
{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}: المعنى أن الَّذِي تَوَلَّىمعظم الإفك من العصبة لب عذاب عظيم. وتولى العمل أي تقلده أو قام به.
إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ: أي يذب.
علق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي