تعليقٌ الإمام الألبانيّ على الحديث الجليل: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا»
"درسنا الليلة في كتاب "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذريّ، الحديث الثامن والعشرين، قال:
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا».
رواه مسلم.
وهذا الحديث إنذارُ الرسولِ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ لأُمَّتِهِ بفتنٍ لا يتصوَّرها عَقْلُ إنسانٍ! فِتن عظيمة! «كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ»! يُفْتَتَن فيها المسلمُ، فيُصْبِح مؤمنًا ويمسي كافرًا، والعكس بالعكس تمامًا.
وقولُه عَلَيْهِ السَّلامُ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ» إنما يعني: الأعمالَ الصالحة، فهو عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يحضُّ أُمَّتَه، لا سيّما في الأزْمنة المتأخِّرة التي كلَّما تأخَّر بنا الزَّمن؛ كلَّما كثُرَتْ بنا الفتن، وكلَّما اقْتربنا مِن أشراطِ الساعةِ الكبرى، فيَأمرنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ بهذا الحديث الصحيح أن نُبادر هذه الفتنَ بالأعمال الصالحة، أي: أن نَستقبلَها بالأعمال الصالحة، حتى إذا ما فوجئنا بها؛ نكونُ قد تدرَّعْنا وتَسَلَّحْنا بهذه الأعمال الصالحة، فتَحُوْلُ بَيننا وبين أن نقع في مثلِ هذه الفتن التي هي «كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ».
فحَصَانةُ المسلمِ مِن أيِّ فتنةٍ مِن هذه الفتن التي ذُكرتْ بصورةٍ عامة في هذا الحديث، أو مِن فِتنٍ أخرى سيأتي ذِكرُ بعضها في حديثٍ ثانٍ، فالوقايةُ مِن هذه الفتن كلِّها إنما هو: العملُ الصالح، فبالعمل الصالح يتدرَّعُ المسلم ويَتَحَصَّن مِن أن يَمُرَّ بهذه الأطوار الغريبة! التي يصفها الرسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ بقوله:
«يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا».
والسبب؟
أوضَحَ ذلك الرسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ بقوله:
«يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ» حَقيرٍ «مِن» حُطامِ «الدُّنْيَا»!
ومِثْلُ هذا الحديث لا يَحتاج إلى فَهْمٍ كبير؛ فنحن نرى الناسَ وكيف يُفْتَنون بطَلَبِ الدُّنيا هذه مِن مناصِب وجَاهاتٍ ومراكز ونحو ذلك.
فإذًا؛ على المسلم أن يَتدرَّع بالعملِ الصالح.
ولا شكَّ ولا ريب أنَّ العملَ الصالحَ -كما ذكرنا لكم مرارًا وتكرارًا- لا يُفيد صاحبَه شيئًا مُطلقًا إلا بأن يَقْتَرِنَ هذا العملُ الصالح بالإيمانِ الصحيح، والإيمانُ الصحيحُ لا يكون إلا بالإيمانِ بما جاء عنِ اللهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ، وبالمفهومِ الصحيحِ المطابِق لِمَا كان عليه سَلَفُ هذه الأُمَّة وفيهم الأئمّةُ الأربعة.
فلا يجوز لِمسلمٍ أن يُقْبِلَ على العملِ الصالح يبتغي بذلك النَّجاةَ يومَ القيامة وفي الوقتِ نَفْسِه يُهْمِلُ إصلاحَ عقيدتِه؛ فإنه والحالةُ هذه يَذهب عَملُهُ الصالحُ هَباءً منثورًا، كما قال ربُّنا تَبَارَكَ وَتَعَالَى في كتابه في حَقِّ الذين أشركوا بربِّهم:
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (الفرقان: 23).
لذلك؛ فيجب أن نتذكَّر دائمًا وأبدًا حينما يمرُّ بنا ذِكْرُ الأعمال الصالحة أن نقرن معها دائمًا وأبدًا: الإيمانَ الصالح أيضًا، ولذلك؛ ما مِن آية إلا وتَبْدأ بِذِكرِ الإيمان ثم تُثَنِّي بذِكرِ الأعمالِ الصالحة، كقوله تَعَالَىظ°:
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (سورة العصر).
أقول هذا لأننا في زَمَنٍ كَثُرتْ فيه الأهواءُ والبِدَعُ، بَعضُها وَرثناه مِن قرونٍ طويلة مديدة، وبعضُها تَذُرُّ قَرْنَها في العصر الحاضر، فلذلك؛ فأهَمُّ شيءٍ يجب على المسلمِ أن يُعْنى به إنما هو: تصحيحُ عقيدتِه، ثم أنْ يَضُمَّ إلى ذلك: الإكثارَ مِنَ العمل الصالح؛ لأنَّ الإيمان ليس هو الاعتقادَ الصالح فقط، بل مِن الإيمانِ أيضًا هو: العمل الصالح.
فالرسولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ حينما يَحضُّنا -هنا- على أن نُبادِر تلك الفِتنَ بالأعمالِ الصالحة؛ إنما يحضُّنا على ذلك لِنَجْعَلَ بيننا وبين هذه الفتنِ وِقايةً وحِصْنًا حَصينًا، تَمْنعنا هذه الأعمالُ الصالحة مِن أن نَقَعَ في مِثْلِ هذه الفتن المظْلِمة التي «يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»". انتهى (جزى الله خيرا من قام بتفريغها).
"درسنا الليلة في كتاب "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذريّ، الحديث الثامن والعشرين، قال:
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا».
رواه مسلم.
وهذا الحديث إنذارُ الرسولِ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ لأُمَّتِهِ بفتنٍ لا يتصوَّرها عَقْلُ إنسانٍ! فِتن عظيمة! «كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ»! يُفْتَتَن فيها المسلمُ، فيُصْبِح مؤمنًا ويمسي كافرًا، والعكس بالعكس تمامًا.
وقولُه عَلَيْهِ السَّلامُ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ» إنما يعني: الأعمالَ الصالحة، فهو عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يحضُّ أُمَّتَه، لا سيّما في الأزْمنة المتأخِّرة التي كلَّما تأخَّر بنا الزَّمن؛ كلَّما كثُرَتْ بنا الفتن، وكلَّما اقْتربنا مِن أشراطِ الساعةِ الكبرى، فيَأمرنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ بهذا الحديث الصحيح أن نُبادر هذه الفتنَ بالأعمال الصالحة، أي: أن نَستقبلَها بالأعمال الصالحة، حتى إذا ما فوجئنا بها؛ نكونُ قد تدرَّعْنا وتَسَلَّحْنا بهذه الأعمال الصالحة، فتَحُوْلُ بَيننا وبين أن نقع في مثلِ هذه الفتن التي هي «كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ».
فحَصَانةُ المسلمِ مِن أيِّ فتنةٍ مِن هذه الفتن التي ذُكرتْ بصورةٍ عامة في هذا الحديث، أو مِن فِتنٍ أخرى سيأتي ذِكرُ بعضها في حديثٍ ثانٍ، فالوقايةُ مِن هذه الفتن كلِّها إنما هو: العملُ الصالح، فبالعمل الصالح يتدرَّعُ المسلم ويَتَحَصَّن مِن أن يَمُرَّ بهذه الأطوار الغريبة! التي يصفها الرسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ بقوله:
«يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا».
والسبب؟
أوضَحَ ذلك الرسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ بقوله:
«يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ» حَقيرٍ «مِن» حُطامِ «الدُّنْيَا»!
ومِثْلُ هذا الحديث لا يَحتاج إلى فَهْمٍ كبير؛ فنحن نرى الناسَ وكيف يُفْتَنون بطَلَبِ الدُّنيا هذه مِن مناصِب وجَاهاتٍ ومراكز ونحو ذلك.
فإذًا؛ على المسلم أن يَتدرَّع بالعملِ الصالح.
ولا شكَّ ولا ريب أنَّ العملَ الصالحَ -كما ذكرنا لكم مرارًا وتكرارًا- لا يُفيد صاحبَه شيئًا مُطلقًا إلا بأن يَقْتَرِنَ هذا العملُ الصالح بالإيمانِ الصحيح، والإيمانُ الصحيحُ لا يكون إلا بالإيمانِ بما جاء عنِ اللهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ، وبالمفهومِ الصحيحِ المطابِق لِمَا كان عليه سَلَفُ هذه الأُمَّة وفيهم الأئمّةُ الأربعة.
فلا يجوز لِمسلمٍ أن يُقْبِلَ على العملِ الصالح يبتغي بذلك النَّجاةَ يومَ القيامة وفي الوقتِ نَفْسِه يُهْمِلُ إصلاحَ عقيدتِه؛ فإنه والحالةُ هذه يَذهب عَملُهُ الصالحُ هَباءً منثورًا، كما قال ربُّنا تَبَارَكَ وَتَعَالَى في كتابه في حَقِّ الذين أشركوا بربِّهم:
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (الفرقان: 23).
لذلك؛ فيجب أن نتذكَّر دائمًا وأبدًا حينما يمرُّ بنا ذِكْرُ الأعمال الصالحة أن نقرن معها دائمًا وأبدًا: الإيمانَ الصالح أيضًا، ولذلك؛ ما مِن آية إلا وتَبْدأ بِذِكرِ الإيمان ثم تُثَنِّي بذِكرِ الأعمالِ الصالحة، كقوله تَعَالَىظ°:
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (سورة العصر).
أقول هذا لأننا في زَمَنٍ كَثُرتْ فيه الأهواءُ والبِدَعُ، بَعضُها وَرثناه مِن قرونٍ طويلة مديدة، وبعضُها تَذُرُّ قَرْنَها في العصر الحاضر، فلذلك؛ فأهَمُّ شيءٍ يجب على المسلمِ أن يُعْنى به إنما هو: تصحيحُ عقيدتِه، ثم أنْ يَضُمَّ إلى ذلك: الإكثارَ مِنَ العمل الصالح؛ لأنَّ الإيمان ليس هو الاعتقادَ الصالح فقط، بل مِن الإيمانِ أيضًا هو: العمل الصالح.
فالرسولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ حينما يَحضُّنا -هنا- على أن نُبادِر تلك الفِتنَ بالأعمالِ الصالحة؛ إنما يحضُّنا على ذلك لِنَجْعَلَ بيننا وبين هذه الفتنِ وِقايةً وحِصْنًا حَصينًا، تَمْنعنا هذه الأعمالُ الصالحة مِن أن نَقَعَ في مِثْلِ هذه الفتن المظْلِمة التي «يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»". انتهى (جزى الله خيرا من قام بتفريغها).
تعليق