الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قال الترمذي 139 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر عن علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مسة الأزدرية عن أم سلمة قالت : كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أربعين يوما فكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة واسم أبي سهل كثير بن زياد قال محمد بن إسمعيل علي بن عبد الأعلى ثقة و أبو سهل ثقة ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل ..
ورواه غير الترمذي من طرق أخرى عن عن علي بن عبد الأعلى ، عن أبي سهل ، عن مسة الأزدية.
ومسة هذه مجهولة كما نص عليه غير واحد من أهل العلم وقال الذهبي لا تعرف إلا في حديث مكث المرأة في النفاس أربعين يوماً ومثله قال الترمذي كما يأتي.
قال الدَّارَقُطْنِيّ لا يحتج بها. ((الميزان)) 4 (10996).
وقال الحافظ في"التلخيص" 1/171: مجهولة الحال. وقال في "التقريب": مقبولة.
وقال ابن القطان في كتاب «الوهم والإيهام» 3/329 :
علة هذا الخبر ، مسه المذكورة ، وهي تكنى أم بسة ، ولا يعرف حالها ولا عينها ، ولا تعرف في غير هذا الحديث . قاله الترمذي في «علله» . فخبرها هذا ضعيف الإسناد ومنكر المتن ، فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما منهن من كانت نفساء أيام كونها معه إلا خديجة ، فإن تزويجها كان قبل الهجرة ، فإذن لا معنى لقولها : «قد كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة» إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه من قرابات وبنات وسريته مارية . وكأنه تبع في ذلك أبا محمد بن حزم فإنه قال : مسة مجهولة .
وأجاب ابن الملقن في البدر المنير 3/141 على كلام ابن القطان بقوله:
وأما الجواب عن العلة الثانية فلا نسلم لابن حزم وابن القطان دعوى جهالة عين مسة ، فإنه قد روى عنها جماعات : كثير بن زياد والحكم بن عتيبة - كما أسلفاه - وزيد بن علي بن الحسين ، رواه البيهقي عن الحاكم ، وروى (أيضا) محمد بن كناسة ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن الحسن ، عن مسة أيضا ، فهؤلاء أربعة رووا عنها فارتفعت جهالة عينها .
وأما جهالة حالها ، فهي مرتفعة ببناء البخاري على حديثها وتصحيح الحاكم لإسناده ، فأقل أحواله أن يكون حسناً.
وقوله أنه روى عنها جماعات فيه ما فيه فقد ذكر ابن حبان والخطابي فيما نقله عنهما الحافظ رواية الحكم بن عتيبة عنها وهي من طريق محمد بن عبيد العرزمي عند الدارقطني 1/223 .
وكذلك رواية الحسن المذكورة (وهو الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي كما في التهذيب 26/42 ) هي من طريق العرزمي.
والعزرمي هذا متروك الحديث مجمع على تركه لا يتكثر بما جاء من طريقه :
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 9 / 323 :
قال الدارقطنى : ضعيف الحديث .
و قال ابن حبان : كان ردىء الحفظ ، و ذهبت كتبه ، فجعل يحدث من حفظه فيهم ، و كثرت المناكير فى روايته ، تركه ابن مهدى ، و ابن المبارك ، و القطان ، و ابن معين .
و قال أبو حاتم : روى عنه شعبة و سليمان على التعجب ، و هو ضعيف الحديث جدا .
و قال ابن أبى حاتم : ترك أبو زرعة قراءة حديثه .
و قال الحاكم فى " المدخل " : متروك الحديث بلا خلاف أعرفه بين أئمة النقل فيه .
و قال الساجى : صدوق ، منكر الحديث ، أجمع أهل النقل على ترك حديثه ، عنده مناكير .
انتهى من التهذيب مختصراً.
وأما رواية زيد بن علي فلم أقف عليها.
فلا يسلم القول بارتفاع جهالة عينها إذا علمنا أنه لم يرو عنها أحد –من طريق صالحة- غير أبي سهل.
