قــــــــــال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
" لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، فقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر ".
قال الشيخ ربيع -حفظه الله- :
قول هذا الأثر عن عمر -رضي الله عنه- لم يسق له المؤلف إسنادا ،وقد أورده أبو القاسم التيمي في كتاب الحجة في بيان المحجة (2/444) برقم (460) بقوله:
(وروي عن عمر رضي الله عنه ) هكذا , بدون إسناد.
وأخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى(1/322)بإسناده إلى الأوزاعي، أنه بلغه أنّ عمر بن الخطاب قال : به , وهو إسناد منقطع.
وعلى كلٍ فهذا الأثر لم يثبت عن عمر – رضي الله عنه – كما ترى.
فإن ثبت عنه، فيحمل على المُعرض الذي لا يريد أن يعلم الحق من الباطل والهدى من الضلال.
و أما من يريد الحق و يحبه فيقع في الضلال فإن كان من المُجتهدين و بذل أقصى جهده للوصول إلى الحق فلم يهتد إليه فهذا يصدق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران و إذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر . و هذا الأجر الواحد للمجتهد المخطئ هو مقابل إجتهاده و يعذره الله في خطئه و قد علّم الله عباده أن يدعوه فيقولوا : (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) و قال كما في الحديث الصحيح : قد فعلت . و إن كان جاهلا و هو يحب الحق و يُريده و لكن لم يجد من يدله على الحق و لم يهتد إليه بنفسه كحديث العهد بالإسلام أو من ينشأ في بادية بعيدة عن أهل العلم فهذا يعذره الله لجهله كما قرر ذلك العلماء و الله يقول : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .
و هذا الجاهل المحب للحق لا ينطبق عليه هذا الذم و الوعيد و إنما ينطبق على من لا يريد الحق و يتبع هواه .
(عون الباري بيان ماتضمنه شرح السنة للبربهاري ) (م1/ص59-61).