لحم البقر، كيف يحل الله ما فيه الضرر؟!!
قال أبو نعيم في الطب النبوي :
حَدَّثَنا محمد بن جرير حَدَّثَنا أحمد بن الحسن الترمذي عَن موسى بن محمد النسائي حَدَّثَنا دفاع بن دغفل السدوسي عَن عَبد الحميد بن صيفي بن صهيب عَن أبيه عَن جَدِّه صهيب الخير قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم : عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء .
و قال: حَدَّثَنا ابن زهير قال : حَدَّثَنا عُمَر بن الخطاب قال : حَدَّثَنا سيف الجرمي قال : حَدَّثَنا المسعودي عَن الحسن بن سعد عَن عَبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عَن عَبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم : عليكم بألبان البقر فإنها دواء وأسمانها فإنها شفاء وإياكم ولحومها فإن لحومها داء .
وقد روى أبو داود في المراسيل من طريق ابْنُ نُفَيْلٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو أَنَّهَا وُصِفَتْ لَهَا سَمْنُ بَقَرٍ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِحَلْقِهَا وَقَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْبَانُهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمُهَا دَاءٌ» .
وقال الإمام البيهقي كما في الكبرى :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ثنا أَبُو النَّضْرِ ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو الْجُعْفِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا : عَلَيْكَ بِسَمْنِ الْبَقَرِ مِنَ الذِّبْحَةِ أَوْ مِنَ الْقَرْحَتَيْنِ , فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَلْبَانَهَا أَوْ لَبَنَهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنَهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمَهَا أَوْ لُحُومَهَا دَاءٌ " .
وقال في شعب الإيمان :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثَنَا أَبُو النَّصْرِ، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو الْجُعْفِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: عَلَيْكِ بِسَمْنِ الْبَقَرَةِ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَمِنَ الْقَرْحَتَيْنِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَلْبَانَهَا أَوْ لَبَنَهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنَهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمَهَا أَوْ لُحُومَهَا دَاءٌ " .
فجعله مرة عن أم المؤمنين رضي الله عنها و مرة عن مليكة ـ على خلاف بصحبتها رحمها الله ـ .
و قد ذكر أبو الجعد في مسنده : أَنَا زُهَيْرٌ عَنِ امْرَأَتِهِ ـ وَذَكَرَ أَنَّهَا صَدُوقَةٌ ـ أَنَّهَا سَمِعَتْ مُلَيْكَةَ بِنْتَ عَمْرٍو، وَذَكَرَ، أَنَّهَا رَدَّتِ الْغَنَمَ عَلَى أَهْلِهَا فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا وَصَفَتْ لَهَا مِنْ وَجَعٍ بِهَا سَمْنُ بَقَرٍ وَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلْبَانُهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمُهَا دَاءٌ» .
واستفدنا من هذه الرواية توثيق زهير لإمرأته .
حديث لحوم البقر [الأرشيف] - منتديات الإمام الذهبي العلمية
تصحيح الحديث:
1943 - " عليكم بألبان البقر ، فإنها ترم من كل شجر ، و هو شفاء من كل داء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 582 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 403 ) من طريق إسرائيل عن الركين بن الربيع عن قيس بن مسلم
عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح
الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قد تابعه شعبة عن الركين لكن في الطريق إليه من
في حفظه ضعف و هو الرقاشي كما سبق في " ما أنزل الله من داء " ( رقم - 518 ) .
و بالجملة فالحديث صحيح بهذين الطريقين عن ركين . و له طريق أخرى عن ابن مسعود
بزيادة فيه بلفظ : " عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها ، فإن
ألبانها و سمنانها دواء و شفاء و لحومها داء " . أخرجه الحاكم ( 4 / 404 ) من
طريق سيف بن مسكين حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن
عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح
الإسناد " . و تعقبه الذهبي في " التلخيص " بقوله : " قلت : سيف وهاه ابن حبان
" و قال في " الميزان " : " شيخ يأتي بالمقلوبات و الأشياء الموضوعة ، قاله ابن
حبان " .
قلت : و له علتان أخريان : اختلاط المسعودي ، و مظنة الانقطاع بين عبد الرحمن
ابن عبد الله بن مسعود و أبيه . قال يعقوب بن شيبة : ثقة مقل ، تكلموا في
روايته عن أبيه لصغره . و قال ابن معين : سمع من أبيه ، و قال مرة : لم يسمع
منه " . كذا في " الميزان " . و في " التقريب " : ثقة من صغار الثانية ، و قد
سمع من أبيه لكن شيئا يسيرا " . فالحديث بهذه الزيادة ضعيف الإسناد . لكن يأتي
ما يقويه قريبا . و أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 27 / 1 ) من طريق عبد
الرزاق عن الثوري و من طريق المسعودي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابن
مسعود موقوفا عليه باللفظ الأول دون ذكر الشفاء . و أخرجه الفاكهي في " حديثه "
( 27 / 10 ) عن المسعودي به لكن رفعه . و كذلك أخرجه أبو إسحاق الحربي في "
غريب الحديث " ( 5 / 15 / 1 ) . و كذلك أخرجه البغوي في " حديث علي بن الجعد "
( 9 / 79 / 1 ) و الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 84 / 2 ) و ابن عساكر في "
تاريخ دمشق " ( 8 / 242 / 2 ) من طرق عن قيس بن مسلم مرفوعا به . ثم أخرجه
البغوي و ابن عساكر و كذا عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 65 / 2 ) من
طريق أخرى عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب مرفوعا مرسلا لم يذكر ابن مسعود ،
قال ابن عساكر : " المحفوظ الموصول " .
قلت : و هذا ما كنت رجحته فيما تقدم تحت هذا الحديث بلفظ آخر ( رقم - 518 ) .
و من هذا التخريج يتبين أن الحديث مرفوعا صحيح الإسناد ، لاتفاق جماعة من
الثقات على روايته عن قيس بن مسلم عن طارق عن ابن مسعود مرفوعا باللفظ الأول .
و هذا سند صحيح على شرط الشيخين . و أما الزيادة فهي و إن كانت ضعيفة الإسناد ،
فقد مضى لها شاهد من حديث مليكة بنت عمرو مرفوعا نحوه ، فراجعه برقم ( 1533 ) .
و لها شاهد آخر دون ذكر اللحم و لفظه : " عليكم بألبان البقر فإنه شفاء و سمنها
دواء " . رواه أبو نعيم في " الطب " كما في " الجزء المنتقى منه " ( 81 - 82 )
عن دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب
الخير مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد ، و هو على شرط ابن حبان ، فإنه وثق
جميع رجاله ، و في بعضهم خلاف .
