س: هل حفظ الله للسنة ينفي الوهم في روايتها ؟
لكن الله سبحانه وتعالى يهيئ من يبيّن هذا الوهم الذي نسب الحديث إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيُبيِّنون وهْمَهُ، هل وجدت كلام أحد عُني بهذه العناية؟!
أحيانا ينكر أهل الأهواء أخبار الآحاد الصحيحة الثابتة عن النبي ﷺ من طريق العُدول، يجعلونها مثل أخبار الناس العاديين.
نقول: هُناك فرق، هذا كلام الرسول ﷺ الله وعد بحفظه؛ لأنه يطلب من الناس أن يصدقوا هذا الرّسول في أخباره، ويطلب منهم أن يتبعوه في أقواله، في العقائد، وفي الحلال والحرام والأحكام، فهل يتعبدهم بالباطل و الخطأ والضلال؟! تعالى الله عن ذلك.
إذن حفظ هذا الدين، فلا نتعبد الله في حلال في حرام في عبادة في شيء إلا وقد ثبتت عن النبي فعلا، وأحاطتها عناية الله. ولا نعتقد عقيدة جاءت عن طريق الأحاديث المُتواترة أو الآحاد وقد حفّتها عناية الله فهي حق وصدق نصدق بها، تعلقت بصفات الله، تعلقت بالجنة، بالنار، بالصراط، بالشفاعة، بأي أمر غيبي هي حق وصدق نؤمن بها، ونصدقها.
وإذا كانت في العمليّات والأحكام فنعمل بها؛ لأنها حق. فالله يستحيل عليه ويتنزه أن يكلفنا بعقائد لم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أو يُكلّفنا بعبادات أو في الحلال والحرام نحلل ونحرم وهو يقول: ((وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ))، يقول هذا ويتوعد هذا الوعيد ثم تأتي أحاديث كثيرة عن النبي ﷺ من طريق الآحاد نحلل بها الفروج، ونبيح بها الدماء، وإلى آخره.
وهل تكون هذه الأحاديث ظنونا وأوهاما تحتمل الصدق وتحتمل الكذب تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرا، ومصداق ذلك ما قلنا لكم إن الله قد حاطها بالعناية الكبيرة، فلا يخطئ أحد على رسول الله إلاّ و بُيّن خطؤه.
كتاب: "عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للإمام البربهاري"
للشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- (ص 417)