بسم الله الرحمن الرحيم
مستفاد من: شرح كتاب الجامع من بلوغ المرام - الدرس 02
للشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
الدعاء هو الجزاء وتنبيه على عبارة ( أنا عاجز عن الشكر )
((فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا, فَادْعُوا لَهُ)) إذا أحسن إليك محسن فإنك إذا لم تستطع فالدعاء هو الجزاء، للأسف هنا كلمة دارجة اليوم ننبه عليها، يقول أنا عاجز عن الشكر هذا غير صحيح، لست عاجزًا عن الشكر، لو كنت عاجزًا عن الشكر أن ترد الإحسان بإحسان مثله مادي،
أنت لست عاجزًا عن الشكر ولله الحمد، الله قد جعل لك العوض على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- فأنت تدعو له وحينئذٍ تكون قد كافأته، ((فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا, فَادْعُوا لَهُ)) وجاء في اللفظ الآخر (( حتى تروا أنكم قد كافأتموه)) فكلمة أنا عاجز عن الشكر شيلها من القاموس، غير صحيحة، الله -جل وعلا- قد تصدق عليك باب عظيم إلا وهو باب الدعاء، فتكافؤه بالدعاء حتى تظن وترى نفسك أنك قد كافأتهُ،
فهذا هو الذي ندب إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا لاشك أن من باب البر إذا من أحسن إليك بالعطاء تحسن له أنت بالدعاء، تحسن إليه بالدعاء، ولربما استجاب الله -سبحانه وتعالى- منك دعوة يسعد بها ذلك المعطي سعادةً تعظم عطاؤهُ آلاف آلاف المرات.
مناسبة حديث قوله –عليه السلام- ((مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجره فَاعِلِهِ))
سبب هذا الحديث (( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّى أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِى -يعني انقطعت- فَقَالَ : مَا عِنْدِى -يعني ما عندي ما أحملك به، النبي-عليه الصلاة والسلام- قال: ما عندي- فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ))
النبي ما يجد ما يحمل عليه فهذا الصحابي قال للرسول-صلى الله عليه وسلم-: يارسول الله أنا أجد من يحمله، قال-عليه الصلاة والسلام-: ((مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ)) إذا حمله ذلك الإنسان كم له من الأجر؟ فأنت الذي دللته على هذا كأنك أنت الذي حملته،
انظر إلى هذا الأجر الكثير على العمل اليسير، ففي هذا الحديث دلالة على فضل الحث على الخير والدلالة على فعله أو من يقوم به، لاشك فإن الإنسان إذا لم يستطع أن يقوم بالعمل هو بنفسه يدل أخاه ويرشده إلى من يقوم به له، فحينئذ يشركه في الأجر، ففيه الحث على الدلالة على الخير وعلى النفع للناس ولا يحتقر ذلك الإنسان، يقول أنا ماعندي شيء ويسكت، لا ، أنا والله ما أستطيع لكن أدلك إن شاء الله على من ينفعك -بإذن الله- في هذا الباب اذهب إلى فلان، فلو يسّر الله أمره على يد فلان كأنما أنت الذي قضيت له حاجته، لأنه هو بدونك ما كان يعرف فلانا فتسببت فكنت مشاركًا في الأجر، فلا تحقرنّ الدلالة على الخير يا عبد الله.