( تنبيه ) زاد ابن عساكر وحده في روايته زيادة أخرى منكرة ، فقال : " عليكم
بألبان الإبل و البقر ... " . فزاد لفظة " الإبل " ، و لم ترد في شيء من طرق
الحديث و شواهده مطلقا - فيما علمت - فهي زيادة باطلة . و يؤكد ذلك أن ابن
عساكر رواها من طريق البغوي أخبرنا محمد بن بكار أخبرنا قيس بن مسلم به .
و البغوي نفسه أخرجه في المصدر السابق بهذا الإسناد عينه دون الزيادة ، فثبت
بطلانها ، و كنت أود أن أقول : لعلها زيادة من بعض النساخ و لكني وجدت السيوطي
قد أورد الحديث بهذه الزيادة في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر ، فعلمت
أنها ثابتة عنده ، فهو وهم من بعض رواته بينه و بين البغوي . و الله أعلم .
1533 - " ألبانها شفاء و سمنها دواء و لحومها داء . يعني البقر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 46 :
رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " ( 11 / 122 / 1 ) عن زهير ( يعني ابن
معاوية ) عن امرأته - و ذكر أنها صدوقة - أنها سمعت مليكة بنت عمر - و ذكر
أنها ردت الغنم على أهلها في إمرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه - أنه وضعت لها
من وجع بها سمن بقر ، و قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى ، و قد أخرجه أبو داود في " المراسيل
" و الطبراني في " الكبير " و ابن منده في " المعرفة " و أبو نعيم في " الطب "
بنحوه كما في " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدق
و أنها امرأته ، و ذكر أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،
و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر
و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها
داء " أخرجه الحاكم و تساهل في تصحيحه له كما بسطته مع بقية طرقه في بعض
الأجوبة ، و قد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ، و كأنه لبيان
الجواز ، أو لعدم تيسر غيره ، و إلا فهو لا يتقرب إلى الله تعالى بالداء ، على
أن الحليمي قال كما أسلفته في " عليكم " : إنه صلى الله عليه وسلم قال في البقر
كذلك ليبس الحجاز و يبوسة لحم البقر منه و رطوبة ألبانها و سمنها و استحسن هذا
التأويل . و الله أعلم " .
قلت : و حديث ابن مسعود شاهد قوي لحديث الترجمة و سيأتي تخريجه برقم ( 1949 ) .
و مضى الكلام على الطرق المتعلقة بألبان البقر برقم ( 518 ) و سيأتي تحت الحديث
( 1650 ) .
كيف نجمع بين حديث(إن لحوم البقر داء ...) وبين تضحيته صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر؟...الألباني
سئل الشيخ الالباني - رحمه الله - في سلسلة الهدى والنور شريط رقم (389) :
السائل : ألبان البقر دواء، ولحومها داء، فكيف التوفيق بينه وبين كون البقر يجوز أن يكون هديا، لأن الشريعة لا يمكن أن تكون يهدى بضار ؟.
الشيخ : (( نعم؛ لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أنه ضحى لنسائه بالبقر، وصح أيضا أمره - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره بسمنان البقر ونهيه عن لحومها، فإن سمنانها دواء ولحومها داء، لقد وفق العلماء بين هذا الحديث وبين حديث تضحيته - صلى الله عليه وآله وسلم - بالبقر عن نسائه أن المقصود حينما نهى عن لحوم البقر إنما هو الإكثار منها، أما إذا أكل منها احيانا فلا ضير في ذلك ولا ضرر، وهو بلا شك جائز لأن المقصود بالنهي عن لحوم البقر إنما هو الإكثار منها والإستعاضة بها عن لحوم الغنم والمعز والإبل. هذا هو جواب العلماء )) .
تضعيف الحديث:
تراجم الأسانيد :
الإسناد الأول :
دفاع بن دغفل القيسى ، و يقال السدوسى ، أبو روح البصرى لم يروي له من الستة إلا ابن ماجه حديث الخضاب بالسواد .
ولم يوثقه أحد و ذكره في الطبقة الرابعة من الثقات ابن حبان ، و ضعفه أبو حاتم ، وذكره في الضعفاء أبن الجوزي و الذهبي و ضعفه ابن حجر .
وترجمة عَبد الحميد بن صيفي و صيفي بن صهيب مقاربة لترجمة دفاع .
و لم أرى يروى لهم إلا بهذا السند عن صهيب الخير رضي الله عنه ، و حديث حب صهيب رضي الله عنه لصيفي .
فيبقى جملة السند في حساب المستشهد بهم إذا و جد إسناد يقبل التحسين بأقل الأسانيد اعتبار .
الإسناد الثاني :
مليكة بنت عمرو الزيدية السعدية : مختلف في صحبتها ، و ممن جعلها تابعية أبو داود ، و من ذكرها في عداد الصحابة رضوان الله عليهم أستشهد بهذا الحديث ، و لا ذكر لها إلا به .
و التي روت هذا الأثر عنها امرأة أبي خيثمة ، و لم يروى لها إلا هذا الحديث ، و لم يروي عنها إلا أبو خيثمة و لم يوثقها أحد إلا هو كما في رواية الجعد ـ لم يرو التوثيق غيره فيما رأيت ـ فتبقى في عداد المجاهيل ، و لا تثبت صحبة مليكة بخبر مجهولة ، فتضاف علة الإرسال ـ كما هو ترجيح أبو داود ـ و لم أرى من أثبت صحبتها جزماً ، و قد قال ابن حجر : يقال : لها صحبة ـ بالتمريض ـ .
فلا احتفال بهذا السند لا بمتابعات و لا شواهد و الله أعلم .
الإسناد الثالث :
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفى ، المسعودى اختلط بآخرة فمن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط .
و لم يسمع عبد الرحمن من و الده عبد الله رضي الله عنه إلا حديث أو حديثين ، و لم يثبت السماع بالكامل جمهور الحفاظ .
و لكن الراوي عن المسعودي سيف بن مسكين واه لا يعتد به ، فيترك هذا الأثر و لا يحتج به و خصوصاً لما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه : قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء ذكر ألبان البقر فأمر بها وقال إنها دواء من كل داء . أ هـ .
و لم يذكر الحم .
