الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه .
أما بعد :
قال العلامة الألباني رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته :
والحديث الحسن لغيره وكذا الحسن لذاته من أدق علوم الحديث وأصعبها لأن مدارها على من اختلف فيه من العلماء من رواته ما بين موثق ومضعف فلا يتمكن من التوفيق بينها أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل ومارس ذلك علمياً مدة طـويلة من عمره مستفيداً من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد عارفاً بالمتشددين منهم والمتساهلين ومنهم وسط بينهم حتى لا يقع في الإفــــــــــــــــراط والتفـــــــــــــــــــريــــــــــــــــــــــــ ط وهذا أمر صـــــــعـــــــب قل من يصير ! له وينال ثمرته فلا جرم أن صار هذا العلم غـــــريــــــــــباً من العلماء والله يختص بفضله من يشاء .
الإرواء ( 3 / 363 ) .
وقال رحمه الله :
....فإنه والحالة هذه لا بد له من أن يتتبع طرقه وشواهده لعله يرتقي الحديث بها إلى مرتبة القوة وهذا ما يعرف في علم الحديث " بالحسن لغيره " أو "الصحيح لغيره " وهذا في الحقيقة من أصعـــــــب أنواع علوم الحديث وأشقـــــــــــــــها لأنه يتطلب سعة في الاطلاع على الأحاديث والأسانيد في بطون كتب الحديث مطبوعها ومخطوطها ومعرفة جيــــــــــــــــدة بعلل الحديث وتراجم رجاله أضف إلى ذلك دأباً وجلداً على البحث فلا جرم أنه تقاعس عن القيام بذلك جماهير المحدثين قديماً والمشتغلين به حديثاً وقليل ما هم .
الإرواء (1 / 11 ) .
والحديث الحسن هو الحديث الذي فيه ضعف ناتج عن خفة ضبط راويه فإنه لو لم يكن فيه ضعف لكان صحيحاً لما لا يخفى على العارفين بالفرق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن في علم المصطلح . 74 النصيحة .
قال الحافظ رحمه الله : وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته وتتفاوت رتبه بتفاوت هذه الأوصاف [ فإن خف الضبط فالحسن لذاته ] وبكثرة طرقه يصحح . النخبة مع النزهة 86
قال العلامة الألباني رحمه الله في حواشيه على النزهة :
هذا التعريف على إيجازه أصح ما قيل في الحديث الحسن لذاته وهو الذي توفرت فيه جميع شروط الحديث الصحيح المتقدمة إلا أنه خف ضبط أحد رواته .
وقد اضطربوا فيه اضطراباً كثيراً كما يتبين من الرجوع إلى الباعث الحثيث وغيره
وأنت إذا حفظتَ هذا سهُل عليك التوفيق بين من يقول في حديث ما : " إسناده حسن " ومن يقول فيه : " فيه ضعف " فهو حسن باعتبار أنه فوق الضعيف وهو فيه ضعف بالنظر إلى أنه دون الصحيح "
ولذلك قال الحافظ الذهبي في رسالته " الموقظة : الحسن ما ارتقى عن درجة الضعف ولم يبلغ درجة الصحة " .
ومما سبق يتبين أن الضعف نوعان :
الأول : ما يجعل الحديث حسناً دون الصحيح ولكن يحتج به .
والآخر : يجعل الحديث ضعيفاً لا يحتج به .
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن تمييز أحد النوعين عن الآخر هو من أدق علوم الحديث وأصعبها وذلك لصعوبة تحديد نوع ضعف الراوي هل هو يسير فيكون حديثه حسناً أو كثير فيكون حديثه ضعيفاً فلا جرم أن تختلف فيه آراء العلماء بل رأي العالم الواحد ولهذا قال الحافظ الذهبي في رسالته المذكورة :
" ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج تحتها كل الأحاديث الحسان فيها فأنا على إياس من ذلك فكم من حديث تردد فيه الحفاظ : هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح ؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد يوماً يصفه بالصحة ويوماً يصفه بالحسن وربما استضعفه وهذ حق فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يرقيه إلى رتبة الصحيح فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما ولو انفك عن ذلك لصح باتفاق " .
