رد: إعلام النبيه بتخريج أحاديث المنهاج وشروحه وحواشيه
قد علمت أن قيس بن الربيع مختلط ليس بالقوي، وأن من روى عنه بعد الاختلاط فهو ضعيف.
فإذا نظرنا في الإسناد الذي معنا وجدنا أن الراويان عن قيس هما: عاصم بن علي بن عاصم، وأبو غسان النهدي
والراجح أنهما ممن روى عنه بعد الاختلاط والله أعلم وذلك لأن قيسا توفي سنة 165هـ أو بعدها إلى 168هـ وتوفي عاصمُ سنة 221هـ وتوفي أبو غسان سنة 219هـ فبين وفاتيهما ووفاة قيس أكثر من خمسين عاما فلو فرضنا أن عاصما روى عنه قبل وفاته (أي قبل وفاة قيس) بخمس سنين فإنه (يعني عاصما) يكون قد توفي بعد بداية روايته عن قيس بنحو ستين سنة فلو فرضنا أنه قد بدأ الرواية عنه وهو ابن عشرين سنة مثلا فإنه (يعني عاصما) يكون قد توفي وعمره نحو ثمانين (80) سنة.
وكذا يقال في أبي غسان النهدي؛ إذ ليس بين وفاته ووفاة عاصم إلا سنتين فقط؛ فالكلام في روايته عن قيس كالكلام في رواية عاصم عنه.
ويكاد أن يكون هذا هو المقبول هنا لأن أصحاب التواريخ (الذين راجعت كلامهم) لم يذكروا أن عاصما ولا أبا غسان النهدي كانا من المعمرين، فتأمل.
وأيضا فإن قيسَ بن الربيع كوفي، وأبو غسان النهدي كوفي أيضا، وأما عاصم فواسطيّ(1)، وهذا الواسطي لا يكاد يخرج للرحلة في طلب الحديث قبل العشرين بل الراجح أن يخرج بعدها.
وأما الكوفي فإن أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا قبل أن يستكملوا عشرين سنة، قال ابن الصلاح: قيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ فقال: كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة. وقال موسى بن هارون: أهل البصرة يكتبون لعشر سنين. وأهل الكوفة لعشرين وأهل الشام لثلاثين والله أعلم. ا.هـ وهذه من فوائد معرفة بلدان الرواة، والله الموفق.
فإذا ترجح أن روايةَ عاصم وأبي غسان عن قيس بن الربيع بعد الاختلاط ترجح ضعف روايتهما عنه، والله أعلم
وأما رواية يحيى بن أبي بكير وهو كوفي أيضا عن قيس بن الربيع فالراجح أنها قبل الاختلاط؛ لأن يحيى مات سنة (208هـ) وقد روى عن قيس (ت: 265- 268هـ) وعن شعبة (ت: 260هـ)، وعن شبل بن عباد المكي القاريء (ت: 148هـ وقيل بعد ذلك)، فإذا كان يمكنه أن يروي سنة (148هـ) وفرضنا أنه بدأ في التحمل وعمره خمسة عشر (15) أو ثمانية عشر (1 عاما فهذا يعني أنه قد ولد في عام (130هـ) تزيد قليلا أو تقل قليلا، فإذا كان قد تحمل الرواية سنة (148هـ) أو قبلها وعلمنا أن قيس بن الربيع قد توفي سنة (168هـ) فهذه عشرون سنة قبل وفاة قيس بن الربيع كان فيها يحيى بن بكير مستطيعا للتحمل والرواية عن الشيوخ وهذا يرجح أن يحيى قد روى عن قيس قبل الاختلاط فتأمل، والله أعلم
وهذا يرجح رواية يحيى بن بكير عن قيس بإسناده السابق عن عائشة على رواية أبي غسان وعاصم عن قيس بإسناده عن عبد الله بن مسعود فتدبر، والله أعلم
وحيث أمكن الترجيح فهو أولى من إسقاط هذه الطريق جُمْلَةً وجعلِها من الاضطراب في الرواية بسبب الاختلاف الذي حدث على قيس بن الربيع
وعلى ذلك فالصواب في هذا الإسناد هو: يحيى بن بكير (ثقة) عن قيس بن الربيع (صدوق تغير لما كبر) عن أبي حَصِينٍ (ثقة ربما دلس) عن يحيى بن وثاب (ثقة) عن مسروق (ثقة)عن عائشة
وهذا إسناد حسن، والحديثُ حديثُ عائشةَ لا عبدِ الله بن مسعود
__________________________________________________ __________
= وقد روي حديث عائشة من طريق أخرى ضعيفة، رواها البيهقي في الشُّعَب قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ(2) (ثقة)، أخبرنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّازُ(3) (ثقة مأمون)، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ(4) (ثقة)، حدثنا مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَسَدِيُّ(5) (ضعيف منكر الحديث)، عَنِ الْأَعْمَشِ(6) (ثقة حافظ لكنه مدلس)، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ(7) (ثقة)، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَطْعِمْنَا يَا بِلَالُ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدِي إِلَّا صُبَرٌ مِنْ تَمْرٍ خَبَّأْتُهُ لَكَ، قَالَ: «أَمَا تَخْشَى أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، أَنْفِقْ يَا بِلَالُ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا»(
وآفة هذه الطريق مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَسَدِيُّ فإنه ضعيف منكر الحديث،
وفيه عنعنة الأعمش وهو مدلس؛ فلا تصلح هذه الطريق للشهادة ولا المتابعة.