وأما بناء البخاري على حديثها فلم أقف عليه ولم يذكره الحافظ ابن الملقن بل أشار البخاري إلى تفرد مسة بهذا الحديث :
جاء في علل الترمذي 1/59 :
وسألت محمدا عن حديث علي بن عبد الأعلى ، عن أبي سهل ، عن مسة ، عن أم سلمة ، قالت : كانت النفساء تجلس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف . فقال علي بن عبد الأعلى ثقة روى له شعبة ، وأبو سهل كثير بن زياد ثقة ولا أعرف لمسة غير هذا الحديث.
وقد نقل الخطابي في معالم السنن 1/95 ثناءه على حديث مسة بقوله:
وحديث مُسة أثنى عليه محمد بن إسماعيل وقال مسة هذه أزدية.
ولم أقف عليه من كلام البخاري فالله أعلم.
وأما تصحيح الحاكم فلا عبرة به :
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1\97): (إن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح) ، و قال في مجموع الفتاوى ( 22 / 426 (: (وكثيرا ما يصحح الحاكم أحاديث يجزم بأنها موضوعة لا أصل لها).
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ( 3 / 60 ) : يصحح في مستدركه أحاديث ساقطة ويكثر من ذلك).
وصرح الحافظ ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث ص 11 : (وهو واسع الخطو في شرط الصحيح ، متساهل في القضاء به).
وممن ضعف الحديث عبد الحق الإشبيلي :
قال الزيلعي في "نصب الراية " "1/205" قال عبد الحق في أحكامه أحاديث هذا الباب معلولة وأحسنها حدث مسة الأزدية. هـ.
وأما شواهد هذا الحديث:
فأولها حديث أنس رضي الله عنه:
قال ابن ماجة: حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا المحاربي عن سلام بن سليم أو سلم شك أبو الحسن وأظنه هو أبو الأحوص عن حميد عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك .
وكذلك رواه الدارقطني وقال :
لم يروه عن حميد غير سلام هذا ، وهو سلام الطويل ، وهو ضعيف الحديث.اهـ.
ورواه غيرهما.
وسلام هذا متروك ذاهب الحديث:
قال أبو حاتم : ضعيف الحديث تركوه .
و قال البخارى : يتكلمون فيه .
و قال فى موضع أخر : تركوه .
و قال النسائى : متروك .
و قال فى موضع آخر : ليس بثقة و لا يكتب حديثه .
و قال أبو القاسم البغوى : ضعيف الحديث جدا .
و قال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : متروك .
و قال فى موضع آخر : كذاب .
وروي من طريق أخرى :
قال البيهقي 1682- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه حدثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن زيد العمى عن أبى إياس عن أنس بن مالك قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« وقت النفساء أربعون ليلة إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ». {ت} وكذلك رواه سلام الطويل عن حميد عن أنس ، ورواه العرزمى محمد بن عبيد الله بأسانيد له عن مسة عن أم سلمة ، ورواه العلاء بن كثير عن مكحول عن أبى هريرة وأبى الدرداء عن النبى -صلى الله عليه وسلم-. {ج} وزيد العمى وسلام بن سلم المدائنى والعرزمى والعلاء بن كثير الدمشقى كلهم ضعفاء والله أعلم.
أبو عبد الله الحافظ هو الحاكم صاحب المستدرك.
وأبو بكر بن إسحاق الفقيه هو أحمد بن إسحاق بن أيوب (الضبعي) ، ترجمه الذهبي في ((السير)) (15 / 483) وغيره .
ومحمد بن أيوب هو ابن الضريس روى عنه ابن أبي حاتم ووثقه كما في السير 25/458.
محمد بن كثير هو العبدي.
وسفيان هو الثوري.
زيد العمى هو أبو الحواري وهو علة هذه الطريق وهو ضعيف الحديث كما نص عليه غير واحد من أهل العلم.
وأبو إياس هو معاوية بن قرة.
وقد ضعف هذا الحديث جداً الشيخ الألباني كما في الضعيفة 5653.
وثانيها حديث أمنا عائشة رضي الله عنها:
قال ابن عدي في الكامل 5 / 366 في ترجمة عطاء بن عجلان العطار البصري:
حدثنا عمر بن سنان ثنا موسى بن سليمان ثنا بقية عن إسماعيل بن عياش عن عطاء عن بن أبي مليكة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن النفساء فوقت لها أربعين يوماً.