حديث لحوم البقر [الأرشيف] - منتديات الإمام الذهبي العلمية
قال الطبراني في الكبير 79 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير حدثتني امرأة من أهلي عن مليكة بنت عمرو الزيدية من ولد زيد الله بن سعد قالت : اشتيكت وجعا في حلقي فأتيتها فوضعت لي سمن بقرة قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ألبانها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء )
أقول : مليكة بن عمرو مختلف في صحبتها ، ورجح أبو داود عدم صحبتها ، وتلك المرأة المبهمة إذا كانت من طبقة زهير فلم تسمع أحداً من الصحابة
قال السخاوي في المقاصد :" " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدقو أنها امرأته ، و ذكر أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها داء "
أقول : فإذا كانت امرأته فهي من طبقته ، وهذا يدل على أن مليكة ليست صحابية فلو كانت صحابية ما تمكنت امرأة زهير من سماعها ، فالخبر مرسل كما رجح أبو داود
وقال الحاكم 8232 - حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ثنا معاذ بن المثنى العنبري ثنا سيف بن مسكين ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها فإن ألبانها و سمنهانها دواء و شفاء و لحومها داء
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه
قال الذهبي في الميزان :" 3640 - سيف بن مسكين . عن سعيد بن أبى عروبة ، شيخ بصرى ، يأتي بالمقلوبات والاشياء الموضوعة"
أقول : فهو ضعيف جداً فلا يصلح في الشواهد
وقد ورد من غير هذه الزيادة ( ولحمها داء ) من طريق أخرى
قال الحربي في غريب الحديث 80 - حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا محمد بن سعد ، وحدثنا يحيى ، حدثنا ابن المبارك ، عن المسعودي ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه قال : « عليكم بألبان البقر ، فإنها ترتم من كل الشجر »
فانفراد سيف بتلك الزيادة من دون ابن المبارك يدل على نكارتها
وقال الحاكم في المستدرك 7425- فَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَا ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، أَنْبَأَ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً إِلاَّ الْهَرَمَ فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ شَجَرٍ.
فهذا جعفر بن عون رواه بدون هذه الزيادة ، وكذا رواه الطاليسي في مسنده بدون هذه الزيادة وغيرهم
وقد روى غير المسعودي هذا الخبر عن قيس وأسقط ذكر عبد الله
ومتن هذا الحديث منكر
قال الزركشي في اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة ص148:" قلت بل هو منقطع وفي صحته نظر فإن في الصحيح ان النبي ضحى عن نسائه بالبقر وهو لا يتقرب بالداء"
الكلام على زيادة ( ولحومها داء )
زيادة بيان:
أولا : عن مليكة بنت عمرو الجعفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ألبانها شفاء – يعني البقر - ، وسمنها دواء ، ولحمها داء )
رواه علي بن الجعد في " مسنده " (ص/393)، وأبو داود في " المراسيل " (ص/316)، والطبراني في " المعجم الكبير " (25/42)، ومن طريقه أبو نعيم في " معجم الصحابة " (رقم/7850)، ورواه البيهقي في " السنن الكبرى " (9/345) وفي " شعب الإيمان " (5/103)
جميعهم من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة ، عن امرأته وذكر أنها صدوقة ، وأنها سمعت مليكة بنت عمرو ، وذكرت الحديث .
هذا لفظ علي بن الجعد ، وهو أعلى مَن أسند الحديث ، وأما غيره فقالوا : عن امرأة من أهله – يعني زهير بن معاوية -.
وهذا إسناد ضعيف ، ومليكة بنت عمرو الزيدية السعدية مختلف في صحبتها ، ورواية أبي داود لحديثها في كتابه " المراسيل " دليل على أنه لا يرى صحبتها ، وإن كان جزم بصحبتها آخرون ، ولكن التحقيق يقتضي أنه لا سبيل إلى الجزم بذلك ، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في " تقريب التهذيب " (753): يقال لها صحبة ، ويقال : تابعية . ولم يجزم فيها بشيء ، فيبقى في الأمر احتمال قائم ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال . وانظر ترجمتها في " الإصابة " (8/122)
لذلك ضعف هذا السند السخاوي في " الأجوبة المرضية " (1/21) ، والمناوي في "فيض القدير" (2/196) ، والعجلوني في " كشف الخفاء " (2/182) .
ثانيا : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( عليكم بألبان البقر وسمنانها ، وإياكم ولحومها ، فإن ألبانها وسمنانها دواء وشفاء ، ولحومها داء)
رواه الحاكم في " المستدرك " (4/44 ، وعزاه السيوطي (5557) أيضا لابن السني وأبي نعيم كلاهما في " الطب ".
قال الحاكم : حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا معاذ بن المثنى العنبري ، ثنا سيف بن مسكين ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلنا : وهذا إسناد ضعيف جدا ، فيه عدة علل :
1- سيف بن مسكين : قال ابن حبان رحمه الله : " يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعات ، لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات على قلتها " انتهى. " المجروحين " (1/347)
2- الاختلاف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه . انظر " تهذيب التهذيب " (6/216)
3- اختلاط عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي . انظر " تهذيب التهذيب " (6/211)
ولذلك كله حكم العلماء بتساهل الحاكم حين قال في الحديث :
" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى.
والصواب مع تعقب الذهبي له بقوله :
" سيف : وهَّاه ابن حبان " انتهى.
وقال الزركشي :
" هو منقطع ، وفي صحته نظر ، فإن في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر ، وهو لا يتقرب بالداء " انتهى.
" التذكرة في الأحاديث المشتهرة " (ص/14
وقال السخاوي :
" ضعيف منقطع " انتهى.
" الأجوبة المرضية " (1/23)
وقال الحافظ ابن حجر :
" روي بأسانيد ضعيفة " انتهى.
" أسئلة وأجوبة " (ص/61) .
ثالثا : روى ابن عدي في " الكامل " (7/29 وغيره الحديث من مسند ابن عباس رضي الله عنهما ، وفي سنده محمد بن زياد الطحان متهم بالكذب ، فلا يستشهد به .
رابعا : روى ابن السني ، وأبو نعيم ، الحديثَ عن صهيب الرومي رضي الله عنه ، عزاه السيوطي إليهما .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" روى محمد بن جرير الطبرى بإسناده ، من حديث صُهيب يرفعُه : ( عليكم بألبان البقَرِ ، فإنها شفاءٌ ، وسَمْنُها دَواءٌ ، ولُحومُها داء )، رواه عن أحمد بن الحسن الترمذى ، حدَّثنا محمد ابن موسى النسائى ، حدَّثنا دَفَّاع ابن دَغْفَلٍ السَّدوسى ، عن عبد الحميد بن صَيفى بن صُهيب ، عن أبيه ، عن جده ، ولا يثبت ما في هذا الإسناد " انتهى.
