( الدنيا كلها سبعة أيام من أيام الآخرة ، وذلك قول الله تعالى : (وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 101 : (موضوع)
أخرجه ابن شاهين في "رباعياته" (ق172/ 1) ، وأبو عبدالله الفلاكي في "الفوائد" (88/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (99) ، والديلمي من طريق أبي الشيخ (2/ 149) ؛ كلهم عن عمر بن يحيى بن نافع قال : حدثنا العلاء بن زيدل ، عن أنس مرفوعاً .
ثم ذكر حديثا موقوفا على ابن عباس صححه السيوطي، فعقب عليه الشيخ الألباني بمايلي:
ومن هذا التخريج يتبين أن تصحيح السيوطي لحديث ابن عباس هذا الموقوف غير صحيح أيضاً . والله المستعان .
ثم رجعت إلى رسالته العجيبة المسماة بـ "الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف" ، فالتقطت منها الفوائد الآتيه :
الأولى : أن حديث شقيق الزاهد المتقدم من رواية ابن عساكر هي من طريق أبي علي الحسين (الأصل : الحسن ! وهو خطأ) بن داود البلخي : حدثنا شقيق بن إبراهيم الزاهد ...
فأقول : إن البلخي هذا متهم بالوضع ؛ قال الخطيب في ترجمته من "تاريخ بغداد" (8/ 44) :
"لم يكن ثقة ؛ فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس ، أكثرها موضوع" . ثم ساق له حديثاً آخر وقال : "إنه موضوع ، رجاله كلهم ثقات ؛ سوى الحسين بن داود" .
وقال الحاكم في "التاريخ" : "روى عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم ؛ كمثل ابن المبارك وأبي بكر ابن عياش وغيرهما ، وله عندنا عجائب يستدل بها على حاله" .
الفائدة الثانية : أن حديث ليث المتقدم أيضاً من رواية الحكيم الترمذي هو من طريق معلى (الأصل : يعلى ! وهو خطأ أيضاً) بن هلال ، عن ليث ...
قلت : والمعلى هذا ؛ قال الحافظ في "التقريب" :"اتفق النقاد على تكذيبه" .
قلت : فسقط بهذا التحقيق صلاحية الاستشهاد بهذين الحديثين ، وأنهما موضوعان كحديث الترجمة ، فالعجب من السيوطي كيف استساغ الاستشهاد بهما ، وفي إسناديهما الكذابان المذكوران ، بل إنه طوى ذكرهما أصلاً في "اللآلي" ، وسكت عن بيان حالهما في "الكشف" !
الفائدة الثالثة : أن الواقع يشهد ببطلان هذه الأحاديث ؛ فإن السيوطي قرر في الرسالة المذكورة بناء عليها وعلى غيرها من الأحاديث والآثار - وجلها واهية - أن مدة هذه الأمة تزيد على ألف سنة ، ولا تبلغ الزيادة عليها خمس مئة سنة ، وأن الناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها مئة وعشرين سنة !
أقول : ونحن الآن في سنة (1391) ، فالباقي لتمام الخمس مائة إنما هو مئة سنة وتسع سنوات ، وعليه تكون الشمس قد طلعت من مغربها من قبل سنتنا هذه بإحدى عشرة سنة على تقرير السيوطي ، وهي لما تطلع بعد ! والله تعالى وحده هو الذي يعلم وقت طلوعها ، وكيف يمكن لإنسان أن يحدد مثل هذا الوقت المستلزم لتحديد وقت قيام الساعة ، وهو ينافي ما أخبر الله تعالى من أنها لا تأتي إلا بغتة ؛ كما في قوله عز وجل : (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي ، لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ، يسألونك كأنك حفي عنها ، قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون) [الأعراف : 187] .
ومع مخالفة هذه الأحاديث لهذه الآية وما في معناها ، فهي مخالفة أيضاً لما ثبت بالبحث العلمي في طبقات الأرض وآثار الإنسان فيها أن عمر الدنيا مقدر بالملايين من السنين ، وليس بالألوف !