ورواه غير ابن عدي من طريق عطاء هذا.
قال يحيى عطاء بن عجلان كوفي ليس بشيء كذاب.
وجاء من وجه آخر:
في العلل المتناهية 645 - روى حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قالت وقت رسول الله صلى الله عليه و سلم للنفساء اربعين يوما إلا ان ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي ولا يقربها زوجها في الأربعين.
قال المؤلف هذا حديث لا يصح وقال ابن حبان حسين كان يضع الحديث على هشام وغيره من الثقات وضعا لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب كذبه احمد ويحيى.
وثالثها حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه:
قال الحاكم: 624 - أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، ثنا أحمد بن موسى التميمي، ثنا أبو بلال الأشعري، ثنا أبو شهاب، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وقت للنساء في نفاسهن أربعين يوما» . «هذه سنة عزيزة، فإن سلم هذا الإسناد من أبي بلال، فإنه مرسل صحيح، فإن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص، وله شاهد بإسناد مثله».
وقد ضعف الإمام أحمد مراسيل الحسن ولم يقبلها وسبقه في ذلك غيره من المحدثين.
ورواه الدارقطني وغيره مرفوعاً وروي موقوفاً من وجهين:
من طريق حبان بن علي، عن أشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص.كما عند الطبراني 8384.
حبان قال أبو زرعة : لين .
قال البخارى : ليس عندهم بالقوى .
و قال محمد بن سعد ، و النسائى : ضعيف .
و قال الدارقطنى : حبان و مندل متروكان .
و قال مرة أخرى : ضعيفان ، و يخرج حديثهما .
و قال أبو أحمد بن عدى : له أحاديث صالحة ، و عامة حديثه إفرادات و غرائب ،
و هو ممن يحتمل حديثه و يكتب .
وأشعث ضعفه أبوزرعة والنسائي والدارقطني.
.
وروي أيضاً عند الدارمي 991 والطبراني 8383 من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص.
إسماعيل بن مسلم هو المكي ضعيف الحديث.
وكذلك رواه موقوفاً الدارقطني 69 - حدثنا بن مخلد حدثنا الحساني ثنا وكيع ثنا أبو بكر الهذلي عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص : أنه كان يقول لنسائه إذا نفست امرأة منكن فلا تقربني أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك وكذلك رواه أشعث بن سوار ويونس بن عبيد وهشام واختلف عن هشام ومبارك بن فضالة رووه عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص موقوفا.
ورابعها حديث جابر رضي الله عنه:
قال الطبراني في الأوسط: 462 - حدثنا أحمد بن خليد قال حدثنا عبيد بن جناد قال حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر عن أشعث بن سوار عن أبي الزبير عن جابر قال : وقت للنفساء أربعين يوما لم يرو هذا الحديث عن أشعث إلا أبو خالد.
أحمد بن خليد بن يزيد أبو عبد الله الكندي الحلبي وثقه الدارقطني كما في بغية الطلب (2/ 732).
عبيد بن جناد قال عنه أبو حاتم صدوق.
أبو خالد الأحمر ثقة محتج به في الصحيحين في حفظه شيء.
أشعث بن سوار ضعفه أبوزرعة والنسائي والدارقطني كما سبق.
وأبو الزبير المكي مدلس وقد عنعن الحديث.
خامسها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:
قال الدارقطني 72 - ثنا عبد الباقي بن قانع نا موسى بن زكريا ثنا عمرو بن الحصين ثنا محمد بن عبد الله علاثة عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تنتظر النفساء أربعين ليلة فإن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر وإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فإن غلبها الدم توضأت لكل صلاة عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان متروكان.
والظاهر والعلم عند الله تعالى أن طرق هذا الحديث لا تقوى على ترقيته إلى حيز القبول فهي ضعيفة وقد ضعفها غير واحد من أهل العلم.
والكلام في هذا البحث عن سند الحديث المرفوع فقط وليس عن فقهه فمعنى الحديث ثابت أفتى به بعض الصحابة.
