سؤال :
بالنسبة لحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تَعَارَّ من الليلِ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيٍء قدير. الحمدُ للهِ، وسبحانَ اللهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ. ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ لهُ. فإن توضَّأَ وصلَّى قُبِلَتْ صلاتُهُ" (أخرجه البخاري في صحيحه: ١١٥٤).
الزيادات التي في روايات غير البخاري، مثل: "…ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ (العليِّ العظيم)…ِ"، كما صححها الألباني في صحيح ابن ماجه: (٣١٤٢).
وزيادة: "…(يُحْيِي ويميتُ، بيدِهِ الخيرُ) وهو علَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ..."، كما صححها الألباني في صحيح الجامع: (٦١٥٦). هل تكون صحيحة ويصح ذكرها في هذا الموضع، أم يعتمد لفظ البخاري الأصح؟
وما جاء عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من عبدٍ باتَ على طُهورٍ، ثمَّ تعار منَ اللَّيلِ، فسألَ اللَّهَ شيئًا من أمرِ الدُّنيا أومن أمرِ الآخرةِ إلَّا أعطاهُ». (صححه الألباني في صحيح ابن ماجه: ٣١٤٥). وعند أبي داود: «ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ، طاهرًا، فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه». (صححه الألباني في صحيح أبي داود: ٥٠٤٢).
- في قوله: «بات على طُهور» و «يبيت على ذِكْرٍ، طاهرًا» هل يخصص عموم المبيت في رواية عبادة بن الصامت؟ بأن يكون هذا الفضل فقط لمن بات على طهارة ثم تعار… وليس لكل من بات ثم تعار…؟ أم للجميع؟
- في قوله: «فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه» و «يَبِيتُ على ذِكْر».
في رواية عبادة بن الصامت ذكر: «فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ… ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ له…».
لكن هنا لم يحدد الذكر في البداية، وكان عامًا: «فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ».
فهل يعمل بالعموم أنه إذا تعار يسأل الله دون أن يسبقه بذكر: لا إله إلا الله…
أم أن رواية عبادة في البخاري الأصح خصصت أن يبدأ بهذا الذكر ثم يسأل الله…؟
الجواب :
الأصل الذي يعتمده أهل العلم في ذلك : أن الروايات إذا صحت سواء اتحد مخرجها أو اختلف مخرجها، وقصتها واحدة أن يضم بعضها إلى بعض، فيقيد مطلقها بمقيدها، ويخصص عامها بمخصصها. إلا إذا لزم من ذلك تأخر البيان عن وقت الحاجة، أو ترتب على ذلك إخلال باللفظ كأن تكون من باب الرواية بالمعنى.
أما إذا لم يتحد مخرجها وأمكن حمل ذلك التنوع ، فيعمل بكل لفظ على وجهه، ولا إشكال، فلكل حديث وجهته وسبيله، خاصة إذا ترتب على ذلك توهيم الثقة، أو تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وبناء على ذلك فإن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ضم رواياته وألفاظه بعضها إلى بعض لا بأس به.
و لا وجه لترجيح رواية البخاري على رواية سنن أبي داود لأنها جميعها صحيحة، والمسلم مخير بأن يدعو بهذا اللفظ أو بهذا اللفظ، وإن جمع بينهما بدون أن يقع خلل في العبارة لا حرج، فإن الصحيح جواز رواية الحديث بالمعنى، إلا ما خصه الدليل.
وأما حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه فيمكن العمل به على وجهه، فيكون ما جاء في حديث عبادة بن الصامت وجه، وما جاء في حديث معاذ وجه. وكل ذلك جايز؛
إذا عمل المسلم بما جاء في حديث عبادة نال فضله وأجره.
وإذا عمل بما جاء في حديث معاذ نال فضله وأجره.
وتقييد المطلق في حديث عبادة رضي الله عنهما مع اختلاف المخرج فيه نظر، لأنه يلزم منه تأخير البيان، أو نسبة التقصير إلى الراوي ، والأصل عدم توهيم الثقة!
والله الموفق.