__________________________________________________ ___________
([1]) واسط بلدة في العراق متوسطة بين البصرة والكوفة منها إلى كل واحدة منهما خمسين فرسخا. انظر معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 347) ط. دار صادر.
([2]) هو محمَّد بن محمَّد بن محمش بن علي بن داود بن أيوب بن محمَّد أبو طاهر الفقيه الزيادي الشافعي النيسابوري الأديب.
([3]) هو أبو حامد أحمدُ بن محمَّد بن يحيى بن بلال النيسابوري المعروف بالخشاب انظر سير أعلام النبلاء (15/ 284) والإرشاد للخليلي (3/ 83
([4]) هو أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي السراج الكوفي
([5]) هو مفضل بن صالح الأسدي أبو جميلة الدَّلَّال النخاس من أهل الكوفة، قال ابن حبان: كان ممن يروي المقلوبات عن الثقات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها من كثرته فوجب ترك الاحتجاج به
([6]) هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي
([7]) هو طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي بالتحتانية الكوفي
([8]) الجامع لشعب الإيمان للبيهقي 3/ 60/ رقم (1393) ت. عبد العلي عبد الحميد حامد، ط. دار الرشد
قد علمت أن قيس بن الربيع مختلط ليس بالقوي، وأن من روى عنه بعد الاختلاط فهو ضعيف.
فإذا نظرنا في الإسناد الذي معنا وجدنا أن الراويان عن قيس هما: عاصم بن علي بن عاصم، وأبو غسان النهدي
والراجح أنهما ممن روى عنه بعد الاختلاط والله أعلم وذلك لأن قيسا توفي سنة 165هـ أو بعدها إلى 168هـ وتوفي عاصمُ سنة 221هـ وتوفي أبو غسان سنة 219هـ فبين وفاتيهما ووفاة قيس أكثر من خمسين عاما فلو فرضنا أن عاصما روى عنه قبل وفاته (أي قبل وفاة قيس) بخمس سنين فإنه (يعني عاصما) يكون قد توفي بعد بداية روايته عن قيس بنحو ستين سنة فلو فرضنا أنه قد بدأ الرواية عنه وهو ابن عشرين سنة مثلا فإنه (يعني عاصما) يكون قد توفي وعمره نحو ثمانين (80) سنة.
وكذا يقال في أبي غسان النهدي؛ إذ ليس بين وفاته ووفاة عاصم إلا سنتين فقط؛ فالكلام في روايته عن قيس كالكلام في رواية عاصم عنه.
ويكاد أن يكون هذا هو المقبول هنا لأن أصحاب التواريخ (الذين راجعت كلامهم) لم يذكروا أن عاصما ولا أبا غسان النهدي كانا من المعمرين، فتأمل.
وأيضا فإن قيسَ بن الربيع كوفي، وأبو غسان النهدي كوفي أيضا، وأما عاصم فواسطيّ(1)، وهذا الواسطي لا يكاد يخرج للرحلة في طلب الحديث قبل العشرين بل الراجح أن يخرج بعدها.
وأما الكوفي فإن أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا قبل أن يستكملوا عشرين سنة، قال ابن الصلاح: قيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ فقال: كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة. وقال موسى بن هارون: أهل البصرة يكتبون لعشر سنين. وأهل الكوفة لعشرين وأهل الشام لثلاثين والله أعلم. ا.هـ وهذه من فوائد معرفة بلدان الرواة، والله الموفق.
