الحمد لله الواحد الأحد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤًا أحد، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه من تعبد.
أما بعد :
فمن القواعد التي قررها أهل الحديث والأثر السلفيون في باب أسماء الله وصفاته، أن أسماء الله عز وجل توقيفية، مبناها على ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة، وأهل العلم قد جمعوا كتبا في هذا الموضوع المهم الذي هو من موضوعات العقيدة، فمنهم من أودع (الفرد) في كتابه ومنهم من ضرب عليه صفحًا لوجود علة قادحة في أحاديثه.
ومن المتقرر عند أهل العلم أن العقيدة تأخذ من كتاب الله عز وجل وما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم ولا تأخذ من الأحاديث الضعيفة.
وفي هذا البحث كنت قد جمعت طرق وروايات الأحاديث التي جاء فيها أن (الفرد) اسما من أسماء الله، مع التفتيش عن حالها وذكر كلام نقاد الحديث والحكم عليها بما تقتضيه الصنعة الحديثية [1].
وإليك يا رعاك الله ما وقفت عليه من الأحاديث والكلام عليها:
أولًا: حديث بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله عنه.
أخرج الروياني في ((المسند)) ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ مدينة دمشق)) وفي ((تبيين كذب المفتري)) قال: نا العباس بن محمد، نا عثمان بن عمر، نا مالك بن مغول، عن ابن بريدة، عن بريدة رضي الله عنه قال: خرجت ليلة إلى المسجد، فإذا النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم قائم عند باب المسجد، وإذا رجل في المسجد يصلي.
قال: فقال لي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا بريدة أتراه يرائي ؟)).
قال: قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: ((بل مؤمن منيب)).
قال: فصلى ثم قعد يدعو فقال: (اللهم إني أسألك أني أشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، الأحد الفرد الصمد الذي لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد).
قال: فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا بريدة والله لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)).
وإذا الرجل أبو موسى الأشعري.
جاء في هذه الطريق (الأحد الفرد الصمد) وهي رواية شاذة.
حديث بريدة رضي الله عنه وجدت له طريقين إسنادهما صحيح بدون هذه الزيادة.
الطريق الأول: مالك بن مغول به، أخرجه أحمد في ((المسند))، والنسائي في ((السنن الكبـرى)) وذكر المزي في ((تحفة الأشراف)) أن النسائي أخرجه في ((التفسير)) عن عبد الرحمن بن خالد؛ وقال المحقق: لم نقف عليه في المطبوع من الكبرى؛ وهو كذلك، وأخرجه أبو داود في ((السنن))، والترمذي، ومن طريقه ابن بشكوال في ((الغوامض والمبهمات))، وابن ماجه، وابن حبان في ((صحيحه))، وابن أبي شيبة في ((المصنف))، وعبد الرزاق الصنعاني في ((المصنف))، والبزار في ((المسند))، والحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد على شرط مسلم وتعقبه العلامة مقبل الوادعي رحمه الله بقوله: شريك لم يعتمد عليه مسلم، قلت: سيأتي في الطريق الآخر؛ والبيهقي في ((الدعوات الكبير))، والبغوي في ((شرح السنة))، والطحاوي في ((مشكل الآثار))، وابن منده في ((التوحيد))، وأبو القاسم التيمي الأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) وفي ((الترغيب والترهيب))، وأبو نعيم الأصبهاني في ((أخبار أصبهان))، وعبد الغني المقدسي في ((أخبار الصلاة)) وكذلك في ((الترغيب في الدعاء)) من طريق مسدد الطريق الذي أخرجه أبو داود غير أنه جاء فَقَالَ: ((لقد سألت باسم الله الأعظم))، والخطيب البغدادي في ((تاريخ مدينة السلام)) مطول، ومحمد بن عاصم الثقفي في ((جزئه))، ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ مدينة دمشق)) ومن طريق آخر في ((معجم الشيوخ))، والضياء المقدسي في ((العدة للكروب والشدة))، والإسماعيلي في ((معجم أسامي الشيوخ)) ومن طريقه السهمي الجرجاني في ((تاريخ جرجان))، والذهبي في ((سير أعلام النبلاء))، وأخرج إسحاق بن راهويه نحوه في ((المسند)).
كلهم رووه بدون لفظ (الفرد).
وبلفظ متقارب رواه الطبراني في ((الدعاء)) قال: حدثنا معاذ بن المثني، وأبو مسلم الكشي، ويوسف القاضي، قالوا: ثنا عمرو بن مرزوق أنبأنا مالك بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: دخلت مع رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسجد ويدي في يده فإذا رجل يقول: اللهم إني أسألك أنك أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لقد دعا الله تعالى باسمه الأعظم، الذي إذا سـئل به أعطـي، إذا دعـي به أجاب)).
وجاء الحديث بإسناد ضعيف عند ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحـادة عن ابن بريدة عن أبيه، والحديث رجاله ثقات غير يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن بشمين، بفتح الموحدة وسكون المعجمة، الحماني، بكسر المهملة وتشديد الميم، الكوفي، حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث كما في ((تقريب التهذيب))، وأظنه من مسروقاته، لأن بين محمد بن جحادة وابن بريدة، رجل ساقط، يوضح هذا ما عند مسدد رحمه الله في ((المسند)) كما في كتاب ((إتحاف الخيرة المهرة))، وابن بريدة في هذا السند هو سليمان وليس عبد الله.
قال البوصيري رحمه الله في ((إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة)): ((قال مسدد: ثنا عبد الوارث: ثنا محمد بن جحادة: حدثني رجل عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، وساق قبل قصة الدعاء هذه، قصة رفع الصوت بالقراءة)) اهـ.
والحديث بهذا السند ضعيف أيضًا لأن فيه رجلًا مبهمًا، وفيما بحثت فيه من مصادر لم أجد لسليمان بن بريدة حديثـًا يرويه عن أبيه رضي الله عنه في اسم الله الأعظم، ومن طريقه أخرجه عبد الغني المقدسي في ((الترغيب في الدعاء))، والله أعلم.
ثم وقفت على سند ذكره المزي في ((تحفة الأشراف)) قال: ورواه إسماعيل بن مسلم عن محمد بن جحادة عن سليمان بن بريدة عن أبيه.
الطريق الآخر: شريك عن أبي إسحاق عن ابن بريدة به، أخرجه الحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم.
والصحيح شريك وهو: ابن عبد الله النخعي القاضي صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة كما في ((تقريب التهذيب))؛ أخرج له مسلم في الشواهد والمتابعات، وأخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار))، من طريق شريك عن أبي إسحاق ومالك بن مغول به، وقال الترمذي: ((روى شريك هذا الحديث عن أبي إسحق عن ابن بريدة عن أبيه وإنما أخذه أبو إسحق الهمداني عن مالك بن مغول وإنما دلسه وروى شريك هذا الحديث عن أبي إسحق)) اهـ.
وقال ابن عساكر رحمه الله في ((تاريخ دمشق)): ((فحدثت به [حديث بريدة] زهير بن معاوية قلت: إن سفيان حدثنا بهذا الحديث عن مالك بن مغول فلقيت مالكًا، فكتبته عنه فقال زهير: سمعت أبا إسحاق السبيعي حدثنا به عن مالك بن مغول)) اهـ.
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله في ((تاريخ مدينة السلام)): ((قال أبو الحسين العكلي: فحدثت بهذا الحديث زهير بن معاوية الجعفي، فقال: حدثنا به أبو إسحاق السبيعي، عن مالك بن مغول بهذا بعينه.
قال أبو الحسين: وأخبرني به سفيان الثوري، عن مالك بن مغول، فلقيت أنا بعد مالك ابن مغول فسمعته منه.
غريب من حديث زهير بن معاوية عن أبي إسحاق، تفرد به زيد بن الحباب عنه. وقد رُوي عن شريك عن أبي إسحاق عن مالك بن مغول واختلف عن شريك فيه)) اهـ.
وهذا الطريق اضطرب فيه شريك بن عبد الله فيذكره عن أبي إسحاق عن ابن بريدة كما عند الحاكم، وأخري عن أبي إسحاق عن مالك بن مغول عن ابن بريدة أخرجه ابن منده في ((التوحيد)) وذكره الترمذي والخطيب، وله طرق بهما معًا عن ابن بريدة كما عند الطحاوي، والمحفوظ من طريق مالك كما رجحه ابن منده، والله أعلم.
وهذا الطريق أيضًا كلهم رووه بدون لفظ (الفرد).
والحديث جاء من رواية محجن بن الأدرع رضي الله عنه، باختلاف يسير في صيغة الدعاء، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قد غفر له ثلاثًا)).
قال أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ - يَعْنِي الْمُعَلِّمَ - عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ [2] مِحْجَنَ بْنَ الأدْرَعِ حَدَّثَهُ.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم: ((قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ)) ثَلَاثَ مَرَّار.
أخرجه النسائي في ((الصغرى))، و((الكبـرى))، وأبو داود ومن طريقـه البيهقـي في كتاب ((الدعـوات الكبيـر))، وأخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه))، وابن منده في ((التوحيد))، والحاكم في ((المستدرك)) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) و ((الدعاء))، والطحاوي في ((مشكل الآثار))، والحديث صححه الألباني رحمه الله في ((صحيح النسائي))، وقال: صحيح، والله أعلم.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((علل الحديث)): ((سألت أبي عن حديث رواه مالك ابن مغول، عن ابن بريدة، عن أبيه: عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل المسجد فإذا رجل يقول: يا الله الواحد الصمد ...، فذكر الحديث؟
قال أبي: رواه عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن ابن بريدة، عن حنظلة بن علي، عن محجن بن الأدرع، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وحديث عبد الوارث أشبه)) اهـ.
وقال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله كما في حاشية ((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)) بعد تخريج حديث أنس رضي الله عنه من طريق مالك بن مغول، وقوله إسناد صحيح، قال حفظه الله: ((أخرجه النسائي (3/45) عن عمرو ابن يزيد قال: عن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حسين المعلم عن ابن بريدة، قال: حدثني حنظلة بن علي أن محجن بن الأدرع [3] بلفظ: اللهم اني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد، وعمرو بن يزيد قال الذهبي في الكاشف: ضعفوه، وفي الميزان (3/293).
قال يحيى: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف.
وهذه المخالفة التي وقعت في الإسناد لعلها من عمرو بن يزيد وهو ضعيف كما عرفت فلا تأثير لها؛ لأن الرواة عن مالك بن مغول من كبار الحفاظ مثل زهير بن معاوية، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح)) اهـ.
قلت: والصحيح المخالفة التي وقعت ليست من عمرو بن يزيد، لأن عمر بن يزيد قد توبع، تابعه الإمام أحمد رحمه الله كما مر معنا أخرج الحديث عن عبد الصمد بن عبد الوارث مباشرة، وابن عبد الصمد واسمه عبد الوارث قال: حدثني أبي كما عند ابن خزيمة، ولم يذكرا فيه عمرو بن يزيد، وقد تابع أبو معمر عبد الله بن عمرو المقعد قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد كما عند أبي داود ومن طريقه البيهقي في ((الدعوات الكبير))، وكذلك أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) من طريق المقعد، وأخرج الطبراني في ((الكبير)) وفي ((الدعاء)) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو معمر المقعد، حدثنا عبد الوارث؛ وهذا يدل على براءة عمرو بن يزيد من تهمة المخالفة، ولم أجد فيما وقفت عليه من المصادر من يخرجه من طريق عمرو بن يزيد غير النسائي.
وفي ظني أن المخالفة من الحسين بن ذكوان المعلم فهو ثقة ربما وهم كما في ((تقريب التهذيب)).
قال الحافظ ابن منده رحمه الله في ((التوحيد)): ((هذا حديث مشهور عن مالك بن مغول رواه الثوري عن أبي إسحاق عن مالك ثم سمعه من مالك، ورواه محمد بن جحادة، عن ابن يزيد عن أبيه وخالفهما حسين المعلم، وحديث مالك أشبه)) اهـ.
وقال محقق كتاب ((التوحيد)) لابن منده حاشية (ص 23): ((الأقرب أن الحديث من حديث عبد الله بن يزيد عن أبيه؛ فإن الحسين بن ذكوان ثقة وتكلم في حفظه كما في تهذيب الكمال وغيره)) اهـ.
وقال الدكتور عبد العزيز بن محمد الفريح بعدما نقل كلام ابن بي حاتم في ((الأحاديث الواردة في الاسم الأعظم)): ((وهذا الإسناد الثاني؛ الذي ذكره أبو حاتم الرازي: أخرجه الإمام أحمد. وفيه مخالفة من حسين المعلم لمالك ابن مغول؛ إذْ رواه حسين، عن ابن بريدة، عن حنظة، عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
لكن الذي يظهر – والله تعالى أعلم - أنّ طريق حسين المعلم؛ لا يعلّ به طريق مالك بن مغول، وأن القول بتعدّد القصتين رواهما ابن بريدة أولى من إعلال أحدهما بالآخر؛ لأن سياق الحديثين يختلف؛ ففي حديث مالك بن مغول جاء ذكر الاسم الأعظم، وحديث حسين المعلم ليس فيه ذكره، أيضًا في حديث مالك جاء بيان فضل الاسم الأعظم، وأنّه إذا سُئِل به أعطى، وإذا دُعِي به الله أجاب؛ بينما في حديث حسين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر الرجل بالمغفرة بقوله: ((قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّار)) اهـ.
