بسْم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحدِيثُ الخمْسُون [1] :
عن عبد الله بن بُسرٍ رضي الله عنه قال: أتى النَّبِي صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ فقال: يا رسول الله إنَّ شرائع الإسلام قد كثُرت علينا، فبابٌ نتمسَّكُ به جامع؟ قال: ((لَا يَزَال لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله عزَّ وجلَّ)) خرَّجه الإمام أحمد بهذا اللَّفظ[2]
قال الشَّيخ مُصطفى مبرم حفظه الله تعالى:
ختم المصنِّف -رحمه الله تعالى- به هذا الكتاب، وهذه الطَّريقة استعملها طوائف من أهل العلم فإنَّ البُخاري -رحمه الله تعالى- ختم كتابه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الميزَانِ، حَبِيبَتَانِ إلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله العَظِيمِ)) وكذلك ختم الحافظ ابن حجر كتابه "بلوغ المرام" بهذا الحديث، وكذلك ختم الحافظ ابن حجر كتابه "فتح الباري" بحديث الذِّكر والدُّعاء الوارد في كفَّارة المجلس؛ والعبد لابدَّ له في سيره إلى الله -تبارك وتعالى- والدَّار الآخرة ممَّا يقُوم به قلبه وتقوم به جوارحه ويقطع له عناء السَّفر ويردّ عنه الشَّواغل والمكدِّرات والمنغِّصات، ولمَّا كان الطَّريق الموصل إلى الله -جلَّ وعلا- تنتابه سباعُ الجنِّ والإنس من قُطَّاع الطَّريق كان من أعظم الأسباب الَّتي تدفع هؤلاء القطَّاع هو ذكر الله -جلَّ وعلا-.
ومن أحسن من تكلَّم عن الذِّكر وفوائده وأطال بنفس طويل الحافظ ابن القيِّم -رحمه الله- في كتابه "الوابل الصَّيب من الكلم الطَّيب" فقد ذكر جملة عظيمة مباركة من فوائد الذِّكر وفضائله.
والأذكار هي قوت القلوب وحياة الأرواح، ذكر الله -جلَّ وعلا- بجميع أنواعه المطلقة والمقيَّدة، والمشروعة في غيرها من العبادات كالصَّلاة والحج والصِّيام أو المشروعة مُنفردة بنفسها أو بذاتها، فإنَّ سائر العبادات من أجلِّ أعمالها ذكر الله تعالى والصَّلاة فيها كثير من الأذكار، الحج فيه كثير من الأذكار، وكذلك سائر العبادات، والشَّريعة لم تترك العبد في أيِّ باب من أبواب حياته في متعلَّقات دنياه وآخرته إلاَّ وربطته بذكر الله تعالى في مدخله ومخرجه في دخوله إلى المسجد وخروجه منه في دخوله إلى المنزل وخروجه منه، وفي دخوله إلى الخلاء وخروجه منه، في نومه واستيقاظه منه، إلى غير ذلك ممَّا يفعله عند لُبسه وعند خلع ملابسه ليظلَّ ذاكرًا لله -جلَّ وعلا-، هذه العبادة كما ذكرنا من أجلِّ العبادات وأعظمها ولهذا قال -جلَّ وعلا-: { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله}[3] يقول شيخ الإسلام: (لا ريب أنَّ الأذكار والدَّعوات من أفضل العبادات؛ والعبادات مبناها على التَّوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النَّبوية هي أفضل ما يتحرَّاه المتحرِّي من الذِّكر والدُّعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة والفوائد والنتائج التي تحصل لا يُعبَّر عنه لسان ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون مُحرمًا وقد يكون مكروها وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس) إلى أن قال: (ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العليَّة ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مُفرِّطٌ أو متعد) هذا الكلام النفيس العظيم من شيخ الإسلام -رحمه الله- قاعدة في باب الأذكار، فينبغي معرفتها ورعايتها، وممَّا يدلُّ على أنَّ الأذكار توقيفيَّة ما جاء في الصَّحيحن من حديث البراء بن عازب لما علَّم النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم أصحابه أذكار النَّوم قال: (فردَّدتهن لأستذكرهن فقلتُ: آمنتُ برسولِك الَّذي أرسلت) قال له النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام: ((قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)) [4] وهذا دليل ظاهر واضح على أنَّ الأذكار توقيفيَّة وأنَّه لا ينبغي للعبد أن يُحدث أذكارًا من عند نفسه فقد أحدث أقوامٌ أذكارًا فكانت وبالًا عليهم بسبب الجهل ودخلوا في البدع وفي غيرها من الأعمال الباطلة.