فإذا ترجح أن روايةَ عاصم وأبي غسان عن قيس بن الربيع بعد الاختلاط ترجح ضعف روايتهما عنه، والله أعلم
وأما رواية يحيى بن أبي بكير وهو كوفي أيضا عن قيس بن الربيع فالراجح أنها قبل الاختلاط؛ لأن يحيى مات سنة (208هـ) وقد روى عن قيس (ت: 265- 268هـ) وعن شعبة (ت: 260هـ)، وعن شبل بن عباد المكي القاريء (ت: 148هـ وقيل بعد ذلك)، فإذا كان يمكنه أن يروي سنة (148هـ) وفرضنا أنه بدأ في التحمل وعمره خمسة عشر (15) أو ثمانية عشر (1 عاما فهذا يعني أنه قد ولد في عام (130هـ) تزيد قليلا أو تقل قليلا، فإذا كان قد تحمل الرواية سنة (148هـ) أو قبلها وعلمنا أن قيس بن الربيع قد توفي سنة (168هـ) فهذه عشرون سنة قبل وفاة قيس بن الربيع كان فيها يحيى بن بكير مستطيعا للتحمل والرواية عن الشيوخ وهذا يرجح أن يحيى قد روى عن قيس قبل الاختلاط فتأمل، والله أعلم
وهذا يرجح رواية يحيى بن بكير عن قيس بإسناده السابق عن عائشة على رواية أبي غسان وعاصم عن قيس بإسناده عن عبد الله بن مسعود فتدبر، والله أعلم
وحيث أمكن الترجيح فهو أولى من إسقاط هذه الطريق جُمْلَةً وجعلِها من الاضطراب في الرواية بسبب الاختلاف الذي حدث على قيس بن الربيع
وعلى ذلك فالصواب في هذا الإسناد هو: يحيى بن بكير (ثقة) عن قيس بن الربيع (صدوق تغير لما كبر) عن أبي حَصِينٍ (ثقة ربما دلس) عن يحيى بن وثاب (ثقة) عن مسروق (ثقة)عن عائشة
وهذا إسناد حسن، والحديثُ حديثُ عائشةَ لا عبدِ الله بن مسعود
__________________________________________________ __________
= وقد روي حديث عائشة من طريق أخرى ضعيفة، رواها البيهقي في الشُّعَب قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ(2) (ثقة)، أخبرنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ الْبَزَّازُ(3) (ثقة مأمون)، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ(4) (ثقة)، حدثنا مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَسَدِيُّ(5) (ضعيف منكر الحديث)، عَنِ الْأَعْمَشِ(6) (ثقة حافظ لكنه مدلس)، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ(7) (ثقة)، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَطْعِمْنَا يَا بِلَالُ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدِي إِلَّا صُبَرٌ مِنْ تَمْرٍ خَبَّأْتُهُ لَكَ، قَالَ: «أَمَا تَخْشَى أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، أَنْفِقْ يَا بِلَالُ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا»(
وآفة هذه الطريق مُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَسَدِيُّ فإنه ضعيف منكر الحديث،
وفيه عنعنة الأعمش وهو مدلس؛ فلا تصلح هذه الطريق للشهادة ولا المتابعة.
__________________________________________________ ___________
([1]) واسط بلدة في العراق متوسطة بين البصرة والكوفة منها إلى كل واحدة منهما خمسين فرسخا. انظر معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 347) ط. دار صادر.
([2]) هو محمَّد بن محمَّد بن محمش بن علي بن داود بن أيوب بن محمَّد أبو طاهر الفقيه الزيادي الشافعي النيسابوري الأديب.
([3]) هو أبو حامد أحمدُ بن محمَّد بن يحيى بن بلال النيسابوري المعروف بالخشاب انظر سير أعلام النبلاء (15/ 284) والإرشاد للخليلي (3/ 83
([4]) هو أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي السراج الكوفي
([5]) هو مفضل بن صالح الأسدي أبو جميلة الدَّلَّال النخاس من أهل الكوفة، قال ابن حبان: كان ممن يروي المقلوبات عن الثقات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها من كثرته فوجب ترك الاحتجاج به
([6]) هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي
([7]) هو طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي بالتحتانية الكوفي
([8]) الجامع لشعب الإيمان للبيهقي 3/ 60/ رقم (1393) ت. عبد العلي عبد الحميد حامد، ط. دار الرشد
يتبع
تعليق