" زاد المعاد " (4/324-325)
(منقول)
الكلام على متتن الحديث:
سئل الشيخ العثيمين:
السؤال : فضيلة الشيخ هذا المستمع من المملكة الأردنية الهاشمية قاسم من دير خليفة يقول فضيلة الشيخ أرجو منكم أن تبينوا لنا الحكم الشرعي في
هل شحوم البقر والغنم محرمة على الإنسان بالرغم أن كثيراً من الناس تأكل هذه الشحوم أرجو من فضيلة الشيخ بيان ذلك بالتفصيل مأجورين ؟
الحمد لله رب العالمين وأصلى وأسلم على نبينا محمدٍ خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين شحوم البقر
والغنم ولحومها كله حلال لقول الله تبارك وتعالى :
( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم )
ويعني بما يتلى علينا قوله تعالى :
( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة
وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب )
ولا فرق بين لحومها وشحومها لأن الشريعة الإسلامية ولله الحمد شريعةً مضطردة لا تنتقض ولم يحرم الله عز وجل
جزءاً من حيوان دون جزء بل الحيوان إما حلالٌ كله وإما حرامٌ كله بخلاف بني إسرائيل فإن الله تعالى قال في حقهم :
( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما
أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون )
وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من حرم شيئاً مما أحله من بهيمة الأنعام أو غيرها فقال الله تبارك وتعالى :
( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم )
وقال تعالى :
( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة )
وبهذا عرف أن الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن لحم البقر داءٌ ولبنها شفاء حديثٌ باطل لا صحة له
لأنه لا يمكن أن يحل الله لعباده ما كان داءً ضاراً بهم بل قاعدة
الشريعة الإسلامية أن ما كان ضاراً فإنه محرم لا يحل للمسلمين تناوله لقول الله تبارك وتعالى :
( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال :
( لا ضرر ولا ضرار) .
*****
العلامة الفقيه / محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى
من هنا:
وجاءه سؤال للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى عن هذا الحديث في لقاءات الباب المفتوح اللقاء رقم 182 هذا نصه ونص الجواب
السؤال: في حديث لحوم البقر الذي جاء في آخره: أن لحمه داء. بعض العلماء المعاصرين صححه، فكيف الجمع بين تصحيحهم وبين تضعيف بعض علماء السلف ؟ الجواب: لا يحتاج هذا إلى جمع، أتظن أن ربك سبحانه وتعالى يبيح لك ما فيه ضررك؟ لا يمكن، إذا كان أباح لحم البقر بنص القرآن، كيف يقال: إن لحمها داء؟!! إذا كان الحديث الشاذ المخالف للأرجح منه في الرواية يرد، فالحديث المخالف للقرآن يجب رده. ولهذا نقول: من صححه من المتأخرين وإن كان على جانب كبير من علم الحديث فهذا غلط، يعتبر تصحيحه غلطاً، والإنسان يجب ألا ينظر إلى مجرد السند بل عليه أن ينظر إلى السند والمتن، ولهذا قال العلماء في شرط الصحيح والحسن: يشترط ألا يكون معللاً ولا شاذاً. لكن إذا تأملت أخطاء العلماء رحمهم الله ووفق الأحياء منهم علمت بأنه لا معصوم إلا الرسول عليه الصلاة والسلام، كل إنسان معرض للخطأ؛ إما أن يكون خطأً يسيراً أو خطأ فادحاً، أنا أرى أن هذا من الخطأ الفادح، أن يقول: إن لحمها داء ولبنها شفاء أو دواء. كيف؟ سبحان الله!! احكم على هذا الحديث بالضعف ولا تبالي.
الخلاصة:
أولا—حل لحوم بهيمة الأنعام ثابت بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ففي القرآن الكريم قول الله تعالى: "أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم" الآية، وقوله تعالى: "وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، وقوله تعالى: "ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، ثمانية أزواج"، إلى أن قال: "ومن الإبل اثنين ومن البقر إثنين، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين" الآيات. ومر مععنا تضحية النبي صلى الله عليه وسلم بالبقر. وكان إكرام خليل الله إبراهيم عليه السلام بلحم البقر بلحم عجل جاء وصفه بأنه سمين وحين جاء به إلى ضيفه جاء به حنيذا. قال ابن كثير رحمه الله: (وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة ; فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة ، ولم يمتن عليهم أولا فقال : " نأتيكم بطعام ؟ " بل جاء به بسرعة وخفاء ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله ، وهو عجل فتي سمين مشوي ، فقربه إليهم ، لم يضعه ، وقال : اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ، ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم ، بل قال : ( ألا تأكلون ) على سبيل العرض والتلطف ، كما يقول القائل اليوم : إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق ، فافعل ). فذكر الله سبحانه وتعالى إكرام إبراهيم لضيفه بالعجل في سياق الثناء فكيف يثنى على من يكرم ضيفه بما فيه دااء؟! وكيف يحل لعباده ويرضى لنبيه صلى الله عليه وسلم التضحية عن أزواجه وشرع الله له وللأمة إطعام الفقراء منه بما فيه داء؟! وهو القائل عز من قائل: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" والقائل: "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه"؟! وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأكل من لحم الضب مع نصه عليه بأنه حلال لأنه ليس بأرض قومه فكيف ينحر عن أهله قربة يأكلون منها ويطعمون ما فيه داء؟!
ثانيا—طرق الزيادة المتقدمة, "ولحمها داء" أثبتها بعض الرواة ولم يثبتها آخرون، فكيف يصار إلى إثبات حكم من طرق لا تخلو كل طريق بانفرادها من كلام بعضه في إثبات صحبة من عدمها, حتى إن بعض الأئمة أوردوها في المراسيل، والطرق الجابرة له منها ما فيه أكثر من علة, كاجتماع علت الاختلاط وعلة من لم يتيقن سماعه، ومنها ما فيه متهم بالكذب.
ثالثا—الرواية جاءت بوصف اللحم بأنه داء, فمن أين يستفاد تحديد الداء بالإكثار ولم ينص عليه؟ وقيد الكثرة من المطعومات عامة جاء النص عليه كما في حديث: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"، وكحديث: "المء=ؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء"، وكالأحاديث التي فيها ذم السمن والبطنة، مع جواز الشبع أحيانا كما في حديث أبي هريرة: "لا أجد له مسلكا".
رابعا—جزى الله علماءنا الأفاضل الذين خدموا السنة وكلهم مأجور وهم من أخذوا بأيدينا بعد الله عز وجل فعلمونا المنهج القويم، رحم الله متوفاهم وحفظ حيهم، وبارك الله فيهم وفي علمهم.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
قال أبو نعيم في الطب النبوي :
حَدَّثَنا محمد بن جرير حَدَّثَنا أحمد بن الحسن الترمذي عَن موسى بن محمد النسائي حَدَّثَنا دفاع بن دغفل السدوسي عَن عَبد الحميد بن صيفي بن صهيب عَن أبيه عَن جَدِّه صهيب الخير قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم : عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء .
و قال: حَدَّثَنا ابن زهير قال : حَدَّثَنا عُمَر بن الخطاب قال : حَدَّثَنا سيف الجرمي قال : حَدَّثَنا المسعودي عَن الحسن بن سعد عَن عَبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عَن عَبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم : عليكم بألبان البقر فإنها دواء وأسمانها فإنها شفاء وإياكم ولحومها فإن لحومها داء .
وقد روى أبو داود في المراسيل من طريق ابْنُ نُفَيْلٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو أَنَّهَا وُصِفَتْ لَهَا سَمْنُ بَقَرٍ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِحَلْقِهَا وَقَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْبَانُهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمُهَا دَاءٌ» .
وقال الإمام البيهقي كما في الكبرى :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ ثنا أَبُو النَّضْرِ ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو الْجُعْفِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا : عَلَيْكَ بِسَمْنِ الْبَقَرِ مِنَ الذِّبْحَةِ أَوْ مِنَ الْقَرْحَتَيْنِ , فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَلْبَانَهَا أَوْ لَبَنَهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنَهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمَهَا أَوْ لُحُومَهَا دَاءٌ " .
وقال في شعب الإيمان :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثَنَا أَبُو النَّصْرِ، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، عَنْ مُلَيْكَةَ بِنْتِ عَمْرٍو الْجُعْفِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: عَلَيْكِ بِسَمْنِ الْبَقَرَةِ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَمِنَ الْقَرْحَتَيْنِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَلْبَانَهَا أَوْ لَبَنَهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنَهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمَهَا أَوْ لُحُومَهَا دَاءٌ " .
فجعله مرة عن أم المؤمنين رضي الله عنها و مرة عن مليكة ـ على خلاف بصحبتها رحمها الله ـ .
و قد ذكر أبو الجعد في مسنده : أَنَا زُهَيْرٌ عَنِ امْرَأَتِهِ ـ وَذَكَرَ أَنَّهَا صَدُوقَةٌ ـ أَنَّهَا سَمِعَتْ مُلَيْكَةَ بِنْتَ عَمْرٍو، وَذَكَرَ، أَنَّهَا رَدَّتِ الْغَنَمَ عَلَى أَهْلِهَا فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا وَصَفَتْ لَهَا مِنْ وَجَعٍ بِهَا سَمْنُ بَقَرٍ وَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلْبَانُهَا شِفَاءٌ، وَسَمْنُهَا دَوَاءٌ، وَلَحْمُهَا دَاءٌ» .
واستفدنا من هذه الرواية توثيق زهير لإمرأته .
حديث لحوم البقر [الأرشيف] - منتديات الإمام الذهبي العلمية
تصحيح الحديث:
1943 - " عليكم بألبان البقر ، فإنها ترم من كل شجر ، و هو شفاء من كل داء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 582 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 403 ) من طريق إسرائيل عن الركين بن الربيع عن قيس بن مسلم
عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح
الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قد تابعه شعبة عن الركين لكن في الطريق إليه من
في حفظه ضعف و هو الرقاشي كما سبق في " ما أنزل الله من داء " ( رقم - 518 ) .
و بالجملة فالحديث صحيح بهذين الطريقين عن ركين . و له طريق أخرى عن ابن مسعود
بزيادة فيه بلفظ : " عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها ، فإن
ألبانها و سمنانها دواء و شفاء و لحومها داء " . أخرجه الحاكم ( 4 / 404 ) من
طريق سيف بن مسكين حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن
عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح
الإسناد " . و تعقبه الذهبي في " التلخيص " بقوله : " قلت : سيف وهاه ابن حبان
" و قال في " الميزان " : " شيخ يأتي بالمقلوبات و الأشياء الموضوعة ، قاله ابن
حبان " .
قلت : و له علتان أخريان : اختلاط المسعودي ، و مظنة الانقطاع بين عبد الرحمن
ابن عبد الله بن مسعود و أبيه . قال يعقوب بن شيبة : ثقة مقل ، تكلموا في
روايته عن أبيه لصغره . و قال ابن معين : سمع من أبيه ، و قال مرة : لم يسمع
منه " . كذا في " الميزان " . و في " التقريب " : ثقة من صغار الثانية ، و قد
سمع من أبيه لكن شيئا يسيرا " . فالحديث بهذه الزيادة ضعيف الإسناد . لكن يأتي
ما يقويه قريبا . و أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 27 / 1 ) من طريق عبد
الرزاق عن الثوري و من طريق المسعودي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابن
مسعود موقوفا عليه باللفظ الأول دون ذكر الشفاء . و أخرجه الفاكهي في " حديثه "
( 27 / 10 ) عن المسعودي به لكن رفعه . و كذلك أخرجه أبو إسحاق الحربي في "
غريب الحديث " ( 5 / 15 / 1 ) . و كذلك أخرجه البغوي في " حديث علي بن الجعد "
( 9 / 79 / 1 ) و الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 84 / 2 ) و ابن عساكر في "
تاريخ دمشق " ( 8 / 242 / 2 ) من طرق عن قيس بن مسلم مرفوعا به . ثم أخرجه
البغوي و ابن عساكر و كذا عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 65 / 2 ) من
طريق أخرى عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب مرفوعا مرسلا لم يذكر ابن مسعود ،
قال ابن عساكر : " المحفوظ الموصول " .
قلت : و هذا ما كنت رجحته فيما تقدم تحت هذا الحديث بلفظ آخر ( رقم - 518 ) .
و من هذا التخريج يتبين أن الحديث مرفوعا صحيح الإسناد ، لاتفاق جماعة من
الثقات على روايته عن قيس بن مسلم عن طارق عن ابن مسعود مرفوعا باللفظ الأول .
و هذا سند صحيح على شرط الشيخين . و أما الزيادة فهي و إن كانت ضعيفة الإسناد ،
فقد مضى لها شاهد من حديث مليكة بنت عمرو مرفوعا نحوه ، فراجعه برقم ( 1533 ) .
و لها شاهد آخر دون ذكر اللحم و لفظه : " عليكم بألبان البقر فإنه شفاء و سمنها
دواء " . رواه أبو نعيم في " الطب " كما في " الجزء المنتقى منه " ( 81 - 82 )
عن دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب
الخير مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد ، و هو على شرط ابن حبان ، فإنه وثق
جميع رجاله ، و في بعضهم خلاف .
