رسالة في اختلاف ألفاظ الحديث للشيخ الصنعاني
شرح الشيخ الفاضل محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله -
http://miraath.net/files/audio/ikhti...in_nabaway.mp3
شرح الشيخ الفاضل محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله -
http://miraath.net/files/audio/ikhti...in_nabaway.mp3
تنبيه : نص الرسالة نقلته من الشبكة .
رسالة في
اختلاف ألفاظ الحديث النبوي
تأليف
العلامة بدر الدين محمد بن إسماعيل الأمير الصَّنعاني
المتوفى سنة 1182هـ
اختلاف ألفاظ الحديث النبوي
تأليف
العلامة بدر الدين محمد بن إسماعيل الأمير الصَّنعاني
المتوفى سنة 1182هـ
وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال ورد من العلامة ناصر بن حسين المحبشي(1) عافاه الله إلى سيدي العلامة البدر المنير محمد بن إسماعيل الأمير، قال:
ما قولكم في اختلاف الروايات في الأحاديث بألفاظ متعددة مع أن بعضها قد يكون فيه منافاة لبعض، ومع أن الواقعة قد تكون متحدة في بعض الأحاديث، بل غالبها، فما الذي يتكلم به الرسول صلى الله عليه وآله سلم من هذه الألفاظ، هل لفظ واحد والآخر رواية بالمعنى، وما يقال مع منافاة أحد الألفاظ للآخر، ثم ما يقال إذا فرض اتحاد الواقعة؟
تفضلوا بالإفادة، والله المسؤول أن يصلى على سيدنا محمد وآله، وأن يبارك للمسلمين في أعماركم، وتدم للطيبين إفادتكم، آمين اللهم آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال ورد من العلامة ناصر بن حسين المحبشي(1) عافاه الله إلى سيدي العلامة البدر المنير محمد بن إسماعيل الأمير، قال:
ما قولكم في اختلاف الروايات في الأحاديث بألفاظ متعددة مع أن بعضها قد يكون فيه منافاة لبعض، ومع أن الواقعة قد تكون متحدة في بعض الأحاديث، بل غالبها، فما الذي يتكلم به الرسول صلى الله عليه وآله سلم من هذه الألفاظ، هل لفظ واحد والآخر رواية بالمعنى، وما يقال مع منافاة أحد الألفاظ للآخر، ثم ما يقال إذا فرض اتحاد الواقعة؟
تفضلوا بالإفادة، والله المسؤول أن يصلى على سيدنا محمد وآله، وأن يبارك للمسلمين في أعماركم، وتدم للطيبين إفادتكم، آمين اللهم آمين.
الحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله والطاهرين، وبعد:
فقد تحققتُ السؤال، وهو كما ذكره السائل دامت إفادته، من الإشكال، فأقول في جوابه والله الهادي إلى ما فيه النجاة من الحال والمآل.
اعلم أن اختلاف ألفاظ الأحاديث النبوية لا شك في وقوعه، وأنه يقع على وجوه:
الأول: أن يتعدد الرواة من الصحابة في واقعة معينة متكررة:
وذلك كاختلاف روايات الأذان، منهم من رواه بتربيع التكبير أوله(2)، ومنهم من رواه بعدمه(3)، وكذلك الترجيع(4) في الشهادتين(5)، وكذلك التثويب(6) (7) ، وكذلك اختلفوا في ألفاظ التوحيد، وفي ألفاظ التشهد، وغير ذلك مما ثبت في الأحاديث، صحيحة أو حسان.
ومثل هذا كثير، كاختلافهم في كيفية رواية صلاة الخوف حتى بلغ إلى زيادة على عشر كيفيات(، ومثل اختلافهم في ركوعات صلاة الكسوف من اثنين إلى خمس(9).
