تويت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال ابن ماجه في سننه 420- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَعْنَبٍ أَبُو بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَرَادَةَ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ دَعَا بِمَاءٍ ، فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ، فَقَالَ : هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ ، أَوْ قَالَ : وُضُوءٌ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْهُ ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا وُضُوءٌ مَنْ تَوَضَّأَهُ ، أَعْطَاهُ اللَّهُ كِفْلَيْنِ مِنَ الأَجْرِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا ، فَقَالَ : هَذَا وُضُوئِي , وَوُضُوءُ الْمُرْسَلِينَ قَبْلِي.
وهذا سندٌ ضعيف جداً من أجل عبد الله بن عرادة
قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ضعيف .
و قال فى موضع آخر : ليس بشىء .
و قال البخارى : منكر الحديث .
و قال أبو داود : ليس به بأس .
و قال أبو أحمد بن عدى : عامة ما يرويه ، لا يتابع عليه .
كلمة ابن معين والبخاري وابن عدي كلها تلتقي على الضعف الشديد
وزاد ابن حجر في التهذيب :" قال العقيلى : يخالف فى حديثه ، و يهم كثيرا .
و قال الحربى : غير معروف .
و قال ابن حبان : كان يقلب الأخبار ، لا يجوز الاحتجاج به .
و قال النسائى فى كتاب " التمييز " : ليس بثقة"
وكلمة النسائي صريحة في التضعيف الشديد وإليه يومي كلام العقيلي
وقال مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال :" ولما ذكره الساجي في كتاب " الجرح والتعديل " قال: ضعيف منكر الحديث.
وقال أبو جعفر العقيلي: يخالف في حديثه ويهم كثيرا.
وقال أبو حفص بن شاهين: ضعيف وفي كتاب " الضعفاء " لابن الجارود: منكر الحديث"
أقول : وكلام الساجي وابن الجارود أيضاً تضعيف شديد ، وقد استنكر عليه العقيلي هذا الحديث بعينه
قال أبو داود الطيالسي 1924 - قال حدثنا سلام الطويل عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن بن عمر : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ مرة مرة وقال هذا وظيفة الوضوء الذي لا تحل الصلاة الا به ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من أراد ان يضاعف له الأجر مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي وضوء الأنبياء قبلى
وسلام الطويل قال الحافظ في التقريب :" متروك "
وقال أبو يعلى في مسنده 5598 - حدثنا أحمد بن بشير المذكر حدثنا عبد الرحيم العمي عن أبي عن معاوية بن قرة المزني عن ابن عمر قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة مرة فقال : هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين فقال : هذا القصد من الوضوء يضاعف لصاحبه أجره مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا فقال : هذا وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم ن ووضوء الأنبياء قبلي وهو وظيفة الوضوء فمن توضأ وضوئي هذا ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء
عبد الرحيم قال الحافظ في التقريب :" متروك "
وقال الدارقطني في سننه 1 - نا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي نا عباد بن يعقوب نا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن عبد الله بن عمر قال : دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بماء فتوضأ به مرة مرة ثم قال هذا وظيفة الوضوء الذي لا يقبل الله صلاة إلا به ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين ثم قال هذا وضوء من توضأ به كان له أجره مرتين ثم مكث ساعة ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال هذا وضوئي ووضوء النبيين قبلي
أقول : محمد بن الفضل بن عطية كذاب
وفي مسند أحمد 5735 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ تَوَضَّأَ وَاحِدَةً فَتِلْكَ وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا، وَمَنْ تَوَضَّأَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ كِفْلَيْنِ ، وَمَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا فَذَلِكَ وُضُوئِي، وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي
قال الدارقطني في العلل (13/226) :" يرويه زيد العمّي ، وقد اختلف عنه ؛
فرواه سلام بن سالم الطويل ، وعَبد الرحيم بن زيد العمي ، ومحمد بن الفضل بن عطية ، عن زيد العمي ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عُمَر.
ورواه أبوإسرائيل الملائي ، عن زيد العمي ، عن نافع ، عن ابن عُمَر ، وَوهِمَ فيهِ.
والصواب قول من قال : عن معاوية بن قرة.
وقال مرحوم بن عبد العزيز العطار : عن عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه ، عن معاوية بن قرة مرسلاًً.