( تنبيه ) زاد ابن عساكر وحده في روايته زيادة أخرى منكرة ، فقال : " عليكم
بألبان الإبل و البقر ... " . فزاد لفظة " الإبل " ، و لم ترد في شيء من طرق
الحديث و شواهده مطلقا - فيما علمت - فهي زيادة باطلة . و يؤكد ذلك أن ابن
عساكر رواها من طريق البغوي أخبرنا محمد بن بكار أخبرنا قيس بن مسلم به .
و البغوي نفسه أخرجه في المصدر السابق بهذا الإسناد عينه دون الزيادة ، فثبت
بطلانها ، و كنت أود أن أقول : لعلها زيادة من بعض النساخ و لكني وجدت السيوطي
قد أورد الحديث بهذه الزيادة في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر ، فعلمت
أنها ثابتة عنده ، فهو وهم من بعض رواته بينه و بين البغوي . و الله أعلم .
1533 - " ألبانها شفاء و سمنها دواء و لحومها داء . يعني البقر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 46 :
رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " ( 11 / 122 / 1 ) عن زهير ( يعني ابن
معاوية ) عن امرأته - و ذكر أنها صدوقة - أنها سمعت مليكة بنت عمر - و ذكر
أنها ردت الغنم على أهلها في إمرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه - أنه وضعت لها
من وجع بها سمن بقر ، و قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى ، و قد أخرجه أبو داود في " المراسيل
" و الطبراني في " الكبير " و ابن منده في " المعرفة " و أبو نعيم في " الطب "
بنحوه كما في " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدق
و أنها امرأته ، و ذكر أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،
و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر
و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها
داء " أخرجه الحاكم و تساهل في تصحيحه له كما بسطته مع بقية طرقه في بعض
الأجوبة ، و قد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ، و كأنه لبيان
الجواز ، أو لعدم تيسر غيره ، و إلا فهو لا يتقرب إلى الله تعالى بالداء ، على
أن الحليمي قال كما أسلفته في " عليكم " : إنه صلى الله عليه وسلم قال في البقر
كذلك ليبس الحجاز و يبوسة لحم البقر منه و رطوبة ألبانها و سمنها و استحسن هذا
التأويل . و الله أعلم " .
قلت : و حديث ابن مسعود شاهد قوي لحديث الترجمة و سيأتي تخريجه برقم ( 1949 ) .
و مضى الكلام على الطرق المتعلقة بألبان البقر برقم ( 518 ) و سيأتي تحت الحديث
( 1650 ) .
كيف نجمع بين حديث(إن لحوم البقر داء ...) وبين تضحيته صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر؟...الألباني
سئل الشيخ الالباني - رحمه الله - في سلسلة الهدى والنور شريط رقم (389) :
السائل : ألبان البقر دواء، ولحومها داء، فكيف التوفيق بينه وبين كون البقر يجوز أن يكون هديا، لأن الشريعة لا يمكن أن تكون يهدى بضار ؟.
الشيخ : (( نعم؛ لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أنه ضحى لنسائه بالبقر، وصح أيضا أمره - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره بسمنان البقر ونهيه عن لحومها، فإن سمنانها دواء ولحومها داء، لقد وفق العلماء بين هذا الحديث وبين حديث تضحيته - صلى الله عليه وآله وسلم - بالبقر عن نسائه أن المقصود حينما نهى عن لحوم البقر إنما هو الإكثار منها، أما إذا أكل منها احيانا فلا ضير في ذلك ولا ضرر، وهو بلا شك جائز لأن المقصود بالنهي عن لحوم البقر إنما هو الإكثار منها والإستعاضة بها عن لحوم الغنم والمعز والإبل. هذا هو جواب العلماء )) .
تضعيف الحديث:
تراجم الأسانيد :
الإسناد الأول :
دفاع بن دغفل القيسى ، و يقال السدوسى ، أبو روح البصرى لم يروي له من الستة إلا ابن ماجه حديث الخضاب بالسواد .
ولم يوثقه أحد و ذكره في الطبقة الرابعة من الثقات ابن حبان ، و ضعفه أبو حاتم ، وذكره في الضعفاء أبن الجوزي و الذهبي و ضعفه ابن حجر .
وترجمة عَبد الحميد بن صيفي و صيفي بن صهيب مقاربة لترجمة دفاع .
و لم أرى يروى لهم إلا بهذا السند عن صهيب الخير رضي الله عنه ، و حديث حب صهيب رضي الله عنه لصيفي .
فيبقى جملة السند في حساب المستشهد بهم إذا و جد إسناد يقبل التحسين بأقل الأسانيد اعتبار .
الإسناد الثاني :
مليكة بنت عمرو الزيدية السعدية : مختلف في صحبتها ، و ممن جعلها تابعية أبو داود ، و من ذكرها في عداد الصحابة رضوان الله عليهم أستشهد بهذا الحديث ، و لا ذكر لها إلا به .
و التي روت هذا الأثر عنها امرأة أبي خيثمة ، و لم يروى لها إلا هذا الحديث ، و لم يروي عنها إلا أبو خيثمة و لم يوثقها أحد إلا هو كما في رواية الجعد ـ لم يرو التوثيق غيره فيما رأيت ـ فتبقى في عداد المجاهيل ، و لا تثبت صحبة مليكة بخبر مجهولة ، فتضاف علة الإرسال ـ كما هو ترجيح أبو داود ـ و لم أرى من أثبت صحبتها جزماً ، و قد قال ابن حجر : يقال : لها صحبة ـ بالتمريض ـ .
فلا احتفال بهذا السند لا بمتابعات و لا شواهد و الله أعلم .
الإسناد الثالث :
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفى ، المسعودى اختلط بآخرة فمن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط .
و لم يسمع عبد الرحمن من و الده عبد الله رضي الله عنه إلا حديث أو حديثين ، و لم يثبت السماع بالكامل جمهور الحفاظ .
و لكن الراوي عن المسعودي سيف بن مسكين واه لا يعتد به ، فيترك هذا الأثر و لا يحتج به و خصوصاً لما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه : قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء ذكر ألبان البقر فأمر بها وقال إنها دواء من كل داء . أ هـ .
و لم يذكر الحم .
