الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
فـإني أحببت بهذه المشاركة الإشارة لوجه تعليل الخبر الشهير الوارد في التحذير من الاجتماع للتعزية ، وسيكون هذا باختصار لأسباب خاصة فلعل الإخوة يكملون البحث
جاء في سنن ابن ماجه:
60- بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَن الاِجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ
1612- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (ح) وحَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ ، قَالَ : كُنَّا نَرَى الاِجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنَ النِّيَاحَةِ.
الوجه الأول في إعلاله عنعنة هشيم :
فقد أتى هذا اللفظ من طرق مدارها على هشيم وقد عنعنه ولم يصرح في أي طريق بالتحديث وهو من مشاهير المدلسين والمكثرين منه إلا في شيخه حصين كما قال الإمام أحمد.
واقتصر على قول ابن سعد في الطبقات:
هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ وَيُكْنَى أَبَا مُعَاوِيَةَ، مَوْلًى لِبَنِي سُلَيْمٍ، وَكَانَ ثِقَةً، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، ثَبْتًا، يُدَلِّسُ كَثِيرًا، فَمَا قَالَ فِي حَدِيثِهِ أَخْبَرَنَا فَهُوَ حُجَّةٌ، وَمَا لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَخْبَرَنَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ا.هـــ
الوجه الثاني ورود الأثر بسند صحيح بلفظ مغاير:
فروى الطبراني في الكبير:
2278- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ : يُعَدِّدُونَ الْمَيِّتَ ، أَوْ قَالَ : أَهْلَ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدْفَنُ ؟ - شَكَّ إِسْمَاعِيلُ - قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : كُنَّا نَعُدُّهَا النِّيَاحَةَ.
فهذه مخالفة في المتن فالطريق واحدة.
وهذا سند صحيح شيخ الطبراني ثقة، وسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ هو سعدويه ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، لَعَلَّهُ أَوْثَقُ مِنْ عَفَّانَ ا.هـ
والمخالفة من جهات:
1- أن قول الصحابي (كنا نرى) (كنا نعد) قد ذهب جماعة من المحدثين لكونها من قبيل المرفوع حكما، ورجحه الحافظ في النكت والسيوطي في الألفية فقال:
وَلْيُعَطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوابِ ... نَحْوُ: مِنَ السُّنَّةِ، مِنْ صَحَابِي
كَذَا: أُمِرْنَا، وَكَذَا: كُنَّا نَرَى ... فِي عَهْدِهِ، أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى
قال الإثيوبي في الشرح:
وحاصل المعنى: أن قول الصحابي كنا نرى كذا ونحوه مرفوع حكماً سواء أضافه إلى عهده - صلى الله عليه وسلم - كالأمثلة السابقة أم لم يضفه كقول عائشة - رضي الله عنها -: " كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه " وقول جابر - رضي الله عنه -: " كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا ".
وهذا القول للحاكم أبي عبد الله، وفخر الدين الرازي، وقواه العراقي، والنووي، وقال: هو ظاهر استعمال كثير من المحدثين والصحابة، واعتمده الشيخان في صحيحيهما، وأكثر منه البخاري. ا.هــــــــــ
وفي هذا عندي نظر فهو لللإجماع أقرب، وعلى أية حال فالرواية عند الطبراني صريحة في الوقف فلا هو مرفوع حكما ولا إجماع.
2- الجهة الثانية في المخالفة من حيث لفظ المتن فلفظ الطبراني ليس فيه ذكر الاجتماع للتعزية.
ولذا قال أبواود:
ذكرت لأحمد حديث هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير: كنا نعد الإجتماع عند أهل الميت وصنعة الطعام لهم من أمر الجاهلية؟"
قال: زعموا أنه سمعه من شريك.
قال أحمد :وما أٌرى لهذا الحديث أصلًا ا.هـــ مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود ص388 ط. طارق عوض الله
وجاء في علل الدرقطني:
3353- وسئل عن حديث قيس، عن جرير، قال: كانوا يرون الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة.
فقال: يرويه هشيم بن بشير، واختلف عنه؛
فرواه سريج بن يونس، والحسن بن عرفة، عن هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير.
ورواه خالد بن القاسم المدائني، قيل: ثقة؟ قال: لا أضمن لك هذا، جرحوه، عن هشيم، عن شريك، عن إسماعيل.
ورواه أيضا، عباد بن العوام، عن إسماعيل كذلك. ا.هـــ
وخلاصة الأمر فاللفظ الأول منكر من جهة عنعنة هشيم وقد ثبت تدليسه عن الضعفاء وهكذا المخالفة في المتن فلا يصح إيراد بعض الشواهد للفظ الأول وكذا المتابعات لأن اللفظ فيه مخالفة ، والشاذ والمنكر لا يصلح في الشواهد والمتابعات هذا فضلا بأن ما يوردونه لتقوية الأثر بعضه متروك وبعضه كأنه معضلات وبعضه موقوف مع ضعفه فأنّا يتقوى الخبر بها والله أعلم.