فهذا القسم أمره هين وإشكاله سهل؛ لأنه قد علم أنه صلى اله عليه وآله وسلم في الأفعال المتكررة مثل أذكار الصلاة التي ذكرنا كان يعلمهم، فمن روى رواية وصحت أو حسنت طرقها كتشهد ابن عباس(10) مثلاً، وتشهد ابن مسعود(11)، فهما حديثان صحيحان اختلفت ألفاظهما والكل مرفوع، فمثل هذا ومثل ألفاظ الأذان وغير ذلك محمول على تعداد التعليم منه صلى الله عليه وآله، وعلم كل ما رآه صلى الله عليه وآله وسلم توسعة على العباد، فهم مخيرون بأي رواية عملوا أجروا واقتدوا وامتثلوا، فمن ربَّع في التكبير ورجَّع فليس عليه نكير، ومن ترك التربيع فكذلك، إذ الكل مروي بأحاديث معمول بها دالة على التخيير للعباد، وكذلك ألفاظ التشهد والتوحيد من أتى بأيها ممن روى بطرق معمول بها فهو بالخيار في ذلك.
وأما ترجيح بعض الروايات على بعض مع صحتها كلها فلا أراه إلا من باب محبة الناس الخلاف، وبعضهم بما نهى الله عنه من الاختلاف، والترجيح يكون عند التعارض وهو التناقض؛ ولا يتم التناقض إلا بشرط الإتحاد في الوحدات، التي من جملتها وحدة الزمان، والأفعال المتكررة في كل يوم، لا يتحد فيها الزمان، فمن روى التربيع مثلاً قلنا له صدقت، ومن روى عدمه قلنا له صدقت، لتعدد زمان هذا الذكر، ومع صدقهما وصحة الرواية عنهما، قلنا هذا مِن القول المخير فيه، لأن الشارع قد صانه الله عن التناقض، ولأن شرط التناقض مفقود؛ وهو اتحاد الزمان.
ومن عرف هذا التقرير، عرف العصبيات بين المتمذهبين، ورمْي كل طائفة الأخرى بالابتداع، وعرف تكلف التأويلات لما ورد بحق هذا الوارد من الروايات، ومن هنا يعرف ضعف ما ذهب إليه الجلال(12) رحمه الله في ( ضوء النهار ) (13) من الحكم باضطراب رواية التربيع والتشفيع مع إقراره بأنها روايات ثقات، فنقول روايات الثقات صحيحة غير مضطربة، وكلٌّ روى ما عرفه وسمعه، والروايات غير محددة فكلهم صادق، وهو من العمل المخير فيه، وادعاء الاضطراب باطل مع إمكان الجمع، فإن دعوى الاضطراب إبطال روايات الثقات بغير دليل(14)، ومن ذلك دعوى ابن القيم وشيخه ابن تيميَّة، وتبعهما صاحب ( المنار ) (15) في ردِّ أحاديث إتمام الرباعية في السفر، فإنهم لمَّا اعتقدوا وجوب القصر ردوا روايات الإتمام، وقالوا: فعل عائشة وعثمان حيث أتما في السفر(16)، وتمحل(17) ابن القيم في الهدي (1 وجوهاً نقلها تأويلات لإتمامها، وردَّ ابن تيمية حديث عائشة(19) في أنها أتمت وقصر صلى الله عليه وآله وسلم وصامت وأفطر صلى الله عليه وآله وسلم(20) بمجرد استبعاد أنها تخالف رسول الله وأصحابه، قلت: مع أنه قد ثبت أن الصحابة قصروا في السفر وأتموا وصاموا وأفطروا ولم يعب بعضهم على بعض وثبت أنه صلى الله عليه وآله صام وأفطر في سفر الفتح فإنه كان في رمضان وصام أصحابه، ثم أفطر وأمر بالإفطار قبل دخول مكة، ليقووا على الجهاد(21) ، فالحق أن القصر والإتمام في السفر من العمل المخير فيه، وأن عثمان وعائشة لم يتأولا، بل يريان التخيير، فعملا بأحد الجانبين، وعمل ابن مسعود بعد أن أنكر على عثمان الإتمام فأتم هو أيضاً في منزله، وقال: (( الخلاف كله شر )) (22) أو نحو هذا، وقد حققنا البحث في المسألة في رسالة.
وإذا عرفت هذا القسم هان عليك ما تراه من اختلاف ألفاظ الروايات الصحيحة في الأمور المتكررة، وعرفت أنه لا تناقض ولا تعارض فإنهما يكونان مع اتحاد الزمان.
