اليوم وأنا اقرأ في كتاب { الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي } للشيخ محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي مررت بموضوع له حول حجية قول الصحابي قلت أضع حاشية عليه خاصة بي.
قال -رحمه الله- {اعلم أن عمل المدينة الاجتهادي لا النقلي له ارتباط وانباء على العمل بقول الصحابي فقد احتج به مالك كما سبق وهو من أصول مذهبه } إلى { وقد بالغ الغزالي في المستصفى في الرد لهذا الأصل مستدلا بان الصحابة ليسوا محل العصمة ويجوز عليهم الغلط فلا ينتج قولهم مايقطع به الحجية واطال في ذلك } وقال { فليس مالك وحده يقول بحجية قول الصحابي بل الجمهور }.
قوله -رحمه الله- {فليس مالك وحده يقول بحجية القياس بل الجمهور} .
بل جمهور الأصوليين يرون عدم حجية قول الصحابي مطلقا .
قال صديق حسن خان {....أنه ليس بحجة مطلقا وإليه ذهب الجمهور } فتح المأمول ص 355..
ومصطلح الجمهور في عرف الأصوليين يطلق ويراد به معنيين .
الاول : يراد به مايقابل منهجية الفقهاء في تصنيف أصول الفقه .
و الثاني : يراد به أكثر العلماء في المذهب في أصول الفقه وكذلك الفقه .
بيان ذلك .
أنه ذهب إلى بطلان حجية قول الصحابي الشافعي في أحد القولين والإمام أحمد بن حنبل في إحد الروايتين و الأشاعرة و المعتزلة .
و الذين قالوا بحجية قول الصحابي هم قلة .
فقد ذهب أصحاب أبي حنيفة من الرازي و البرذعي وقالت به المالكية و الشافعي في قول له وأحمد بن حنبل في رواية له إلى انه حجة مقدمة على القياس .
وهناك أقوال أخرى غير مشهورة منها .
الأول : ان الحجة في الخلفاء الأربعة واستدلوا بحديث { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين } وقد تأول أهل العلم هذا الحديث على خلاف ماتوهمه المجيزين .
الثاني : أن الحجة في قول أبي بكر وعمر دون غيرهم من الصحابة واستدلوا بحديث { اقتدوا بالذين بعدي أبو بكر وعمر }.
قوله {وقد بالغ الغزالي في المستصفى في الرد لهذا الأصل مستدلا بان الصحابة ليسوا محل العصمة ويجوز عليهم الغلط فلا ينتج قولهم مايقطع به الحجية واطال في ذلك } .
نعم تكلف الغزالي في بيان وجه الحق و الصواب .
قال الغزالي في كتابه المستصفى { فإن من يجوز عليه الغلط و السهو ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في قوله فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ ؟ وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة ؟ وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف ؟ وكيف يختلف معصومان ؟ كيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة فلم ينكر أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما - على من خالفهما بالاحتهاد بل أوجبوا في مسائل الإحتهاد على كل مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه بانتفاء الدليل على العصمة ووقوع الاختلاف بينهم وتصريحهم بجواز مخالفتهم } أنظر المستصفى [1/261 ومابعدها ].
إذا تلخص عندنا أن مدار دليل الغزالي يدور حول .
1: عدم ورود الادلة على عصمة الصحابة .
2: وقوع الخلاف و الاختلاف بينهم .
3: تصريحهم بجواز مخالفتهم لبعضهم بعض .
و الذي يلوح لي أن قول الصحابي ليس حجة ملزمة وأن دعوى الجمهرة التي اعادها الشيخ لا تصح .
وغاية ماستدل به القائلون بحجية قول الصحابي أدلة في فضل الصحابة وعلو منزلتهم وأن الفضل الخير لازم لهم لا غير و البعض الآخر من الأدلة فيه نظر من جهة الرواية وسندها .
قال الغزالي { الأصل الثاني من الأصول المهومة قول الصحابي }.
هذا و الله اعلم .
قال ابن فارس: "وليس كل من خالف قائلاً في مقالته فقد نَسَبه إلى الجهل".
[الصاحبي في فقه اللغة (ص:46)]
------------------
المصادر .
1: حصول المأمول من علم الأصول : للعلامة البليغ الفقيه محمد صديق حسن خان تحقيق ودراسة أحمد الطهطاوي .دار الفضيلة للنشر القاهرة بدون تاريخ الطبع و النشر .
2:المستصفى للغزالي مع كتاب فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت للأنصاري .
3:كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي : لعلاء الدين البخاري .دار الكتاب العربي -بيروت -لبنان- الطبعة الاولى سنة 1404ه.
4:نهاية السول شرح منهاج الأصول للبيضاوي : لجمال الدين الإنسوي الشافعي . دار عالم الكتب بدون تاريخ الطبعة و النشر .
5: منتهى السؤال و الأمل في علمي الأصول الوجدل جمال الدين ابن الحاجب . دار الكتب العلمية _بيروت -لبنان - الطبعة الأولى سنة 1405ه .
6: الإحكام في أصول الأحكام : للسيف الآمدي بتعليق العلامة عبد الرزاق عفيفي .دار ابن حزم الطبعة الأولى 1424ه .
7: معجم مصطلحات أصول الفقه :قطب مصطفى سانو .دار الفكر المعاصر .الطبعة الأولى سنة 1423ه .