ورواه عبد الله بن عرادة ، عن زيد العمي ، عن معاوية بن قرة ، عن عُبَيد بن عمير ، عن أبي بن كعب . ولم يُتَابع عليه"
فغلط أبو إسرائيل في سنده وعاد الأمر إلى رواية الهلكى والتي سيأتي تنصيص أبي زرعة على وهائها ، ولو كان محفوظاً لكان انفراد زيد العمي عن نافع من دون بقية أصحابه منكراً
وقال الدارقطني في سننه 4 - نا إسماعيل بن محمد الصفار نا العباس بن الفضل بن رشيد وحدثنا دعلج بن أحمد ثنا الحسن بن سفيان قالا نا المسيب بن واضح نا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر : قال توضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة مرة وقال هذا وضوء من لا يقبل الله منه الصلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين من قبلي تفرد به المسيب بن واضح عن حفص بن ميسرة والمسيب ضعيف
المسيب ضعيف وكلام الدارقطني هذا استنكار ، لأن الحديث لا يعرف من طريق ابن عمر بطرق واهية فانفراده بمثل هذا يعد منكراً ، وقد اضطرب فيه المسيب على ضعفه فرواه من طريق أبي داود النخعي الكذاب وهو أليق به
قال ابن عدي في الكامل (4/221) : حَدَّثَنَا مُحَمد بن تمام بن صالح البهراني بحمص ، حَدَّثَنا المُسَيَّب بن واضح ، حَدَّثَنا سليمان بن عَمْرو النخعي ، عَن أبي حازم ، عنِ ابن عُمَر قال : توضأ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة مرة فأسبغ الوضوء ثم قال : هذا وظيفة الوضوء ، ووضوء من لا يقبل الله صلاته إلاَّ به ، ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال : هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين ، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ، وما زاد فهو إسراف وَهو من الشيطان.
وقال ابن شاهين في الترغيب بفضائل الأعمال 23 - حدثنا عمر قال : ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، فقال : أنا محمد بن مصفى ، أنا ابن أبي فديك ، قال : حدثني طلحة بن يحيى ، عن أنس بن مالك ، قال : « دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه فغسل وجهه مرة ويديه مرة ورجليه مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله عز وجل الصلاة إلا به ، ثم دعا بوضوء فتوضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء ، من توضأ ضاعف له الأجر مرتين ، ثم دعا بوضوء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هكذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم ووضوء النبيين قبله ، أو قال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي »
منقطع بين طلحة وأنس
وقال تمام في مسند المقلين من الأمراء 14 - حدثني أبو الحسن علي بن الحسن بن علان الحراني ثنا أبو علي أحمد بن الحسن ثنا عبد الله المقدسي ، ببغداد ثنا علي بن محمد بن أبان الفضل المصري ، حدثني أبي ، عن علي بن أبي حميلة ، عن أبيه ، عن عبد الملك بن مروان ، حدثني أبو خالد ، حدثني أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : « هذا وضوئي ، ووضوء الأنبياء قبلي » حديث آخر
إسناده مجاهيل وعبد الملك بن مروان متكلمٌ في عدالته ولا يحتمل التفرد بهذا
وقال الطبراني في الأوسط 3803 - حدثنا سيف بن عمرو الغزي قال : نا محمد بن أبي السري العسقلاني قال : نا أبو هنيدة قال : نا ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بوضوء فتوضأ واحدة واحدة ، فقال : « هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به » ثم توضأ ثنتين ثنتين ، فقال : « هذا وضوء الأمم قبلكم » ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ، فقال « هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي » « لا يروى هذا الحديث عن ابن بريدة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : محمد بن أبي السري »
وهذا واه ابن لهيعة كان يلقن فيتلقن وابن أبي السري له مناكير وأبو هنيدة لا يعرف
وقال ابن المظفر في غرائب مالك 33 - حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد بمصر ، نا عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ، نا علي بن الحسن ، نا مالك ، عن ربيعة ، عن ابن المسيب ، عن زيد بن ثابت ، وأبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا بالماء فتوضأ مرة وقال : « هذا الذي لا يقبل الله العمل إلا به . وتوضأ مرتين وقال : هذا يضاعفه الله للأجر ، وتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي »
وعبد الرحمن منكر الحديث كما في الميزان للذهبي
وقال الخلال في المجالس العشرة 89 - حدثنا الحسن ثنا أبو الفتح يوسف بن عمر القواس الزاهد ، ثنا محمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي ، ثنا محمد بن عمر بن نافع ، بالفسطاط ، ثنا علي بن الحسن ، ثنا مالك بن أنس ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن سعيد بن المسيب ، عن زيد بن ثابت ، وأبي هريرة رحمهما الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « دعا بماء فتوضأ مرة فقال » هذا الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به « وتوضأ مرتين مرتين وقال : » هذا يضاعف به الأجر « وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال : » هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي «
محمد بن عمر لم أعرفه وانفراد مثله عن مالك بمثل هذا الخبر الذي ليس في الموطأ ولم يروه أحد من أصحاب مالك المعروفين باطل
وقال الدارقطني في غرائب مالك نقلاً عن نصب الراية (1/61) :" تَفَرَّدَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، وَكَانَ ضَعِيفًا انْتَهَى "
وقد ضعف أبو حاتم الرازي هذا الحديث
قال ابن أبي حاتم في العلل :" 100- وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ عبدُ الرّحِيمِ بن زيدٍ العمِّيُّ ، عن أبِيهِ ، عن مُعاوِية بن قُرّة ، عنِ ابنِ عُمر ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، أنّهُ توضّأ مرّةً مرّةً ، وقال : هذا وُضُوءُ من لاَ يقبلُ الله لهُ صلاةً إِلاَّ بِهِ ، ثُمّ توضّأ مرّتينِ مرّتينِ ، وقال : هذا وُضُوءُ من يُضاعِفُ اللَّهُ لهُ الأجر مرّتينِ ، ثُمّ توضّأ ثلاثًا ثلاثًا ، وقال : هذا وُضُوئِي ووضُوءُ الأنبِياءِ قبلِي.
فقال أبِي : عبدُ الرّحِيمِ بن زيدٍ : مترُوكُ الحدِيثِ ، وزيدٌ العمِّيُّ : ضعِيفُ الحدِيثِ ، ولاَ يصِحُّ هذا الحدِيثُ عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وسُئِل أبُو زُرعة ، عن هذا الحدِيثِ ، فقال : هُو عِندِي حدِيثٌ واهٍ ، ومُعاوِيةُ بن قُرّة لم يلحقِ ابن عُمر.
قُلتُ لأبِي : فإِنّ الرّبِيع بن سُليمان حدّثنا بهذا الحدِيث ، عن أسدِ بن مُوسى ، عن سلامِ بن سُليمٍ ، عن زيدِ بن أسلم ، عن مُعاوِية بن قُرّة ، عنِ ابنِ عُمر ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
فقال : هُو سلامٌ الطّوِيلُ ، وهُو مترُوكُ الحدِيثِ ، وهُو زيدٌ العمِّيُّ ، وهُو ضعِيفُ الحدِيثِ"
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار :" وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ كُلُّهَا ضَعِيفٌ"
وقال أبو الوليد الباجي في المتقى شرح الموطأ (1/31) :" وَروى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَيْسَتْ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ بِالْقَوِيَّةِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهَا "
وليس الباجي من أهل الصنعة غير أنني أورد قوله استئناساً
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/21
:" وَقَدْ اِعْتَرَضَ بَعْضهمْ عَلَى الْحَلِيمِيّ بِحَدِيثِ " هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوء الْأَنْبِيَاء قَبْلِي " وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَصِحّ الِاحْتِجَاج بِهِ لِضَعْفِهِ ؛ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْوُضُوء مِنْ خَصَائِص الْأَنْبِيَاء دُون أُمَمهمْ إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّة"
وهذا الكلام يدل على بطلان متن هذا الحديث لمعارضته حديث الغرة والتحجيل الذي يدل على أن الوضوء بهذه الصورة من خصائص هذه الأمة ، والمتن الباطل لا ينفعه تعدد الطرق فكيف بتلك الواهيات التي لا تنفع المتون سليمة المعنى
قال ابن بطال في شرح البخاري (1/234) :" قال أبو محمد الأصيلى: هذا الحديث يدل أن هذه الأمة مخصوصة بالوضوء من بين سائر الأمم.