أما من طريق محمد بن جحادة أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ مدينة دمشق)) بذكر قصة القراءة وبدون ذكر الدعاء.
جاء أن الرجل المبهم الداعـي في الحديث، هو: أبو موسـى الأشـعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه، عند ابن الأثير الجزرى في كتابه ((جامع الأصول)) من رواية رزين، وكذلك التبريزي في كتابه ((مشكاة المصابيح))، وقد فَاتَ ذكره على الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة)) ولم أره عند العراقي في ((المستفاد من مبهمات المتن والإسناد)).
قال العلامة عبيد الله المباركفوري رحمه الله في ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)): (((رواه رزين) أي ذكـره رزين في تجـريده هكـذا مطولا بدون ذكر سند)) اهـ.
وقال رحمه الله: (((سمع رجلًا) الظاهر إنه أبو موسى الأشعري كما سيأتي في حديث بريدة الآتي في الفصل الثالث ويدل عليه رواية أحمد في مسنده (ج5ص349))) اهـ.
وقال محمود محمد خطاب السبكي رحمه الله في ((المنهل العذب المورود)): (((قوله سمع رجلًا) هو أبو موسى الأشعري كما في رواية أحمد)) اهـ.
وحديث محجن بن الأدرع رضي الله عنه على ما فيه فهو أيضًا بدون لفظ (الفرد).
جاءت رواية مسندة عند أحمد في ((المسند)) مطولة ورواية بذكر القراءة وبدون ذكر الدعاء، وكذلك البخاري في ((الأدب المفرد))، وأخرى عند البغوى في ((شرح السنة)) مطولة بذكر القراءة.
ومما سبق يتبين أن الطريق التي أخرجها الروياني في ((المسند)) معلولة.
ثانيًا: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
أخرج البيهقي في كتابه ((الأسماء والصفات))، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَرْبِيُّ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ، وَتَكَفَّلْتَ بِالإِجَابَةِ، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ فَرْدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ وَعْدَكَ حَقٌّ، وَلِقَاءَكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّكَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ)).
وله تخريجات ذكرها محقق الكتاب وقال: إسناده ضعيف جدًا.
ثم قال البيهقي: وأخبرنا أبو طاهر الفقيه، أَخْبَرَنَا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حَدَّثَنَا أحمد بن يوسف السلمي، حَدَّثَنَا أبو المغيرة، حَدَّثَنَا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني محمد بن طلحة، عن رجل، قال: إن عيسى ابن مريم عليه السلام كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين يقرأ في الأولى: {تبارك الذي بيده الملك} وفي الثانية تنزيل السجدة فإذا فرغ مدح الله تعالى فأثنى عليه ثم دعا بسبعة أسماء: يا قديم، يا حفي، يا دائم، يا فرد يا وتر، يا أحد يا صمد.
وهذا إثر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وقال: ((ليس هذا بالقوي وكذلك ما قبله والله أعلم)).
ثالثًا: حديث أبي سعيد سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه رضي الله عنه.
أما حديث أبي سعيد رضي الله عنه أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) قال: حدثنا سليمان بن أحمد، - إملاء وقراءة - قال: ثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي، (ح).
وحدثنا محمد بن الحسن اليقطيني، ثنا محمد بن جعفر بن رزين العطار، قالا: ثنا إبراهيم بن العلاء، ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا إسماعيل بن يحيى التيمي، ثنا مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عيسى عليه السلام لما أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه المعلم، فقال له المعلم: اكتب بسم الله، فقال له عيسى عليه السلام: ما بسم الله ؟ قال المعلم: لا أدري، فقال له: باء: بهاء الله، وسين: سناؤه، وميم: ملكه، والله إله الآلهة، والرحمن رحمان الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة، أبجد: الألف: آلاء الله، والباء بهاء الله، جيم جمال الله، دال: الله الدائم، هوز: الهاء الهاوية، والواو: ويل لأهل النار، والزاي واد في جهنم، حطي: الحاء: الله الحليم. والطاء: الله الطالب لكل حق حتى يؤديه، والياء: أي أهل النار وهو الوجع، كلمن: كاف: الله الكافي، لام: الله العليم، ميم: الله الملك، نون: البحر. سعفص: سين: الله الصادق، والعين: الله العالم، والفاء: الله الفرد، وصاد: الله الصمد، قرشت: قاف: الجبل المحيط بالدنيا الذي اخضرت منه السموات. والراء: رأى الناس لها، والشين: شيء لله، والتاء: تمت أبدا)).
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث مسعر تفرد به إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى)) اهـ.
وهذا الحديث في إسناده ضعف لأن إسماعيل بن يحيى التيمي يضع الحديث، والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) مختصرا وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) أيضا مختصرا ليس به لفظ (الفرد).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((وقد روى الحافظ ابن مَرْدُويه من طريقين، عن إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن مِسْعَر، عن عطية، عن أبي سعيد، ... ثم ساق الحديث وهو مختصر أيضا.
ثم قال:
وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن العلاء الملقب: زِبْرِيق، عن إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مُلَيْكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومسعر، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وهذا غريب جدًا، وقد يكون صحيحًا إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات، والله أعلم)) اهـ.
وقال الإمام الألباني رحمه الله وهو يتكلم على حديث آخر له نفس المخرج، قال في ((الضعيفة)): ((موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 147 ) وابن عدي في " الكامل " ( 11 / 2 ) من طريق إسماعيل بن يحيى التيمي عن مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا.
وهذا إسناد موضوع، إسماعيل هذا كذاب كما قال أبو علي النيسابوري والدارقطني والحاكم، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه بواطيل، وعطية العوفي ضعيف)) اهـ.
رابعًا: حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه رضي الله عنه.
أخرج أبو نعيم الأصبهاني في ((طرق حديث: إن لله تسعة وتسعين اسمًا)) وقال: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا زهير بن محمد، عن موسى بن عقبة، ( ح ) وحدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن سليمان الهروي، ثنا أبو عامر، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لله تسعة وتسعون اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة " قال زهير: فبلغنا من غير واحد من أهل العلم " أن أولها أن يفتتح بلا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، له الأسماء الحسنى، الله، الواحد، الصمد، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الخالق، البارئ، المصور، الملك، الحق، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، العلي، العظيم، البارئ، المتعالي، الجليل، الجميل، القيوم، الهادي، القهار، العليم، الحليم، القريب، المجيب، الغني، الوهاب، الودود، الشكور، الواحد، الولي، الرشيد، العفو، الغفور، الكريم، الحليم، الحكيم، التواب، الرب، الحميد، المجيد، الوفي، الشهيد، المنير، البرهان، الرءوف، الرحيم، المبدئ، المعيد، الباعث، الوارث، القوي، الشديد، الضار، النافع، الباقي، الوافي، الخافض، الرافع، القابض، الباسط، المعز، المذل، الرزاق، ذو القوة، المتين، القائم، الدائم، الحافظ، الوكيل، العادل، المانع، المعطي، المحيي، المميت، الجامع، الكافي، الهادي، الأبد، العالم، الصادق، النور، المبين، القديم، الحق، الفرد، الوتر، الأحد، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
وأخرجه كما قال السيوطي رحمه الله في ((الجامع الصغير)): (( ك أبو الشيخ في التفسير ابن مردويه في التفسير أبو نعيم في الأسماء الحسنى ) عن أبي هريرة)) اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في ((ضعيف الجامع الصغير)): ضعيف.
قلت: يلاحظ أنه ذكر اسم ((الحليم)) في موضعين.
وكذلك ذكر لفظ ((القديم))، والمحققون من أهل العلم لا يعدونه من أسماء الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح العقيدة السفارينية)): ((إذا نظرنا في القرآن والسنة فلن نجد أنه جاء من أسماء الله.
إذًا: لا يجوز أن نسمي الله به أولًا: لأنه لم يَرِدْ في الكتاب ولا في السنة.
وثانيًا: لأن القديم ليس من الأسماء الحسنى، والله عز وجل يقول: ) ولله الأسماء الحسنى ( [الأعراف: 180]، فالقديم ليس من الأسماء الحسنى، لأنه لا يدل على الكمال، فإن القديم يطلق على السابق لغيره سواءٌ كان حادثًا أم أزليًا، قال الله تعالى: ) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ( [يس: 39]، والعرجون القديم هو عذق النخلة الذي يلتوي إذا تقدم به العهد، ولا شك أنه حادث وليس أزليًا، والحدوث نقص، وأسماء الله تعالى كلها حسنى لا تحتمل النقص بأي وجه.
فتبين بذلك أن تسمية الله بالقديم لا تجوز بدليل عقلي وبدليل سمعي؛ الدليل السمعي قول الله تعالى: ) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( [الأعراف: 33]، وقوله تعالى: ) ولا تقف ما ليس به علم ( [الإسراء: 36].
وأما الدليل العقلي فهو أن القديم ليس من الأسماء الحسنى، لأنه يتضمن نقصًا، حيث إن القديم قد يراد به الشيء الحادث، ومعلومٌ أن الحدوث نقص)) اهـ.
وأخرجه قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في ((الحجة في بيان المحجة)) قال: أخبرنا طلحة بن الحسين الصالحاني أنا جدي أبو ذر الصالحاني، أنا أبو الشيخ، نا أبو العباس الهروي، به، وسقط لفظ (مئة) وقال: غير واحد.
وذكر ((البار)) بدل ((الباري))، وزاد ((الحي))، ولم يذكر ((الهادي، القهار))، وذكر بدلهما ((القادر القاهر))، وذكر ((الحكيم)) بدل ((الحليم)) في الموضع الأول، وذكر ((المغني)) بدل ((الغني))، وزاد ((الماجد))، وبعد ((الحليم)) في الموضع الثاني لم يذكر ((الحكيم))، ولم يذكر ((الوفي))، وذكر ((المبين)) بدل ((المنير))، وذكر ((الودود)) بدل ((الوافي)) وقد أشار إليه محقق الكتاب الدكتور الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله، وذكر ((الأيد)) بدل ((الأبد)) وقد أشار إليه أيضًا الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله، وذكر ((المنير)) بدل ((المبين))، ولم يذكر ((الحق)).
قال الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله في حاشية كتاب ((الحجة في بيان المحجة)): ((وردت هذه الرواية بعد أسماء الله الحسنى في سنن ابن ماجه، 34 - باب الدعاء 10- باب أسماء الله عز وجل ح 3861 وهي بنفس هذا الترتيب تقريبًا، وتزيد بذكر اسمه تعالي ((الرحمن)) ولكن لم يرد ضمنها اسمه تعالي ((الحميد)) اهـ.
كما جاء سرد الأسماء بدون لفظ (الفرد) عن أبي زيد وهو: سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري [4] وسفيان بن عيينة عند الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) وتمام في ((الفوائد)) قال: أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد قراءة ثنا أبو بكر عبيد الله بن محمد العمري القاضي بدمشق سنة تسع وستين ومئتين ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح ثنا حيان [5] بن نافع ثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لله عز وجل تسعة وتسعون اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة)).
قال حيان [6]: قال داود بن عمرو هو - قنبل -: سألنا سفيان بن عيينة أن يملي علينا التسعة وتسعين اسمًا التي لله عز وجل في القرآن، فوعدنا أن يخرجها لنا، فلما أبطأ علينا أتينا أبا زيد فأملى علينا هذه الأسماء، فأتينا سفيان فعرضناها عليه، فنظر فيها أربع مرار، فقال: نعم هي هذه، فقلنا له: اقرأها علينا، فقرأها علينا سفيان في فاتحة الكتاب خمسة أسماء: يا الله، يا رب، يا رحمن، يا رحيم، يا ملك. وفي البقرة ستة وعشرون اسمًا: يا محيط، يا قدير، يا عليم، يا حكيم، يا تواب، يا بصير، يا واسع، يا بديع، يا سميع، يا كافي، يا رؤوف، يا شاكر، يا إله، يا واحد، يا غفور، يا حليم، يا قابض، يا باسط، يا لا إله إلا هو، يا حي، يا قيوم، يا علي، يا عظيم، يا ولي، يا غني، يا حميد. وفي آل عمران أربعة أسماء: يا قائم، يا وهاب، يا سريع، يا خبير. وفي النساء ستة أسماء: يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا غفور، يا معين [7]، يا وكيل. وفي الأنعام خمسة أسماء: يا فاطر، يا قاهر، يا قادر [8]، يا لطيف، يا خبير. وفي الأعراف اسمان: يا محيي، يا مميت وفي الأنفال اسمان: يا نعم المولى، ويا نعم النصير. وفي هود سبعة أسماء: يا حفيظ، يا قريب، يا مجيب، يا قوي، يا مجيد، يا ودود، يا فعَّال. وفي الرعد اسمان: يا كبير، يا متعال. وفي إبراهيم اسم: يا منان. وفي الحجر اسم: يا خلاق. [وفي النحل اسم: يا باعث] [9]. وفي مريم اسمان: يا صادق، يا وارث. (وفي الحج اسم: يا باعث) [10]. وفي المؤمنين اسم: يا كريم. وفي النور ثلاثة أسماء: يا حق، يا مبين، يا نور. وفي الفرقان اسم: يا هادي. وفي سبأ اسم: يا فتاح. وفي المؤمن أربعة أسماء: يا غافر، يا قابل، يا شديد، يا ذا الطول. وفي الذاريات ثلاثة أسماء: يا رزاق، يا ذا القوة، يا متين. وفي الطور اسم: يا بَرُّ [11]. وفي اقتربت اسم: يا مقتدر. وفي الرحمن ثلاثة أسماء: يا باقي، يا ذا الجلال، يا ذا الإكرام. وفي الحديد أربعة [12] أسماء: يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، وفي الحشر عشرة أسماء: يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارىء، يا مصور. وفي البروج اسمان: يا مبدىء، يا معيد. وفي قل هو الله أحد اسمان: يا أحد يا صمد)).
وجاء سرد الأسماء عن جعفر بن محمد الصادق، عند أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله في ((طرق حديث: إن لله تسعة وتسعين اسمًا)) قال: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، ثنا محمد بن أبي عمر المكي، ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: سألت أبي: جعفر بن محمد عن الأسماء التي قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة)) وانها لفي كتاب الله:
منها: في فاتحة الكتاب خمسة أسماء، وفي البقرة ثلاثة وثلاثون اسمًا، وفي آل عمران خمسة أسماء، وفي النساء سبعة أسماء، وفي الأنعام ستة أسماء، وفي الأعراف حرفان، وفي الأنفال حرفان، وفي هود أربعة أسماء، وفي الرعد حرفان، وفي إبراهيم اسم واحد، وفي الحجر اسم واحد، وفي مريم ثلاثة أسماء، وفي طه اسم واحد، وفي الحج اسم واحد، وفي المؤمنين اسم واحد، وفي النور ثلاثة أسماء، وفي الفرقان اسم واحد، وفي سبأ اسم واحد، وفي الزمر أربعة أسماء، وفي المؤمن أربعة أسماء، وفي الذاريات اسمان، وفي الطور اسم واحد، وفي اقتربت الساعة حرفان، وفي الرحمن أربعة أسماء وفي الحديد أربعة أسماء، وفي الحشر إحدى عشرة، وفي البروج حرفان، وفي الفجر واحد، وفي الإخلاص حرفان.
فإذا تليت هذه الأسماء فإن فيها أسماء الله إذا دعي به أجاب، وإذا سئل أعطي، فإذا هممت أن تدعوا بهذه الأسماء فليكن ذلك بعد صيام واجب، أو صوم الخميس، وتدعوا في آخر ليلة الجمعة، وقت السحر: الله لا إله إلا هو ... ما يدعو بهذه الأسماء عبدٌ مؤمن إلا أجابه الله، ولو سأل يمشي على الماء لأجابه الله، أو على متن الريح.
فأما الخمسة في فاتحة الكتاب: يا الله! يا رب! يا رحمن! يا رحيم! يا مالك!
وأما الثلاثة والثلاثون التي في البقرة: يا محيط! يا قدير! يا عليم! يا حكيم! يا تواب! يا رحيم! يا بصير! يا عظيم! يا ولي! يا نصير! يا واسع! يا بديع! يا سميع! يا عزيز! يا كافي! يا رؤوف! يا شاكر! يا واحد! يا قوي! يا شديد! يا قريب! يا مجيب! يا سريع! يا حليم! يا خبير! يا قابض! يا باسط! يا حي! يا قيوم! يا غني! يا حميد!
وأما التي في آل عمران: يا وهاب! يا قائم! يا صادق! يا منعم! يا متفضل! وأما التي في النساء: يا رقيب! يا حسيب! يا شهيد! يا مقيت! يا علي! يا كبير! يا وكيل!
وأما التي في الأنعام: يا غفور! يا برهان! يا فاطر! يا قاهر! يا مميت!
وأما التي في الأعراف: يا محيى! يا مميت!
وأما التي في الأنفال: يا نعم المولى ونعم النصير!
وأما التي في هود: يا محيط! يا مجيد! يا ودود! يا فعال لما يريد!
وأما التي في الرعد: يا كبير! يا متعال!
وفي سورة إبراهيم: يا منان!
وفي الحجر: يا خلاق!
وفي مريم: يا صادق! يا وارث! يا فرد!
وفي طه: يا غفار!
وفي الحج: يا باعث!
وفي المؤمنين: يا كريم!
وفي النور: يا حق!
وفي الفرقان يا هاد!
وفي سبأ: يا فتاح!
وفي الزمر: يا عالم الغيب والشهادة!
وفي المؤمن: يا غافر الذنب! يا قابل التوب! يا ذا الطول! يا رفيع!
وفي الذاريات: يا رزاق! يا ذا القوة المتين!
وفي الطور يا بر!
وفي اقتربت الساعة: يا مليك! يا مقتدر!
وفي الرحمن: يا رب المشرقين! يا رب المغربين! يا ذا الجلال والإكرام!
وفي الحديد: يا أول! يا آخر! يا ظاهر! يا باطن!
وفي الحشر: يا ملك! يا قدوس! يا سلام! يا مؤمن! يا مهيمن! يا عزيز! يا جبار! يا متكبر! يا خالق! يا بارئ! يا مصور!
وفي البروج: يا مبدئ! يا معيد!
وفي الفجر: يا وتر!
وفي الإخلاص: يا أحد! يا صمد!)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((بل من أحصى تسعة وتسعين اسمًا من أسماء الله دخل الجنة أو أنها وإن كانت معينة فالاسمان اللذان يتفق معناهما يقوم أحدهما مقام صاحبه، كالأحد والواحد؛ فإن في رواية هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عنه، رواها عثمان بن سعيد ((الأحد)) بدل ((الواحد)) و ((المعطي)) بدل ((المغني)) وهما متقاربان، وعند الوليد هذه الأسماء، وبعد أن روى الحديث عن خليد بن دعلج، عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة.
ثم قال هشام: وحدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز مثل ذلك، وقال: كلها في القرآن {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ} [الحشر: 22] ... مثل ما ساقها الترمذي لكن الترمذي رواها عن طريق صفوان بن صالح، عن الوليد، عن شعيب، وقد رواها ابن أبي عاصم، وبين ما ذكره هو والترمذي خلاف في بعض المواضع، وهذا كله مما يبين لك أنها من الموصول المدرج في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض الطرق، وليست من كلامه.
ولهذا جمعها ((قوم آخرون)) على غير هذا الجمع، واستخرجوها من القرآن منهم سفيان بن عيينة، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهم؛ كما قد ذكرت ذلك فيما تكلمت به قديمًا على هذا؛ وهذا كله يقتضى أنها عندهم مما يقبل البدل)) اهـ.
بقي طريق ليس به لفظ (الفرد) أخرجه ابن ماجه قال: حدثنا هشام ابن عمار، حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني، حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميمي، حدثنا موسى بن عقبة، حدثني عبد الرحمن الأعرج به.
قلت: الطريق ضعيف فيه عبد الملك بن محمد الصنعاني وهو: الحميري البرسمي أبو الزرقاء، من أهل صنعاء دمشق قال ابن حبان في ((المجروحين)): ((كان ممن يجيب في كل ما يسأل حتى ينفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته)) اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((قوله: إن هذا ورد في الأسماء الحسني، فالحديث الذي فيه ذكر ذلك هو حديث الترمذي، روى الأسماء الحسنى في ((جامعه)) من حديث الوليد بن مسلم، عن شعيب عن أبي الزنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ورواها ابن ماجه في سننه من طريق مخلد بن زياد القَطَوانى؛ عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما كل منهما من كلام بعض السلف، فالوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين، كما جاء مفسرًا في بعض طرق حديثه.
ولهذا اختلفت أعيانهما عنه؛ فروى عنه في إحدى الروايات من الأسماء بدل ما يذكر في الرواية الأخرى؛ لأن الذين جمعوها قد كانوا يذكرون هذا تارة وهذا تارة؛ واعتقدوا - هم وغيرهم - أن الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ليست شيئـًا معينًا)) اهـ.
قال الحافظ البوصيري رحمه الله في ((زوائد ابن ماجه على الكتب الخمسة)): ((لم يخرج أحد من الأئمة الستة عدد أسماء الله الحسنى من هذا الوجه ولا من غيره، غير ابن ماجه والترمذي (لكن طريق الترمذي بغير هذا السياق وبزيادة) [13] ونقص وتقديم وتأخير، وطريق الترمذي أصح شيء في الباب)) اهـ.
ثم قال رحمه الله: ((إسناد طريق ابن ماجه ضعيف لضعف عبد الملك بن محمد)) اهـ.
قال ابن حجر في ((تقريب التهذيب)): ليّن الحديث.
وله علة أخرى لم ينبه عليها البوصيري رحمه الله في ((زوائد ابن ماجه على الكتب الخمسة)) وكذلك محمد النجدي في ((النهج الأسمى)) وهي زهير بن محمد التميمي وهو: أبو المنذر الخراساني سكن الشام ثم الحجاز ثقة إلا أن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، قال البخاري: عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه كما في ((التقريب))، وعبد الملك بن محمد الصنعاني شامي الراوي عنه.
قال العلامة عبيد الله المباركفوري رحمه الله ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)): (((رواه الترمذي والبيهقي) وأخرجه أيضًا ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم (ج1ص16) والطبراني وابن أبي الدنيا كلاهما في الدعاء، وابن أبي عاصم وأبو الشيخ وابن مردوية كلاهما في التفسير، وأبو نعيم في الأسماء الحسنى، وابن منده وجعفر الفريابي في الذكر، وفي رواياتهم اختلاف شديد في سرد الأسماء وزيادة ونقص كما أشار إليه الحافظ في الفتح والقسطلاني في إرشاد الساري (ج11ص68- 69) والشوكاني في فتح القدير (ج2ص256- 257) وكما يدل عليه ما ذكره السيوطي في الجامع الصغير وعلي المتقي في الكنز من سياق بعض الروايات، وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر.
قال الشوكاني: وقد أخرجها بهذا العدد الذي أخرجه الترمذي وابن مردوية وأبو نعيم عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكراه ولا أدري كيف إسناده - انتهى)) اهـ.
ثم قال رحمه الله: ((قد استضعف حديث سرد الأسماء جماعة، منهم ابن حزم والداودي وابن العربي وأبو الحسن القابسي وأبو زيد البلخي. قال ابن حزم: الأحاديث الواردة في سرد الأسماء ضعيفة لا يصح شيء منها أصلًا ومال الحافظ في الفتح إلى رجحان أن سرد الأسماء مدرج في الحديث إذ قال. وإذا تقرر رجحان أن سرد الأسماء ليس مرفوعًا فقد اعتنى جماعة بتتبعها من القرآن من غير تقييد بعدد كما روي عن محمد بن يحيى الذهلي أنه استخرج الأسماء من القرآن، وعن أبي جعفر بن محمد الصادق أنه قال هي في القرآن، وعن أبي زيد اللغوي أنه أخرجها من القرآن ووافقه سفيان على ذلك)) اهـ.
سفيان هو: ابن عيينة كما عند تمام في ((الفوائد)).
قال العلامة الألباني رحمه الله: صحيح دون عد الأسماء.
وقال العلامة محدث المدينة حماد الأنصاري رحمه الله كما في ((المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري)): ((لا يوجد في نص صحيح أنّ من أسماء الله تعالى (الصبور)، والترمذي هو فقط الّذي روى الزيادة في الحديث المتّفق عليه: (إن لله تسعًا وتسعين اسما مائة) زاد ... ثم سردَها.
ثم قال: وقد أُدمجت في هذه الأسماء أسماء ثبوتها لا يصح)) اهـ.
قلت: قوله رحمه الله ((الترمذي هو فقط الّذي روى الزيادة ... )) إن قصد الإطلاق الزيادة على الكتب الستة فيلاحظ أن ابن ماجه قد أخرجه في سننه، وإن كانت الجملة متعلقة بما قبلها - وهو بعيد – فصحيح الزيادة على الكتب الستة، وإلا فقد جاء ذكر (الصبور) عند ابن حبان في ((صحيحه)) والحاكم في ((المستدرك)) والطبراني في ((الدعاء)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) و((شعب الإيمان)) و((الأسماء والصفات)) و((الدعوات الكبير)) و((الاعتقاد)) وابن منده في ((التوحيد)).
و ((فيه مخالفة في المتن من جهة ترتيب الأسماء وفيه زيادة ونقص وهذا يدل على الاضطراب، وقد ضعف هذا الحديث جمع من الحفاظ، الترمذي، والحاكم، والبيهقي، والبغوي، وابن حزم، والداودي، وابن العربي، وابن حجر، وابن تيمية، وابن كثير، وابن القيم، والصنعاني، والألباني، والوادعي، عليهم رحمه الله ورضوانه جميعا)) [14].
خامسًا: حديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه.
أخرج الطبراني في ((الأحاديث الطوال)) قال: حدثنا أحمد بن الحسن النحوي الأيلي، قال: ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة فقال: ((إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر)).
قلت: يا رسول الله، وما الصور ؟
قال: ((القرن)).
قلت: كيف هو ؟
قال: ((عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات، النفخة الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فيأمره فيديمها ويطيلها ولا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل فيها وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق فيسير الله عز وجل الجبال سير السحاب، فتكون سرابا، ثم ترتج الأرض بأهلها رجا، فتكون كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الرياح الأرواح، وهو الذي يقول الله يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة. قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة فيميد الناس على وجهها، وتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار، فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها وترجع، ويولي الناس مدبرين، ما لهم من الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله عز وجل يوم التناد فبينا هم على ذلك إذ تصدعت الأرض تصدعين من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تطوى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت السماء فانتثرت نجومها، وخسفت شمسها وقمرها)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك)).
قال أبو هريرة: يا رسول الله، من استثنى الله عز وجل حين يقول: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}.
قال: ((أولئك الشهداء، إنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه الله على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله عز وجل: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد}، فيكونون في ذلك البلاء ما شاء الله، إلا أنه يطول، ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل بنفخة الصعق، فيصعق أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فإذا هم قد خمدوا جاء ملك الموت إلى الجبار عز وجل فيقول: يا رب، قد مات أهل السماوات والأرض إلا من شئت، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي ؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقي جبريل وميكائيل، بقيت أنا، فيقول عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل، فينطق الله العرش فيقول: يا رب، يموت جبريل وميكائيل فيقول الله: اسكت، فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي، فيموتان، فيجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: أي رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي ؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: فليمت حملة عرشي، فيموتون، فيأمر الله عز وجل العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت عليه السلام إلى الجبار فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي ؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: أنت من خلقي، خلقتك لما رأيت، فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار، الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ... إلخ ما جاء في هذا الحديث.
قال العلامة ابن أبي العز في ((شرح العقيدة الطحاوية)) وقال: (رواه الأئمة: ابن جرير في تفسيره، والطبراني، وأبو يعلي الموصلي، والبيهقي وغيرهم)) اهـ.
قلت: مدار الحديث على إسماعيل بن رافع وهو: ابن عويمر الأنصاري المدني نزيل البصرة يكنى أبا رافع ضعيف الحفظ كما في ((التقريب)).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((هذا حديث مشهور وهو غريب جدا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة وفي بعض ألفاظه نكارة. تفرد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ونص على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة، كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وعمرو بن علي الفَلاس، ومنهم من قال فيه: هو متروك. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء.
قلت: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، قد أفردتها في جزء على حدة. وأما سياقه، فغريب جدًا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعله سياقا واحدا، فأنكر عليه بسبب ذلك. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: إنه رأى للوليد بن مسلم مصنفا قد جمع فيه كل الشواهد لبعض مفردات هذا الحديث، فالله أعلم)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((حديث الصور الطويل الذي أخرجه عبد بن حميد والطبري وأبو يعلى في الكبير والطبراني في الطوالات وعلي بن معبد في كتاب الطاعة والمعصية والبيهقي في البعث من حديث أبي هريرة، ومداره على إسماعيل بن رافع واضطرب في سنده مع ضعفه، فرواه عن محمد بن كعب القرظي تارة بلا واسطة وتارة بواسطة رجل مبهم ومحمد عن أبي هريرة تارة بلا واسطة وتارة بواسطة رجل من الأنصار مبهم أيضا وأخرجه إسماعيل بن أبي زياد الشامي أحد الضعفاء أيضا في تفسيره عن محمد بن عجلان عن محمد بن كعب القرظي واعترض مغلطاي على عبد الحق في تضعيفه الحديث بإسماعيل بن رافع وخفي عليه أن الشامي أضعف منه ولعله سرقه منه فألصقه بابن عجلان وقد قال الدارقطني انه متروك يضع الحديث وقال الخليلي شيخ ضعيف شحن تفسيره بما لا يتابع عليه وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في حديث الصور جمعه إسماعيل بن رافع من عدة آثار وأصله عنده عن أبي هريرة فساقه كله مساقا واحدا وقد صحح الحديث من طريق إسماعيل بن رافع القاضي أبو بكر بن العربي في سراجه وتبعه القرطبي في التذكرة وقول عبد الحق في تضعيفه أولى وضعفه قبله البيهقي فوقع في هذا الحديث عند علي بن معبد ان الله خلق الصور فأعطاه اسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش الحديث وقد ذكرت ما جاء عن وهب بن منبه في ذلك فلعله أصله)) اهـ.
وضعفه الألباني كما في تخريج ((شرح العقيدة الطحاوية)) وقال: (أخرجه ابن جرير في تفسيره كما ذكر الشارح. (2/330-331،24/30،186-187) من حديث أبي هريرة مرفوعا، وإسناده ضعيف لأنه من طريق إسماعيل بن رافع المدني عن يزيد بن أبي زياد وكلاهما ضعيف بسنديهما عن رجل من الأنصار وهو مجهول لم يسم، وقول الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا حديث مشهور .. الخ، لا يستلزم صحته كما لا يخفي على أهل العلم)) اهـ.
سادسًا: حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الطبراني رحمه الله في ((الدعاء)) قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري ثنا أبو طاهر بن السرح ثنا أبو محمد موسى بن عبد الرحمن الصنعاني المفسر حدثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي قال ( ح ).
وحدثنا مقاتل بن حيان عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سره أن يوعيه الله عز و جل حفظ القرآن وحفظ أصناف العلم فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف أو في صحفة قوارير بعسل وزعفران وماء مطر ويشربه على الريق وليصم ثلآثة ايام وليكن إفطاره عليه فإنه يحفظها إن شاء الله عز و جل ويدعو به في أدبار صلواته المكتوبة اللهم إني أسألك بأنك مسؤول لم يسأل مثلك ولا يسأل أسألك بحق محمد رسولك ونبيك وإبراهيم خليلك وصفيك وموسى كليمك ونجيك وعيسى كلمتك وروحك وأسألك بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وفرقان محمد وأسألك بكل وحي أوحيته وبكل حق قضيته وبكل سائل أعطيته وأسألك بأسمائك التي دعاك بها أنبياؤك فاستجيب لهم وأسألك باسمك المخزون المكنون الطهر الطاهر المطهر المبارك المقدس الحي القيوم ذي الجلال والإكرام وأسألك باسمك الواحد الأحد الصمد الفرد الوتر الذي ملأ الأركان كلها والذي من أركانك كلها وأسألك باسمك الذي وصعته على السموات فقامت وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرضين فاستقرت وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فرست واسألك باسمك الذي وضعته على الليل فأظلم وأسألك باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار وأسألك باسمك الذي يحيي به العظام وهي رميم وأسألك بكتابك المنزل بالحق ونورك التام أن ترزقني حفظ القرآن وحفظ أصناف العلم وتثبتها في قلبي وأن تستعمل بها بدني في ليلي ونهاري أبدا ما أبقيتني يا أرحم الراحمين)).
قال المحقق: إسناده ضعيف جداُ.
سابعًا: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رضي الله عنه.
أخرج الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) ومن طريقه ابن عساكر ((أخبار لحفظ القرآن)) قال: أنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي، نا عثمان بن أحمد الدقاق، نا محمد بن خلف بن عبد السلام، نا موسى بن إبراهيم المروزي، نا وكيع، عن عبيدة، عن شقيق، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أراد أن يؤتيه الله حفظ القرآن وحفظ العلم، فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف بعسل ثم يغسله بماء مطر يأخذه قبل أن يقع إلى الأرض، ثم يشربه على الريق ثلاثة أيام فإنه يحفظ بإذن الله: اللهم إني أسألك بأنك مسئول لم يسأل مثلك، أسألك بحق محمد رسولك ونبيك، وإبراهيم خليلك وصفيك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك، وأسألك بكتاب إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى، وقرآن محمد، وأسألك بكل وحي أوحيته، وبكل حق قضيته، وبكل سائل أعطيته، وأسألك باسمك الذي دعاك به أنبياؤك فاستجبت لهم، وأسألك باسمك الذي ثبت به أرزاق العباد، وأسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك، وأسألك باسمك الذي استقل به عرشك، وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرضين فاستقرت، وأسألك باسمك الذي دعمت به السماوات فاستقلت، وأسألك باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار، وأسألك باسمك الذي وضعته على الليل فأظلم، وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فرست، وأسألك باسمك الواحد الأحد الصمد الوتر الفرد الطاهر الظاهر الطهر المبارك المقدس الحي القيوم نور السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال أن ترزقني حفظ كتابك القرآن وحفظ أصناف العلم، وتثبتهما في قلبي وشعري وبشري وتخلطهما بلحمي ودمي ومخي وتشغل بهما جسدي في ليلي ونهاري، فإنه لا حول لي ولا قوة إلا بالله)).
قلت: هذا الحديث إسناده ضعف لأن فيه عبيدة وهو: ابن معتب الضبي أبو عبد الكريم الكوفي ضعيف، واختلط بآخره كما في ((التقريب)).
وفيه أيضًا موسى بن إبراهيم المروزي وهو: أبو عمران.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((اللسان)): ((كذبه يحيى وقال الدارقطني وغيره متروك. فمن بلاياه قال حدثنا وكيع عن عبيدة عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه ... ثم ساق الحديث وذكر غيره.
ثم قال:
وقال العقيلي منكر الحديث لا يتابع على حديثه وأورد له حديث عبد الله بن عمر المذكور وقال أبو نعيم في ترجمة مكحول موسى ضعيف وقال ابن عدي موسى بن إبراهيم شيخ مجهول حدث بالمناكير عن الثقات وغيرهم وهو بين الضعف)) اهـ.
وفي الحديث علة ثالثة محمد بن خلف بن عبد السلام وهو: الأعور يعرف بالمروزي لأنه كان يسكن محلة المراوزة، يحيى بن معين كذبه وقال الدارقطني وغيره متروك كما في ((لسان الميزان)).
فمما سبق يتبين ضعف الأحاديث الواردة في هذا الباب – وهي سبعة أحاديث -، وبهذا لا يصح أن يكون (الفرد) اسما من أسماء الله عز وجل.
وسئل اللجنة الدائمة كما في الفتوى رقم ( 20961 ): ((هل الفرد اسم من أسماء الله تعالى؟
فأجابت: أسماء الله تعالى توقيفية، و (الفرد) لم يرد في القرآن ولم يثبت في السنة، وعليه لا يسمى الله تعالى به، وإنما يخبر عنه به فقط)) اهـ.
ولهذا خطأ بعض أهل العلم الإمام الصنعاني رحمه الله في داليته المشهورة التي مدح فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عندما قال:
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها *** كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 15 ربيع الأول سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 14 ديسمبر سنة 2016 م
[1] هذا البحث استللته وهذبته من كتابي ((العِقد المُنظم في الاسم الأعظم)).
[2] جاء عند ابن منده (بن)، وهو إما تصحيف أو خطأ طباعي.
[3] في المطبوع (الأردح) والصحيح ما أثبته.
[4] كما بينه محقق ((اشتقاق أسماء الله)) وهو غالب ظني.
[5] في ((اشتقاق أسماء الله)) مطبوع حبان.
[6] في المطبوع حبان والصحيح ما أثبته كما مر في السند المرفوع وكذلك في ((اشتقاق أسماء الله)).
[7] (مقيت) في ((اشتقاق أسماء الله)).
[8] (يا باطن يا ظاهر يا قدير) كما في ((اشتقاق أسماء الله)).
[9] (الزياد) من ((اشتقاق أسماء الله)).
[10] ليس في مطبوع ((اشتقاق أسماء الله)).
[11] جاء (يار) في ((اشتقاق أسماء الله)).
[12] في ((اشتقاق أسماء الله)) ثلاثة ولم يأت (ظاهر).
[13] أُسقط بين القوسين من مطبوع كتاب ((النهج الأسمى)) وذكر بدلها (مع) (1/5.
[14] التعاليق العُلى على القواعد المثلى.
أما بعد :
فمن القواعد التي قررها أهل الحديث والأثر السلفيون في باب أسماء الله وصفاته، أن أسماء الله عز وجل توقيفية، مبناها على ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة، وأهل العلم قد جمعوا كتبا في هذا الموضوع المهم الذي هو من موضوعات العقيدة، فمنهم من أودع (الفرد) في كتابه ومنهم من ضرب عليه صفحًا لوجود علة قادحة في أحاديثه.
ومن المتقرر عند أهل العلم أن العقيدة تأخذ من كتاب الله عز وجل وما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم ولا تأخذ من الأحاديث الضعيفة.
وفي هذا البحث كنت قد جمعت طرق وروايات الأحاديث التي جاء فيها أن (الفرد) اسما من أسماء الله، مع التفتيش عن حالها وذكر كلام نقاد الحديث والحكم عليها بما تقتضيه الصنعة الحديثية [1].
وإليك يا رعاك الله ما وقفت عليه من الأحاديث والكلام عليها:
أولًا: حديث بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله عنه.
أخرج الروياني في ((المسند)) ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ مدينة دمشق)) وفي ((تبيين كذب المفتري)) قال: نا العباس بن محمد، نا عثمان بن عمر، نا مالك بن مغول، عن ابن بريدة، عن بريدة رضي الله عنه قال: خرجت ليلة إلى المسجد، فإذا النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم قائم عند باب المسجد، وإذا رجل في المسجد يصلي.
قال: فقال لي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا بريدة أتراه يرائي ؟)).
قال: قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: ((بل مؤمن منيب)).
قال: فصلى ثم قعد يدعو فقال: (اللهم إني أسألك أني أشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، الأحد الفرد الصمد الذي لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد).
قال: فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا بريدة والله لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)).
وإذا الرجل أبو موسى الأشعري.
جاء في هذه الطريق (الأحد الفرد الصمد) وهي رواية شاذة.
حديث بريدة رضي الله عنه وجدت له طريقين إسنادهما صحيح بدون هذه الزيادة.
الطريق الأول: مالك بن مغول به، أخرجه أحمد في ((المسند))، والنسائي في ((السنن الكبـرى)) وذكر المزي في ((تحفة الأشراف)) أن النسائي أخرجه في ((التفسير)) عن عبد الرحمن بن خالد؛ وقال المحقق: لم نقف عليه في المطبوع من الكبرى؛ وهو كذلك، وأخرجه أبو داود في ((السنن))، والترمذي، ومن طريقه ابن بشكوال في ((الغوامض والمبهمات))، وابن ماجه، وابن حبان في ((صحيحه))، وابن أبي شيبة في ((المصنف))، وعبد الرزاق الصنعاني في ((المصنف))، والبزار في ((المسند))، والحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد على شرط مسلم وتعقبه العلامة مقبل الوادعي رحمه الله بقوله: شريك لم يعتمد عليه مسلم، قلت: سيأتي في الطريق الآخر؛ والبيهقي في ((الدعوات الكبير))، والبغوي في ((شرح السنة))، والطحاوي في ((مشكل الآثار))، وابن منده في ((التوحيد))، وأبو القاسم التيمي الأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) وفي ((الترغيب والترهيب))، وأبو نعيم الأصبهاني في ((أخبار أصبهان))، وعبد الغني المقدسي في ((أخبار الصلاة)) وكذلك في ((الترغيب في الدعاء)) من طريق مسدد الطريق الذي أخرجه أبو داود غير أنه جاء فَقَالَ: ((لقد سألت باسم الله الأعظم))، والخطيب البغدادي في ((تاريخ مدينة السلام)) مطول، ومحمد بن عاصم الثقفي في ((جزئه))، ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ مدينة دمشق)) ومن طريق آخر في ((معجم الشيوخ))، والضياء المقدسي في ((العدة للكروب والشدة))، والإسماعيلي في ((معجم أسامي الشيوخ)) ومن طريقه السهمي الجرجاني في ((تاريخ جرجان))، والذهبي في ((سير أعلام النبلاء))، وأخرج إسحاق بن راهويه نحوه في ((المسند)).
كلهم رووه بدون لفظ (الفرد).
وبلفظ متقارب رواه الطبراني في ((الدعاء)) قال: حدثنا معاذ بن المثني، وأبو مسلم الكشي، ويوسف القاضي، قالوا: ثنا عمرو بن مرزوق أنبأنا مالك بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: دخلت مع رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسجد ويدي في يده فإذا رجل يقول: اللهم إني أسألك أنك أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لقد دعا الله تعالى باسمه الأعظم، الذي إذا سـئل به أعطـي، إذا دعـي به أجاب)).
وجاء الحديث بإسناد ضعيف عند ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحـادة عن ابن بريدة عن أبيه، والحديث رجاله ثقات غير يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن بشمين، بفتح الموحدة وسكون المعجمة، الحماني، بكسر المهملة وتشديد الميم، الكوفي، حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث كما في ((تقريب التهذيب))، وأظنه من مسروقاته، لأن بين محمد بن جحادة وابن بريدة، رجل ساقط، يوضح هذا ما عند مسدد رحمه الله في ((المسند)) كما في كتاب ((إتحاف الخيرة المهرة))، وابن بريدة في هذا السند هو سليمان وليس عبد الله.
قال البوصيري رحمه الله في ((إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة)): ((قال مسدد: ثنا عبد الوارث: ثنا محمد بن جحادة: حدثني رجل عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، وساق قبل قصة الدعاء هذه، قصة رفع الصوت بالقراءة)) اهـ.
والحديث بهذا السند ضعيف أيضًا لأن فيه رجلًا مبهمًا، وفيما بحثت فيه من مصادر لم أجد لسليمان بن بريدة حديثـًا يرويه عن أبيه رضي الله عنه في اسم الله الأعظم، ومن طريقه أخرجه عبد الغني المقدسي في ((الترغيب في الدعاء))، والله أعلم.
ثم وقفت على سند ذكره المزي في ((تحفة الأشراف)) قال: ورواه إسماعيل بن مسلم عن محمد بن جحادة عن سليمان بن بريدة عن أبيه.
الطريق الآخر: شريك عن أبي إسحاق عن ابن بريدة به، أخرجه الحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم.
والصحيح شريك وهو: ابن عبد الله النخعي القاضي صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة كما في ((تقريب التهذيب))؛ أخرج له مسلم في الشواهد والمتابعات، وأخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار))، من طريق شريك عن أبي إسحاق ومالك بن مغول به، وقال الترمذي: ((روى شريك هذا الحديث عن أبي إسحق عن ابن بريدة عن أبيه وإنما أخذه أبو إسحق الهمداني عن مالك بن مغول وإنما دلسه وروى شريك هذا الحديث عن أبي إسحق)) اهـ.
وقال ابن عساكر رحمه الله في ((تاريخ دمشق)): ((فحدثت به [حديث بريدة] زهير بن معاوية قلت: إن سفيان حدثنا بهذا الحديث عن مالك بن مغول فلقيت مالكًا، فكتبته عنه فقال زهير: سمعت أبا إسحاق السبيعي حدثنا به عن مالك بن مغول)) اهـ.
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله في ((تاريخ مدينة السلام)): ((قال أبو الحسين العكلي: فحدثت بهذا الحديث زهير بن معاوية الجعفي، فقال: حدثنا به أبو إسحاق السبيعي، عن مالك بن مغول بهذا بعينه.
قال أبو الحسين: وأخبرني به سفيان الثوري، عن مالك بن مغول، فلقيت أنا بعد مالك ابن مغول فسمعته منه.
غريب من حديث زهير بن معاوية عن أبي إسحاق، تفرد به زيد بن الحباب عنه. وقد رُوي عن شريك عن أبي إسحاق عن مالك بن مغول واختلف عن شريك فيه)) اهـ.
وهذا الطريق اضطرب فيه شريك بن عبد الله فيذكره عن أبي إسحاق عن ابن بريدة كما عند الحاكم، وأخري عن أبي إسحاق عن مالك بن مغول عن ابن بريدة أخرجه ابن منده في ((التوحيد)) وذكره الترمذي والخطيب، وله طرق بهما معًا عن ابن بريدة كما عند الطحاوي، والمحفوظ من طريق مالك كما رجحه ابن منده، والله أعلم.
وهذا الطريق أيضًا كلهم رووه بدون لفظ (الفرد).
والحديث جاء من رواية محجن بن الأدرع رضي الله عنه، باختلاف يسير في صيغة الدعاء، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قد غفر له ثلاثًا)).
قال أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ - يَعْنِي الْمُعَلِّمَ - عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ [2] مِحْجَنَ بْنَ الأدْرَعِ حَدَّثَهُ.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم: ((قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ)) ثَلَاثَ مَرَّار.
أخرجه النسائي في ((الصغرى))، و((الكبـرى))، وأبو داود ومن طريقـه البيهقـي في كتاب ((الدعـوات الكبيـر))، وأخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه))، وابن منده في ((التوحيد))، والحاكم في ((المستدرك)) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) و ((الدعاء))، والطحاوي في ((مشكل الآثار))، والحديث صححه الألباني رحمه الله في ((صحيح النسائي))، وقال: صحيح، والله أعلم.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((علل الحديث)): ((سألت أبي عن حديث رواه مالك ابن مغول، عن ابن بريدة، عن أبيه: عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل المسجد فإذا رجل يقول: يا الله الواحد الصمد ...، فذكر الحديث؟
قال أبي: رواه عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن ابن بريدة، عن حنظلة بن علي، عن محجن بن الأدرع، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وحديث عبد الوارث أشبه)) اهـ.
وقال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله كما في حاشية ((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)) بعد تخريج حديث أنس رضي الله عنه من طريق مالك بن مغول، وقوله إسناد صحيح، قال حفظه الله: ((أخرجه النسائي (3/45) عن عمرو ابن يزيد قال: عن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حسين المعلم عن ابن بريدة، قال: حدثني حنظلة بن علي أن محجن بن الأدرع [3] بلفظ: اللهم اني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد، وعمرو بن يزيد قال الذهبي في الكاشف: ضعفوه، وفي الميزان (3/293).
قال يحيى: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف.
وهذه المخالفة التي وقعت في الإسناد لعلها من عمرو بن يزيد وهو ضعيف كما عرفت فلا تأثير لها؛ لأن الرواة عن مالك بن مغول من كبار الحفاظ مثل زهير بن معاوية، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح)) اهـ.
قلت: والصحيح المخالفة التي وقعت ليست من عمرو بن يزيد، لأن عمر بن يزيد قد توبع، تابعه الإمام أحمد رحمه الله كما مر معنا أخرج الحديث عن عبد الصمد بن عبد الوارث مباشرة، وابن عبد الصمد واسمه عبد الوارث قال: حدثني أبي كما عند ابن خزيمة، ولم يذكرا فيه عمرو بن يزيد، وقد تابع أبو معمر عبد الله بن عمرو المقعد قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد كما عند أبي داود ومن طريقه البيهقي في ((الدعوات الكبير))، وكذلك أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) من طريق المقعد، وأخرج الطبراني في ((الكبير)) وفي ((الدعاء)) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو معمر المقعد، حدثنا عبد الوارث؛ وهذا يدل على براءة عمرو بن يزيد من تهمة المخالفة، ولم أجد فيما وقفت عليه من المصادر من يخرجه من طريق عمرو بن يزيد غير النسائي.
وفي ظني أن المخالفة من الحسين بن ذكوان المعلم فهو ثقة ربما وهم كما في ((تقريب التهذيب)).
قال الحافظ ابن منده رحمه الله في ((التوحيد)): ((هذا حديث مشهور عن مالك بن مغول رواه الثوري عن أبي إسحاق عن مالك ثم سمعه من مالك، ورواه محمد بن جحادة، عن ابن يزيد عن أبيه وخالفهما حسين المعلم، وحديث مالك أشبه)) اهـ.
وقال محقق كتاب ((التوحيد)) لابن منده حاشية (ص 23): ((الأقرب أن الحديث من حديث عبد الله بن يزيد عن أبيه؛ فإن الحسين بن ذكوان ثقة وتكلم في حفظه كما في تهذيب الكمال وغيره)) اهـ.
وقال الدكتور عبد العزيز بن محمد الفريح بعدما نقل كلام ابن بي حاتم في ((الأحاديث الواردة في الاسم الأعظم)): ((وهذا الإسناد الثاني؛ الذي ذكره أبو حاتم الرازي: أخرجه الإمام أحمد. وفيه مخالفة من حسين المعلم لمالك ابن مغول؛ إذْ رواه حسين، عن ابن بريدة، عن حنظة، عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
لكن الذي يظهر – والله تعالى أعلم - أنّ طريق حسين المعلم؛ لا يعلّ به طريق مالك بن مغول، وأن القول بتعدّد القصتين رواهما ابن بريدة أولى من إعلال أحدهما بالآخر؛ لأن سياق الحديثين يختلف؛ ففي حديث مالك بن مغول جاء ذكر الاسم الأعظم، وحديث حسين المعلم ليس فيه ذكره، أيضًا في حديث مالك جاء بيان فضل الاسم الأعظم، وأنّه إذا سُئِل به أعطى، وإذا دُعِي به الله أجاب؛ بينما في حديث حسين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر الرجل بالمغفرة بقوله: ((قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّار)) اهـ.
أما من طريق محمد بن جحادة أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ مدينة دمشق)) بذكر قصة القراءة وبدون ذكر الدعاء.
جاء أن الرجل المبهم الداعـي في الحديث، هو: أبو موسـى الأشـعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه، عند ابن الأثير الجزرى في كتابه ((جامع الأصول)) من رواية رزين، وكذلك التبريزي في كتابه ((مشكاة المصابيح))، وقد فَاتَ ذكره على الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة)) ولم أره عند العراقي في ((المستفاد من مبهمات المتن والإسناد)).
قال العلامة عبيد الله المباركفوري رحمه الله في ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)): (((رواه رزين) أي ذكـره رزين في تجـريده هكـذا مطولا بدون ذكر سند)) اهـ.
وقال رحمه الله: (((سمع رجلًا) الظاهر إنه أبو موسى الأشعري كما سيأتي في حديث بريدة الآتي في الفصل الثالث ويدل عليه رواية أحمد في مسنده (ج5ص349))) اهـ.
وقال محمود محمد خطاب السبكي رحمه الله في ((المنهل العذب المورود)): (((قوله سمع رجلًا) هو أبو موسى الأشعري كما في رواية أحمد)) اهـ.
وحديث محجن بن الأدرع رضي الله عنه على ما فيه فهو أيضًا بدون لفظ (الفرد).
جاءت رواية مسندة عند أحمد في ((المسند)) مطولة ورواية بذكر القراءة وبدون ذكر الدعاء، وكذلك البخاري في ((الأدب المفرد))، وأخرى عند البغوى في ((شرح السنة)) مطولة بذكر القراءة.
ومما سبق يتبين أن الطريق التي أخرجها الروياني في ((المسند)) معلولة.
ثانيًا: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
أخرج البيهقي في كتابه ((الأسماء والصفات))، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَرْبِيُّ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ، وَتَكَفَّلْتَ بِالإِجَابَةِ، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ فَرْدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ وَعْدَكَ حَقٌّ، وَلِقَاءَكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّكَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ)).
وله تخريجات ذكرها محقق الكتاب وقال: إسناده ضعيف جدًا.
ثم قال البيهقي: وأخبرنا أبو طاهر الفقيه، أَخْبَرَنَا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حَدَّثَنَا أحمد بن يوسف السلمي، حَدَّثَنَا أبو المغيرة، حَدَّثَنَا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني محمد بن طلحة، عن رجل، قال: إن عيسى ابن مريم عليه السلام كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين يقرأ في الأولى: {تبارك الذي بيده الملك} وفي الثانية تنزيل السجدة فإذا فرغ مدح الله تعالى فأثنى عليه ثم دعا بسبعة أسماء: يا قديم، يا حفي، يا دائم، يا فرد يا وتر، يا أحد يا صمد.
وهذا إثر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وقال: ((ليس هذا بالقوي وكذلك ما قبله والله أعلم)).
ثالثًا: حديث أبي سعيد سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه رضي الله عنه.
أما حديث أبي سعيد رضي الله عنه أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) قال: حدثنا سليمان بن أحمد، - إملاء وقراءة - قال: ثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي، (ح).
وحدثنا محمد بن الحسن اليقطيني، ثنا محمد بن جعفر بن رزين العطار، قالا: ثنا إبراهيم بن العلاء، ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا إسماعيل بن يحيى التيمي، ثنا مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عيسى عليه السلام لما أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه المعلم، فقال له المعلم: اكتب بسم الله، فقال له عيسى عليه السلام: ما بسم الله ؟ قال المعلم: لا أدري، فقال له: باء: بهاء الله، وسين: سناؤه، وميم: ملكه، والله إله الآلهة، والرحمن رحمان الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة، أبجد: الألف: آلاء الله، والباء بهاء الله، جيم جمال الله، دال: الله الدائم، هوز: الهاء الهاوية، والواو: ويل لأهل النار، والزاي واد في جهنم، حطي: الحاء: الله الحليم. والطاء: الله الطالب لكل حق حتى يؤديه، والياء: أي أهل النار وهو الوجع، كلمن: كاف: الله الكافي، لام: الله العليم، ميم: الله الملك، نون: البحر. سعفص: سين: الله الصادق، والعين: الله العالم، والفاء: الله الفرد، وصاد: الله الصمد، قرشت: قاف: الجبل المحيط بالدنيا الذي اخضرت منه السموات. والراء: رأى الناس لها، والشين: شيء لله، والتاء: تمت أبدا)).
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث مسعر تفرد به إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى)) اهـ.
وهذا الحديث في إسناده ضعف لأن إسماعيل بن يحيى التيمي يضع الحديث، والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) مختصرا وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) أيضا مختصرا ليس به لفظ (الفرد).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((وقد روى الحافظ ابن مَرْدُويه من طريقين، عن إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن مِسْعَر، عن عطية، عن أبي سعيد، ... ثم ساق الحديث وهو مختصر أيضا.
ثم قال:
وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن العلاء الملقب: زِبْرِيق، عن إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مُلَيْكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومسعر، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وهذا غريب جدًا، وقد يكون صحيحًا إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات، والله أعلم)) اهـ.
وقال الإمام الألباني رحمه الله وهو يتكلم على حديث آخر له نفس المخرج، قال في ((الضعيفة)): ((موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 147 ) وابن عدي في " الكامل " ( 11 / 2 ) من طريق إسماعيل بن يحيى التيمي عن مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا.
وهذا إسناد موضوع، إسماعيل هذا كذاب كما قال أبو علي النيسابوري والدارقطني والحاكم، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه بواطيل، وعطية العوفي ضعيف)) اهـ.
رابعًا: حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه رضي الله عنه.
أخرج أبو نعيم الأصبهاني في ((طرق حديث: إن لله تسعة وتسعين اسمًا)) وقال: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا زهير بن محمد، عن موسى بن عقبة، ( ح ) وحدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن سليمان الهروي، ثنا أبو عامر، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لله تسعة وتسعون اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة " قال زهير: فبلغنا من غير واحد من أهل العلم " أن أولها أن يفتتح بلا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، له الأسماء الحسنى، الله، الواحد، الصمد، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الخالق، البارئ، المصور، الملك، الحق، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، العلي، العظيم، البارئ، المتعالي، الجليل، الجميل، القيوم، الهادي، القهار، العليم، الحليم، القريب، المجيب، الغني، الوهاب، الودود، الشكور، الواحد، الولي، الرشيد، العفو، الغفور، الكريم، الحليم، الحكيم، التواب، الرب، الحميد، المجيد، الوفي، الشهيد، المنير، البرهان، الرءوف، الرحيم، المبدئ، المعيد، الباعث، الوارث، القوي، الشديد، الضار، النافع، الباقي، الوافي، الخافض، الرافع، القابض، الباسط، المعز، المذل، الرزاق، ذو القوة، المتين، القائم، الدائم، الحافظ، الوكيل، العادل، المانع، المعطي، المحيي، المميت، الجامع، الكافي، الهادي، الأبد، العالم، الصادق، النور، المبين، القديم، الحق، الفرد، الوتر، الأحد، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
وأخرجه كما قال السيوطي رحمه الله في ((الجامع الصغير)): (( ك أبو الشيخ في التفسير ابن مردويه في التفسير أبو نعيم في الأسماء الحسنى ) عن أبي هريرة)) اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في ((ضعيف الجامع الصغير)): ضعيف.
قلت: يلاحظ أنه ذكر اسم ((الحليم)) في موضعين.
وكذلك ذكر لفظ ((القديم))، والمحققون من أهل العلم لا يعدونه من أسماء الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح العقيدة السفارينية)): ((إذا نظرنا في القرآن والسنة فلن نجد أنه جاء من أسماء الله.
إذًا: لا يجوز أن نسمي الله به أولًا: لأنه لم يَرِدْ في الكتاب ولا في السنة.
وثانيًا: لأن القديم ليس من الأسماء الحسنى، والله عز وجل يقول: ) ولله الأسماء الحسنى ( [الأعراف: 180]، فالقديم ليس من الأسماء الحسنى، لأنه لا يدل على الكمال، فإن القديم يطلق على السابق لغيره سواءٌ كان حادثًا أم أزليًا، قال الله تعالى: ) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ( [يس: 39]، والعرجون القديم هو عذق النخلة الذي يلتوي إذا تقدم به العهد، ولا شك أنه حادث وليس أزليًا، والحدوث نقص، وأسماء الله تعالى كلها حسنى لا تحتمل النقص بأي وجه.
فتبين بذلك أن تسمية الله بالقديم لا تجوز بدليل عقلي وبدليل سمعي؛ الدليل السمعي قول الله تعالى: ) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( [الأعراف: 33]، وقوله تعالى: ) ولا تقف ما ليس به علم ( [الإسراء: 36].
وأما الدليل العقلي فهو أن القديم ليس من الأسماء الحسنى، لأنه يتضمن نقصًا، حيث إن القديم قد يراد به الشيء الحادث، ومعلومٌ أن الحدوث نقص)) اهـ.
وأخرجه قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في ((الحجة في بيان المحجة)) قال: أخبرنا طلحة بن الحسين الصالحاني أنا جدي أبو ذر الصالحاني، أنا أبو الشيخ، نا أبو العباس الهروي، به، وسقط لفظ (مئة) وقال: غير واحد.
وذكر ((البار)) بدل ((الباري))، وزاد ((الحي))، ولم يذكر ((الهادي، القهار))، وذكر بدلهما ((القادر القاهر))، وذكر ((الحكيم)) بدل ((الحليم)) في الموضع الأول، وذكر ((المغني)) بدل ((الغني))، وزاد ((الماجد))، وبعد ((الحليم)) في الموضع الثاني لم يذكر ((الحكيم))، ولم يذكر ((الوفي))، وذكر ((المبين)) بدل ((المنير))، وذكر ((الودود)) بدل ((الوافي)) وقد أشار إليه محقق الكتاب الدكتور الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله، وذكر ((الأيد)) بدل ((الأبد)) وقد أشار إليه أيضًا الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله، وذكر ((المنير)) بدل ((المبين))، ولم يذكر ((الحق)).
قال الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله في حاشية كتاب ((الحجة في بيان المحجة)): ((وردت هذه الرواية بعد أسماء الله الحسنى في سنن ابن ماجه، 34 - باب الدعاء 10- باب أسماء الله عز وجل ح 3861 وهي بنفس هذا الترتيب تقريبًا، وتزيد بذكر اسمه تعالي ((الرحمن)) ولكن لم يرد ضمنها اسمه تعالي ((الحميد)) اهـ.
كما جاء سرد الأسماء بدون لفظ (الفرد) عن أبي زيد وهو: سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري [4] وسفيان بن عيينة عند الزجاجي في ((اشتقاق أسماء الله)) وتمام في ((الفوائد)) قال: أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد قراءة ثنا أبو بكر عبيد الله بن محمد العمري القاضي بدمشق سنة تسع وستين ومئتين ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح ثنا حيان [5] بن نافع ثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لله عز وجل تسعة وتسعون اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة)).
