سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم: "نية المرء أبلغ من عمله".
أجاب: هذا الكلام قاله غير واحد؛ وبعضهم يذكره مرفوعا، وبيانه من وجوه :
أحدها: أن النية المجردة من العمل يثاب عليها والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه ، فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة ، واتفاق الأئمة: أن من عمل الأعمال الصالحة بغير إخلاص لله لم يقبل منه ذلك.
وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة".
الثاني: أن من نوى الخير وعمل منه مقدوره، وعجز عن إكماله : كان له أجر عامل كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم".
قالوا : وهم بالمدينة.
قال: ''وهم بالمدينة حبسهم العذر".
وقد صحح الترمذي حديث أبي كبشة الأنماري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ذكر أربعة رجال:
رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل فيه بطاعة الله، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا، فقال : "لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه مثل ما يعمل فلان"، قال : فهما في الأجر سواء ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يعمل فيه بمعصية الله، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فقال : "لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه مثل ما يعمل فلان"، قال : فهما في الوزر سواء".
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ".
وفي الصحيحين عنه أنه قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمله وهو صحيح مقيم". وشواهد هذا كثيرة .
الثالث: أن القلب ملك البدن، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده، والنية عمل الملك بخلاف الأعمال الظاهرة فإنها عمل الجنود.
الرابع: أن توبة العاجز عن المعصية تصح عند أهل السنة: كتوبة المجبوب عن الزنا، وكتوبة المقطوع اللسان عن القذف، وغيره . وأصل التوبة: عزم القلب وهذا حاصل مع العجز .
الخامس: أن النية لا يدخلها فساد بخلاف الأعمال الظاهرة، فإن النية أصلها حب الله ورسوله وإرادة وجهه ، وهذا هو بنفسه محبوب لله ورسوله مرضي لله ورسوله.
والأعمال الظاهرة تدخلها آفات كثيرة، وما لم تسلم منها لم تكن مقبولة ولهذا كانت أعمال القلب المجردة أفضل من أعمال البدن المجردة ، كما قال بعض السلف :
"قوة المؤمن في قلبه وضعفه في جسمه وقوة المنافق في جسمه وضعفه في قلبه ".
وتفصيل هذا يطول. والله أعلم . المصدر: مجموع الفتاوى، الفقه، الصلاة، باب شروط الصلاة، مسألة محل النية وحكم الجهر بها، صفحة:243.
أجاب: هذا الكلام قاله غير واحد؛ وبعضهم يذكره مرفوعا، وبيانه من وجوه :
أحدها: أن النية المجردة من العمل يثاب عليها والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه ، فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة ، واتفاق الأئمة: أن من عمل الأعمال الصالحة بغير إخلاص لله لم يقبل منه ذلك.
وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة".
الثاني: أن من نوى الخير وعمل منه مقدوره، وعجز عن إكماله : كان له أجر عامل كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم".
قالوا : وهم بالمدينة.
قال: ''وهم بالمدينة حبسهم العذر".
وقد صحح الترمذي حديث أبي كبشة الأنماري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ذكر أربعة رجال:
رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل فيه بطاعة الله، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا، فقال : "لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه مثل ما يعمل فلان"، قال : فهما في الأجر سواء ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يعمل فيه بمعصية الله، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فقال : "لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه مثل ما يعمل فلان"، قال : فهما في الوزر سواء".
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ".
وفي الصحيحين عنه أنه قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمله وهو صحيح مقيم". وشواهد هذا كثيرة .
الثالث: أن القلب ملك البدن، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده، والنية عمل الملك بخلاف الأعمال الظاهرة فإنها عمل الجنود.
الرابع: أن توبة العاجز عن المعصية تصح عند أهل السنة: كتوبة المجبوب عن الزنا، وكتوبة المقطوع اللسان عن القذف، وغيره . وأصل التوبة: عزم القلب وهذا حاصل مع العجز .
الخامس: أن النية لا يدخلها فساد بخلاف الأعمال الظاهرة، فإن النية أصلها حب الله ورسوله وإرادة وجهه ، وهذا هو بنفسه محبوب لله ورسوله مرضي لله ورسوله.
والأعمال الظاهرة تدخلها آفات كثيرة، وما لم تسلم منها لم تكن مقبولة ولهذا كانت أعمال القلب المجردة أفضل من أعمال البدن المجردة ، كما قال بعض السلف :
"قوة المؤمن في قلبه وضعفه في جسمه وقوة المنافق في جسمه وضعفه في قلبه ".
وتفصيل هذا يطول. والله أعلم . المصدر: مجموع الفتاوى، الفقه، الصلاة، باب شروط الصلاة، مسألة محل النية وحكم الجهر بها، صفحة:243.