8: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي : محمد الحسن الحجوي الثعاليبي الفاسي .دار الكتب العلمية -بيروت -لبنان- الطبعة الأولى 1416ه.
قال -رحمه الله- {اعلم أن عمل المدينة الاجتهادي لا النقلي له ارتباط وانباء على العمل بقول الصحابي فقد احتج به مالك كما سبق وهو من أصول مذهبه } إلى { وقد بالغ الغزالي في المستصفى في الرد لهذا الأصل مستدلا بان الصحابة ليسوا محل العصمة ويجوز عليهم الغلط فلا ينتج قولهم مايقطع به الحجية واطال في ذلك } وقال { فليس مالك وحده يقول بحجية قول الصحابي بل الجمهور }.
قوله -رحمه الله- {فليس مالك وحده يقول بحجية القياس بل الجمهور} .
بل جمهور الأصوليين يرون عدم حجية قول الصحابي مطلقا .
قال صديق حسن خان {....أنه ليس بحجة مطلقا وإليه ذهب الجمهور } فتح المأمول ص 355..
ومصطلح الجمهور في عرف الأصوليين يطلق ويراد به معنيين .
الاول : يراد به مايقابل منهجية الفقهاء في تصنيف أصول الفقه .
و الثاني : يراد به أكثر العلماء في المذهب في أصول الفقه وكذلك الفقه .
بيان ذلك .
أنه ذهب إلى بطلان حجية قول الصحابي الشافعي في أحد القولين والإمام أحمد بن حنبل في إحد الروايتين و الأشاعرة و المعتزلة .
و الذين قالوا بحجية قول الصحابي هم قلة .
فقد ذهب أصحاب أبي حنيفة من الرازي و البرذعي وقالت به المالكية و الشافعي في قول له وأحمد بن حنبل في رواية له إلى انه حجة مقدمة على القياس .
وهناك أقوال أخرى غير مشهورة منها .
الأول : ان الحجة في الخلفاء الأربعة واستدلوا بحديث { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين } وقد تأول أهل العلم هذا الحديث على خلاف ماتوهمه المجيزين .
الثاني : أن الحجة في قول أبي بكر وعمر دون غيرهم من الصحابة واستدلوا بحديث { اقتدوا بالذين بعدي أبو بكر وعمر }.
قوله {وقد بالغ الغزالي في المستصفى في الرد لهذا الأصل مستدلا بان الصحابة ليسوا محل العصمة ويجوز عليهم الغلط فلا ينتج قولهم مايقطع به الحجية واطال في ذلك } .
نعم تكلف الغزالي في بيان وجه الحق و الصواب .
قال الغزالي في كتابه المستصفى { فإن من يجوز عليه الغلط و السهو ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في قوله فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ ؟ وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة ؟ وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف ؟ وكيف يختلف معصومان ؟ كيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة فلم ينكر أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما - على من خالفهما بالاحتهاد بل أوجبوا في مسائل الإحتهاد على كل مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه بانتفاء الدليل على العصمة ووقوع الاختلاف بينهم وتصريحهم بجواز مخالفتهم } أنظر المستصفى [1/261 ومابعدها ].
إذا تلخص عندنا أن مدار دليل الغزالي يدور حول .
1: عدم ورود الادلة على عصمة الصحابة .
2: وقوع الخلاف و الاختلاف بينهم .
3: تصريحهم بجواز مخالفتهم لبعضهم بعض .
و الذي يلوح لي أن قول الصحابي ليس حجة ملزمة وأن دعوى الجمهرة التي اعادها الشيخ لا تصح .
وغاية ماستدل به القائلون بحجية قول الصحابي أدلة في فضل الصحابة وعلو منزلتهم وأن الفضل الخير لازم لهم لا غير و البعض الآخر من الأدلة فيه نظر من جهة الرواية وسندها .
قال الغزالي { الأصل الثاني من الأصول المهومة قول الصحابي }.
هذا و الله اعلم .
قال ابن فارس: "وليس كل من خالف قائلاً في مقالته فقد نَسَبه إلى الجهل".
[الصاحبي في فقه اللغة (ص:46)]
------------------
المصادر .
1: حصول المأمول من علم الأصول : للعلامة البليغ الفقيه محمد صديق حسن خان تحقيق ودراسة أحمد الطهطاوي .دار الفضيلة للنشر القاهرة بدون تاريخ الطبع و النشر .
2:المستصفى للغزالي مع كتاب فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت للأنصاري .
3:كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي : لعلاء الدين البخاري .دار الكتاب العربي -بيروت -لبنان- الطبعة الاولى سنة 1404ه.
4:نهاية السول شرح منهاج الأصول للبيضاوي : لجمال الدين الإنسوي الشافعي . دار عالم الكتب بدون تاريخ الطبعة و النشر .
5: منتهى السؤال و الأمل في علمي الأصول الوجدل جمال الدين ابن الحاجب . دار الكتب العلمية _بيروت -لبنان - الطبعة الأولى سنة 1405ه .
6: الإحكام في أصول الأحكام : للسيف الآمدي بتعليق العلامة عبد الرزاق عفيفي .دار ابن حزم الطبعة الأولى 1424ه .
7: معجم مصطلحات أصول الفقه :قطب مصطفى سانو .دار الفكر المعاصر .الطبعة الأولى سنة 1423ه .
8: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي : محمد الحسن الحجوي الثعاليبي الفاسي .دار الكتب العلمية -بيروت -لبنان- الطبعة الأولى 1416ه.
تعليق