قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه في مجموع الفتاوى
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ فَقِيهَيْ الصَّحَابَةِ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ { ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ } وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَحْفُوظِ : { إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ } . فَقَدْ جَمَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ ؛ إخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَلُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ وَقَوَاعِدَهُ وَتَجْمَعُ الْحُقُوقَ الَّتِي لِلَّهِ وَلِعِبَادِهِ ، وَتَنْتَظِمُ مَصَالِحَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُقُوقَ قِسْمَانِ : حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِعِبَادِهِ ، فَحَقُّ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَهُ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، كَمَا جَاءَ لَفْظُهُ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ ؛ وَهَذَا مَعْنَى إخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ . وَحُقُوقُ الْعِبَادِ قِسْمَانِ : خَاصٌّ وَعَامٌّ ؛ أَمَّا الْخَاصُّ فَمِثْلُ بِرِّ كُلِّ إنْسَانٍ وَالِدَيْهِ ، وَحَقِّ زَوْجَتِهِ وَجَارِهِ ؛ فَهَذِهِ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَخْلُو عَنْ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا خَاصَّةٌ فَرْدِيَّةٌ . وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْعَامَّةُ فَالنَّاسُ نَوْعَانِ : رُعَاةٌ وَرَعِيَّةٌ ؛ فَحُقُوقُ الرُّعَاةِ مُنَاصَحَتُهُمْ ؛ وَحُقُوقُ الرَّعِيَّةِ لُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ ؛ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُمْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ، وَهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ ؛ بَلْ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فِي اجْتِمَاعِهِمْ وَاعْتِصَامِهِمْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ؛ فَهَذِهِ الْخِصَالُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ . وَقَدْ جَاءَتْ مُفَسَّرَةً فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ تَمِيمٍ الداري قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ } . فَالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ تَدْخُلُ فِي حَقِّ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ هِيَ مُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ ، فَإِنَّ لُزُومَ جَمَاعَتِهِمْ هِيَ نَصِيحَتُهُمْ الْعَامَّةُ ، وَأَمَّا النَّصِيحَةُ الْخَاصَّةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ ، فَهَذِهِ يُمْكِنُ بَعْضُهَا وَيَتَعَذَّرُ اسْتِيعَابُهَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْيِينِ .
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ فَقِيهَيْ الصَّحَابَةِ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ { ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ } وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَحْفُوظِ : { إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ } . فَقَدْ جَمَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ ؛ إخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَلُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ وَقَوَاعِدَهُ وَتَجْمَعُ الْحُقُوقَ الَّتِي لِلَّهِ وَلِعِبَادِهِ ، وَتَنْتَظِمُ مَصَالِحَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُقُوقَ قِسْمَانِ : حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِعِبَادِهِ ، فَحَقُّ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَهُ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، كَمَا جَاءَ لَفْظُهُ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ ؛ وَهَذَا مَعْنَى إخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ . وَحُقُوقُ الْعِبَادِ قِسْمَانِ : خَاصٌّ وَعَامٌّ ؛ أَمَّا الْخَاصُّ فَمِثْلُ بِرِّ كُلِّ إنْسَانٍ وَالِدَيْهِ ، وَحَقِّ زَوْجَتِهِ وَجَارِهِ ؛ فَهَذِهِ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَخْلُو عَنْ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا خَاصَّةٌ فَرْدِيَّةٌ . وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْعَامَّةُ فَالنَّاسُ نَوْعَانِ : رُعَاةٌ وَرَعِيَّةٌ ؛ فَحُقُوقُ الرُّعَاةِ مُنَاصَحَتُهُمْ ؛ وَحُقُوقُ الرَّعِيَّةِ لُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ ؛ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُمْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ، وَهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ ؛ بَلْ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فِي اجْتِمَاعِهِمْ وَاعْتِصَامِهِمْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ؛ فَهَذِهِ الْخِصَالُ تَجْمَعُ أُصُولَ الدِّينِ . وَقَدْ جَاءَتْ مُفَسَّرَةً فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ تَمِيمٍ الداري قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ } . فَالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ تَدْخُلُ فِي حَقِّ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ هِيَ مُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ ، فَإِنَّ لُزُومَ جَمَاعَتِهِمْ هِيَ نَصِيحَتُهُمْ الْعَامَّةُ ، وَأَمَّا النَّصِيحَةُ الْخَاصَّةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ ، فَهَذِهِ يُمْكِنُ بَعْضُهَا وَيَتَعَذَّرُ اسْتِيعَابُهَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْيِينِ .