الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الآجري في الشريعة 441 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا حكام بن سلم الرازي قال : نا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قول الله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ، وأشهدهم على أنفسهم إلى قوله عز وجل أفتهلكنا بما فعل المبطلون قال : جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم جعلهم أزواجا ، ثم صورهم واستنطقهم وتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق : وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلون قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم ، أن تقولوا يوم القيامة : إنا كنا عن هذا غافلين ، فلا تشركوا بي شيئا ، فإني أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي ، فقالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك ، ورفع لهم أبوهم ، فنظر إليهم فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب لو شئت سويت بين عبادك ، فقال : إني أحب أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج ، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة فذلك قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ، ومنك ومن نوح الآية وهو قوله : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله وذلك قوله : هذا نذير من النذر الأولى وهو قوله تعالى : وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين كل طيب في يمينه ، وكل خبيث في يده الأخرى ، ثم خلط بينهما وهو قوله تعالى : ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات ، فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل فكان في علمه تعالى يوم أقروا به من يكذب به ومن يصدق به ، فكان روح عيسى ابن مريم عليه السلام في تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم عليه السلام ، فأرسل ذلك الروح إلى مريم عليها السلام حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا : فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا إلى قوله تعالى : وكان أمرا مقضيا فحملته قال : فحملت التي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلام
فعلق عصام موسى هادي كما في تعليقه على الشريعة ص191 بقوله :" حسن . حسنه شيخنا في المشكاة (122) قلت : لكن الأثر مأخوذ عن أهل الكتاب وليس له حكم الرفع بل فيه عبارات استنكرها العلماء "
أقول : الرجل مصرٌ على سلوك هذا المسلك الوخيم تجاه الصحابة الكرام ، فإظهار الصحابة في صورة من يحدث عن بني إسرائيل بالأباطيل تحديث المقر ، فيه إساءةٌ بالغة للصحابة
فأما تحسين السند فيمكن مناقشته بأن الشيخ الألباني نفسه قد مال إلى تضعيف أبي جعفر الرازي وعدم الاحتجاج بما تفرد به في الكثير من أبحاثه التي تأخرت عن المشكاة
قال الشيخ في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/431) :" و هو ضعيف من أجل أبي جعفر الرازي فإنه سيء الحفظ"
وقال في سلسلة الأحاديث الضعيفة (9/ 96) :" وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ الربيع بن أنس ؛ تابعي صدوق له أوهام .
وأبو جعفر الرازي ؛ ضعيف لسوء حفظه "
وتكرر هذا من الشيخ في أبحاث عديدة له ، لذا ينبغي لطلبة العلم التنبه لتلك الطبعات التي يخرجها عاصم موسى هادي وعلى غلافها ( ومحلى بأحكام العلامة الألباني )
فإن من يصنع ذلك لا بد أن يكون طالب علم يفهم تغير اجتهادات الشيخ ، ويحرص على ذكر المتأخر منها
وقال ابن حبان فى ترجمة الربيع من " الثقات " ، و قال : "الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه ، لأن فى أحاديثه عنه اضطرابا كثيرا "
هذه نقطة ، وأما النقطة الأخرى وهي جزمه بأن الأثر مأخوذ عن أهل الكتاب ، وهذا باطل
وذلك أن أبي بن كعب لا يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب البتة ، وقد راجعت كتاب نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين فلم أجد له رواية عن كعب الأحبار، ولا عن أي أحدٍ من التابعين ، وقد كان أقرأ الصحابة وحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً جماً فماذا يريد بأهل الكتاب حتى يعتمدهم في خبر عقدي خطير مثل هذا ؟
وقد تكلمت على مسألة أخذ الصحابة عن بني إسرائيل بإسهاب في ردي السابق على عصام موسى هادي
وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/262) :" وَقَالَ لِي شَيْخُنَا ابْنُ تَيْمِيّةَ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ وَهَذَا الْإِسْنَادُ نَفْسُهُ هُوَ إسْنَادُ حَدِيثِ { وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ } . حَدِيثُ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ الطّوِيلِ وَفِيهِ وَكَانَ رُوحُ عِيسَى عَلَيْهِ السّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الّتِي أَخَذَ عَلَيْهَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ آدَمَ فَأَرْسَلَ تِلْكَ الرّوحَ إلَى مَرْيَمَ عَلَيْهَا السّلَامُ حِينَ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيّا فَأَرْسَلَهُ اللّهُ فِي صُورَةِ بَشَرٍ فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيّا قَالَ فَحَمَلَتْ الّذِي يُخَاطِبُهَا فَدَخَلَ مِنْ فِيهَا وَهَذَا غَلَطٌ مَحْضٌ فَإِنّ الّذِي أَرْسَلَ إلَيْهَا الْمَلَكَ الّذِي قَالَ لَهَا ؟ { إِنّمَا أَنَا رَسُولُ رَبّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيّا } وَلَمْ يَكُنْ الّذِي خَاطَبَهَا بِهَذَا هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، هَذَا مُحَالٌ .
وَالْمَقْصُودُ أَنّ أَبَا جَعْفَرٍ الرّازِيّ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ لَا يَحْتَجّ بِمَا تَفَرّدَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَتّةَ"
أقول : فتأمل أدب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم إذ لما استنكرا حرفاً في الخبر لم يجعلا الخطب من الصحابي ، بل حكما بوهم الراوي ، وقد نقل العلامة الألباني هذا البحث النفيس لابن القيم في سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/ 384) ، وسكت عليه مقراً فأين الأخ عصام موسى هادي عنه غفر الله له ؟
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الآجري في الشريعة 441 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا حكام بن سلم الرازي قال : نا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قول الله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ، وأشهدهم على أنفسهم إلى قوله عز وجل أفتهلكنا بما فعل المبطلون قال : جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم جعلهم أزواجا ، ثم صورهم واستنطقهم وتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق : وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلون قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم ، أن تقولوا يوم القيامة : إنا كنا عن هذا غافلين ، فلا تشركوا بي شيئا ، فإني أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي ، فقالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك ، ورفع لهم أبوهم ، فنظر إليهم فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب لو شئت سويت بين عبادك ، فقال : إني أحب أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج ، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة فذلك قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ، ومنك ومن نوح الآية وهو قوله : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله وذلك قوله : هذا نذير من النذر الأولى وهو قوله تعالى : وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين كل طيب في يمينه ، وكل خبيث في يده الأخرى ، ثم خلط بينهما وهو قوله تعالى : ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات ، فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل فكان في علمه تعالى يوم أقروا به من يكذب به ومن يصدق به ، فكان روح عيسى ابن مريم عليه السلام في تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم عليه السلام ، فأرسل ذلك الروح إلى مريم عليها السلام حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا : فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا إلى قوله تعالى : وكان أمرا مقضيا فحملته قال : فحملت التي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلام
فعلق عصام موسى هادي كما في تعليقه على الشريعة ص191 بقوله :" حسن . حسنه شيخنا في المشكاة (122) قلت : لكن الأثر مأخوذ عن أهل الكتاب وليس له حكم الرفع بل فيه عبارات استنكرها العلماء "
أقول : الرجل مصرٌ على سلوك هذا المسلك الوخيم تجاه الصحابة الكرام ، فإظهار الصحابة في صورة من يحدث عن بني إسرائيل بالأباطيل تحديث المقر ، فيه إساءةٌ بالغة للصحابة
فأما تحسين السند فيمكن مناقشته بأن الشيخ الألباني نفسه قد مال إلى تضعيف أبي جعفر الرازي وعدم الاحتجاج بما تفرد به في الكثير من أبحاثه التي تأخرت عن المشكاة
قال الشيخ في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/431) :" و هو ضعيف من أجل أبي جعفر الرازي فإنه سيء الحفظ"
وقال في سلسلة الأحاديث الضعيفة (9/ 96) :" وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ الربيع بن أنس ؛ تابعي صدوق له أوهام .
وأبو جعفر الرازي ؛ ضعيف لسوء حفظه "
وتكرر هذا من الشيخ في أبحاث عديدة له ، لذا ينبغي لطلبة العلم التنبه لتلك الطبعات التي يخرجها عاصم موسى هادي وعلى غلافها ( ومحلى بأحكام العلامة الألباني )
فإن من يصنع ذلك لا بد أن يكون طالب علم يفهم تغير اجتهادات الشيخ ، ويحرص على ذكر المتأخر منها
وقال ابن حبان فى ترجمة الربيع من " الثقات " ، و قال : "الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه ، لأن فى أحاديثه عنه اضطرابا كثيرا "
هذه نقطة ، وأما النقطة الأخرى وهي جزمه بأن الأثر مأخوذ عن أهل الكتاب ، وهذا باطل
وذلك أن أبي بن كعب لا يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب البتة ، وقد راجعت كتاب نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين فلم أجد له رواية عن كعب الأحبار، ولا عن أي أحدٍ من التابعين ، وقد كان أقرأ الصحابة وحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً جماً فماذا يريد بأهل الكتاب حتى يعتمدهم في خبر عقدي خطير مثل هذا ؟
وقد تكلمت على مسألة أخذ الصحابة عن بني إسرائيل بإسهاب في ردي السابق على عصام موسى هادي
وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/262) :" وَقَالَ لِي شَيْخُنَا ابْنُ تَيْمِيّةَ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ وَهَذَا الْإِسْنَادُ نَفْسُهُ هُوَ إسْنَادُ حَدِيثِ { وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ } . حَدِيثُ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ الطّوِيلِ وَفِيهِ وَكَانَ رُوحُ عِيسَى عَلَيْهِ السّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الّتِي أَخَذَ عَلَيْهَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ آدَمَ فَأَرْسَلَ تِلْكَ الرّوحَ إلَى مَرْيَمَ عَلَيْهَا السّلَامُ حِينَ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيّا فَأَرْسَلَهُ اللّهُ فِي صُورَةِ بَشَرٍ فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيّا قَالَ فَحَمَلَتْ الّذِي يُخَاطِبُهَا فَدَخَلَ مِنْ فِيهَا وَهَذَا غَلَطٌ مَحْضٌ فَإِنّ الّذِي أَرْسَلَ إلَيْهَا الْمَلَكَ الّذِي قَالَ لَهَا ؟ { إِنّمَا أَنَا رَسُولُ رَبّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيّا } وَلَمْ يَكُنْ الّذِي خَاطَبَهَا بِهَذَا هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، هَذَا مُحَالٌ .
وَالْمَقْصُودُ أَنّ أَبَا جَعْفَرٍ الرّازِيّ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ لَا يَحْتَجّ بِمَا تَفَرّدَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَتّةَ"
أقول : فتأمل أدب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم إذ لما استنكرا حرفاً في الخبر لم يجعلا الخطب من الصحابي ، بل حكما بوهم الراوي ، وقد نقل العلامة الألباني هذا البحث النفيس لابن القيم في سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/ 384) ، وسكت عليه مقراً فأين الأخ عصام موسى هادي عنه غفر الله له ؟
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه