* المسألة الأولى: ما الحبة السوداء؟
جاء في صحيح البخاري, كتاب الطب وغيره عن الحبة السوداء الحديث التالي:
- 5687 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ فَقَالَ لَنَا: عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَفِي هَذَا الْجَانِبِ فَإِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا مِنْ السَّامِ" قُلْتُ: وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: "الْمَوْتُ".
5388 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، أَخْبَرَهُمَا : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " فِي الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ ، إِلَّا السَّامَ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَالسَّامُ المَوْتُ ، وَالحَبَّةُ السَّوْدَاءُ : الشُّونِيزُ *
ويظن كثير من العطارين والناس تبعا لهم أن الحبة السوداء هي تلك الحبة التي في حجم حبة العدس،خلافا لما عليه المحققون من أهل العلم، ويظنها بعضهم ما يعرف عندنا ب[حبوب جذور البوكبير]، وقد حدثني عطار أن هذه الحبوب الأخيرة تسبب العقم، وهذا كلام المحققين في معرفة ما هي الحبة السوداء.
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد, القسم الذي خصصه للطب النبوي عن الحبة السوداء:
حبة السوداء : ثبت في الصحيحين : من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام ] والسام : الموت
الحبة السوداء : هي الشونيز في لغة الفرس وهي الكمون الأسود وتسمى الكمون الهندي قال الحربي عن الحسن : إنها الخردل وحكى الهروي : أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم وكلاهما وهم والصواب : أنها الشونيز
وقال ابن حجر في شرح الحديث:
قَوْله: (فَإِنَّ عَائِشَة حَدَّثَتْنِي أَنَّ هَذِهِ الْحَبَّة السَّوْدَاء شِفَاء) وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ "أَنَّ فِي هَذِهِ الْحَبَّة شِفَاء" كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَة الْأَعْيُن "هَذِهِ الْحَبَّة السَّوْدَاء الَّتِي تَكُون فِي الْمِلْح" وَكَانَ هَذَا قَدْ أَشْكَلَ عَلِيّ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُرِيد الْكَمُّون وَكَانَتْ عَادَتهمْ جَرَتْ أَنْ يُخْلَط بِالْمِلْحِ.
وقال أيضا:
وَالشُّونِيز بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَكَسْر النُّون وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدهَا زَاي. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَيَّدَ بَعْض مَشَايِخنَا الشِّين بِالْفَتْحِ وَحَكَى عِيَاض عَنْ اِبْن الْأَعْرَابِيّ أَنَّهُ كَسَرَهَا فَأَبْدَلَ الْوَاو يَاء فَقَالَ: الشِّينِيز، وَتَفْسِير الْحَبَّة السَّوْدَاء بِالشُّونِيزِ لِشُهْرَة الشُّونِيز عِنْدهمْ إِذْ ذَاكَ، وَأَمَّا الْآن فَالْأَمْر بِالْعَكْسِ، وَالْحَبَّة السَّوْدَاء أَشْهَر عِنْد أَهْل هَذَا الْعَصْر مِنْ الشُّونِيز بِكَثِيرٍ، وَتَفْسِيرهَا بِالشُّونِيزِ هُوَ الْأَكْثَر الْأَشْهَر وَهِيَ الْكَمُّون الْأَسْوَد وَيُقَال لَهُ أَيْضًا: الْكَمُّون الْهِنْدِيّ. وَنَقَلَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي "غَرِيب الْحَدِيث" عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهَا الْخَرْدَل، وَحَكَى أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ فِي "الْغَرِيبَيْنِ" أَنَّهَا ثَمَرَة الْبُطْم بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُهْمَلَة، وَاسْم شَجَرَتهَا الضِّرْو بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء. وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ: هُوَ صَمْغ شَجَرَة تُدْعَى الْكَمْكَام تُجْلَب مِنْ الْيَمَن، وَرَائِحَتهَا طَيِّبَة، وَتُسْتَعْمَل فِي الْبَخُور. قُلْت: وَلَيْسَتْ الْمُرَاد هُنَا جَزْمًا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: تَفْسِيرهَا بِالشُّونِيزِ أَوْلَى مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا أَنَّهُ قَوْل الْأَكْثَر، وَالثَّانِي كَثْرَة مَنَافِعهَا بِخِلَافِ الْخَرْدَل وَالْبُطْم.
*المسألة الثانية: هل الحديث على العموم بمعنى أنها تنفع من كل داء؟أم إن الحديث من العام الذي يراد به الخصوص؟
جاء في تحفة الأحوذي للمباركفوري:
(تنبيه)
أحاديث الباب هل هي محمولة على عمومها أو أريد منها الخصوص؟ فقال الخطابي: هذا من عموم اللفظ الذي يراد به الخصوص، وليس يجمع في طبع شيء من النبات والشجر جميع القوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدواء على اختلافها، وتباين طبعها، وإنما أراد أنه شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم. وذلك أنه حار يابس فهو شفاء بإذن الله للداء المقابل له في الرطوبة والبرودة. وذلك أن الدواء أبذأ بالمضاد، والغذاء بالمشاكل انتهى. وقال الطيبي: ونظيره قوله تعالى في حق بلقيس وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وقوله تعالى تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ في إطلاق العموم وإرادة الخصوص انتهى.
وقيل: هي باقية على عمومها وأجيب عن قول الخطابي ليس يجمع في طبع شيء إلخ بأنه:
ليس من الله بمستنكر
أن يجمع العالم في واحد
وأما قول الطيبي ونظيره إلخ ففيه أن الآيتين يمنع حملهما على العموم على ما هو عند كل أحد معلوم، وأما أحاديث الباب فحملها على العموم متعين لقوله صلى الله عليه وسلم فيها: إلا السام. كقوله تعالى: إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ الآية.
قلت: قال الحافظ في الفتح بعد ذكر حديث بريدة المذكور ما لفظه: ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة شفاء من كل داء أنها لا تستعمل في كل داء صرفاً، بل ربما استعملت مفردة وربما استعملت مركبة، وربما استعملت مسحوقة، وغير مسحوقة، وربما استعملت أكلاً وشرباً وسعوطاً وضماداً وغير ذلك.
قال: وقال أبو محمد بن أبي جمرة: تكلم الناس في هذا الحديث وخصوا عمومه وردوه إلى قول أهل الطب والتجربة ولا خفاء بغلط قائل ذلك، لأنا إذا صدقنا أهل الطب ومدار علمهم، غالباً إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظن غالب، فتصديق من لا ينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم انتهى.
قال: وقد تقدم توجيه حمله على عمومه بأن يكون المراد بذلك ما هو أعم من الإفراد والتركيب ولا محذور في ذلك ولا خروج عن ظاهر الحديث والله أعلم انتهى.
جاء في صحيح البخاري, كتاب الطب وغيره عن الحبة السوداء الحديث التالي:
- 5687 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ فَقَالَ لَنَا: عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَفِي هَذَا الْجَانِبِ فَإِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا مِنْ السَّامِ" قُلْتُ: وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: "الْمَوْتُ".
5388 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، أَخْبَرَهُمَا : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " فِي الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ ، إِلَّا السَّامَ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَالسَّامُ المَوْتُ ، وَالحَبَّةُ السَّوْدَاءُ : الشُّونِيزُ *
ويظن كثير من العطارين والناس تبعا لهم أن الحبة السوداء هي تلك الحبة التي في حجم حبة العدس،خلافا لما عليه المحققون من أهل العلم، ويظنها بعضهم ما يعرف عندنا ب[حبوب جذور البوكبير]، وقد حدثني عطار أن هذه الحبوب الأخيرة تسبب العقم، وهذا كلام المحققين في معرفة ما هي الحبة السوداء.
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد, القسم الذي خصصه للطب النبوي عن الحبة السوداء:
حبة السوداء : ثبت في الصحيحين : من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام ] والسام : الموت
الحبة السوداء : هي الشونيز في لغة الفرس وهي الكمون الأسود وتسمى الكمون الهندي قال الحربي عن الحسن : إنها الخردل وحكى الهروي : أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم وكلاهما وهم والصواب : أنها الشونيز
وقال ابن حجر في شرح الحديث:
قَوْله: (فَإِنَّ عَائِشَة حَدَّثَتْنِي أَنَّ هَذِهِ الْحَبَّة السَّوْدَاء شِفَاء) وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ "أَنَّ فِي هَذِهِ الْحَبَّة شِفَاء" كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَة الْأَعْيُن "هَذِهِ الْحَبَّة السَّوْدَاء الَّتِي تَكُون فِي الْمِلْح" وَكَانَ هَذَا قَدْ أَشْكَلَ عَلِيّ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُرِيد الْكَمُّون وَكَانَتْ عَادَتهمْ جَرَتْ أَنْ يُخْلَط بِالْمِلْحِ.
وقال أيضا:
وَالشُّونِيز بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَكَسْر النُّون وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدهَا زَاي. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَيَّدَ بَعْض مَشَايِخنَا الشِّين بِالْفَتْحِ وَحَكَى عِيَاض عَنْ اِبْن الْأَعْرَابِيّ أَنَّهُ كَسَرَهَا فَأَبْدَلَ الْوَاو يَاء فَقَالَ: الشِّينِيز، وَتَفْسِير الْحَبَّة السَّوْدَاء بِالشُّونِيزِ لِشُهْرَة الشُّونِيز عِنْدهمْ إِذْ ذَاكَ، وَأَمَّا الْآن فَالْأَمْر بِالْعَكْسِ، وَالْحَبَّة السَّوْدَاء أَشْهَر عِنْد أَهْل هَذَا الْعَصْر مِنْ الشُّونِيز بِكَثِيرٍ، وَتَفْسِيرهَا بِالشُّونِيزِ هُوَ الْأَكْثَر الْأَشْهَر وَهِيَ الْكَمُّون الْأَسْوَد وَيُقَال لَهُ أَيْضًا: الْكَمُّون الْهِنْدِيّ. وَنَقَلَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي "غَرِيب الْحَدِيث" عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهَا الْخَرْدَل، وَحَكَى أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ فِي "الْغَرِيبَيْنِ" أَنَّهَا ثَمَرَة الْبُطْم بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُهْمَلَة، وَاسْم شَجَرَتهَا الضِّرْو بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء. وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ: هُوَ صَمْغ شَجَرَة تُدْعَى الْكَمْكَام تُجْلَب مِنْ الْيَمَن، وَرَائِحَتهَا طَيِّبَة، وَتُسْتَعْمَل فِي الْبَخُور. قُلْت: وَلَيْسَتْ الْمُرَاد هُنَا جَزْمًا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: تَفْسِيرهَا بِالشُّونِيزِ أَوْلَى مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا أَنَّهُ قَوْل الْأَكْثَر، وَالثَّانِي كَثْرَة مَنَافِعهَا بِخِلَافِ الْخَرْدَل وَالْبُطْم.
*المسألة الثانية: هل الحديث على العموم بمعنى أنها تنفع من كل داء؟أم إن الحديث من العام الذي يراد به الخصوص؟
جاء في تحفة الأحوذي للمباركفوري:
(تنبيه)
أحاديث الباب هل هي محمولة على عمومها أو أريد منها الخصوص؟ فقال الخطابي: هذا من عموم اللفظ الذي يراد به الخصوص، وليس يجمع في طبع شيء من النبات والشجر جميع القوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدواء على اختلافها، وتباين طبعها، وإنما أراد أنه شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم. وذلك أنه حار يابس فهو شفاء بإذن الله للداء المقابل له في الرطوبة والبرودة. وذلك أن الدواء أبذأ بالمضاد، والغذاء بالمشاكل انتهى. وقال الطيبي: ونظيره قوله تعالى في حق بلقيس وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وقوله تعالى تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ في إطلاق العموم وإرادة الخصوص انتهى.
وقيل: هي باقية على عمومها وأجيب عن قول الخطابي ليس يجمع في طبع شيء إلخ بأنه:
ليس من الله بمستنكر
أن يجمع العالم في واحد
وأما قول الطيبي ونظيره إلخ ففيه أن الآيتين يمنع حملهما على العموم على ما هو عند كل أحد معلوم، وأما أحاديث الباب فحملها على العموم متعين لقوله صلى الله عليه وسلم فيها: إلا السام. كقوله تعالى: إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ الآية.
قلت: قال الحافظ في الفتح بعد ذكر حديث بريدة المذكور ما لفظه: ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة شفاء من كل داء أنها لا تستعمل في كل داء صرفاً، بل ربما استعملت مفردة وربما استعملت مركبة، وربما استعملت مسحوقة، وغير مسحوقة، وربما استعملت أكلاً وشرباً وسعوطاً وضماداً وغير ذلك.
قال: وقال أبو محمد بن أبي جمرة: تكلم الناس في هذا الحديث وخصوا عمومه وردوه إلى قول أهل الطب والتجربة ولا خفاء بغلط قائل ذلك، لأنا إذا صدقنا أهل الطب ومدار علمهم، غالباً إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظن غالب، فتصديق من لا ينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم انتهى.
قال: وقد تقدم توجيه حمله على عمومه بأن يكون المراد بذلك ما هو أعم من الإفراد والتركيب ولا محذور في ذلك ولا خروج عن ظاهر الحديث والله أعلم انتهى.