وباب المشاركة والإفادة مفتوح أمام الإخوة الفضلاء لإتمام هذه المدارسة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قال الترمذي 139 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر عن علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مسة الأزدرية عن أم سلمة قالت : كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أربعين يوما فكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة واسم أبي سهل كثير بن زياد قال محمد بن إسمعيل علي بن عبد الأعلى ثقة و أبو سهل ثقة ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل ..
ورواه غير الترمذي من طرق أخرى عن عن علي بن عبد الأعلى ، عن أبي سهل ، عن مسة الأزدية.
ومسة هذه مجهولة كما نص عليه غير واحد من أهل العلم وقال الذهبي لا تعرف إلا في حديث مكث المرأة في النفاس أربعين يوماً ومثله قال الترمذي كما يأتي.
قال الدَّارَقُطْنِيّ لا يحتج بها. ((الميزان)) 4 (10996).
وقال الحافظ في"التلخيص" 1/171: مجهولة الحال. وقال في "التقريب": مقبولة.
وقال ابن القطان في كتاب «الوهم والإيهام» 3/329 :
علة هذا الخبر ، مسه المذكورة ، وهي تكنى أم بسة ، ولا يعرف حالها ولا عينها ، ولا تعرف في غير هذا الحديث . قاله الترمذي في «علله» . فخبرها هذا ضعيف الإسناد ومنكر المتن ، فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما منهن من كانت نفساء أيام كونها معه إلا خديجة ، فإن تزويجها كان قبل الهجرة ، فإذن لا معنى لقولها : «قد كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة» إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه من قرابات وبنات وسريته مارية . وكأنه تبع في ذلك أبا محمد بن حزم فإنه قال : مسة مجهولة .
وأجاب ابن الملقن في البدر المنير 3/141 على كلام ابن القطان بقوله:
وأما الجواب عن العلة الثانية فلا نسلم لابن حزم وابن القطان دعوى جهالة عين مسة ، فإنه قد روى عنها جماعات : كثير بن زياد والحكم بن عتيبة - كما أسلفاه - وزيد بن علي بن الحسين ، رواه البيهقي عن الحاكم ، وروى (أيضا) محمد بن كناسة ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن الحسن ، عن مسة أيضا ، فهؤلاء أربعة رووا عنها فارتفعت جهالة عينها .
وأما جهالة حالها ، فهي مرتفعة ببناء البخاري على حديثها وتصحيح الحاكم لإسناده ، فأقل أحواله أن يكون حسناً.
وقوله أنه روى عنها جماعات فيه ما فيه فقد ذكر ابن حبان والخطابي فيما نقله عنهما الحافظ رواية الحكم بن عتيبة عنها وهي من طريق محمد بن عبيد العرزمي عند الدارقطني 1/223 .
وكذلك رواية الحسن المذكورة (وهو الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي كما في التهذيب 26/42 ) هي من طريق العرزمي.
والعزرمي هذا متروك الحديث مجمع على تركه لا يتكثر بما جاء من طريقه :
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 9 / 323 :
قال الدارقطنى : ضعيف الحديث .
و قال ابن حبان : كان ردىء الحفظ ، و ذهبت كتبه ، فجعل يحدث من حفظه فيهم ، و كثرت المناكير فى روايته ، تركه ابن مهدى ، و ابن المبارك ، و القطان ، و ابن معين .
و قال أبو حاتم : روى عنه شعبة و سليمان على التعجب ، و هو ضعيف الحديث جدا .
و قال ابن أبى حاتم : ترك أبو زرعة قراءة حديثه .
و قال الحاكم فى " المدخل " : متروك الحديث بلا خلاف أعرفه بين أئمة النقل فيه .
و قال الساجى : صدوق ، منكر الحديث ، أجمع أهل النقل على ترك حديثه ، عنده مناكير .
انتهى من التهذيب مختصراً.
وأما رواية زيد بن علي فلم أقف عليها.
فلا يسلم القول بارتفاع جهالة عينها إذا علمنا أنه لم يرو عنها أحد –من طريق صالحة- غير أبي سهل.
