رد: اختصار أقدم كتاب ألف في أصول التصحيح وتحقيق الكتب
إذا أردنا أن نطبع "جامع سفيان الثوري"، فإنما نطبع الكتاب الذي جمعه الثوري، لا أقل ولا أكثر، فينبغي أن تكون كل جملة فيه وكل كلمة وكل حرف كما وضعه الثوري.
فلو وقع لنا بخط الثوري نفسه وجب أن نطبعه كما هو، إلا ما كان من اصطلاح الكتابة والتسامح فيها.
فإن المتقدمين يكتبون "سفين" هكذا بلا ألف، وكثيرًا ما يهملون النقط.
لكن وجود النسخة التي بخط المؤلف عزيز في الكتب القديمة، فالمدار إذًا على الاجتهاد. فيُعرف ما عنده بأمور:
الأول: عدم مخالفة التواتر بين أهل الفن قديمًا وحديثًا.
الثاني: اثبات نص المؤلف الصريح.
الثالث: أن يُعرف بقضية تبويبه وترتيبه، ومن هذا القبيل: أن ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل تصدى في كتابه لتراجم الرجال، ثم ذكر "دَقْرة" و"شُمَيسة"، فدلَّ ذلك على أنهما عنده رجلان، وإن كان التحقيق أنهما امرأتان.
الرابع: أن تتفق عليه ثلاث نسخ فأكثر جيدة مختلفة النسب بأن يكون إسنادُ كلًّ منها إلى المؤلف غير إسنادي الأخريين.
وقريب من هذا أن تتفق ثلاث نسخ من ثلاثة كتب للمؤلف في كل واحد تسميع وأنسابها مختلفة.
الخامس: أن يوجد بخطه محققًا، سواء وقف عليه المصحح، أو نقله من يوثق به.
السادس: أن يحكيه عنه بعض أهل العلم، وفي هذا بعض الضعف؛ لأنهم قد يتسامحون في هذا، فيحكي أحدهم عن العالم ما وجده في بعض كتبه، بحسب النسخة التي وقعت له.
وإذا اختلفت هذه الستة فالأول هو المتعيَّن قطعًا. وأما غيره، كأن نصَّ المؤلف على شيء في موضع، ثم اقتضى ترتيبه وتبويبه في موضعٍ خلافَه، فلا بد من الترجيح. والأول أرجح من الثاني في غير موضعه, أعني أنه إذا نصَّ على شيء، ثم بوَّب أو رتَّب على خلافه، ففي الموضع الذي رتَّب أو بوَّب يكون الراجح ما يقتضيه الترتيب والتبويب، وفي بقية المواضع الراجحُ ما نصَّ عليه.
وإن اختلف واحد منهما كأن ينصَّ في موضع على شيء، وفي آخر على خلافه، فالترجيح. فإن لم يترجح فلينظر ما عند غيره من أهل العلم، فإن كان الذي عندهم موافقًا لأحد قوليه، فهو الراجح.
فإن اختلف ما عندهم كاختلاف قوليه ولم يترجَّح، رُجِّح بكثرة النسخ وجودتها. فإن لم يترجَّح شيء تخيَّر المصحح.
ومتى ترجح شيء أثبته في الأصل، ونبَّه على الآخر في الهامش. فإن تعيَّن ولكن خالفته النسخ أو بعضها، فكذلك ينبه على ما في النسخ أو بعضها في الهامش. انتهى
وما زال هنالك كلام طويل في الترجيح يحسن الرجوع إليه في مظانه والله أعلم
إذا أردنا أن نطبع "جامع سفيان الثوري"، فإنما نطبع الكتاب الذي جمعه الثوري، لا أقل ولا أكثر، فينبغي أن تكون كل جملة فيه وكل كلمة وكل حرف كما وضعه الثوري.
فلو وقع لنا بخط الثوري نفسه وجب أن نطبعه كما هو، إلا ما كان من اصطلاح الكتابة والتسامح فيها.
فإن المتقدمين يكتبون "سفين" هكذا بلا ألف، وكثيرًا ما يهملون النقط.
لكن وجود النسخة التي بخط المؤلف عزيز في الكتب القديمة، فالمدار إذًا على الاجتهاد. فيُعرف ما عنده بأمور:
الأول: عدم مخالفة التواتر بين أهل الفن قديمًا وحديثًا.
الثاني: اثبات نص المؤلف الصريح.
الثالث: أن يُعرف بقضية تبويبه وترتيبه، ومن هذا القبيل: أن ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل تصدى في كتابه لتراجم الرجال، ثم ذكر "دَقْرة" و"شُمَيسة"، فدلَّ ذلك على أنهما عنده رجلان، وإن كان التحقيق أنهما امرأتان.
الرابع: أن تتفق عليه ثلاث نسخ فأكثر جيدة مختلفة النسب بأن يكون إسنادُ كلًّ منها إلى المؤلف غير إسنادي الأخريين.
وقريب من هذا أن تتفق ثلاث نسخ من ثلاثة كتب للمؤلف في كل واحد تسميع وأنسابها مختلفة.
الخامس: أن يوجد بخطه محققًا، سواء وقف عليه المصحح، أو نقله من يوثق به.
السادس: أن يحكيه عنه بعض أهل العلم، وفي هذا بعض الضعف؛ لأنهم قد يتسامحون في هذا، فيحكي أحدهم عن العالم ما وجده في بعض كتبه، بحسب النسخة التي وقعت له.
وإذا اختلفت هذه الستة فالأول هو المتعيَّن قطعًا. وأما غيره، كأن نصَّ المؤلف على شيء في موضع، ثم اقتضى ترتيبه وتبويبه في موضعٍ خلافَه، فلا بد من الترجيح. والأول أرجح من الثاني في غير موضعه, أعني أنه إذا نصَّ على شيء، ثم بوَّب أو رتَّب على خلافه، ففي الموضع الذي رتَّب أو بوَّب يكون الراجح ما يقتضيه الترتيب والتبويب، وفي بقية المواضع الراجحُ ما نصَّ عليه.
وإن اختلف واحد منهما كأن ينصَّ في موضع على شيء، وفي آخر على خلافه، فالترجيح. فإن لم يترجح فلينظر ما عند غيره من أهل العلم، فإن كان الذي عندهم موافقًا لأحد قوليه، فهو الراجح.
فإن اختلف ما عندهم كاختلاف قوليه ولم يترجَّح، رُجِّح بكثرة النسخ وجودتها. فإن لم يترجَّح شيء تخيَّر المصحح.
ومتى ترجح شيء أثبته في الأصل، ونبَّه على الآخر في الهامش. فإن تعيَّن ولكن خالفته النسخ أو بعضها، فكذلك ينبه على ما في النسخ أو بعضها في الهامش. انتهى
وما زال هنالك كلام طويل في الترجيح يحسن الرجوع إليه في مظانه والله أعلم
تعليق