صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل عن الفتاة الخثعمية
لا يدل قطعاً على أنها كانت مسفرةً عن وجهها
فضيلة الشيخ العلامة:
عطيـة محمـد سالـم -رحمه الله-
[من بلوغ المرام: كتاب الحج]
والذين قالوا: إن المرأة تكشف وجهها دائماً في إحرامها أخذوا من هذا الحديث *:
أنّ الفضل ينظر إليها وهي حسناء، وقالوا: لا يتأتى ذلك إلا إذا كانت مسفرةً عن وجهها،
ولكن فاتهم ما يوجد في الحديث: بأنه صلى الله عليه وسلم قال: (رأيتُ فتاة وشابا)،
فإن الفتاة ولو كانت مُخمِّرةً وجهها فإنها لقرب الحجاب من عينيها ترى الطريق، وترى من تلقاه من الرجال،
فكما يُخشى على الشاب من الفتاة، كذلك يُخشى على الفتاة من الشاب.
إذن؛ صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل عنها لا يدل قطعاً على أنها كانت مسفرةً عن وجهها،
بل يدل قطعاً بأنها لشبابها ولشباب الفضل يمكن أن تُفتَتن به،
ويتفق العلماء: على أن بني هاشم بصفة عامة كانوا من أجمل الناس؛ رجالاً ونساء،
وجاء في هذه القصة -بالذات- أنّ الفضل كان وسيما.
إذن؛ صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل لا يقتضي أن تكون الفتاة مُسفرةً وجهها،
ولا دليل فيه لمن يقول بذلك.
وقد قدَّمنا بأنّ حَجة النبي صلى الله عليه وسلم تأتي على كل شيء في الإسلام،
فهذه حادثة وقف عندها العلماء يبحثون سفور المرأة في الحج وعدم سفورها.
==================
* الحديث:
وعنهُ -ابن عبّاس- قال: "كانَ الفَضْلُ بنُ عَبّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا رديفَ رسولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فجاءَت امْرأَةٌ مِنْ خثَعَم فجعل الفَضْلُ ينظُرُ إليْها وتَنْظُرُ إليهِ وجعلَ النَّبيُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إلى الشِّقِّ الآخَر فَقَالت: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ فَرِيضَةَ الله عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أَدْركتْ أَبي شيخاً كبيراً لا يثبتُ عَلَى الرَّاحلة، أفأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". وَذَلِكَ في حَجّةِ الوَدَاع. مُتّفقٌ عَليْه وَاللَّفظُ للبُخَارِيِّ.