وأما بناء البخاري على حديثها فلم أقف عليه ولم يذكره الحافظ ابن الملقن بل أشار البخاري إلى تفرد مسة بهذا الحديث :
جاء في علل الترمذي 1/59 :
وسألت محمدا عن حديث علي بن عبد الأعلى ، عن أبي سهل ، عن مسة ، عن أم سلمة ، قالت : كانت النفساء تجلس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف . فقال علي بن عبد الأعلى ثقة روى له شعبة ، وأبو سهل كثير بن زياد ثقة ولا أعرف لمسة غير هذا الحديث.
وقد نقل الخطابي في معالم السنن 1/95 ثناءه على حديث مسة بقوله:
وحديث مُسة أثنى عليه محمد بن إسماعيل وقال مسة هذه أزدية.
ولم أقف عليه من كلام البخاري فالله أعلم.
وأما تصحيح الحاكم فلا عبرة به :
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1\97): (إن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح) ، و قال في مجموع الفتاوى ( 22 / 426 (: (وكثيرا ما يصحح الحاكم أحاديث يجزم بأنها موضوعة لا أصل لها).
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ( 3 / 60 ) : يصحح في مستدركه أحاديث ساقطة ويكثر من ذلك).
وصرح الحافظ ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث ص 11 : (وهو واسع الخطو في شرط الصحيح ، متساهل في القضاء به).
وممن ضعف الحديث عبد الحق الإشبيلي :
قال الزيلعي في "نصب الراية " "1/205" قال عبد الحق في أحكامه أحاديث هذا الباب معلولة وأحسنها حدث مسة الأزدية. هـ.
وأما شواهد هذا الحديث:
فأولها حديث أنس رضي الله عنه:
قال ابن ماجة: حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا المحاربي عن سلام بن سليم أو سلم شك أبو الحسن وأظنه هو أبو الأحوص عن حميد عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك .
وكذلك رواه الدارقطني وقال :
لم يروه عن حميد غير سلام هذا ، وهو سلام الطويل ، وهو ضعيف الحديث.اهـ.
ورواه غيرهما.
وسلام هذا متروك ذاهب الحديث:
قال أبو حاتم : ضعيف الحديث تركوه .
و قال البخارى : يتكلمون فيه .
و قال فى موضع أخر : تركوه .
و قال النسائى : متروك .
و قال فى موضع آخر : ليس بثقة و لا يكتب حديثه .
و قال أبو القاسم البغوى : ضعيف الحديث جدا .
و قال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : متروك .
و قال فى موضع آخر : كذاب .
وروي من طريق أخرى :
قال البيهقي 1682- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه حدثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن زيد العمى عن أبى إياس عن أنس بن مالك قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« وقت النفساء أربعون ليلة إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ». {ت} وكذلك رواه سلام الطويل عن حميد عن أنس ، ورواه العرزمى محمد بن عبيد الله بأسانيد له عن مسة عن أم سلمة ، ورواه العلاء بن كثير عن مكحول عن أبى هريرة وأبى الدرداء عن النبى -صلى الله عليه وسلم-. {ج} وزيد العمى وسلام بن سلم المدائنى والعرزمى والعلاء بن كثير الدمشقى كلهم ضعفاء والله أعلم.
أبو عبد الله الحافظ هو الحاكم صاحب المستدرك.
وأبو بكر بن إسحاق الفقيه هو أحمد بن إسحاق بن أيوب (الضبعي) ، ترجمه الذهبي في ((السير)) (15 / 483) وغيره .
ومحمد بن أيوب هو ابن الضريس روى عنه ابن أبي حاتم ووثقه كما في السير 25/458.
محمد بن كثير هو العبدي.
وسفيان هو الثوري.
زيد العمى هو أبو الحواري وهو علة هذه الطريق وهو ضعيف الحديث كما نص عليه غير واحد من أهل العلم.
وأبو إياس هو معاوية بن قرة.
وقد ضعف هذا الحديث جداً الشيخ الألباني كما في الضعيفة 5653.
وثانيها حديث أمنا عائشة رضي الله عنها:
قال ابن عدي في الكامل 5 / 366 في ترجمة عطاء بن عجلان العطار البصري:
حدثنا عمر بن سنان ثنا موسى بن سليمان ثنا بقية عن إسماعيل بن عياش عن عطاء عن بن أبي مليكة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن النفساء فوقت لها أربعين يوماً.
ورواه غير ابن عدي من طريق عطاء هذا.
قال يحيى عطاء بن عجلان كوفي ليس بشيء كذاب.
وجاء من وجه آخر:
في العلل المتناهية 645 - روى حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قالت وقت رسول الله صلى الله عليه و سلم للنفساء اربعين يوما إلا ان ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي ولا يقربها زوجها في الأربعين.
قال المؤلف هذا حديث لا يصح وقال ابن حبان حسين كان يضع الحديث على هشام وغيره من الثقات وضعا لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب كذبه احمد ويحيى.
وثالثها حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه:
قال الحاكم: 624 - أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، ثنا أحمد بن موسى التميمي، ثنا أبو بلال الأشعري، ثنا أبو شهاب، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وقت للنساء في نفاسهن أربعين يوما» . «هذه سنة عزيزة، فإن سلم هذا الإسناد من أبي بلال، فإنه مرسل صحيح، فإن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص، وله شاهد بإسناد مثله».
وقد ضعف الإمام أحمد مراسيل الحسن ولم يقبلها وسبقه في ذلك غيره من المحدثين.
ورواه الدارقطني وغيره مرفوعاً وروي موقوفاً من وجهين:
من طريق حبان بن علي، عن أشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص.كما عند الطبراني 8384.
حبان قال أبو زرعة : لين .
قال البخارى : ليس عندهم بالقوى .
و قال محمد بن سعد ، و النسائى : ضعيف .
و قال الدارقطنى : حبان و مندل متروكان .
و قال مرة أخرى : ضعيفان ، و يخرج حديثهما .
و قال أبو أحمد بن عدى : له أحاديث صالحة ، و عامة حديثه إفرادات و غرائب ،
و هو ممن يحتمل حديثه و يكتب .
وأشعث ضعفه أبوزرعة والنسائي والدارقطني.
.
وروي أيضاً عند الدارمي 991 والطبراني 8383 من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص.
إسماعيل بن مسلم هو المكي ضعيف الحديث.
وكذلك رواه موقوفاً الدارقطني 69 - حدثنا بن مخلد حدثنا الحساني ثنا وكيع ثنا أبو بكر الهذلي عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص : أنه كان يقول لنسائه إذا نفست امرأة منكن فلا تقربني أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك وكذلك رواه أشعث بن سوار ويونس بن عبيد وهشام واختلف عن هشام ومبارك بن فضالة رووه عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص موقوفا.
ورابعها حديث جابر رضي الله عنه:
قال الطبراني في الأوسط: 462 - حدثنا أحمد بن خليد قال حدثنا عبيد بن جناد قال حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر عن أشعث بن سوار عن أبي الزبير عن جابر قال : وقت للنفساء أربعين يوما لم يرو هذا الحديث عن أشعث إلا أبو خالد.
أحمد بن خليد بن يزيد أبو عبد الله الكندي الحلبي وثقه الدارقطني كما في بغية الطلب (2/ 732).
عبيد بن جناد قال عنه أبو حاتم صدوق.
أبو خالد الأحمر ثقة محتج به في الصحيحين في حفظه شيء.
أشعث بن سوار ضعفه أبوزرعة والنسائي والدارقطني كما سبق.
وأبو الزبير المكي مدلس وقد عنعن الحديث.
خامسها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:
قال الدارقطني 72 - ثنا عبد الباقي بن قانع نا موسى بن زكريا ثنا عمرو بن الحصين ثنا محمد بن عبد الله علاثة عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تنتظر النفساء أربعين ليلة فإن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر وإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فإن غلبها الدم توضأت لكل صلاة عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان متروكان.
والظاهر والعلم عند الله تعالى أن طرق هذا الحديث لا تقوى على ترقيته إلى حيز القبول فهي ضعيفة وقد ضعفها غير واحد من أهل العلم.
والكلام في هذا البحث عن سند الحديث المرفوع فقط وليس عن فقهه فمعنى الحديث ثابت أفتى به بعض الصحابة.
وباب المشاركة والإفادة مفتوح أمام الإخوة الفضلاء لإتمام هذه المدارسة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تعليق