فاحفظ هذا النص من هذا الإمام الفريد فإنه نفيس عزيز لا تجده في غيره . أهـ 85
قال ابن كثير رحمه الله :
وهو في الاحتجاج به كالصحيح عند الجمهور . الباعث 46
وهو قسمان :
الأول الحسن لذاته وهو الذي سبق بيانه ويحكم له بالصحة عند تعدد الطرق لأن للصورة المجموعة قوة تَجْبُر القدر الذي قَصُر به ضبط راوي الحسن عن راوي الصحيح . 86 نزهة
والثاني الحسن لغيره وهو الذي يكون حسنه بسبب الاعتضاد نحو حديث ( المستور ) إذا تعددت طرقه . 85 نزهة
وقد بينهما ابن الصلاح رحمه الله فقال :
... فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان :
أحدهما : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله أو بما له من شاهد وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج بذلك عن أن يكون شاذاً أو منكراً وكلام " الترمذي " على هذا القسم يتنزل .
( وهو الحسن لغيره )
القسم الثاني : أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً ومنكراً سلامته من أن يكون معللاً . أهـ
( وهو الحسن لذاته ) .
فقوله رحمه الله : أن يكون راويه مشهور بالصدق والأمانة .
هو الصدوق
وقوله : وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً .
فيعد ما ينفرد به حسناً ولا يسوى بالضعيف الذي يعد ما ينفرد به منكراً
وإن خالفا من هو أرجح منهما فتكون مخالفة الصدوق شاذة ومخالفة الضعيف منكرة
قال الحافظ رحمه الله : وقد غفل من سوى بينهما
والتفرد غير المخالفة
قال الشافعي رضي الله عنه :
ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس .
قال ابن الصلاح رحمه الله :
إذا انفرد الراوي بشيء نُظر فيه : فإن كان ما تفرد به مخالفاً لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذاً مردوداً وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد : فإن كان عدلاً موثوقاً بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الإنفراد فيه ...
وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارماً له مزحزحاً له عن حيز الصحيح .
ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه
فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف
وإن كان بعيداً من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر .
فقوله رحمه الله : فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف
وهو من عده الحافظ في المرتبة الرابعة وإليه الإشارة : بصدوق أو لابأس به أو ليس به بأس . التقريب
وهو من يعد ما ينفرد به حسناً . ش النزهة 38
قال العلامة ابن باز : وهذا واضح لأنه إذا خف الضبط انتقل من درجة الصحيح إلى درجة الحسن .
قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله :
وما كان من الدرجة الرابعة فحديثه صحيح من الدرجة الثانية وهو الذي يحسنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود . الباعث 107
قال الحافظ :
كمحمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جابر وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال ابن باز رحمه الله : إذا صرح ابن إسحاق بالسماع . 38 شرح النزهة
وقال العلامة الألباني : ...فلا يكون إسناده حسناً إلا إذا صرح بالتحديث . 80
والمراد هنا بيان أصل المسألة تحسين حديث الصدوق بغض النظر عن الراوي
وللحديث الحسن مراتب
قال الحافظ الذهبي رحمه الله :
فأعلى مراتب الحسن :
بهز بن حكيم عن أبيه عن جده
ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
وابن اسحاق عن محمد بن ابراهيم التيمي ، وأمثال ذلك
وهو قسم متجاذب بين الصحة والحسن فإن عدة من الحفاظ يصححون هذه الطرق وينعتونها بأنها من أدنى مراتب الصحيح . الموقظة 22 .
قال الحافظ : وهذا القسم من الحسن مشارك للصحيح في الاحتجاج به وإن كان دونه ومشابه له في انقسامه إلى مراتب بعضها فوق بعض . 86 نزهة
ثم بعد ذلك أمثلة كثيرة يتنازع فيها بعضهم يحسنونها وآخرون يضعفونها
ومن ثم تردد في حديث أناس هل بلغ حديثهم إلى درجة الحسن أم لا ؟ وبلا ريب فخلق كثير من المتوسطين في الرواية بهذه المثابة . الموقظة 22
فعلى هذا يجب التحقق والتثبت ممن يطلق عليه هذه الصفة " الصدوق " لأنه كما تقدم غالباً ما يكون مختلف فيه وعلى مراتب فقد يتساهل بعض أهل العلم في الحكم على الراوي .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " إِذَا قِيلَ إِنَّهُ صَدُوقٌ أَوْ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ " فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ ، وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ " .
علق ابن الصلاح بقوله :
" قُلْتُ: هَذَا كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ [ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ لَا تُشْعِرُ بِشَرِيطَةِ ] الضَّبْطِ ، فَيُنْظَرُ فِي حَدِيثِهِ وَيُخْتَبَرُ حَتَّى يُعْرَفَ ضَبْطُهُ ،
فآخر مراتب الحسن هي أول مراتب الضعيف . الموقظة 23
فمن كان في هذه المرتبة المتأخرة أقرب للضعف وكذا من تبين خطأه فيه يكون ماتفرد به منكراً كما يفهم من كلام الحافظ الذهبي بذكره له عقب الحديث المنكر بقوله : وهو ما انفرد الراوي الضعيف به وقد يعد مفرد الصدوق منكراً . 34
يوضحه قوله رحمه الله في ترجمة ابن إسحاق من السير :
... وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن [ إلا فيما شذ فيه ] فإنه يعد منكراً هذا الذي عندي في حاله والله أعلم . السير ترجمة 1020 .
فحديث الصدوق الأصل فيه أنه حسن في الأحكام وغيرها إلا ما تبين خطأه فيه ومن كان أقرب للضعف من المراتب المتأخرة ممن لا يحتمل تفرده يلحق بالضعيف ويكون تفرده منكراً
وعليه يحمل كلام الحافظ الذهبي فيما ظاهره خلاف ذلك فيكون الصدوق ممن لا يحتمل تفرده لأنه في المرتبة الدنيا عنده أو ممن تبين خطأه فيه والله أعلم .
قال الحافظ رحمه الله : ... فالصدوق إذا تفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح و [ الحسن ] فهذا أحد قسمي الشاذ فإن خولف من هذه صفته مع ذلك كان أشد في شذوذه وربما سماه [ بعضهم منكراً ] وإن بلغ ( أي الصدوق ) تلك الرتبة في الضبط ( الصحيح والحسن ) لكنه خولف من هو أرجح منه في الثقة والضبط فهذا القسم الثاني من الشاذ وهو المعتمد في تسميته
وأما إذا انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في [ بعض مشايخه ] دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث . النكت
قال العلامة مقبل الخير رحمه الله : ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث ولم يكن حديثه منكراً فيقبل ويحسن حديثه ( ثم ذكر مثالاً وأن بعضهم لا يقبل حديثه في الأحكام والعقائد ثم قال ) فهو إذا لم يخالف وتفرد بسنة ينظر فيها إذا حُكم عليها بالنكارة لأمر خارج وإلا فيكون حديثاً مستقلاً ويقبل حديثه إذا صرح بالتحديث . المقترح ص 51 .
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن تمييز أحد النوعين عن الآخر هو من أدق علوم الحديث وأصعبها وذلك لصعوبة تحديد نوع ضعف الراوي هل هو يسير فيكون حديثه حسناً أو كثير فيكون حديثه ضعيفاً فلا جرم أن تختلف فيه آراء العلماء بل رأي العالم الواحد .
وكما أنه قد يحكم بالنكارة لحديث الصدوق بأمر خارج كذلك يتقوى ويثبت بأمر خارج كجريان العمل به واستعمال الأئمة له وتلقيه بالقبول
قال الحاكم رحمه الله في " المستدرك " ( 1 / 319 )
" ومما يستدل به على صحة ... الحديث استعمال الأئمة من اتباع التابعين إلى عصرنا هذا إياه ومواظبتهم عليه وتعليمه الناس ..." أ هـ
وانظر الرد المفحم ص 99 وما بعده
وقد تطلق النكارة ويراد بها مجرد التفرد وليس التضعيف
قال ابن الصلاح رحمه الله
" وَإِطْلَاقُ الْحُكْمِ عَلَى التَّفَرُّدِ بِالرَّدِّ أَوِ النَّكَارَةِ أَوِ الشُّذُوذِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحديث "
قال الحافظ رحمه الله :
"وهذا ما ينبغي التيقظ له ، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر [ على مجرد التفرد ] ولكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده " .
قال المحدث الألباني رحمه الله في حديث استنكره أبو حاتم :
" ... على أنه يمكن أن يكون مراده بالاستنكار مجرد التفرد وليس التضعيف [ وهذا استعمال معروف ] عند بعض المحدثين كما في "مقدمة ابن الصلاح"
فقال ابن أبي حاتم عن أبيه في ( طلق ) " وروى حديثاً منكراً عن شريك وقيس " فساقه وقال : " قال أبي : ولم يرو هذا الحديث غيره " .
فهذا صريح جداً في أنه عنى التفرد وإلى هذا أشار البخاري ـ أيضاً ـ بذكره هذا الحديث في ترجمة طلق من التاريخ . النصيحة 207
وقال ابن المديني رحمه الله : نظرت في كتب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين ويمكن أن يكونا صحيحين
وقال لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين ( ثم ذكرهما وقال ) هذان لم يروهما أحد .أهـ كما في ترجمة ابن إسحاق من السير
قال مقبل الخير رحمه الله : ...لكن معرفة اصطلاح كل واحد من هؤلاء أمر مهم ...
وأحسن كتاب يطلعك على اصطلاحات المحدثين : " الرفع والتكميل " للكنوي مع أنه ينبغي أن تحذر من تعصبه للمذهب الحنفي ...وربما تحامل على بعض العلماء . شرح الباعث 133 .
والصدوق عدل وهوالمشهور بالصدق والأمانة وخبر العدل يجب قبوله ولا يرد بالإحتمالات أنظر فصل : في حكم العدل . من الاحكام لابن حزم رحمه الله .
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه :
117 ـ ذكر البيان بأن الخيّر الفاضل من أهل العلم قد يخفى عليه من السنن المشهورة ما يحفظه من هو دونه أو مثله وإن كثُر مواظبته عليها وعنايته بها .
وأنظر : فصل في خلاف الصاحب للرواية ....لابن حزم رحمه الله .
جزى الله من أفادنا بعلم وحلم خير الجزاء .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
قال العلامة الألباني رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته :
والحديث الحسن لغيره وكذا الحسن لذاته من أدق علوم الحديث وأصعبها لأن مدارها على من اختلف فيه من العلماء من رواته ما بين موثق ومضعف فلا يتمكن من التوفيق بينها أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل ومارس ذلك علمياً مدة طـويلة من عمره مستفيداً من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد عارفاً بالمتشددين منهم والمتساهلين ومنهم وسط بينهم حتى لا يقع في الإفــــــــــــــــراط والتفـــــــــــــــــــريــــــــــــــــــــــــ ط وهذا أمر صـــــــعـــــــب قل من يصير ! له وينال ثمرته فلا جرم أن صار هذا العلم غـــــريــــــــــباً من العلماء والله يختص بفضله من يشاء .
الإرواء ( 3 / 363 ) .
وقال رحمه الله :
....فإنه والحالة هذه لا بد له من أن يتتبع طرقه وشواهده لعله يرتقي الحديث بها إلى مرتبة القوة وهذا ما يعرف في علم الحديث " بالحسن لغيره " أو "الصحيح لغيره " وهذا في الحقيقة من أصعـــــــب أنواع علوم الحديث وأشقـــــــــــــــها لأنه يتطلب سعة في الاطلاع على الأحاديث والأسانيد في بطون كتب الحديث مطبوعها ومخطوطها ومعرفة جيــــــــــــــــدة بعلل الحديث وتراجم رجاله أضف إلى ذلك دأباً وجلداً على البحث فلا جرم أنه تقاعس عن القيام بذلك جماهير المحدثين قديماً والمشتغلين به حديثاً وقليل ما هم .
الإرواء (1 / 11 ) .
والحديث الحسن هو الحديث الذي فيه ضعف ناتج عن خفة ضبط راويه فإنه لو لم يكن فيه ضعف لكان صحيحاً لما لا يخفى على العارفين بالفرق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن في علم المصطلح . 74 النصيحة .