أما بعد
فـإني أحببت بهذه المشاركة الإشارة لوجه تعليل الخبر الشهير الوارد في التحذير من الاجتماع للتعزية ، وسيكون هذا باختصار لأسباب خاصة فلعل الإخوة يكملون البحث
جاء في سنن ابن ماجه:
60- بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَن الاِجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ
1612- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (ح) وحَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ ، قَالَ : كُنَّا نَرَى الاِجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنَ النِّيَاحَةِ.
الوجه الأول في إعلاله عنعنة هشيم :
فقد أتى هذا اللفظ من طرق مدارها على هشيم وقد عنعنه ولم يصرح في أي طريق بالتحديث وهو من مشاهير المدلسين والمكثرين منه إلا في شيخه حصين كما قال الإمام أحمد.
واقتصر على قول ابن سعد في الطبقات:
هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ وَيُكْنَى أَبَا مُعَاوِيَةَ، مَوْلًى لِبَنِي سُلَيْمٍ، وَكَانَ ثِقَةً، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، ثَبْتًا، يُدَلِّسُ كَثِيرًا، فَمَا قَالَ فِي حَدِيثِهِ أَخْبَرَنَا فَهُوَ حُجَّةٌ، وَمَا لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَخْبَرَنَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ا.هـــ
الوجه الثاني ورود الأثر بسند صحيح بلفظ مغاير:
فروى الطبراني في الكبير:
2278- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ : يُعَدِّدُونَ الْمَيِّتَ ، أَوْ قَالَ : أَهْلَ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدْفَنُ ؟ - شَكَّ إِسْمَاعِيلُ - قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : كُنَّا نَعُدُّهَا النِّيَاحَةَ.
فهذه مخالفة في المتن فالطريق واحدة.
وهذا سند صحيح شيخ الطبراني ثقة، وسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ هو سعدويه ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، لَعَلَّهُ أَوْثَقُ مِنْ عَفَّانَ ا.هـ
والمخالفة من جهات:
1- أن قول الصحابي (كنا نرى) (كنا نعد) قد ذهب جماعة من المحدثين لكونها من قبيل المرفوع حكما، ورجحه الحافظ في النكت والسيوطي في الألفية فقال:
وَلْيُعَطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوابِ ... نَحْوُ: مِنَ السُّنَّةِ، مِنْ صَحَابِي
كَذَا: أُمِرْنَا، وَكَذَا: كُنَّا نَرَى ... فِي عَهْدِهِ، أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى
قال الإثيوبي في الشرح:
وحاصل المعنى: أن قول الصحابي كنا نرى كذا ونحوه مرفوع حكماً سواء أضافه إلى عهده - صلى الله عليه وسلم - كالأمثلة السابقة أم لم يضفه كقول عائشة - رضي الله عنها -: " كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه " وقول جابر - رضي الله عنه -: " كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا ".
وهذا القول للحاكم أبي عبد الله، وفخر الدين الرازي، وقواه العراقي، والنووي، وقال: هو ظاهر استعمال كثير من المحدثين والصحابة، واعتمده الشيخان في صحيحيهما، وأكثر منه البخاري. ا.هــــــــــ
وفي هذا عندي نظر فهو لللإجماع أقرب، وعلى أية حال فالرواية عند الطبراني صريحة في الوقف فلا هو مرفوع حكما ولا إجماع.
2- الجهة الثانية في المخالفة من حيث لفظ المتن فلفظ الطبراني ليس فيه ذكر الاجتماع للتعزية.
ولذا قال أبواود:
ذكرت لأحمد حديث هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير: كنا نعد الإجتماع عند أهل الميت وصنعة الطعام لهم من أمر الجاهلية؟"
قال: زعموا أنه سمعه من شريك.
قال أحمد :وما أٌرى لهذا الحديث أصلًا ا.هـــ مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود ص388 ط. طارق عوض الله
وجاء في علل الدرقطني:
3353- وسئل عن حديث قيس، عن جرير، قال: كانوا يرون الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة.
فقال: يرويه هشيم بن بشير، واختلف عنه؛
فرواه سريج بن يونس، والحسن بن عرفة، عن هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير.
ورواه خالد بن القاسم المدائني، قيل: ثقة؟ قال: لا أضمن لك هذا، جرحوه، عن هشيم، عن شريك، عن إسماعيل.
ورواه أيضا، عباد بن العوام، عن إسماعيل كذلك. ا.هـــ
وخلاصة الأمر فاللفظ الأول منكر من جهة عنعنة هشيم وقد ثبت تدليسه عن الضعفاء وهكذا المخالفة في المتن فلا يصح إيراد بعض الشواهد للفظ الأول وكذا المتابعات لأن اللفظ فيه مخالفة ، والشاذ والمنكر لا يصلح في الشواهد والمتابعات هذا فضلا بأن ما يوردونه لتقوية الأثر بعضه متروك وبعضه كأنه معضلات وبعضه موقوف مع ضعفه فأنّا يتقوى الخبر بها والله أعلم.
تعليق