حديث لحوم البقر [الأرشيف] - منتديات الإمام الذهبي العلمية
قال الطبراني في الكبير 79 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير حدثتني امرأة من أهلي عن مليكة بنت عمرو الزيدية من ولد زيد الله بن سعد قالت : اشتيكت وجعا في حلقي فأتيتها فوضعت لي سمن بقرة قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ألبانها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء )
أقول : مليكة بن عمرو مختلف في صحبتها ، ورجح أبو داود عدم صحبتها ، وتلك المرأة المبهمة إذا كانت من طبقة زهير فلم تسمع أحداً من الصحابة
قال السخاوي في المقاصد :" " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدقو أنها امرأته ، و ذكر أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها داء "
أقول : فإذا كانت امرأته فهي من طبقته ، وهذا يدل على أن مليكة ليست صحابية فلو كانت صحابية ما تمكنت امرأة زهير من سماعها ، فالخبر مرسل كما رجح أبو داود
وقال الحاكم 8232 - حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ثنا معاذ بن المثنى العنبري ثنا سيف بن مسكين ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها فإن ألبانها و سمنهانها دواء و شفاء و لحومها داء
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه
قال الذهبي في الميزان :" 3640 - سيف بن مسكين . عن سعيد بن أبى عروبة ، شيخ بصرى ، يأتي بالمقلوبات والاشياء الموضوعة"
أقول : فهو ضعيف جداً فلا يصلح في الشواهد
وقد ورد من غير هذه الزيادة ( ولحمها داء ) من طريق أخرى
قال الحربي في غريب الحديث 80 - حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا محمد بن سعد ، وحدثنا يحيى ، حدثنا ابن المبارك ، عن المسعودي ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه قال : « عليكم بألبان البقر ، فإنها ترتم من كل الشجر »
فانفراد سيف بتلك الزيادة من دون ابن المبارك يدل على نكارتها
وقال الحاكم في المستدرك 7425- فَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَا ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، أَنْبَأَ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً إِلاَّ الْهَرَمَ فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ شَجَرٍ.
فهذا جعفر بن عون رواه بدون هذه الزيادة ، وكذا رواه الطاليسي في مسنده بدون هذه الزيادة وغيرهم
وقد روى غير المسعودي هذا الخبر عن قيس وأسقط ذكر عبد الله
ومتن هذا الحديث منكر
قال الزركشي في اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة ص148:" قلت بل هو منقطع وفي صحته نظر فإن في الصحيح ان النبي ضحى عن نسائه بالبقر وهو لا يتقرب بالداء"
الكلام على زيادة ( ولحومها داء )
زيادة بيان:
أولا : عن مليكة بنت عمرو الجعفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ألبانها شفاء – يعني البقر - ، وسمنها دواء ، ولحمها داء )
رواه علي بن الجعد في " مسنده " (ص/393)، وأبو داود في " المراسيل " (ص/316)، والطبراني في " المعجم الكبير " (25/42)، ومن طريقه أبو نعيم في " معجم الصحابة " (رقم/7850)، ورواه البيهقي في " السنن الكبرى " (9/345) وفي " شعب الإيمان " (5/103)
جميعهم من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة ، عن امرأته وذكر أنها صدوقة ، وأنها سمعت مليكة بنت عمرو ، وذكرت الحديث .
هذا لفظ علي بن الجعد ، وهو أعلى مَن أسند الحديث ، وأما غيره فقالوا : عن امرأة من أهله – يعني زهير بن معاوية -.
وهذا إسناد ضعيف ، ومليكة بنت عمرو الزيدية السعدية مختلف في صحبتها ، ورواية أبي داود لحديثها في كتابه " المراسيل " دليل على أنه لا يرى صحبتها ، وإن كان جزم بصحبتها آخرون ، ولكن التحقيق يقتضي أنه لا سبيل إلى الجزم بذلك ، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في " تقريب التهذيب " (753): يقال لها صحبة ، ويقال : تابعية . ولم يجزم فيها بشيء ، فيبقى في الأمر احتمال قائم ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال . وانظر ترجمتها في " الإصابة " (8/122)
لذلك ضعف هذا السند السخاوي في " الأجوبة المرضية " (1/21) ، والمناوي في "فيض القدير" (2/196) ، والعجلوني في " كشف الخفاء " (2/182) .
ثانيا : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( عليكم بألبان البقر وسمنانها ، وإياكم ولحومها ، فإن ألبانها وسمنانها دواء وشفاء ، ولحومها داء)
رواه الحاكم في " المستدرك " (4/44 ، وعزاه السيوطي (5557) أيضا لابن السني وأبي نعيم كلاهما في " الطب ".
قال الحاكم : حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا معاذ بن المثنى العنبري ، ثنا سيف بن مسكين ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلنا : وهذا إسناد ضعيف جدا ، فيه عدة علل :
1- سيف بن مسكين : قال ابن حبان رحمه الله : " يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعات ، لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات على قلتها " انتهى. " المجروحين " (1/347)
2- الاختلاف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه . انظر " تهذيب التهذيب " (6/216)
3- اختلاط عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي . انظر " تهذيب التهذيب " (6/211)
ولذلك كله حكم العلماء بتساهل الحاكم حين قال في الحديث :
" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى.
والصواب مع تعقب الذهبي له بقوله :
" سيف : وهَّاه ابن حبان " انتهى.
وقال الزركشي :
" هو منقطع ، وفي صحته نظر ، فإن في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر ، وهو لا يتقرب بالداء " انتهى.
" التذكرة في الأحاديث المشتهرة " (ص/14
وقال السخاوي :
" ضعيف منقطع " انتهى.
" الأجوبة المرضية " (1/23)
وقال الحافظ ابن حجر :
" روي بأسانيد ضعيفة " انتهى.
" أسئلة وأجوبة " (ص/61) .
ثالثا : روى ابن عدي في " الكامل " (7/29 وغيره الحديث من مسند ابن عباس رضي الله عنهما ، وفي سنده محمد بن زياد الطحان متهم بالكذب ، فلا يستشهد به .
رابعا : روى ابن السني ، وأبو نعيم ، الحديثَ عن صهيب الرومي رضي الله عنه ، عزاه السيوطي إليهما .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" روى محمد بن جرير الطبرى بإسناده ، من حديث صُهيب يرفعُه : ( عليكم بألبان البقَرِ ، فإنها شفاءٌ ، وسَمْنُها دَواءٌ ، ولُحومُها داء )، رواه عن أحمد بن الحسن الترمذى ، حدَّثنا محمد ابن موسى النسائى ، حدَّثنا دَفَّاع ابن دَغْفَلٍ السَّدوسى ، عن عبد الحميد بن صَيفى بن صُهيب ، عن أبيه ، عن جده ، ولا يثبت ما في هذا الإسناد " انتهى.