قال حيان [6]: قال داود بن عمرو هو - قنبل -: سألنا سفيان بن عيينة أن يملي علينا التسعة وتسعين اسمًا التي لله عز وجل في القرآن، فوعدنا أن يخرجها لنا، فلما أبطأ علينا أتينا أبا زيد فأملى علينا هذه الأسماء، فأتينا سفيان فعرضناها عليه، فنظر فيها أربع مرار، فقال: نعم هي هذه، فقلنا له: اقرأها علينا، فقرأها علينا سفيان في فاتحة الكتاب خمسة أسماء: يا الله، يا رب، يا رحمن، يا رحيم، يا ملك. وفي البقرة ستة وعشرون اسمًا: يا محيط، يا قدير، يا عليم، يا حكيم، يا تواب، يا بصير، يا واسع، يا بديع، يا سميع، يا كافي، يا رؤوف، يا شاكر، يا إله، يا واحد، يا غفور، يا حليم، يا قابض، يا باسط، يا لا إله إلا هو، يا حي، يا قيوم، يا علي، يا عظيم، يا ولي، يا غني، يا حميد. وفي آل عمران أربعة أسماء: يا قائم، يا وهاب، يا سريع، يا خبير. وفي النساء ستة أسماء: يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا غفور، يا معين [7]، يا وكيل. وفي الأنعام خمسة أسماء: يا فاطر، يا قاهر، يا قادر [8]، يا لطيف، يا خبير. وفي الأعراف اسمان: يا محيي، يا مميت وفي الأنفال اسمان: يا نعم المولى، ويا نعم النصير. وفي هود سبعة أسماء: يا حفيظ، يا قريب، يا مجيب، يا قوي، يا مجيد، يا ودود، يا فعَّال. وفي الرعد اسمان: يا كبير، يا متعال. وفي إبراهيم اسم: يا منان. وفي الحجر اسم: يا خلاق. [وفي النحل اسم: يا باعث] [9]. وفي مريم اسمان: يا صادق، يا وارث. (وفي الحج اسم: يا باعث) [10]. وفي المؤمنين اسم: يا كريم. وفي النور ثلاثة أسماء: يا حق، يا مبين، يا نور. وفي الفرقان اسم: يا هادي. وفي سبأ اسم: يا فتاح. وفي المؤمن أربعة أسماء: يا غافر، يا قابل، يا شديد، يا ذا الطول. وفي الذاريات ثلاثة أسماء: يا رزاق، يا ذا القوة، يا متين. وفي الطور اسم: يا بَرُّ [11]. وفي اقتربت اسم: يا مقتدر. وفي الرحمن ثلاثة أسماء: يا باقي، يا ذا الجلال، يا ذا الإكرام. وفي الحديد أربعة [12] أسماء: يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، وفي الحشر عشرة أسماء: يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارىء، يا مصور. وفي البروج اسمان: يا مبدىء، يا معيد. وفي قل هو الله أحد اسمان: يا أحد يا صمد)).
وجاء سرد الأسماء عن جعفر بن محمد الصادق، عند أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله في ((طرق حديث: إن لله تسعة وتسعين اسمًا)) قال: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، ثنا محمد بن أبي عمر المكي، ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: سألت أبي: جعفر بن محمد عن الأسماء التي قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة)) وانها لفي كتاب الله:
منها: في فاتحة الكتاب خمسة أسماء، وفي البقرة ثلاثة وثلاثون اسمًا، وفي آل عمران خمسة أسماء، وفي النساء سبعة أسماء، وفي الأنعام ستة أسماء، وفي الأعراف حرفان، وفي الأنفال حرفان، وفي هود أربعة أسماء، وفي الرعد حرفان، وفي إبراهيم اسم واحد، وفي الحجر اسم واحد، وفي مريم ثلاثة أسماء، وفي طه اسم واحد، وفي الحج اسم واحد، وفي المؤمنين اسم واحد، وفي النور ثلاثة أسماء، وفي الفرقان اسم واحد، وفي سبأ اسم واحد، وفي الزمر أربعة أسماء، وفي المؤمن أربعة أسماء، وفي الذاريات اسمان، وفي الطور اسم واحد، وفي اقتربت الساعة حرفان، وفي الرحمن أربعة أسماء وفي الحديد أربعة أسماء، وفي الحشر إحدى عشرة، وفي البروج حرفان، وفي الفجر واحد، وفي الإخلاص حرفان.
فإذا تليت هذه الأسماء فإن فيها أسماء الله إذا دعي به أجاب، وإذا سئل أعطي، فإذا هممت أن تدعوا بهذه الأسماء فليكن ذلك بعد صيام واجب، أو صوم الخميس، وتدعوا في آخر ليلة الجمعة، وقت السحر: الله لا إله إلا هو ... ما يدعو بهذه الأسماء عبدٌ مؤمن إلا أجابه الله، ولو سأل يمشي على الماء لأجابه الله، أو على متن الريح.
فأما الخمسة في فاتحة الكتاب: يا الله! يا رب! يا رحمن! يا رحيم! يا مالك!
وأما الثلاثة والثلاثون التي في البقرة: يا محيط! يا قدير! يا عليم! يا حكيم! يا تواب! يا رحيم! يا بصير! يا عظيم! يا ولي! يا نصير! يا واسع! يا بديع! يا سميع! يا عزيز! يا كافي! يا رؤوف! يا شاكر! يا واحد! يا قوي! يا شديد! يا قريب! يا مجيب! يا سريع! يا حليم! يا خبير! يا قابض! يا باسط! يا حي! يا قيوم! يا غني! يا حميد!
وأما التي في آل عمران: يا وهاب! يا قائم! يا صادق! يا منعم! يا متفضل! وأما التي في النساء: يا رقيب! يا حسيب! يا شهيد! يا مقيت! يا علي! يا كبير! يا وكيل!
وأما التي في الأنعام: يا غفور! يا برهان! يا فاطر! يا قاهر! يا مميت!
وأما التي في الأعراف: يا محيى! يا مميت!
وأما التي في الأنفال: يا نعم المولى ونعم النصير!
وأما التي في هود: يا محيط! يا مجيد! يا ودود! يا فعال لما يريد!
وأما التي في الرعد: يا كبير! يا متعال!
وفي سورة إبراهيم: يا منان!
وفي الحجر: يا خلاق!
وفي مريم: يا صادق! يا وارث! يا فرد!
وفي طه: يا غفار!
وفي الحج: يا باعث!
وفي المؤمنين: يا كريم!
وفي النور: يا حق!
وفي الفرقان يا هاد!
وفي سبأ: يا فتاح!
وفي الزمر: يا عالم الغيب والشهادة!
وفي المؤمن: يا غافر الذنب! يا قابل التوب! يا ذا الطول! يا رفيع!
وفي الذاريات: يا رزاق! يا ذا القوة المتين!
وفي الطور يا بر!
وفي اقتربت الساعة: يا مليك! يا مقتدر!
وفي الرحمن: يا رب المشرقين! يا رب المغربين! يا ذا الجلال والإكرام!
وفي الحديد: يا أول! يا آخر! يا ظاهر! يا باطن!
وفي الحشر: يا ملك! يا قدوس! يا سلام! يا مؤمن! يا مهيمن! يا عزيز! يا جبار! يا متكبر! يا خالق! يا بارئ! يا مصور!
وفي البروج: يا مبدئ! يا معيد!
وفي الفجر: يا وتر!
وفي الإخلاص: يا أحد! يا صمد!)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((بل من أحصى تسعة وتسعين اسمًا من أسماء الله دخل الجنة أو أنها وإن كانت معينة فالاسمان اللذان يتفق معناهما يقوم أحدهما مقام صاحبه، كالأحد والواحد؛ فإن في رواية هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عنه، رواها عثمان بن سعيد ((الأحد)) بدل ((الواحد)) و ((المعطي)) بدل ((المغني)) وهما متقاربان، وعند الوليد هذه الأسماء، وبعد أن روى الحديث عن خليد بن دعلج، عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة.
ثم قال هشام: وحدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز مثل ذلك، وقال: كلها في القرآن {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ} [الحشر: 22] ... مثل ما ساقها الترمذي لكن الترمذي رواها عن طريق صفوان بن صالح، عن الوليد، عن شعيب، وقد رواها ابن أبي عاصم، وبين ما ذكره هو والترمذي خلاف في بعض المواضع، وهذا كله مما يبين لك أنها من الموصول المدرج في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض الطرق، وليست من كلامه.
ولهذا جمعها ((قوم آخرون)) على غير هذا الجمع، واستخرجوها من القرآن منهم سفيان بن عيينة، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهم؛ كما قد ذكرت ذلك فيما تكلمت به قديمًا على هذا؛ وهذا كله يقتضى أنها عندهم مما يقبل البدل)) اهـ.
بقي طريق ليس به لفظ (الفرد) أخرجه ابن ماجه قال: حدثنا هشام ابن عمار، حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني، حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميمي، حدثنا موسى بن عقبة، حدثني عبد الرحمن الأعرج به.
قلت: الطريق ضعيف فيه عبد الملك بن محمد الصنعاني وهو: الحميري البرسمي أبو الزرقاء، من أهل صنعاء دمشق قال ابن حبان في ((المجروحين)): ((كان ممن يجيب في كل ما يسأل حتى ينفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته)) اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((قوله: إن هذا ورد في الأسماء الحسني، فالحديث الذي فيه ذكر ذلك هو حديث الترمذي، روى الأسماء الحسنى في ((جامعه)) من حديث الوليد بن مسلم، عن شعيب عن أبي الزنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ورواها ابن ماجه في سننه من طريق مخلد بن زياد القَطَوانى؛ عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما كل منهما من كلام بعض السلف، فالوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين، كما جاء مفسرًا في بعض طرق حديثه.
ولهذا اختلفت أعيانهما عنه؛ فروى عنه في إحدى الروايات من الأسماء بدل ما يذكر في الرواية الأخرى؛ لأن الذين جمعوها قد كانوا يذكرون هذا تارة وهذا تارة؛ واعتقدوا - هم وغيرهم - أن الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ليست شيئـًا معينًا)) اهـ.
قال الحافظ البوصيري رحمه الله في ((زوائد ابن ماجه على الكتب الخمسة)): ((لم يخرج أحد من الأئمة الستة عدد أسماء الله الحسنى من هذا الوجه ولا من غيره، غير ابن ماجه والترمذي (لكن طريق الترمذي بغير هذا السياق وبزيادة) [13] ونقص وتقديم وتأخير، وطريق الترمذي أصح شيء في الباب)) اهـ.
ثم قال رحمه الله: ((إسناد طريق ابن ماجه ضعيف لضعف عبد الملك بن محمد)) اهـ.
قال ابن حجر في ((تقريب التهذيب)): ليّن الحديث.
وله علة أخرى لم ينبه عليها البوصيري رحمه الله في ((زوائد ابن ماجه على الكتب الخمسة)) وكذلك محمد النجدي في ((النهج الأسمى)) وهي زهير بن محمد التميمي وهو: أبو المنذر الخراساني سكن الشام ثم الحجاز ثقة إلا أن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، قال البخاري: عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه كما في ((التقريب))، وعبد الملك بن محمد الصنعاني شامي الراوي عنه.
قال العلامة عبيد الله المباركفوري رحمه الله ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)): (((رواه الترمذي والبيهقي) وأخرجه أيضًا ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم (ج1ص16) والطبراني وابن أبي الدنيا كلاهما في الدعاء، وابن أبي عاصم وأبو الشيخ وابن مردوية كلاهما في التفسير، وأبو نعيم في الأسماء الحسنى، وابن منده وجعفر الفريابي في الذكر، وفي رواياتهم اختلاف شديد في سرد الأسماء وزيادة ونقص كما أشار إليه الحافظ في الفتح والقسطلاني في إرشاد الساري (ج11ص68- 69) والشوكاني في فتح القدير (ج2ص256- 257) وكما يدل عليه ما ذكره السيوطي في الجامع الصغير وعلي المتقي في الكنز من سياق بعض الروايات، وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر.
قال الشوكاني: وقد أخرجها بهذا العدد الذي أخرجه الترمذي وابن مردوية وأبو نعيم عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكراه ولا أدري كيف إسناده - انتهى)) اهـ.
ثم قال رحمه الله: ((قد استضعف حديث سرد الأسماء جماعة، منهم ابن حزم والداودي وابن العربي وأبو الحسن القابسي وأبو زيد البلخي. قال ابن حزم: الأحاديث الواردة في سرد الأسماء ضعيفة لا يصح شيء منها أصلًا ومال الحافظ في الفتح إلى رجحان أن سرد الأسماء مدرج في الحديث إذ قال. وإذا تقرر رجحان أن سرد الأسماء ليس مرفوعًا فقد اعتنى جماعة بتتبعها من القرآن من غير تقييد بعدد كما روي عن محمد بن يحيى الذهلي أنه استخرج الأسماء من القرآن، وعن أبي جعفر بن محمد الصادق أنه قال هي في القرآن، وعن أبي زيد اللغوي أنه أخرجها من القرآن ووافقه سفيان على ذلك)) اهـ.
سفيان هو: ابن عيينة كما عند تمام في ((الفوائد)).
قال العلامة الألباني رحمه الله: صحيح دون عد الأسماء.
وقال العلامة محدث المدينة حماد الأنصاري رحمه الله كما في ((المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري)): ((لا يوجد في نص صحيح أنّ من أسماء الله تعالى (الصبور)، والترمذي هو فقط الّذي روى الزيادة في الحديث المتّفق عليه: (إن لله تسعًا وتسعين اسما مائة) زاد ... ثم سردَها.
ثم قال: وقد أُدمجت في هذه الأسماء أسماء ثبوتها لا يصح)) اهـ.
قلت: قوله رحمه الله ((الترمذي هو فقط الّذي روى الزيادة ... )) إن قصد الإطلاق الزيادة على الكتب الستة فيلاحظ أن ابن ماجه قد أخرجه في سننه، وإن كانت الجملة متعلقة بما قبلها - وهو بعيد – فصحيح الزيادة على الكتب الستة، وإلا فقد جاء ذكر (الصبور) عند ابن حبان في ((صحيحه)) والحاكم في ((المستدرك)) والطبراني في ((الدعاء)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) و((شعب الإيمان)) و((الأسماء والصفات)) و((الدعوات الكبير)) و((الاعتقاد)) وابن منده في ((التوحيد)).
و ((فيه مخالفة في المتن من جهة ترتيب الأسماء وفيه زيادة ونقص وهذا يدل على الاضطراب، وقد ضعف هذا الحديث جمع من الحفاظ، الترمذي، والحاكم، والبيهقي، والبغوي، وابن حزم، والداودي، وابن العربي، وابن حجر، وابن تيمية، وابن كثير، وابن القيم، والصنعاني، والألباني، والوادعي، عليهم رحمه الله ورضوانه جميعا)) [14].
خامسًا: حديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه.
أخرج الطبراني في ((الأحاديث الطوال)) قال: حدثنا أحمد بن الحسن النحوي الأيلي، قال: ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة فقال: ((إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر)).
قلت: يا رسول الله، وما الصور ؟
قال: ((القرن)).
قلت: كيف هو ؟
قال: ((عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات، النفخة الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فيأمره فيديمها ويطيلها ولا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل فيها وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق فيسير الله عز وجل الجبال سير السحاب، فتكون سرابا، ثم ترتج الأرض بأهلها رجا، فتكون كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الرياح الأرواح، وهو الذي يقول الله يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة. قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة فيميد الناس على وجهها، وتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار، فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها وترجع، ويولي الناس مدبرين، ما لهم من الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله عز وجل يوم التناد فبينا هم على ذلك إذ تصدعت الأرض تصدعين من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تطوى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت السماء فانتثرت نجومها، وخسفت شمسها وقمرها)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك)).
قال أبو هريرة: يا رسول الله، من استثنى الله عز وجل حين يقول: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}.
قال: ((أولئك الشهداء، إنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه الله على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله عز وجل: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد}، فيكونون في ذلك البلاء ما شاء الله، إلا أنه يطول، ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل بنفخة الصعق، فيصعق أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فإذا هم قد خمدوا جاء ملك الموت إلى الجبار عز وجل فيقول: يا رب، قد مات أهل السماوات والأرض إلا من شئت، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي ؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقي جبريل وميكائيل، بقيت أنا، فيقول عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل، فينطق الله العرش فيقول: يا رب، يموت جبريل وميكائيل فيقول الله: اسكت، فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي، فيموتان، فيجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: أي رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي ؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: فليمت حملة عرشي، فيموتون، فيأمر الله عز وجل العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت عليه السلام إلى الجبار فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي ؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: أنت من خلقي، خلقتك لما رأيت، فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار، الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ... إلخ ما جاء في هذا الحديث.
قال العلامة ابن أبي العز في ((شرح العقيدة الطحاوية)) وقال: (رواه الأئمة: ابن جرير في تفسيره، والطبراني، وأبو يعلي الموصلي، والبيهقي وغيرهم)) اهـ.
قلت: مدار الحديث على إسماعيل بن رافع وهو: ابن عويمر الأنصاري المدني نزيل البصرة يكنى أبا رافع ضعيف الحفظ كما في ((التقريب)).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((هذا حديث مشهور وهو غريب جدا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة وفي بعض ألفاظه نكارة. تفرد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ونص على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة، كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وعمرو بن علي الفَلاس، ومنهم من قال فيه: هو متروك. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء.
قلت: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، قد أفردتها في جزء على حدة. وأما سياقه، فغريب جدًا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعله سياقا واحدا، فأنكر عليه بسبب ذلك. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: إنه رأى للوليد بن مسلم مصنفا قد جمع فيه كل الشواهد لبعض مفردات هذا الحديث، فالله أعلم)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((حديث الصور الطويل الذي أخرجه عبد بن حميد والطبري وأبو يعلى في الكبير والطبراني في الطوالات وعلي بن معبد في كتاب الطاعة والمعصية والبيهقي في البعث من حديث أبي هريرة، ومداره على إسماعيل بن رافع واضطرب في سنده مع ضعفه، فرواه عن محمد بن كعب القرظي تارة بلا واسطة وتارة بواسطة رجل مبهم ومحمد عن أبي هريرة تارة بلا واسطة وتارة بواسطة رجل من الأنصار مبهم أيضا وأخرجه إسماعيل بن أبي زياد الشامي أحد الضعفاء أيضا في تفسيره عن محمد بن عجلان عن محمد بن كعب القرظي واعترض مغلطاي على عبد الحق في تضعيفه الحديث بإسماعيل بن رافع وخفي عليه أن الشامي أضعف منه ولعله سرقه منه فألصقه بابن عجلان وقد قال الدارقطني انه متروك يضع الحديث وقال الخليلي شيخ ضعيف شحن تفسيره بما لا يتابع عليه وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في حديث الصور جمعه إسماعيل بن رافع من عدة آثار وأصله عنده عن أبي هريرة فساقه كله مساقا واحدا وقد صحح الحديث من طريق إسماعيل بن رافع القاضي أبو بكر بن العربي في سراجه وتبعه القرطبي في التذكرة وقول عبد الحق في تضعيفه أولى وضعفه قبله البيهقي فوقع في هذا الحديث عند علي بن معبد ان الله خلق الصور فأعطاه اسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش الحديث وقد ذكرت ما جاء عن وهب بن منبه في ذلك فلعله أصله)) اهـ.
وضعفه الألباني كما في تخريج ((شرح العقيدة الطحاوية)) وقال: (أخرجه ابن جرير في تفسيره كما ذكر الشارح. (2/330-331،24/30،186-187) من حديث أبي هريرة مرفوعا، وإسناده ضعيف لأنه من طريق إسماعيل بن رافع المدني عن يزيد بن أبي زياد وكلاهما ضعيف بسنديهما عن رجل من الأنصار وهو مجهول لم يسم، وقول الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا حديث مشهور .. الخ، لا يستلزم صحته كما لا يخفي على أهل العلم)) اهـ.
سادسًا: حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الطبراني رحمه الله في ((الدعاء)) قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري ثنا أبو طاهر بن السرح ثنا أبو محمد موسى بن عبد الرحمن الصنعاني المفسر حدثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي قال ( ح ).
وحدثنا مقاتل بن حيان عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سره أن يوعيه الله عز و جل حفظ القرآن وحفظ أصناف العلم فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف أو في صحفة قوارير بعسل وزعفران وماء مطر ويشربه على الريق وليصم ثلآثة ايام وليكن إفطاره عليه فإنه يحفظها إن شاء الله عز و جل ويدعو به في أدبار صلواته المكتوبة اللهم إني أسألك بأنك مسؤول لم يسأل مثلك ولا يسأل أسألك بحق محمد رسولك ونبيك وإبراهيم خليلك وصفيك وموسى كليمك ونجيك وعيسى كلمتك وروحك وأسألك بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وفرقان محمد وأسألك بكل وحي أوحيته وبكل حق قضيته وبكل سائل أعطيته وأسألك بأسمائك التي دعاك بها أنبياؤك فاستجيب لهم وأسألك باسمك المخزون المكنون الطهر الطاهر المطهر المبارك المقدس الحي القيوم ذي الجلال والإكرام وأسألك باسمك الواحد الأحد الصمد الفرد الوتر الذي ملأ الأركان كلها والذي من أركانك كلها وأسألك باسمك الذي وصعته على السموات فقامت وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرضين فاستقرت وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فرست واسألك باسمك الذي وضعته على الليل فأظلم وأسألك باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار وأسألك باسمك الذي يحيي به العظام وهي رميم وأسألك بكتابك المنزل بالحق ونورك التام أن ترزقني حفظ القرآن وحفظ أصناف العلم وتثبتها في قلبي وأن تستعمل بها بدني في ليلي ونهاري أبدا ما أبقيتني يا أرحم الراحمين)).
قال المحقق: إسناده ضعيف جداُ.
سابعًا: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رضي الله عنه.
أخرج الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) ومن طريقه ابن عساكر ((أخبار لحفظ القرآن)) قال: أنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي، نا عثمان بن أحمد الدقاق، نا محمد بن خلف بن عبد السلام، نا موسى بن إبراهيم المروزي، نا وكيع، عن عبيدة، عن شقيق، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أراد أن يؤتيه الله حفظ القرآن وحفظ العلم، فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف بعسل ثم يغسله بماء مطر يأخذه قبل أن يقع إلى الأرض، ثم يشربه على الريق ثلاثة أيام فإنه يحفظ بإذن الله: اللهم إني أسألك بأنك مسئول لم يسأل مثلك، أسألك بحق محمد رسولك ونبيك، وإبراهيم خليلك وصفيك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك، وأسألك بكتاب إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى، وقرآن محمد، وأسألك بكل وحي أوحيته، وبكل حق قضيته، وبكل سائل أعطيته، وأسألك باسمك الذي دعاك به أنبياؤك فاستجبت لهم، وأسألك باسمك الذي ثبت به أرزاق العباد، وأسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك، وأسألك باسمك الذي استقل به عرشك، وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرضين فاستقرت، وأسألك باسمك الذي دعمت به السماوات فاستقلت، وأسألك باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار، وأسألك باسمك الذي وضعته على الليل فأظلم، وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فرست، وأسألك باسمك الواحد الأحد الصمد الوتر الفرد الطاهر الظاهر الطهر المبارك المقدس الحي القيوم نور السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال أن ترزقني حفظ كتابك القرآن وحفظ أصناف العلم، وتثبتهما في قلبي وشعري وبشري وتخلطهما بلحمي ودمي ومخي وتشغل بهما جسدي في ليلي ونهاري، فإنه لا حول لي ولا قوة إلا بالله)).
قلت: هذا الحديث إسناده ضعف لأن فيه عبيدة وهو: ابن معتب الضبي أبو عبد الكريم الكوفي ضعيف، واختلط بآخره كما في ((التقريب)).
وفيه أيضًا موسى بن إبراهيم المروزي وهو: أبو عمران.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((اللسان)): ((كذبه يحيى وقال الدارقطني وغيره متروك. فمن بلاياه قال حدثنا وكيع عن عبيدة عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه ... ثم ساق الحديث وذكر غيره.
ثم قال:
وقال العقيلي منكر الحديث لا يتابع على حديثه وأورد له حديث عبد الله بن عمر المذكور وقال أبو نعيم في ترجمة مكحول موسى ضعيف وقال ابن عدي موسى بن إبراهيم شيخ مجهول حدث بالمناكير عن الثقات وغيرهم وهو بين الضعف)) اهـ.
وفي الحديث علة ثالثة محمد بن خلف بن عبد السلام وهو: الأعور يعرف بالمروزي لأنه كان يسكن محلة المراوزة، يحيى بن معين كذبه وقال الدارقطني وغيره متروك كما في ((لسان الميزان)).
فمما سبق يتبين ضعف الأحاديث الواردة في هذا الباب – وهي سبعة أحاديث -، وبهذا لا يصح أن يكون (الفرد) اسما من أسماء الله عز وجل.
وسئل اللجنة الدائمة كما في الفتوى رقم ( 20961 ): ((هل الفرد اسم من أسماء الله تعالى؟
فأجابت: أسماء الله تعالى توقيفية، و (الفرد) لم يرد في القرآن ولم يثبت في السنة، وعليه لا يسمى الله تعالى به، وإنما يخبر عنه به فقط)) اهـ.
ولهذا خطأ بعض أهل العلم الإمام الصنعاني رحمه الله في داليته المشهورة التي مدح فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عندما قال:
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها *** كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 15 ربيع الأول سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 14 ديسمبر سنة 2016 م
[1] هذا البحث استللته وهذبته من كتابي ((العِقد المُنظم في الاسم الأعظم)).
[2] جاء عند ابن منده (بن)، وهو إما تصحيف أو خطأ طباعي.
[3] في المطبوع (الأردح) والصحيح ما أثبته.
[4] كما بينه محقق ((اشتقاق أسماء الله)) وهو غالب ظني.
[5] في ((اشتقاق أسماء الله)) مطبوع حبان.
[6] في المطبوع حبان والصحيح ما أثبته كما مر في السند المرفوع وكذلك في ((اشتقاق أسماء الله)).
[7] (مقيت) في ((اشتقاق أسماء الله)).
[8] (يا باطن يا ظاهر يا قدير) كما في ((اشتقاق أسماء الله)).
[9] (الزياد) من ((اشتقاق أسماء الله)).
[10] ليس في مطبوع ((اشتقاق أسماء الله)).
[11] جاء (يار) في ((اشتقاق أسماء الله)).
[12] في ((اشتقاق أسماء الله)) ثلاثة ولم يأت (ظاهر).
[13] أُسقط بين القوسين من مطبوع كتاب ((النهج الأسمى)) وذكر بدلها (مع) (1/5.
[14] التعاليق العُلى على القواعد المثلى.
تعليق