والذِّكر له تعلُّق بجميع جوارح العبد فلا يكفي أن يكون العبد ذاكرًا لله تعالى بلسانه وقلبه مُنصرفٌ مشغول عن الله تعالى وعن التَّفكُّر في نعمائه، وتأمَّل في أنَّ الله -جلَّ وعلا- ما أمرنا بذكره إلَّا قرن لنا أفعاله وذكر أفعاله، تأمَّل في مثل قوله: { الحَمْدُ لله ربِّ الْعَالَمِين } فإنَّ الله -جلَّ وعلا- أمر بالحمد وذكَّر بأنَّه هو الرَّب للعالمين، وقال -جلَّ وعلا-:{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى}[5] فأمر بتسبيحه ونبَّه القلوب والجوارح إلى أنَّه -جلَّ جلاله- هو الخالق الَّذي سوَّى هذا الخلق والَّذي رزق هذا الخلق وأعطى هذا الخلق كلّ شيء فقدَّره تقديرًا -جلَّ جلاله-، فإذن الذِّكر تعلُّقه بالقلوب بأن تتفكَّر بعظمة هذا المذكور -جلَّ جلاله-، فالذِّكر يقع بالقلب ويقع باللِّسان ويُؤجر الإنسان على قدر جمعه بين هَذين الأمرين، فكلَّما اجتمع له من صحيح ذكر القلب وتأمُّله وصحيح ذكر اللِّسان ونُطقه من الذِّكر اجتمع له من الأجر، وإن كان العبد يُؤجر على ذكره لله -تبارك وتعالى- بلسانه إذا استمرَّ عليه وداوم عليه لعلَّه أن يصل به إلى أن يستحضر قلبه؛ فلا يقول قائل:"أنا أذكر ولكنِّي لا استشعر أثر الذِّكر في قلبي" بل أذكُر الله -جلَّ وعلا- كما في هذا الحديث الذي سيأتي الكلام عليه، لابدَّ وأن تذكر الله -تبارك وتعالى- وأن تُجاهد نفسك على أن تستحضر قلبك عند الذِّكر: مَنْ هذا الَّذي تُسبِّحه؟ ما أفعاله؟ ما أوصافه؟ ما أسماؤه؟ ما صِفاته؟ كلّ هذا ممَّا يُحْدث لكَ التَّأمُّل في الذِّكر.
والذِّكر كما ذكرتُ لكم فوائده عظيمة جليلة، ذكر ابن القيِّم -رحمه الله تعالى- أكثر من مائة فائدة، ومن مجملها: أنَّه طردٌ للشَّيطان، فالذِّكر طردُ الشَّيطان وقمعه، ويُرضي الرَّحمن، ويُزيل الهمَّ والغمَّ عن القلب، ويجلب له الفرح والسُّرور، ويقوِّي البدن والقلب، ويجلب الرِّزق، ويَكسي الذَّاكرة المهابة والحلاوة والنُّضرة، ويُورثه المحبة الَّتي هي روح الإسلام وقُطب رحى الدِّين ومدار السَّعادة والنَّجاة فقد جعل الله لكلِّ شيءٍ سببًا وجعل سبب المحبَّة دوام الذِّكر، فمن أراد أن ينال محبَّة الله -عزَّ وجلّ- فلْيلهَج بذِكره، فإنَّ الدَّرس والمذاكرة كما أنَّه باب العلم فالذِّكر بابُ المحبَّة وطريقها الأعظم وصراطها الأقوم، ويُورث الذِّكرُ الذَّاكرة المراقبة حتَّى يُدخله في باب "الإحسان" فيعبد الله كأنَّه يراه، ويورثه الإنابة وهي الرُّجوع إلى الله والقرب منه ويفتح له بابًا عظيمًا من أبواب المعرفة، ويُورثه الهيبة لربه وإجلاله لشدَّة استيلائه على قلبه وحضوره مع الله بخلاف الغافل، ويُورثه حياة القلب؛ وهذا مُجمل ما لخصَّه العلَّامة السَّفاريني -رحمه الله- من كلام ابن القيِّم -عليهم رحمة الله تعالى- في فوائد الذِّكر.