قال غيره: وإذا تقرر هذا بطل ما روى عن النبى، - صلى الله عليه وسلم -: أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، فقال: تمت هذا وضوئى ووضوء الأنبياء قبلى - ، وهو حديث لا يصح سنده، ومداره على زيد العمى، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر، وزيد ضعيف"
وقال النووي في شرح مسلم (1/ 401) :" وَقَدْ اِسْتَدَلَّ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْوُضُوء مِنْ خَصَائِص هَذِهِ الْأُمَّة - زَادَهَا اللَّه تَعَالَى شَرَفًا - وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَ الْوُضُوء مُخْتَصًّا بِهَا وَإِنَّمَا الَّذِي اِخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّة الْغُرَّة وَالتَّحْجِيل ، وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْآخَر : " هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوء الْأَنْبِيَاء قَبْلِي " ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْ هَذَا بِجَوَابَيْنِ أَحَدهمَا : أَنَّهُ حَدِيث ضَعِيف مَعْرُوف الضَّعْف ، وَالثَّانِي : لَوْ صَحَّ اِحْتَمَلَ أَنْ يَكُون الْأَنْبِيَاء اِخْتَصَّتْ بِالْوُضُوءِ دُون أُمَمهمْ إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّة . وَاَللَّه أَعْلَم "
أقول : الجواب الثاني فيه تكلف فإن الأصل في أمم الأنبياء أنهم يتبعون أنبياءهم ويقتدون بهم خصوصاً في أمور العبادات
وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 259) :" وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إذ توضأ ثلاثا ثلاثا فقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" فحديث ضعيف لا يجيئ من وجه صحيح ولا يحتج بمثله فكيف أن يتعارض به مثل هذا الحديث الذي قد روي من وجوه صحاح ثابتة من أحاديث الأئمة وحديث: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" فإنما يدور على زيد بن الحواري العمي والد عبد الرحيم بن زيد وهو انفرد به وهو ضعيف ليس بثقة ولا ممن يحتج به وقد اختلف عليه فيه أيضا فرواه عبد الله بن عرابة عن زيد بن الحواري العمي عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم"
وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (23/ 16 :" والحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئى ووضوء الأنبياء قبلي حديث ضعيف عند أهل العلم بالحديث لا يجوز الاحتجاج بمثله وليس عند أهل الكتاب خبر عن أحد من الأنبياء أنه كان يتوضأ وضوء المسلمين"
وتأويل من تأول الحديث على اختصاص الأمة بالغرة والتحجيل ، دون الوضوء تأويل فيه تكلف فإن الغرة والتحجيل من آثار الوضوء
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد :
قال ابن ماجه في سننه 420- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَعْنَبٍ أَبُو بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَرَادَةَ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ دَعَا بِمَاءٍ ، فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ، فَقَالَ : هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ ، أَوْ قَالَ : وُضُوءٌ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْهُ ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا وُضُوءٌ مَنْ تَوَضَّأَهُ ، أَعْطَاهُ اللَّهُ كِفْلَيْنِ مِنَ الأَجْرِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا ، فَقَالَ : هَذَا وُضُوئِي , وَوُضُوءُ الْمُرْسَلِينَ قَبْلِي.
وهذا سندٌ ضعيف جداً من أجل عبد الله بن عرادة
قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ضعيف .
و قال فى موضع آخر : ليس بشىء .
و قال البخارى : منكر الحديث .
و قال أبو داود : ليس به بأس .
و قال أبو أحمد بن عدى : عامة ما يرويه ، لا يتابع عليه .
كلمة ابن معين والبخاري وابن عدي كلها تلتقي على الضعف الشديد
وزاد ابن حجر في التهذيب :" قال العقيلى : يخالف فى حديثه ، و يهم كثيرا .
و قال الحربى : غير معروف .
و قال ابن حبان : كان يقلب الأخبار ، لا يجوز الاحتجاج به .
و قال النسائى فى كتاب " التمييز " : ليس بثقة"
وكلمة النسائي صريحة في التضعيف الشديد وإليه يومي كلام العقيلي
وقال مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال :" ولما ذكره الساجي في كتاب " الجرح والتعديل " قال: ضعيف منكر الحديث.
وقال أبو جعفر العقيلي: يخالف في حديثه ويهم كثيرا.
