بسم الله الرحمن الرحيم
التدليس التقني
التدليس التقني
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فلطلب العلم لذة ولنشره وبثه في الناس لذة.
قال العلامة المناوي رحمه الله في ((فيض القدير)) : ((وقال بشر: التلذذ بجاه الإفادة ومنصب الإرشاد أعظم من كل تنعم في الدنيا فمن أجاب شهوته فيه فما اتقى فيما علم)) اهـ.
كما أن في نشر العلم فتنة.
قال سفيان رحمه الله: (فتنة الحديث أشد من فتنة الذهب والفضة)
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) والخطيب البغدادي في ((شرف أصحاب الحديث)) وأبو طاهر السلفي في ((المشيخة البغدادية)) والفسوي في ((المعرفة والتاريخ)).
وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: (فتنة الحديث أشد من فتنة المال، وفتنة الولد تشبه فتنته، كم من رجل، يظن به الخير قد حملته فتنة الحديث على الكذب)
أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)).
وفي العالم التقني استغل الكثير من الخيرين برامج التواصل في نشر الخير وافادة إخوانه، والبعض خلط عملا صالحا وآخر سيئا، ومن صور الخلط السيء الإشاعات والكذب والتدليس.
والتدليس التقني أخو تدليس الإسناد، ومن صور التدليس التقني ما يفعله البعض حيث ينشر عن مشايخه مواقفا وأقوالا موهما أنه من تحبيره وتسطيره، وفي الحقيقة ما له إلا السطو التقني – النسخ واللصق - من إخوانه وزملاءه الذين عاينوا الحدث وأخذوا من الشيخ القول فاسقط ذكرهم وتشبعوا بما لم يعطوا فاتوا بألفا توهم رويت الحديث والأخذ مباشرة من الشيخ.
قال العلامة أبو الفضل زين الدين العراقي رحمه الله في ((التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح)) : ((تدليس الإسناد وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه موهما أنه سمعه منه. أو: عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه. ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر)) اهـ.
والتدليس عابه كثير من أهل العلم واستنكره أهل الفضل.
قال الإمام ابن كثير في ((الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث)) : ((وكان شعبة أشد الناس إنكاراً لذلك، ويروى عنه أنه قال: لأن أزني أحب إلي من أن أدلس.
قال ابن الصلاح: وهذا محمول على المبالغة والزجر.
وقال الشافعي: التدليس أخو الكذب.
ومن الحفاظ من جرح من عرف بهذا التدليس من الرواة، فرد روايته مطلقاً، وإن أتى بلفظ الاتصال، ولو لم يعرف أنه دلس إلا مرة واحدة، كما قد نص عليه الشافعي رحمه الله)) اهـ.
وأختم بنصيحة قيمة لمن أراد البركة فيما ينشر.
قال العلامة النووي رحمه الله في ((بستان العارفين)) : ((ومن النصيحة أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ولا يبارك له في حال. ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما)) اهـ.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 24 صفر سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 11 أكتوبر سنة 2020 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 24 صفر سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 11 أكتوبر سنة 2020 ف