" زاد المعاد " (4/324-325)
(منقول)
الكلام على متتن الحديث:
سئل الشيخ العثيمين:
السؤال : فضيلة الشيخ هذا المستمع من المملكة الأردنية الهاشمية قاسم من دير خليفة يقول فضيلة الشيخ أرجو منكم أن تبينوا لنا الحكم الشرعي في
هل شحوم البقر والغنم محرمة على الإنسان بالرغم أن كثيراً من الناس تأكل هذه الشحوم أرجو من فضيلة الشيخ بيان ذلك بالتفصيل مأجورين ؟
الحمد لله رب العالمين وأصلى وأسلم على نبينا محمدٍ خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين شحوم البقر
والغنم ولحومها كله حلال لقول الله تبارك وتعالى :
( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم )
ويعني بما يتلى علينا قوله تعالى :
( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة
وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب )
ولا فرق بين لحومها وشحومها لأن الشريعة الإسلامية ولله الحمد شريعةً مضطردة لا تنتقض ولم يحرم الله عز وجل
جزءاً من حيوان دون جزء بل الحيوان إما حلالٌ كله وإما حرامٌ كله بخلاف بني إسرائيل فإن الله تعالى قال في حقهم :
( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما
أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون )
وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من حرم شيئاً مما أحله من بهيمة الأنعام أو غيرها فقال الله تبارك وتعالى :
( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم )
وقال تعالى :
( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة )
وبهذا عرف أن الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن لحم البقر داءٌ ولبنها شفاء حديثٌ باطل لا صحة له
لأنه لا يمكن أن يحل الله لعباده ما كان داءً ضاراً بهم بل قاعدة
الشريعة الإسلامية أن ما كان ضاراً فإنه محرم لا يحل للمسلمين تناوله لقول الله تبارك وتعالى :
( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال :
( لا ضرر ولا ضرار) .
*****
العلامة الفقيه / محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى
من هنا:
وجاءه سؤال للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى عن هذا الحديث في لقاءات الباب المفتوح اللقاء رقم 182 هذا نصه ونص الجواب
السؤال: في حديث لحوم البقر الذي جاء في آخره: أن لحمه داء. بعض العلماء المعاصرين صححه، فكيف الجمع بين تصحيحهم وبين تضعيف بعض علماء السلف ؟ الجواب: لا يحتاج هذا إلى جمع، أتظن أن ربك سبحانه وتعالى يبيح لك ما فيه ضررك؟ لا يمكن، إذا كان أباح لحم البقر بنص القرآن، كيف يقال: إن لحمها داء؟!! إذا كان الحديث الشاذ المخالف للأرجح منه في الرواية يرد، فالحديث المخالف للقرآن يجب رده. ولهذا نقول: من صححه من المتأخرين وإن كان على جانب كبير من علم الحديث فهذا غلط، يعتبر تصحيحه غلطاً، والإنسان يجب ألا ينظر إلى مجرد السند بل عليه أن ينظر إلى السند والمتن، ولهذا قال العلماء في شرط الصحيح والحسن: يشترط ألا يكون معللاً ولا شاذاً. لكن إذا تأملت أخطاء العلماء رحمهم الله ووفق الأحياء منهم علمت بأنه لا معصوم إلا الرسول عليه الصلاة والسلام، كل إنسان معرض للخطأ؛ إما أن يكون خطأً يسيراً أو خطأ فادحاً، أنا أرى أن هذا من الخطأ الفادح، أن يقول: إن لحمها داء ولبنها شفاء أو دواء. كيف؟ سبحان الله!! احكم على هذا الحديث بالضعف ولا تبالي.
الخلاصة:
أولا—حل لحوم بهيمة الأنعام ثابت بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ففي القرآن الكريم قول الله تعالى: "أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم" الآية، وقوله تعالى: "وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم"، وقوله تعالى: "ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، ثمانية أزواج"، إلى أن قال: "ومن الإبل اثنين ومن البقر إثنين، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين" الآيات. ومر مععنا تضحية النبي صلى الله عليه وسلم بالبقر. وكان إكرام خليل الله إبراهيم عليه السلام بلحم البقر بلحم عجل جاء وصفه بأنه سمين وحين جاء به إلى ضيفه جاء به حنيذا. قال ابن كثير رحمه الله: (وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة ; فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة ، ولم يمتن عليهم أولا فقال : " نأتيكم بطعام ؟ " بل جاء به بسرعة وخفاء ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله ، وهو عجل فتي سمين مشوي ، فقربه إليهم ، لم يضعه ، وقال : اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ، ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم ، بل قال : ( ألا تأكلون ) على سبيل العرض والتلطف ، كما يقول القائل اليوم : إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق ، فافعل ). فذكر الله سبحانه وتعالى إكرام إبراهيم لضيفه بالعجل في سياق الثناء فكيف يثنى على من يكرم ضيفه بما فيه دااء؟! وكيف يحل لعباده ويرضى لنبيه صلى الله عليه وسلم التضحية عن أزواجه وشرع الله له وللأمة إطعام الفقراء منه بما فيه داء؟! وهو القائل عز من قائل: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" والقائل: "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه"؟! وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأكل من لحم الضب مع نصه عليه بأنه حلال لأنه ليس بأرض قومه فكيف ينحر عن أهله قربة يأكلون منها ويطعمون ما فيه داء؟!
ثانيا—طرق الزيادة المتقدمة, "ولحمها داء" أثبتها بعض الرواة ولم يثبتها آخرون، فكيف يصار إلى إثبات حكم من طرق لا تخلو كل طريق بانفرادها من كلام بعضه في إثبات صحبة من عدمها, حتى إن بعض الأئمة أوردوها في المراسيل، والطرق الجابرة له منها ما فيه أكثر من علة, كاجتماع علت الاختلاط وعلة من لم يتيقن سماعه، ومنها ما فيه متهم بالكذب.
ثالثا—الرواية جاءت بوصف اللحم بأنه داء, فمن أين يستفاد تحديد الداء بالإكثار ولم ينص عليه؟ وقيد الكثرة من المطعومات عامة جاء النص عليه كما في حديث: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"، وكحديث: "المء=ؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء"، وكالأحاديث التي فيها ذم السمن والبطنة، مع جواز الشبع أحيانا كما في حديث أبي هريرة: "لا أجد له مسلكا".
رابعا—جزى الله علماءنا الأفاضل الذين خدموا السنة وكلهم مأجور وهم من أخذوا بأيدينا بعد الله عز وجل فعلمونا المنهج القويم، رحم الله متوفاهم وحفظ حيهم، وبارك الله فيهم وفي علمهم.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.