الشيخ محمد بن عمر بازمول من صفحته
بالنسبة لحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تَعَارَّ من الليلِ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيٍء قدير. الحمدُ للهِ، وسبحانَ اللهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ. ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ لهُ. فإن توضَّأَ وصلَّى قُبِلَتْ صلاتُهُ" (أخرجه البخاري في صحيحه: ١١٥٤).
الزيادات التي في روايات غير البخاري، مثل: "…ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ (العليِّ العظيم)…ِ"، كما صححها الألباني في صحيح ابن ماجه: (٣١٤٢).
وزيادة: "…(يُحْيِي ويميتُ، بيدِهِ الخيرُ) وهو علَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ..."، كما صححها الألباني في صحيح الجامع: (٦١٥٦). هل تكون صحيحة ويصح ذكرها في هذا الموضع، أم يعتمد لفظ البخاري الأصح؟
وما جاء عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من عبدٍ باتَ على طُهورٍ، ثمَّ تعار منَ اللَّيلِ، فسألَ اللَّهَ شيئًا من أمرِ الدُّنيا أومن أمرِ الآخرةِ إلَّا أعطاهُ». (صححه الألباني في صحيح ابن ماجه: ٣١٤٥). وعند أبي داود: «ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ، طاهرًا، فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه». (صححه الألباني في صحيح أبي داود: ٥٠٤٢).
- في قوله: «بات على طُهور» و «يبيت على ذِكْرٍ، طاهرًا» هل يخصص عموم المبيت في رواية عبادة بن الصامت؟ بأن يكون هذا الفضل فقط لمن بات على طهارة ثم تعار… وليس لكل من بات ثم تعار…؟ أم للجميع؟
- في قوله: «فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه» و «يَبِيتُ على ذِكْر».
في رواية عبادة بن الصامت ذكر: «فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ… ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ له…».
لكن هنا لم يحدد الذكر في البداية، وكان عامًا: «فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ».
فهل يعمل بالعموم أنه إذا تعار يسأل الله دون أن يسبقه بذكر: لا إله إلا الله…
أم أن رواية عبادة في البخاري الأصح خصصت أن يبدأ بهذا الذكر ثم يسأل الله…؟
الجواب :
الأصل الذي يعتمده أهل العلم في ذلك : أن الروايات إذا صحت سواء اتحد مخرجها أو اختلف مخرجها، وقصتها واحدة أن يضم بعضها إلى بعض، فيقيد مطلقها بمقيدها، ويخصص عامها بمخصصها. إلا إذا لزم من ذلك تأخر البيان عن وقت الحاجة، أو ترتب على ذلك إخلال باللفظ كأن تكون من باب الرواية بالمعنى.
أما إذا لم يتحد مخرجها وأمكن حمل ذلك التنوع ، فيعمل بكل لفظ على وجهه، ولا إشكال، فلكل حديث وجهته وسبيله، خاصة إذا ترتب على ذلك توهيم الثقة، أو تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وبناء على ذلك فإن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ضم رواياته وألفاظه بعضها إلى بعض لا بأس به.
و لا وجه لترجيح رواية البخاري على رواية سنن أبي داود لأنها جميعها صحيحة، والمسلم مخير بأن يدعو بهذا اللفظ أو بهذا اللفظ، وإن جمع بينهما بدون أن يقع خلل في العبارة لا حرج، فإن الصحيح جواز رواية الحديث بالمعنى، إلا ما خصه الدليل.
وأما حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه فيمكن العمل به على وجهه، فيكون ما جاء في حديث عبادة بن الصامت وجه، وما جاء في حديث معاذ وجه. وكل ذلك جايز؛
إذا عمل المسلم بما جاء في حديث عبادة نال فضله وأجره.
وإذا عمل بما جاء في حديث معاذ نال فضله وأجره.
وتقييد المطلق في حديث عبادة رضي الله عنهما مع اختلاف المخرج فيه نظر، لأنه يلزم منه تأخير البيان، أو نسبة التقصير إلى الراوي ، والأصل عدم توهيم الثقة!
والله الموفق.
الشيخ محمد بن عمر بازمول من صفحته