ولهذا قال أئمة الأصول: إنها لا [ تتعارض(23) ] أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه لا يمكن فعلان متعارضان في حين واحد، ولا يتصور ذلك؛ لأن لكل فعل له ظرف زمان لا يكون لغيره.
الثاني من الوجوه: أن تتحد القصة وتختلف الألفاظ فيها:
وهذا هو المشكل، وذلك واقع كثيراً كقضية بيع جمل جابر وشرائه صلى الله عليه وسلم له منه(24)، فإنه اختلف لفظه في القيمة، وفي اشتراطه ركوبه إلى المدينة، وكاختلافهم في ركوعات صلاة الكسوف مع أنه لم يصلها إلا مرة واحدة، بخلاف صلاة الخوف فإنه صلاها مراراً على وجوه مختلفة فهي من القسم الأول، وكاختلافهم في حجه، وكل منهم روى أنه حج صلى الله عليه وآله وسلم [ حجّاً(25) ] مفرداً، وآخرون رووا أنه تمتع، وآخرون أنه قارن، وهي في واقعة واحدة، وحجة واحدة، ونحو هذه الصور وهو كثير؛ فهذا لا بد فيه من النظر في الروايات وطرقها، والصحيح منها والراجح من المرجوح، وهو شيء عسير إلا على من سهله الله، فإن تم للناظر الترجيح كما تم للعلماء النظار في حديث جابر، فرجح البخاري رواية (( وشَرَطَ ظهره إلى المدينة )) (26)، ورواية في شرط ظهره إلى المدينة قال البخاري: ( الاشتراط أكثر ) (27) فرجَّح هذا اللفظ على الثلاثة الألفاظ المروية في القصة، وكذلك رجَّح أن القيمة كانت أوقية(2 على رواية مائتي درهم ورواية أربع أواقي ورواية عشرين ديناراً، قال البخاري: ( قول الشعبي بأوقية أكثر ) (29).
وفي صلاة الكسوف [ رجحوا ] (30) رواية الركوعين على من روى ثلاثة وأربعة وخمسة وأوضحوا الوجه في الترجيح.
فإن قوي للناظر ما قالوه فالمراد، وإن ظهر له الترجيح بخلاف ما رجحوا به فهذا باب اجتهاد مفتوح لمن فتح الله عليه، وإن لم يرجح عنده شيء قال الله أعلم، فإن من العلم أن يقول فيما لا يعلم: الله أعلم.
وأما العمل مع صحة الطرق أو حُسنها [ و ] (31) لم يترجح لك أحدها فالأظهر أنك مخير فيه لأن تقول كلٌّ قد روى، وذلك في مثل ركوعات صلاة الكسوف ولم يرجح إلى شيء منهما فالكل جائز في العمل به، وكذلك رجحوا أنه صلى الله عليه وآله وسلم حج قارناً، وثبت عند العلماء أنه يجوز الثلاثة الأنواع، إنما النزاع في الأفضل وفيما فعله صلى الله عليه وسلم، فإن رجح لك ما رجحوا به كونه صلى الله عليه وسلم حج قارناً وأحببت الأسوة، حججت قارناً، وإن لم يرجح لك فأنت مخير ولا يلزمك اعتقاد أي الثلاثة أفضل؛ فإنما أنت مخاطب ومكلف بأداء الحج، ولم يرجح لك أي الثلاثة فعله صلى الله عليه وسلم حتى تأسى به.
الثالث: أحاديث وردت بألفاظ مختلفة في قصة معينة، لا تناقض فيها، ولكن في كل رواية ما ليس في غيرها من الزيادة:
وذلك كقضية المسيء في صلاته(32) فإنها اختلفت ألفاظ الروايات بزيادة في حديث تعليمه له صلى الله عليه وسلم من بعض، ولهذا نظائر؛ فهاهنا نقول يعمل بالروايات كلها، ويحتمل أن بعض السامعين الذين نقلوا الواقعة حفظ ما لم يحفظ الآخرون، والكل صحابة صادقون، وإن العادات قاضية بوقوع هذا كثيراً، لأن من جلسائه صلى الله عليه وآله وسلم من يدنو منه فيسمع كل ما يقول، ومنهم من يبعد عنه فيسمع بعضاً، وكل يروي ما سمع وهو صادق، ومنهم من سمع ثم تعرض له النسيان فهو من لازم البشرية، وقد نسي صلى الله عليه وعلى آله وسلم آية من القرآن ثم لما سمعها من أحد من يتلو قال: (( رحم الله فلاناً لقد أذكرني آية كنت أنسيتها )) (33).
وقد وقع لعمر بن الخطاب مع عمَّار إنكاره لقصة التيمم، وذكَّره عمَّار فلم يذكر، والرواية معروفة في صحيح البخاري(34).
ونسي الزبير ما قاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديثه مع أمير المؤمنين علياً، وهو (( أنك تقاتله وأنت ظالم له )) ولما ذكَّره أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل تاب وترك القتال(35)، وفي رواية أنه قال له الزبير: ( وذكرتني ما أنسانيه ) (36).
وقد نسي صلى الله عليه وآله كونه جنباً فخرج إلى الصلاة فلما أقيمت ذكر أنه جنب فقال لأصحابه: (( على رسلكم )) ثم دخل منزله فاغتسل وخرج وصلى بهم(37).
وإذا عرفت هذا: فإذا روى جماعة من الصحابة قصةً معينةً واختلفت ألفاظهم فيها بالزيادة والنقصان فهو لأحد أمرين:
إما أنه نسي أحد الرواة بعضاً وروى بعضاً، أو أنه لم يسمع إلاَّ ما روى، فيصدق كلامهم فيما روي؛ لأن الكلام أنهم عدول صادقون يجب قبول روايتهم، كألفاظ قصة المسيء صلاته يعمل بكل ما ورد فيها لأنه واقعة واحدة؛ رواه أبو هريرة ورفاعة بن رافع كأنهما حصرا الموقف الذي علم صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته فيه، وكل واحد حفظ ما لم يحفظ الآخر فمن الزيادات (( فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر )) (3 وفي رواية (( فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم )) (39) وفي رواية (( لن تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه وبرجليه إلى الكعبين ثم يكبر الله ويحمده ويمجده )) (40) وفي رواية (( ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن )) (41) وفي رواية (( فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وهلله )) (42)وفي رواية (( اقرأ بأم القرآن أو بما شاء الله )) (43) ؛ والروايات في الحديث فيها زيادة ونقصان على ما ذكرنا، فقد ذكرناها كلها في حواشي ( العمدة ) وشرحها لابن دقيق العيد المسماة ( بالعدة ) (44) ، فهذه الروايات كلها يجب العمل بها لما عرَّفناك من أنها تعليم للواجب في موقف واحد، رواها ثقتان من الصحابة حفظ أحدهما ما لم يحفظ الآخر.
وأسباب الاختلاف في الزيادة والنقص رواية الحديث بالمعنى وهو الكثير في الروايات من الصحابة ومن بعدهم لأن الرواية به جائزة لمن يعرف الألفاظ ومعانيها، وغالب الرواة كذلك.
وقد حفظ الله السنة كما حفظ الكتاب، فيقع بسبب ذلك اختلاف الألفاظ، لكن الناظر إذا جمع ما وقع من الروايات في الحادثة حصل له الظن بالمعنى الصادر عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد يكون الاختلاف أن بعض الرواة حضر موقف حديثه صلى الله عليه وآله وسلم من أوله فروى ما سمعه كاملاً، وجاء غيره من الصحابة وهو صلى الله عليه وآله وسلم في أثناء حديثه فسمع آخر الحديث، فرواه ناقصاً كما في حديث عقبة بن عامر؛ أنها جاءت نوبته في رعاية الإبل فرعاها وروَّحها بعشي، فأدرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائماً يحدث الناس وأدرك من قوله: (( ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين يُقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنَّة ))، قال عقبة: ( فقلت ما أجود هذا )، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب قال: ( إني قد رأيتك جئت آنفاً ) فقال: (( ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيبلغ في الوضوء أو يسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلاَّ فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء )) رواه مسلم(45).
فعقبه لتأخره عن الموقف لم يسمع إلا بعض الحديث فلولا أن عمر روى له أوله لما عرفه.
فهكذا ما نجده عن الصحابة فيه زيادة ونقصان محمول على ما سقناه لك من أسباب النسيان أو التأخر عن الموقف وإن حضره من أوله أو التأخر عن حضوره الحديث من أوله، ولم نجعل من أسباب ذلك عدم الفهم لما قاله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنهم كانوا إذا لم يفهموا إستفهموا، وهو كثر في الأحاديث، وقد يكون في الحاضرين منافقون لا يرفعون لما يحدِّث به صلى الله عليه وسلم له رأساً ولا يصغون له سمعاً كالذين قال الله فيهم: { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً } قال الله فيهم { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }، ولكن بحمد الله هؤلاء لا يفهمون حديثاً، وقد صان الله أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن أن يرويها منافق قد طبع الله على قلبه.
وإذا عرفت هذا؛ عرفت صحة قول أئمة الأصول وأئمة علوم الحديث أن زيادة العدل من الرواة مقبولة، ما لم تكن منافية لما رواه الثقات ومصادمة له؛ لأنها لو قبلت مع ذلك لزم طرح رواية الثقات لأجل الزيادة، ورواة الجماعة أرجح من زيادة أحد الرواة ما يصادم روايتهم، وكذلك الزيادة من الراوي نفسه في روايته كأن يروي موقف الحديث مختصراً ويرويه في موقف آخر بزيادة فإنها تقبل زيادته؛ لأن بالفرض أنه عدلٌ حافظ، ويحمل اختصاره على عدم النشاط في الموقف أو حضور من لا يحب أن يسمع الحديث، وهذا شيء يجده الإنسان من نفسه في أحواله.
وبهذا تم الجواب عن أطراف السؤال والكشف ما كان فيه من الإشكال، فهذا تحقيق فتح الله به في جواب السؤال لا أعلم أنه قد سبق فيه لأحد مقال وإليه المرجع والمآل، والحمد لله وحده على جميع الأحوال، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله خير آل.
انـتـهى بتوفيق الله نص الرسالة المباركة
_________ حاشية مختصرة _________
(1) هو العلامة ناصر بن حسين المحبشي، كان عالماً ورعاً ناسكاً زاهداً، ولي القضاء في زمن الخليفة العباس بن منصور، ولما تولى القضاء أرسل إليه شيخه محمد بن إسماعيل الصنعاني قصيدة يلمه فيها، كتب مطلعها:
ذبحت نفسك لكن لا بسكين 00 كما رويناه عن طه وياسين
توفي رحمه الله يوم الجمعة سنة 1191هـ. انظر: ( البدر الطالع 2/219 ).
(2) أخرجه أحمد في ( المسند ح 16477- ح 16478 )، وأبو داود في ( السنن ح499 )، والترمذي في ( السنن ح189 ).
(3) صحيح مسلم ( ح840 ) في شرح النووي.
(4) "رجعت الكلام وغيره" أي: رددَّته، والترجيع في الأذان، معناه: ترديد الشهادتين مرَّتين، الأولى بخفض الصوت، والثانية برفعه. انظر: ( المصباح المنير 184 ).
(5) صحيح مسلم ( ح 840 ) في شرح النووي .
(6) ثوَّب الداعي تثويباً: إذا عاد مرَّة بعد أخرى، وأصله في اللغة: النداء بأعلى صت، وهو قول المؤذن في أذان الصبح (( الصلاة خير من النوم )). انظر: ( المغني في الإنباء عن غريب المهذب والأسماء 1/81 ).
(7) أخرجه النسائي في السنن ( ح647 )، وأبو داود في السنن ( ح500 ).
( صحيح البخاري ( ح 942 ) في الفتح، وصحيح مسلم ( ح1939 ) في شرح النووي، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
(9) فمما جاء في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري ( ح1044) في فتح، وصحيح مسلم ( ح2089 ) في شرح النووي. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم ( ح 2108 ) في شرح النووي. وحديث جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم ( ح2099 ) في شرح النووي، وحديث أُبي ابن كعب رضي الله عنه في سنن أبي داود ( ح1182 ).
(10) صحيح مسلم ( ح900 ) في شرح النووي.
(11) صحيح البخاري ( ح831 ) في الفتح، وصحيح مسلم ( ح895 ) في شرح النووي.
(12) هو الحسن بن أحمد بن محمد الجلال، العلامة الكبير، ولد في شهر رجب سنة 1014هـ بهجر، توفي ليلة الأحد لثمان بقين من ربيع الآخر سنة 1084هـ. انظر: ( البدر الطالع 1/191 ).
(13) انظر: ( ضوء النهار 1/ 464 ).
(14) انظر: ( توضيح الأفكار 2/44 ).
(15) "المنار في المختار من جواهر البحر الزخار"، لصالح بن مهدي بن علي المقبلي ثم الصنعاني ثم المكي، ولد في سنة 1047هـ، أخذ العلم عن جماعة من كبار علماء اليمن منهم العلامة محمد بن إبراهيم بن المفضل، ارتحل إلى صنعاء ومكة حتَّى توفي سنة 1108هـ. قال الشوكاني ناظماً أسماء كتبه:
لله در المقبلـــي فإنه 00 بحر خضم دان بالإنصـــاف
أبحاثه قد سددت سهماً إلى 00 نحر التعصب مرهف الأطراف
ومناره علم النجاح لطالب 00 مذ روح الأرواح بالإتحـاف
انظر: ( البدر الطالع 1/28.
(16) انظر: ( المنار 1/ 246-251 ).
(17) المَحْلُ: من التكلف في الشيء. انظر ( لسان العرب 13/40 ).
(1 انظر: ( زاد المعاد 1/ 447-455 ).
(19) انظر: ( مجموع الفتاوى 24/145 )، وأشار ابن القيم إليه في الهدي.
(20) سنن النسائي ( ح1456 ).
(21) وذلك ما جاء في صحيح مسلم ( ح2605 ) في شرح صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعاً.
(22) سنن أبي داود بلفظ (( الخلاف شر )) ( ح1960 ).
(23) المثبت في الأصل (( تعارض ))، والذي أثبته هو الذي يقتضيه السياق.
(24) صحيح البخاري ( ح2309 )في الفتح، وصحيح مسلم ( ح 4074 ) في شرح النووي.
( المثبت في الأصل (( حج ))، والذي أثبته هو الذي يقتضيه السياق.
(25) صحيح البخاري ( ح2718 ) في الفتح.
(26) فتح الباري 5/ 386.
(27) الأوقية إسم لأربعين درهماً. انظر: ( النهاية في غريب الأثر 5/217 ).
(2 فتح الباري 5/386.
(29) بداية المجتهد 1/401، والذي أُثبت في الأصل ( يرجحوا )، والذي أثبته هو الذي يقتضيه السياق.
(30) أثبته لحاجة السياق له.
(31) صحيح البخاري ( ح793 ) في الفتح، وصحيح مسلم ( ح833 ) في شرح النووي.
(32) صحيح البخاري ( ح5038 ) في الفتح، وصحيح مسلم ( ح1834 ) في شرح النووي.
(34) صحيح البخاري ( ح338 ) في الفتح.
(35) مصنف ابن أبي شيبة ( ح37827- ح37828 )، والحاكم في المستدرك ( ح5573 ).
(36) الحاكم في المستدرك بلفظ (( بلى، ولكني نسيت )) ( ح5576 ).
(37) صحيح البخاري ( ح275- ح639- ح640 ) مع الفتح.
(3 صحيح البخاري ( ح6251 )في الفتح، وصحيح مسلم ( ح884 ) في شرح النووي.
(39) سنن الترمذي ( ح302 ).
(40) سنن أبي داود ( ح858 ).
(41) صحيح البخاري ( ح757 ) في الفتح، وصحيح مسلم ( ح883 ) في شرح النووي.
(42) سنن أبي داود ( ح861 )، وسنن الترمذي ( ح 302 ).
(43) سنن أبي داود ( ح859 ).
(44) انظر: ( العدة 2/359 ).
(45) صحيح مسلم ( ح552 ) في شرح النووي.