وقال أبو حفص بن شاهين: ضعيف وفي كتاب " الضعفاء " لابن الجارود: منكر الحديث"
أقول : وكلام الساجي وابن الجارود أيضاً تضعيف شديد ، وقد استنكر عليه العقيلي هذا الحديث بعينه
قال أبو داود الطيالسي 1924 - قال حدثنا سلام الطويل عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن بن عمر : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ مرة مرة وقال هذا وظيفة الوضوء الذي لا تحل الصلاة الا به ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من أراد ان يضاعف له الأجر مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي وضوء الأنبياء قبلى
وسلام الطويل قال الحافظ في التقريب :" متروك "
وقال أبو يعلى في مسنده 5598 - حدثنا أحمد بن بشير المذكر حدثنا عبد الرحيم العمي عن أبي عن معاوية بن قرة المزني عن ابن عمر قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة مرة فقال : هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين فقال : هذا القصد من الوضوء يضاعف لصاحبه أجره مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا فقال : هذا وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم ن ووضوء الأنبياء قبلي وهو وظيفة الوضوء فمن توضأ وضوئي هذا ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء
عبد الرحيم قال الحافظ في التقريب :" متروك "
وقال الدارقطني في سننه 1 - نا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي نا عباد بن يعقوب نا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن عبد الله بن عمر قال : دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بماء فتوضأ به مرة مرة ثم قال هذا وظيفة الوضوء الذي لا يقبل الله صلاة إلا به ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين ثم قال هذا وضوء من توضأ به كان له أجره مرتين ثم مكث ساعة ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال هذا وضوئي ووضوء النبيين قبلي
أقول : محمد بن الفضل بن عطية كذاب
وفي مسند أحمد 5735 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ تَوَضَّأَ وَاحِدَةً فَتِلْكَ وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا، وَمَنْ تَوَضَّأَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ كِفْلَيْنِ ، وَمَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا فَذَلِكَ وُضُوئِي، وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي
قال الدارقطني في العلل (13/226) :" يرويه زيد العمّي ، وقد اختلف عنه ؛
فرواه سلام بن سالم الطويل ، وعَبد الرحيم بن زيد العمي ، ومحمد بن الفضل بن عطية ، عن زيد العمي ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عُمَر.
ورواه أبوإسرائيل الملائي ، عن زيد العمي ، عن نافع ، عن ابن عُمَر ، وَوهِمَ فيهِ.
والصواب قول من قال : عن معاوية بن قرة.
وقال مرحوم بن عبد العزيز العطار : عن عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه ، عن معاوية بن قرة مرسلاًً.
ورواه عبد الله بن عرادة ، عن زيد العمي ، عن معاوية بن قرة ، عن عُبَيد بن عمير ، عن أبي بن كعب . ولم يُتَابع عليه"
فغلط أبو إسرائيل في سنده وعاد الأمر إلى رواية الهلكى والتي سيأتي تنصيص أبي زرعة على وهائها ، ولو كان محفوظاً لكان انفراد زيد العمي عن نافع من دون بقية أصحابه منكراً
وقال الدارقطني في سننه 4 - نا إسماعيل بن محمد الصفار نا العباس بن الفضل بن رشيد وحدثنا دعلج بن أحمد ثنا الحسن بن سفيان قالا نا المسيب بن واضح نا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر : قال توضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة مرة وقال هذا وضوء من لا يقبل الله منه الصلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين من قبلي تفرد به المسيب بن واضح عن حفص بن ميسرة والمسيب ضعيف
المسيب ضعيف وكلام الدارقطني هذا استنكار ، لأن الحديث لا يعرف من طريق ابن عمر بطرق واهية فانفراده بمثل هذا يعد منكراً ، وقد اضطرب فيه المسيب على ضعفه فرواه من طريق أبي داود النخعي الكذاب وهو أليق به
قال ابن عدي في الكامل (4/221) : حَدَّثَنَا مُحَمد بن تمام بن صالح البهراني بحمص ، حَدَّثَنا المُسَيَّب بن واضح ، حَدَّثَنا سليمان بن عَمْرو النخعي ، عَن أبي حازم ، عنِ ابن عُمَر قال : توضأ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة مرة فأسبغ الوضوء ثم قال : هذا وظيفة الوضوء ، ووضوء من لا يقبل الله صلاته إلاَّ به ، ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال : هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين ، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ، وما زاد فهو إسراف وَهو من الشيطان.
وقال ابن شاهين في الترغيب بفضائل الأعمال 23 - حدثنا عمر قال : ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، فقال : أنا محمد بن مصفى ، أنا ابن أبي فديك ، قال : حدثني طلحة بن يحيى ، عن أنس بن مالك ، قال : « دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه فغسل وجهه مرة ويديه مرة ورجليه مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله عز وجل الصلاة إلا به ، ثم دعا بوضوء فتوضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء ، من توضأ ضاعف له الأجر مرتين ، ثم دعا بوضوء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هكذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم ووضوء النبيين قبله ، أو قال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي »
منقطع بين طلحة وأنس
وقال تمام في مسند المقلين من الأمراء 14 - حدثني أبو الحسن علي بن الحسن بن علان الحراني ثنا أبو علي أحمد بن الحسن ثنا عبد الله المقدسي ، ببغداد ثنا علي بن محمد بن أبان الفضل المصري ، حدثني أبي ، عن علي بن أبي حميلة ، عن أبيه ، عن عبد الملك بن مروان ، حدثني أبو خالد ، حدثني أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : « هذا وضوئي ، ووضوء الأنبياء قبلي » حديث آخر
إسناده مجاهيل وعبد الملك بن مروان متكلمٌ في عدالته ولا يحتمل التفرد بهذا
وقال الطبراني في الأوسط 3803 - حدثنا سيف بن عمرو الغزي قال : نا محمد بن أبي السري العسقلاني قال : نا أبو هنيدة قال : نا ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بوضوء فتوضأ واحدة واحدة ، فقال : « هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به » ثم توضأ ثنتين ثنتين ، فقال : « هذا وضوء الأمم قبلكم » ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ، فقال « هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي » « لا يروى هذا الحديث عن ابن بريدة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : محمد بن أبي السري »
وهذا واه ابن لهيعة كان يلقن فيتلقن وابن أبي السري له مناكير وأبو هنيدة لا يعرف
وقال ابن المظفر في غرائب مالك 33 - حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد بمصر ، نا عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ، نا علي بن الحسن ، نا مالك ، عن ربيعة ، عن ابن المسيب ، عن زيد بن ثابت ، وأبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا بالماء فتوضأ مرة وقال : « هذا الذي لا يقبل الله العمل إلا به . وتوضأ مرتين وقال : هذا يضاعفه الله للأجر ، وتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي »
وعبد الرحمن منكر الحديث كما في الميزان للذهبي
وقال الخلال في المجالس العشرة 89 - حدثنا الحسن ثنا أبو الفتح يوسف بن عمر القواس الزاهد ، ثنا محمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي ، ثنا محمد بن عمر بن نافع ، بالفسطاط ، ثنا علي بن الحسن ، ثنا مالك بن أنس ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن سعيد بن المسيب ، عن زيد بن ثابت ، وأبي هريرة رحمهما الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « دعا بماء فتوضأ مرة فقال » هذا الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به « وتوضأ مرتين مرتين وقال : » هذا يضاعف به الأجر « وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال : » هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي «
محمد بن عمر لم أعرفه وانفراد مثله عن مالك بمثل هذا الخبر الذي ليس في الموطأ ولم يروه أحد من أصحاب مالك المعروفين باطل
وقال الدارقطني في غرائب مالك نقلاً عن نصب الراية (1/61) :" تَفَرَّدَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، وَكَانَ ضَعِيفًا انْتَهَى "
وقد ضعف أبو حاتم الرازي هذا الحديث
قال ابن أبي حاتم في العلل :" 100- وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ عبدُ الرّحِيمِ بن زيدٍ العمِّيُّ ، عن أبِيهِ ، عن مُعاوِية بن قُرّة ، عنِ ابنِ عُمر ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، أنّهُ توضّأ مرّةً مرّةً ، وقال : هذا وُضُوءُ من لاَ يقبلُ الله لهُ صلاةً إِلاَّ بِهِ ، ثُمّ توضّأ مرّتينِ مرّتينِ ، وقال : هذا وُضُوءُ من يُضاعِفُ اللَّهُ لهُ الأجر مرّتينِ ، ثُمّ توضّأ ثلاثًا ثلاثًا ، وقال : هذا وُضُوئِي ووضُوءُ الأنبِياءِ قبلِي.
فقال أبِي : عبدُ الرّحِيمِ بن زيدٍ : مترُوكُ الحدِيثِ ، وزيدٌ العمِّيُّ : ضعِيفُ الحدِيثِ ، ولاَ يصِحُّ هذا الحدِيثُ عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وسُئِل أبُو زُرعة ، عن هذا الحدِيثِ ، فقال : هُو عِندِي حدِيثٌ واهٍ ، ومُعاوِيةُ بن قُرّة لم يلحقِ ابن عُمر.