العبد لابدَّ أن تكون له أورادٌ يقوم بها، يذكر الله -جلَّ وعلا- فيها، والنَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام جاءه هذا الرَّجل فقال له: (إنَّ شرائع الإسلام قد كثُرت علينا) يعني أنَّه تنوَّعت عليه الأوامر المشروعة من الفرائض والواجبات والمستحبَّات الَّتي شرعها الله -تبارك وتعالى-، وقد لا يقوى على فعل بعض هذه المستحبَّات وبعض هذه النَّوافل، فاسترشد النَّبيَّ عليه الصَّلاة والسَّلام إلى أن يدُلَّه على شيء يتشبَّتُ به، ويتمسَّك به، فطلب منه أن يدُلَّه على باب يلجُ منه ويتمسَّك به يجمع له هذه الشَّرائع، قال: ((لَايَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله عزَّ وجلّ)) وإنَّما أمره بالذِّكر لأنَّ من جعل قلبه ولسانه متعلِّقا بذِكر الله كما قال مَن قال -من أهل العلم-: (من أحبَّ شيئًا أكثر من ذكره) وهذا أمرٌ معلوم؛ وأنتم تنظرون إلى الَّذين تتعلَّق قلوبهم بأمور الدُّنيا كيف يُكثرون من ذكرها، فمن أحبَّ الدُّنيا مُجملة مفصَّلة أكثر من ذكرها، من أحبَّ الغناء والفن أكثر من ذِكره وذِكر أهله، من أحبَّ الرِّياضة أكثر من ذكرها وذِكر أهلها ورُموزها، وهكذا إذا أحبَّ طالبُ العلمِ العلمَ أكثر من ذكره وأكثر من ذكر أهله، وهكذا مَن نظر في أسماء الله -جلَّ وعلا- ونظر في أفعاله وفي صفاته فإنَّ ذلك يُثْبتُ له من الرَّهبة والرَّغبة في ذكر الله -تبارك وتعالى-.
فالعبد مأمورٌ بذكر الله كما قال -جلَّ وعلا- قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[6] بل إنَّ الرَّب -جلّ وعلا- قد أمرَ بأنواعٍ من العبادات الجليلة العظيمة الَّتي مُجملها من أركان الإسلام كهذه الصَّلاة الَّتي هي خير الأعمال كما جاء في حديث ثوبان وأبي أُمامة رضي الله عنهما أنَّ النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام قال: ((وَاعْلَمُوا أنَّ خَيْرَ أعْمَالِكُم الصَّلاة)) كما عند ابن ماجة وغيره بسند صحيح، وإذا نظرتَ إلى الصَّلاة فإنَّها مفتتحة بالذِّكر ومختتمة بالذِّكر وبين فَتحها وختمها أذكار، لا فعل من الأفعال إلَّا وله أذكار لها تعلُّق بهذه الصَّلاة، وإذا انتهى العبد من الصَّلاة وخرج منها بالتَّسليم -وهو ذكر لله تعالى- لم ينقطع عن ذكر الله بل أُمر بأن يستغفر الله:"استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله"[7] ثمَّ يأتي بالتَّسبيح والتَّحميد والتَّكبير والتَّهليل، ويأتي بالدُّعاء الَّذي منه -ومن أعظمه وأجلِّه- ((اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلام ومِنْكَ السَّلام تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام)) [8] وفيه قوله: ((اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لمَا أعْطَيتَ، وَلَا مُعْطيَ لمَا مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ)) [9] إلى غيرها من الأذكار كالتَّسبيح والتَّحميد والتَّكبير والتَّهليل.
وكذلك الحج الَّذي يقطع فيه العبد عناء وتعب السَّفر ويأمره بأن يُلبيَ التَّلبية، يَظلُّ مُلبِّيًا حتَّى ينتهي من أفعاله في الحج وفي العمرة، وإذا انقضى من الحج وخرج من يوم عرفة وقد قضى وقته في ذكر الله –تبارك وتعالى-، ذاكرًا لله داعيًّا في ذلك الموقف العظيم الَّذي هو أجلِّ المواقف يأمره الله -تبارك وتعالى- بأن ينصرف راشدًا ذاكرًا مُستغفرًا {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[ 10 ]؛ يقومون من اللَّيالي في سوادها وظلامها يتقلَّبون في طاعة الله -تبارك وتعالى- وذِكره ودُعائه ثمَّ يأمرهم الله -جلَّ وعلا- ويُثني عليهم بالاستغفار في ذلك الوقت فقال -جلَّ وعلا-:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَار}[11] فهذا العمل وهذه العبادة مع يُسرها كم فيها من الفوائد كم فيها من الفضائل الَّتي بيَّنها النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، كثيرةٌ جدًّا مع أنَّها يسيرة ولكن ليس كلُّ أمرٍ يسير يكون يسيرًا على كلِّ النَّاس ولهذا جاء في الحديث الَّذي مرَّ معنا –حديث معاذ رضي الله عنه- أنَّ النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام قال: ((وَإنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله عَلَيْه)) [ 12 ] فليس كلُّ أمر يسير يكون يسيرًا على جميع النَّاس إنَّما التَّيسير والإعانة من الله
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى = فأوَّل ما يجني عليه اجتهادُه
فالواجب علينا جميعًا أن ننظر في أقوالنا وفي أفعالنا.والأذكار كثيرة جدًّا صنَّف فيها طوائف من أهل العلم الكُتب وأفردوها، وكما ذكرتُ لكم من أحسنها كتاب الحافظ ابن القيِّم -رحمه الله-، وكذلك الحافظ النَّووي -رحمه الله تعالى- الَّذي صنَّفه في الأذكار وشرحه كثيرٌ من أهل العلم؛ فلابدَّ للعبد أن تَكون له من هذه الأعمال العظيمة الجليلة الَّتي يرفع الله بها الدَّرجات ويمحو الله -تبارك وتعالى- بها الخطايا ويزكو بها العبد عند ربه -تبارك وتعالى-.