قال الحافظ رحمه الله : وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته وتتفاوت رتبه بتفاوت هذه الأوصاف [ فإن خف الضبط فالحسن لذاته ] وبكثرة طرقه يصحح . النخبة مع النزهة 86
قال العلامة الألباني رحمه الله في حواشيه على النزهة :
هذا التعريف على إيجازه أصح ما قيل في الحديث الحسن لذاته وهو الذي توفرت فيه جميع شروط الحديث الصحيح المتقدمة إلا أنه خف ضبط أحد رواته .
وقد اضطربوا فيه اضطراباً كثيراً كما يتبين من الرجوع إلى الباعث الحثيث وغيره
وأنت إذا حفظتَ هذا سهُل عليك التوفيق بين من يقول في حديث ما : " إسناده حسن " ومن يقول فيه : " فيه ضعف " فهو حسن باعتبار أنه فوق الضعيف وهو فيه ضعف بالنظر إلى أنه دون الصحيح "
ولذلك قال الحافظ الذهبي في رسالته " الموقظة : الحسن ما ارتقى عن درجة الضعف ولم يبلغ درجة الصحة " .
ومما سبق يتبين أن الضعف نوعان :
الأول : ما يجعل الحديث حسناً دون الصحيح ولكن يحتج به .
والآخر : يجعل الحديث ضعيفاً لا يحتج به .
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن تمييز أحد النوعين عن الآخر هو من أدق علوم الحديث وأصعبها وذلك لصعوبة تحديد نوع ضعف الراوي هل هو يسير فيكون حديثه حسناً أو كثير فيكون حديثه ضعيفاً فلا جرم أن تختلف فيه آراء العلماء بل رأي العالم الواحد ولهذا قال الحافظ الذهبي في رسالته المذكورة :
" ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج تحتها كل الأحاديث الحسان فيها فأنا على إياس من ذلك فكم من حديث تردد فيه الحفاظ : هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح ؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد يوماً يصفه بالصحة ويوماً يصفه بالحسن وربما استضعفه وهذ حق فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يرقيه إلى رتبة الصحيح فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما ولو انفك عن ذلك لصح باتفاق " .
فاحفظ هذا النص من هذا الإمام الفريد فإنه نفيس عزيز لا تجده في غيره . أهـ 85
قال ابن كثير رحمه الله :
وهو في الاحتجاج به كالصحيح عند الجمهور . الباعث 46
وهو قسمان :
الأول الحسن لذاته وهو الذي سبق بيانه ويحكم له بالصحة عند تعدد الطرق لأن للصورة المجموعة قوة تَجْبُر القدر الذي قَصُر به ضبط راوي الحسن عن راوي الصحيح . 86 نزهة
والثاني الحسن لغيره وهو الذي يكون حسنه بسبب الاعتضاد نحو حديث ( المستور ) إذا تعددت طرقه . 85 نزهة
وقد بينهما ابن الصلاح رحمه الله فقال :
... فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان :
أحدهما : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله أو بما له من شاهد وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج بذلك عن أن يكون شاذاً أو منكراً وكلام " الترمذي " على هذا القسم يتنزل .
( وهو الحسن لغيره )
القسم الثاني : أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً ومنكراً سلامته من أن يكون معللاً . أهـ
( وهو الحسن لذاته ) .
فقوله رحمه الله : أن يكون راويه مشهور بالصدق والأمانة .
هو الصدوق
وقوله : وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً .
فيعد ما ينفرد به حسناً ولا يسوى بالضعيف الذي يعد ما ينفرد به منكراً
وإن خالفا من هو أرجح منهما فتكون مخالفة الصدوق شاذة ومخالفة الضعيف منكرة
قال الحافظ رحمه الله : وقد غفل من سوى بينهما
والتفرد غير المخالفة
قال الشافعي رضي الله عنه :
ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس .
قال ابن الصلاح رحمه الله :
إذا انفرد الراوي بشيء نُظر فيه : فإن كان ما تفرد به مخالفاً لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذاً مردوداً وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد : فإن كان عدلاً موثوقاً بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الإنفراد فيه ...
وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارماً له مزحزحاً له عن حيز الصحيح .
ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه
فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف
وإن كان بعيداً من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر .
فقوله رحمه الله : فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف
وهو من عده الحافظ في المرتبة الرابعة وإليه الإشارة : بصدوق أو لابأس به أو ليس به بأس . التقريب
وهو من يعد ما ينفرد به حسناً . ش النزهة 38
قال العلامة ابن باز : وهذا واضح لأنه إذا خف الضبط انتقل من درجة الصحيح إلى درجة الحسن .
قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله :
وما كان من الدرجة الرابعة فحديثه صحيح من الدرجة الثانية وهو الذي يحسنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود . الباعث 107
قال الحافظ :
كمحمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جابر وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال ابن باز رحمه الله : إذا صرح ابن إسحاق بالسماع . 38 شرح النزهة
وقال العلامة الألباني : ...فلا يكون إسناده حسناً إلا إذا صرح بالتحديث . 80
والمراد هنا بيان أصل المسألة تحسين حديث الصدوق بغض النظر عن الراوي
وللحديث الحسن مراتب
قال الحافظ الذهبي رحمه الله :
فأعلى مراتب الحسن :
بهز بن حكيم عن أبيه عن جده
ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
وابن اسحاق عن محمد بن ابراهيم التيمي ، وأمثال ذلك
وهو قسم متجاذب بين الصحة والحسن فإن عدة من الحفاظ يصححون هذه الطرق وينعتونها بأنها من أدنى مراتب الصحيح . الموقظة 22 .
قال الحافظ : وهذا القسم من الحسن مشارك للصحيح في الاحتجاج به وإن كان دونه ومشابه له في انقسامه إلى مراتب بعضها فوق بعض . 86 نزهة
ثم بعد ذلك أمثلة كثيرة يتنازع فيها بعضهم يحسنونها وآخرون يضعفونها
ومن ثم تردد في حديث أناس هل بلغ حديثهم إلى درجة الحسن أم لا ؟ وبلا ريب فخلق كثير من المتوسطين في الرواية بهذه المثابة . الموقظة 22
فعلى هذا يجب التحقق والتثبت ممن يطلق عليه هذه الصفة " الصدوق " لأنه كما تقدم غالباً ما يكون مختلف فيه وعلى مراتب فقد يتساهل بعض أهل العلم في الحكم على الراوي .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " إِذَا قِيلَ إِنَّهُ صَدُوقٌ أَوْ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ " فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ ، وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ " .
علق ابن الصلاح بقوله :
" قُلْتُ: هَذَا كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ [ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ لَا تُشْعِرُ بِشَرِيطَةِ ] الضَّبْطِ ، فَيُنْظَرُ فِي حَدِيثِهِ وَيُخْتَبَرُ حَتَّى يُعْرَفَ ضَبْطُهُ ،
فآخر مراتب الحسن هي أول مراتب الضعيف . الموقظة 23
فمن كان في هذه المرتبة المتأخرة أقرب للضعف وكذا من تبين خطأه فيه يكون ماتفرد به منكراً كما يفهم من كلام الحافظ الذهبي بذكره له عقب الحديث المنكر بقوله : وهو ما انفرد الراوي الضعيف به وقد يعد مفرد الصدوق منكراً . 34
يوضحه قوله رحمه الله في ترجمة ابن إسحاق من السير :
... وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن [ إلا فيما شذ فيه ] فإنه يعد منكراً هذا الذي عندي في حاله والله أعلم . السير ترجمة 1020 .
فحديث الصدوق الأصل فيه أنه حسن في الأحكام وغيرها إلا ما تبين خطأه فيه ومن كان أقرب للضعف من المراتب المتأخرة ممن لا يحتمل تفرده يلحق بالضعيف ويكون تفرده منكراً
وعليه يحمل كلام الحافظ الذهبي فيما ظاهره خلاف ذلك فيكون الصدوق ممن لا يحتمل تفرده لأنه في المرتبة الدنيا عنده أو ممن تبين خطأه فيه والله أعلم .
قال الحافظ رحمه الله : ... فالصدوق إذا تفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح و [ الحسن ] فهذا أحد قسمي الشاذ فإن خولف من هذه صفته مع ذلك كان أشد في شذوذه وربما سماه [ بعضهم منكراً ] وإن بلغ ( أي الصدوق ) تلك الرتبة في الضبط ( الصحيح والحسن ) لكنه خولف من هو أرجح منه في الثقة والضبط فهذا القسم الثاني من الشاذ وهو المعتمد في تسميته
وأما إذا انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في [ بعض مشايخه ] دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث . النكت
قال العلامة مقبل الخير رحمه الله : ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث ولم يكن حديثه منكراً فيقبل ويحسن حديثه ( ثم ذكر مثالاً وأن بعضهم لا يقبل حديثه في الأحكام والعقائد ثم قال ) فهو إذا لم يخالف وتفرد بسنة ينظر فيها إذا حُكم عليها بالنكارة لأمر خارج وإلا فيكون حديثاً مستقلاً ويقبل حديثه إذا صرح بالتحديث . المقترح ص 51 .
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن تمييز أحد النوعين عن الآخر هو من أدق علوم الحديث وأصعبها وذلك لصعوبة تحديد نوع ضعف الراوي هل هو يسير فيكون حديثه حسناً أو كثير فيكون حديثه ضعيفاً فلا جرم أن تختلف فيه آراء العلماء بل رأي العالم الواحد .
وكما أنه قد يحكم بالنكارة لحديث الصدوق بأمر خارج كذلك يتقوى ويثبت بأمر خارج كجريان العمل به واستعمال الأئمة له وتلقيه بالقبول
قال الحاكم رحمه الله في " المستدرك " ( 1 / 319 )
" ومما يستدل به على صحة ... الحديث استعمال الأئمة من اتباع التابعين إلى عصرنا هذا إياه ومواظبتهم عليه وتعليمه الناس ..." أ هـ
وانظر الرد المفحم ص 99 وما بعده
وقد تطلق النكارة ويراد بها مجرد التفرد وليس التضعيف
قال ابن الصلاح رحمه الله
" وَإِطْلَاقُ الْحُكْمِ عَلَى التَّفَرُّدِ بِالرَّدِّ أَوِ النَّكَارَةِ أَوِ الشُّذُوذِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحديث "
قال الحافظ رحمه الله :
"وهذا ما ينبغي التيقظ له ، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر [ على مجرد التفرد ] ولكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده " .
قال المحدث الألباني رحمه الله في حديث استنكره أبو حاتم :
" ... على أنه يمكن أن يكون مراده بالاستنكار مجرد التفرد وليس التضعيف [ وهذا استعمال معروف ] عند بعض المحدثين كما في "مقدمة ابن الصلاح"
فقال ابن أبي حاتم عن أبيه في ( طلق ) " وروى حديثاً منكراً عن شريك وقيس " فساقه وقال : " قال أبي : ولم يرو هذا الحديث غيره " .
فهذا صريح جداً في أنه عنى التفرد وإلى هذا أشار البخاري ـ أيضاً ـ بذكره هذا الحديث في ترجمة طلق من التاريخ . النصيحة 207
وقال ابن المديني رحمه الله : نظرت في كتب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين ويمكن أن يكونا صحيحين
وقال لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين ( ثم ذكرهما وقال ) هذان لم يروهما أحد .أهـ كما في ترجمة ابن إسحاق من السير
قال مقبل الخير رحمه الله : ...لكن معرفة اصطلاح كل واحد من هؤلاء أمر مهم ...
وأحسن كتاب يطلعك على اصطلاحات المحدثين : " الرفع والتكميل " للكنوي مع أنه ينبغي أن تحذر من تعصبه للمذهب الحنفي ...وربما تحامل على بعض العلماء . شرح الباعث 133 .
والصدوق عدل وهوالمشهور بالصدق والأمانة وخبر العدل يجب قبوله ولا يرد بالإحتمالات أنظر فصل : في حكم العدل . من الاحكام لابن حزم رحمه الله .
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه :
117 ـ ذكر البيان بأن الخيّر الفاضل من أهل العلم قد يخفى عليه من السنن المشهورة ما يحفظه من هو دونه أو مثله وإن كثُر مواظبته عليها وعنايته بها .
وأنظر : فصل في خلاف الصاحب للرواية ....لابن حزم رحمه الله .
جزى الله من أفادنا بعلم وحلم خير الجزاء .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .