مدارسة في حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً «لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه».
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
قال الترمذي 1978 - حدثنا زيد بن أخزم الطائي البصري قال: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه».
قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر.اهـ.
هذا الحديث اختُلِف على أبان بن يزيد العطار في وصله وإرساله:
فقد رواه بشر بن عمر الزهراني كما تقدم عن أبان موصولاً.
وبشر بن عمر هو من تلاميذ مالك قال عنه أبو حاتم صدوق ووثقه ابن سعد وروى له الجماعة.
وقد رواه عن أبان العطار عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً دون ذكر ابن عباس رضي الله عنهما كلٌ من:
1- مسلم بن إبراهيم كما عند أبي داود في السنن ح 4908 وغيره.
2- وعفان بن مسلم كما في جزء حديثه المطبوع مع مجموع أحاديث الشيوخ الكبار ت حمزة الزين ص/409 ح 243.
وقد روي الحديث عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً موافقاً لمن رواه كذلك ممن تقدم:
قال الإمام البزار في مسنده ح 5330 بعد أن روى الحديث على الوجه الموصول:
وهذا الحديث قد رواه سعيد بن أبي عروبة وهشام بن أبي عبد الله جميعا عن قتادة، عن أبي العالية ولم يقولا: عن ابن عباس.
وللفائدة:
فرواية ابن أبي عروبة وجدتها عند الطبري في تفسيره قال : 20752 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أن رجلا .. الحديث.
وأما رواية الدستوائي فلم أقف عليها.
فاستبان والعلم عند الله تعالى أن الحديث لا يصح مسنداً عن ابن عباس رضي الله عنهما والصواب فيه الإرسال كما ألمح إلى ذلك كل من الإمامين الترمذي والبزار رحمهما الله تعالى.
وختاماً أذكر تنبيهين:
التنبيه الأول:
روى أبو الشيخ هذا الحديث في كتابه العظمة 4/1315 قال :حدثنا محمد بن العباس، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا لعن الريح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنوها فإنها مأمورة، فإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة إليه».
قال محقق كتاب العظمة رضاء الله المباركفوري رحمه الله في الحاشية :
ويبدو أن الإسناد وقع فيه سقط واسطة أو واسطتين لأن محمد بن العباس المعروف بابن الأخرم متأخر إذ كانت وفاته سنة 301هـ بينما توفي أبان بن يزيد سنة 160هـ. انتهى.
والذي يغلب على الظن -والله أعلم- أن بشر بن عمر ممن سقط لأن الحديث موصولاً لا يعرف إلا من طريقه كما أفاد الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله.
التنبيه الثاني:
أن الحديث قد روي مسنداً لكن عن أسير بن جابر:
رواه ابن قانع في معجم الصحابة 1/56 قال :
حدثنا محمد بن خالد بن يزيد، نا مهلب بن العلاء، نا شعيب بن بيان، نا عمران القطان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن أسير بن جابر أن رجلا لعن الريح فقال رسول الله: «لا تلعنها فإنه من لعن شيئا ليس من أهله رجعت عليه».
وكذلك رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة ح 1079 من طريق أبي الشيخ عن محمد بن خالد بن يزيد به.
وهذا الإسناد فيه مهلب بن العلاء:
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: 4/ 145: لم أجد من ترجمه وكذلك قال الألباني كما في الإرواء ح 2366.
وفيه شعيب بن بيان البصري:
قال الجوزجاني : له مناكير .
وقال العقيلي : يحدث عن الثقات بالمناكير ، و كاد يغلب على حديثه الوهم .
فهذا الوجه غريب منكر تفرد به مجهول عن رجل صاحب مناكير وهو مخالف لما روى الثقات الأثبات عن قتادة وهم أبان بن يزيد وابن أبي عروبة والدستوائي ..
وهنا فائدة:
أسير بن جابر اختلف في تعيين اسمه واسم أبيه وكذلك في صحبته وذُكر أن له رؤية وأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن عشر سنين والله أعلم.
قال العلائي في جامع التحصيل 1/303 يسير بن عمرو وقيل بن جابر ويقال فيه أيضا أسير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين ولم يذكر سماعا ويقال له رؤية وأنه أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين قاله غير واحد ولا يبعد أن تلحق أحاديثه بمراسيل الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكن له سماع.
ومن كانت لديه إضافة أو استدراك فليتفضل مشكوراً.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
قال الترمذي 1978 - حدثنا زيد بن أخزم الطائي البصري قال: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه».
قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر.اهـ.
هذا الحديث اختُلِف على أبان بن يزيد العطار في وصله وإرساله:
فقد رواه بشر بن عمر الزهراني كما تقدم عن أبان موصولاً.
وبشر بن عمر هو من تلاميذ مالك قال عنه أبو حاتم صدوق ووثقه ابن سعد وروى له الجماعة.
وقد رواه عن أبان العطار عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً دون ذكر ابن عباس رضي الله عنهما كلٌ من:
1- مسلم بن إبراهيم كما عند أبي داود في السنن ح 4908 وغيره.
2- وعفان بن مسلم كما في جزء حديثه المطبوع مع مجموع أحاديث الشيوخ الكبار ت حمزة الزين ص/409 ح 243.
وقد روي الحديث عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً موافقاً لمن رواه كذلك ممن تقدم:
قال الإمام البزار في مسنده ح 5330 بعد أن روى الحديث على الوجه الموصول:
وهذا الحديث قد رواه سعيد بن أبي عروبة وهشام بن أبي عبد الله جميعا عن قتادة، عن أبي العالية ولم يقولا: عن ابن عباس.
وللفائدة:
فرواية ابن أبي عروبة وجدتها عند الطبري في تفسيره قال : 20752 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أن رجلا .. الحديث.
وأما رواية الدستوائي فلم أقف عليها.
فاستبان والعلم عند الله تعالى أن الحديث لا يصح مسنداً عن ابن عباس رضي الله عنهما والصواب فيه الإرسال كما ألمح إلى ذلك كل من الإمامين الترمذي والبزار رحمهما الله تعالى.
وختاماً أذكر تنبيهين:
التنبيه الأول:
روى أبو الشيخ هذا الحديث في كتابه العظمة 4/1315 قال :حدثنا محمد بن العباس، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا لعن الريح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنوها فإنها مأمورة، فإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة إليه».
قال محقق كتاب العظمة رضاء الله المباركفوري رحمه الله في الحاشية :
ويبدو أن الإسناد وقع فيه سقط واسطة أو واسطتين لأن محمد بن العباس المعروف بابن الأخرم متأخر إذ كانت وفاته سنة 301هـ بينما توفي أبان بن يزيد سنة 160هـ. انتهى.
والذي يغلب على الظن -والله أعلم- أن بشر بن عمر ممن سقط لأن الحديث موصولاً لا يعرف إلا من طريقه كما أفاد الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله.
التنبيه الثاني:
أن الحديث قد روي مسنداً لكن عن أسير بن جابر:
رواه ابن قانع في معجم الصحابة 1/56 قال :
حدثنا محمد بن خالد بن يزيد، نا مهلب بن العلاء، نا شعيب بن بيان، نا عمران القطان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن أسير بن جابر أن رجلا لعن الريح فقال رسول الله: «لا تلعنها فإنه من لعن شيئا ليس من أهله رجعت عليه».
وكذلك رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة ح 1079 من طريق أبي الشيخ عن محمد بن خالد بن يزيد به.
وهذا الإسناد فيه مهلب بن العلاء:
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: 4/ 145: لم أجد من ترجمه وكذلك قال الألباني كما في الإرواء ح 2366.
وفيه شعيب بن بيان البصري:
قال الجوزجاني : له مناكير .
وقال العقيلي : يحدث عن الثقات بالمناكير ، و كاد يغلب على حديثه الوهم .
فهذا الوجه غريب منكر تفرد به مجهول عن رجل صاحب مناكير وهو مخالف لما روى الثقات الأثبات عن قتادة وهم أبان بن يزيد وابن أبي عروبة والدستوائي ..
وهنا فائدة:
أسير بن جابر اختلف في تعيين اسمه واسم أبيه وكذلك في صحبته وذُكر أن له رؤية وأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن عشر سنين والله أعلم.
قال العلائي في جامع التحصيل 1/303 يسير بن عمرو وقيل بن جابر ويقال فيه أيضا أسير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين ولم يذكر سماعا ويقال له رؤية وأنه أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين قاله غير واحد ولا يبعد أن تلحق أحاديثه بمراسيل الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكن له سماع.
ومن كانت لديه إضافة أو استدراك فليتفضل مشكوراً.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.