وهنا النبي عليه الصَّلاة والسَّلام قال لهذا الرَّجل: ((لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله عزَّ وجل)) لأنَّ هذه الأذكار تَرْطُب بها الألسن وتَلين بها القلوب، نعم تلينُ بها القلوب، إذا ذَكر العبد ربَّه كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام في حديث السَّبعة الَّذين يُظلُّهم الله في ظله: ((وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاه)) [ 13 ] وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((ألَا أدُلُّكُم عَلى مَا يَرْفَعُ الله بِهِ الدَّرَجَات وَيَمْحُو بِهِ الخطَايَا)) [14] فأمرهم النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام بذكر الله -تبارك وتعالى-؛ فالعبد في هذه الأفعال وفي هذه الأقوال لابدَّ وأن يستحضر عظمة الله -تبارك وتعالى- فيما يذكره وما يتكلَّم به.
((لَايَزَالُ لِسَانُك رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله)) تأمَّل في هذا الحديث الذِّكر ليس مُجرد حركات يقوم بها العبد بل تُؤثِّر عليه في أفعاله وفي أقواله وتمجيده للرَّب -تبارك وتعالى-؛ هذا ذكر الله -تبارك وتعالى- إذا فعله العبد فإنَّ الله -جلَّ وعلا- يرفع به الدَّرجات ويمحو به الخطايا، قال الله تعالى:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [15].
الله الله جميعًا فلنحثّ أنفسنا على ذِكر الله ولو على الأقل الذِّكر المقيَّد كالذِّكر عند النَّوم والذِّكر عند الانتباه والذِّكر عند دخول المسجد وعند الخروج منه مع التَّأمُّل فيها؛ تأمَّل مثلا في قوله عليه الصَّلاة والسَّلام في دخول المسجد: ((اللَّهُمَّ افْتَح لِي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ)) [16] وفي خروجه: ((اللَّهُمَّ افْتَح لِي أبْوَابَ فَضْلِك)) استعمل في الدُّخول إلى الصَّلاة الرَّحمة ((افْتَح لِي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ)) لأنَّ رحمة الله –جلَّ وعلا- أوسع وأجل وأعظم؛ واستعمل في الخروج: ((افْتَح لِي أبْوَابَ فَضْلِك)) تأمَّل في هذا فإنَّ الصَّلاة هي الرَّحمة والدُّنيا فضلٌ من الله -تبارك وتعالى-.
أسأل الله -جلَّ جلاله في ختم هذا الكتاب أن يجعلني وإيَّاكم ممَّن إذا أُعطيَ شكر وإذا ابتُلي صبر وإذا أذنب استغفر، وأن يرزقنا ذِكره، فهو وليُّ ذلك والقادر عليه؛ ومن أحبَّ شيئًا أكثر من ذِكره وفَّقني الله وإيَّاكم لما يُحبُّ ويرضى.
والحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا مُحمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
تفريغ: أم حور
من شرح الأربعين النَّووية
الدَّرس الأخير
تفريغ: أم حور
من شرح الأربعين النَّووية
الدَّرس الأخير
_________________
[1] من الأربعين النَّوويَّة -بزيادة ابن رجب الحنبلي-
[2] قال الشَّيخ مصطفى مبرم حفظه الله: هذا لفظ الإمام أحمد كما قال المصنِّف -رحمه الله تعالى-؛ وقد صحَّحه ابن حبَّان في الصَّحيح -لأنَّه رواه أيضًا- وكذلك الحاكم، وصحَّحه العلَّامة الألباني -عليه رحمة الله-، وحسَّنه جماعة من أهل العلم منهم التِّرمذي والبغوي والمنذري وابن حجر وابن مُفلح في "الآداب الشَّرعية" قال بأنَّ إسناده جيِّد؛ قد جوَّد إسناده، وهو حديث صحيح عند طوائف من أهل العلم.
[3] [الجمعة: 9]
[4] [رواه مسلم]
[5] [الأعلى: 1-2]
[6] [الأحزاب: 41-42]
[7] و [8] كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، إذا انصرف من صلاتِه، استغفر ثلاثًا وقال: ((اللهمَّ أنت السلامُ ومنك السلامُ، تباركت يا ذا الجلالِ والإكرامِ) [صحيح مسلم]
[9] [صحيح البخاري]
[ 10 ] [البقرة: 199]
[11] [آل عمران: 17]
[12] [قال النَّووي –رحمه الله- رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]
[13] [رواه مسلم]
[14] [رواه مسلم]
[15] [آل عمران: 191 ]
[16] [رواه مسلم]