"مهم جدا وفائدة بديعة "
رد العلامة صالح آل الشيخ على بعض المعاصرين الذين ينكرون لفظة "أين الله"في حديث الجارية استنادا لقول البيهقي - رحمه الله -
قال الشيخ - حفظه الله - في تعليقه على حديث الجارية من شرحه على العقيدة الواسطية :النفاة للعلو اعترضوا على هذا باعتراضات مرت معنا في القسم الأول لكن الذي يناسب الدليل من هاهنا أنهم قالوا : قوله " أين الله " هذا اللفظ ليس بثابت في بعض نسخ مسلم ، قالوا ولهذا أنكره البيهقي في كتاب الأسماء والصفات وقال ليس في نسختنا من مسلم لفظ " أين الله " في الحديث . وهذه شبهة أدلى بها بعض المعاصرين الذين ينفون صفة العلو لله تبارك وتعالى
والجواب : عن ذلك أن مسلما رحمه الله لم يروِ كتابه عنه إلا رجل واحد وكتاب مسلم ليس كالبخاري ، البخاري ثَم له رواة فيرويه عنه الفِرَبْرِي ويرويه عنه حماد بن شاكر ويرويه عنه فلان وفلان ، وكل من هؤلاء له رواة أيضا ورواية الفربري المشهورة في البخاري أيضا فيه ثَم رواية أبي ذر ورواية أبي الوقت ورواية ابن عساكر والكُشْميهَني وهذه الاختلافات موجودة في نسخ البخاري تابعة لرواية الفربري وحده ، أما مسلم رحمه الله فإن كتابه الصحيح لم يروه عنه إلا شخص واحد وهو ابن سفيان رحمه الله وقد رواه عنه مسموعا في أكثر الكتاب وفاته سماع أو لم يُقرئ مسلم الراوي ثلاثة مواضع ، فلم يسمعها من مسلم أصلا ، ثلاثة مواضع كبيرة بعض المواضع يأتي على عشرين ثلاثين صفحة ، فليس له إلا رواية واحدة لأن مسلما ما تيسر له أن يُقرئ كتابه قبل وفاته بل اخترمته المنية قبل أن يُقرئه وإنما رواه عنه ابن سفيان وحده وهذا يدل على أنه ليس ثَم في مسلم اختلاف روايات بل هو رواية واحدة فما يقال في مسلم أن في بعض رواة مسلم رواها كذا وبعض رواة مسلم رواها كذا هذا من الجهل ، وأما نسخة البيهقي التي ذكرها بأنه ليس في نسختنا فالنسخ معلوم أن النسخ قد يحصل فيه غلط قد يحصل فيه نقص والرواية إذا كانت ثابتة عن الذي روى عن مسلم هذه اللفظة فإنه يعتمَد عليها وتكون هي الحجة ، وأما أن يكون في بعض النسخ محذوف فيه هذه فإن ذلك ليس بدليل على نفيها لأن الرواية رواية واحدة وليست بروايات متعددة حتى يقال إن مسلما رجع عن هذه أو اختلفت نسخ مسلم إنما هي نسخة واحدة فيكون الخلل من جهة النسّاخ وليس من جهة الرواية ، وهذا فرق كبير ، إذا كان الخلل من جهة الناسخ غير ما إذا كان الخلل من جهة الرواية ، مثلا في – أضرب لكم مثلا في البخاري – في دعاء الأذان المعروف أن من سمع المؤذن فقال " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه اللهم مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد " هذه بهذا الطول يعني بزيادة (والدرجة العالية الرفيعة) وبزيادة ( إنك لا تخلف الميعاد ) هذه في بعض نسخ البخاري في رواية الكشميهني عن البخاري ولهذا بعض أهل العلم ينسبها للبخاري كما نسبها شيخ الإسلام وغيره وهذه نسبة صحيحة ولكن رواية الكشميهني هنا خالفت الروايات الأخر فنقول الثابت من رواية الصحيح عدم إيراد هذه فتكون هذه ضعيفة لأجل شذوذ من رواها عن الفربري عن البخاري ، هذا بحث واضح من جهة الحديث ومن جهة نقل الكتب وسماع كتب السنة هذا واضح ، أما مسلم رحمه الله فمع الأسف ما له إلا رواية واحدة حتى فاته السماع في ثلاثة مواضع راويه ابن سفيان رحمهم الله تعالى ، فإذن هذه الحجة حينما قالوا إن هذا الحديث أو هذه اللفظة ليست موجودة في بعض نسخ مسلم فيدل أنها ليست بثابتة في مسلم فهذا ليس بحجة جيدة .
أيضا من الجواب أنها موجودة في غير كتاب مسلم بالأسانيد الصحيحة وليس فيها غرابة ، ما فيها غرابة ، هذا اللفظ فيه السؤال عن الجهة والنبي صلى الله عليه وسلم هو السائل وجهة العلو ثابتة لله جل وعلا في غير هذا الدليل كما في قوله ?أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ? فقوله " أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ " واضح " مَنْ فِي السَّمَاءِ " يعني من في العلو ( من ) هذه لمن يعلم تبارك وتعالى .
تعليق