قُلتُ لأبِي : فإِنّ الرّبِيع بن سُليمان حدّثنا بهذا الحدِيث ، عن أسدِ بن مُوسى ، عن سلامِ بن سُليمٍ ، عن زيدِ بن أسلم ، عن مُعاوِية بن قُرّة ، عنِ ابنِ عُمر ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
فقال : هُو سلامٌ الطّوِيلُ ، وهُو مترُوكُ الحدِيثِ ، وهُو زيدٌ العمِّيُّ ، وهُو ضعِيفُ الحدِيثِ"
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار :" وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ كُلُّهَا ضَعِيفٌ"
وقال أبو الوليد الباجي في المتقى شرح الموطأ (1/31) :" وَروى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَيْسَتْ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ بِالْقَوِيَّةِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهَا "
وليس الباجي من أهل الصنعة غير أنني أورد قوله استئناساً
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/21
:" وَقَدْ اِعْتَرَضَ بَعْضهمْ عَلَى الْحَلِيمِيّ بِحَدِيثِ " هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوء الْأَنْبِيَاء قَبْلِي " وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَصِحّ الِاحْتِجَاج بِهِ لِضَعْفِهِ ؛ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْوُضُوء مِنْ خَصَائِص الْأَنْبِيَاء دُون أُمَمهمْ إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّة"وهذا الكلام يدل على بطلان متن هذا الحديث لمعارضته حديث الغرة والتحجيل الذي يدل على أن الوضوء بهذه الصورة من خصائص هذه الأمة ، والمتن الباطل لا ينفعه تعدد الطرق فكيف بتلك الواهيات التي لا تنفع المتون سليمة المعنى
قال ابن بطال في شرح البخاري (1/234) :" قال أبو محمد الأصيلى: هذا الحديث يدل أن هذه الأمة مخصوصة بالوضوء من بين سائر الأمم.
قال غيره: وإذا تقرر هذا بطل ما روى عن النبى، - صلى الله عليه وسلم -: أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، فقال: تمت هذا وضوئى ووضوء الأنبياء قبلى - ، وهو حديث لا يصح سنده، ومداره على زيد العمى، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر، وزيد ضعيف"
وقال النووي في شرح مسلم (1/ 401) :" وَقَدْ اِسْتَدَلَّ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْوُضُوء مِنْ خَصَائِص هَذِهِ الْأُمَّة - زَادَهَا اللَّه تَعَالَى شَرَفًا - وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَ الْوُضُوء مُخْتَصًّا بِهَا وَإِنَّمَا الَّذِي اِخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّة الْغُرَّة وَالتَّحْجِيل ، وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْآخَر : " هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوء الْأَنْبِيَاء قَبْلِي " ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْ هَذَا بِجَوَابَيْنِ أَحَدهمَا : أَنَّهُ حَدِيث ضَعِيف مَعْرُوف الضَّعْف ، وَالثَّانِي : لَوْ صَحَّ اِحْتَمَلَ أَنْ يَكُون الْأَنْبِيَاء اِخْتَصَّتْ بِالْوُضُوءِ دُون أُمَمهمْ إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّة . وَاَللَّه أَعْلَم "
أقول : الجواب الثاني فيه تكلف فإن الأصل في أمم الأنبياء أنهم يتبعون أنبياءهم ويقتدون بهم خصوصاً في أمور العبادات
وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 259) :" وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إذ توضأ ثلاثا ثلاثا فقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" فحديث ضعيف لا يجيئ من وجه صحيح ولا يحتج بمثله فكيف أن يتعارض به مثل هذا الحديث الذي قد روي من وجوه صحاح ثابتة من أحاديث الأئمة وحديث: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي" فإنما يدور على زيد بن الحواري العمي والد عبد الرحيم بن زيد وهو انفرد به وهو ضعيف ليس بثقة ولا ممن يحتج به وقد اختلف عليه فيه أيضا فرواه عبد الله بن عرابة عن زيد بن الحواري العمي عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم"
وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (23/ 16
:" والحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئى ووضوء الأنبياء قبلي حديث ضعيف عند أهل العلم بالحديث لا يجوز الاحتجاج بمثله وليس عند أهل الكتاب خبر عن أحد من الأنبياء أنه كان يتوضأ وضوء المسلمين"وتأويل من تأول الحديث على اختصاص الأمة بالغرة والتحجيل ، دون الوضوء تأويل فيه تكلف فإن الغرة والتحجيل من آثار الوضوء
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم