رد: مدارسة متن نخبة الفكر .. لمن يريد المشاركة
الغريب هو: ما يتفرد بروايته راوٍ واحدٌ في أي موضعٍ وَقَعَ التفردُ به من السند على ما سيُقسَم إليه الغريب المطلق والغريب النسبي.
أي أن كل الأقسام الماضية سوى القسم الأول - وهو المتواتر - آحاد
فنخلص من كلامه بأن كل ما لَم تتوفر فيه شروط التواتر فهو من أقسام الآحاد
(وفيها) أي: أحاديث الآحاد
(المقبول) وهو ما كان قد دخل في حيز القبول, وأقل درجات القبول: الحسن لغيره
(والمردود) هو ما فقد أحد شروط القبول فأكثر.
فأحاديث الآحاد منها المقبول ومنها المردود؛ وذلك لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها تجرحاً وتعديلاً وجهالة
(دون الأول) أي: دون المتواتر, فهو كله مقبول, ولا يُبحَثُ عن أحوال رواته؛ لِمَا ذكرناه عندما تكلمنا عليه.
أي: وقد يقع في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري (وهو العلم الحاصل بالنظر والاستدلال) بالقرائن - على القول المختار -
ومن القرائن:
1- وجود الحديث في الصحيحين أو أحدهما
فإنه إن كان كذلك فإنه احتفت به قرائن, منها:
- جلالة الشيخين في هذا الشأن
- تقدُّمُهما في معرفة الصحيح والضعيف على غيرهما
- تلقّي كتابَيْهِما بالقبول - من حيث الجملة(1) -
2- تلقي الحديث بالقبول
وهذه قرينة توجب العلم بمفردها سواء أكان الحديث في الصحيحين أم في أحدهما أم ليس في واحد منهما, إلا أنه من المعروف أن ما كان منها موجوداً في الصحيحين أو أحدِهما فهو أرفع مما لم يكن فيهما أو في أحدهما, فهو نور على نور
3- الحديث المشهور إذا كانت له طرق مختلِفة متغايِرة سالمة مِن ضعفِ الرواةِ والعلل
4- المسلسل بالأئمة الحفّاظ المتقنين حيثُ لا يكونُ غريباً, كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل مثلاً ويشاركه فيه غيرُه عن الشافعي, ويشاركُ الشافعيَّ فيه غيرُه عن مالك, فإنه يفيد العلم النظري عند سامعه من جهة جلالة رواته وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير مِن غيرِهم.
ولا يتشكك مَن له أدنى ممارسة بالعلم وأخبار الناس أن مالكاً مثلاً لو شافهَه بخبرٍ أنه صادقٌ فيه, فلو انضاف إلى مالكٍ مَن هو في تلك الدرجة ازداد قوةً, وبَعُدَ عمّا يُخشى عليه مِن السهو.
واعلم أن الذي يحصل له العلمُ بصدق الخبر مِن الأنواع السابقة هو العالم المتبحر في هذا الفن العارف بأحوال الرجال المطلع على العلل, وكَوْنُ غيرِه لا يحصُل له العلمُ بصدقِ ذلك بسبب قصورِه عن الأوصاف المذكورة لا ينفي ذلك حصولُه للعالم المذكور.
وما لم يُحتَفَّ بالقرائن من أخبار الآحاد فإنه لا يفيد العلم, ولكنه يفيد غلبة الظن(2).
وغَلَبَة الظن هنا يُراد بها الظن (والذي هو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح), ولكن يعبِّرون بـ(غلبة الظن) لكي لا يُتوهَّم أننا نعني بالظن الشكَّ
ولكن مع إفادتِه الظنَّ فإنه يجب العمل به في عموم الشريعة هو أيضاً - سواء في الأمور العلمية أو العملية -؛ لأنه لا يُشتَرَط في وجوب العمل بالحديث أن يفيد العلم, بل إن أفاد الظن وجب العمل به أيضاً.
وذلك لأن الحديثَ إن أفاد العلم فقد وجب العمل به لكونه مجزوماً به. وإن أفاد الظن فقد وجب العمل به لغلَبَة الظن بصِدق الناقل ومِن ثَم غلبة الظن بثبوته, والدليل الظني الثبوت يجب العمل به.
وأشار المؤلف بقوله: (على المختار) إلى وجود الخلاف في ذلك
والصواب هو ما اختاره - رحمه الله -
وهذا البحث منزَلَق خطير, انزلَق تحته الكثير من الناس - لا سيما مِن متفقِّهَة زماننا - فكانوا كلما خالفَ أذواقَهُم حديثٌ بادَروا إلى ردِّه بحجة أنه ظني الثبوت, بل تمادى بعضُهم واستدل لهذا المذهب بقول الله تعالى: {وإن الظن لا يُغني من الحق شيئاً}, وهذا مِن غفلتِهم أو تغافُلِهم - وأحلاهما مُرٌّ -
________________
(1) قلنا: (مِن حيث الجملة)؛ لأن هناك أحرفاً يسيرة انتُقِدَت عليهما, فهذه الأحرف لَم تُتَلَقَّ بالقبول في واقع الأمر.
وأيضاً لم يقع الإجماع على التسليم بصحة ما وقع التجاذب بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيثُ لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلمَ بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر.
(2) وطبعاً غلبة الظن درجات, قد تكون بالمئة 70, وقد تكون 90... , المهم أنه اجتاز مرحلة الشك.
والرابع: الغريب
وكلها -سوى الأول - آحاد
فنخلص من كلامه بأن كل ما لَم تتوفر فيه شروط التواتر فهو من أقسام الآحاد
وفيها المقبول والمردود لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال ررواتها دون الأول
(المقبول) وهو ما كان قد دخل في حيز القبول, وأقل درجات القبول: الحسن لغيره
(والمردود) هو ما فقد أحد شروط القبول فأكثر.
فأحاديث الآحاد منها المقبول ومنها المردود؛ وذلك لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها تجرحاً وتعديلاً وجهالة
(دون الأول) أي: دون المتواتر, فهو كله مقبول, ولا يُبحَثُ عن أحوال رواته؛ لِمَا ذكرناه عندما تكلمنا عليه.
وقد يقع ما يفيد العلم النظري بالقرائن - على المختار -
ومن القرائن:
1- وجود الحديث في الصحيحين أو أحدهما
فإنه إن كان كذلك فإنه احتفت به قرائن, منها:
- جلالة الشيخين في هذا الشأن
- تقدُّمُهما في معرفة الصحيح والضعيف على غيرهما
- تلقّي كتابَيْهِما بالقبول - من حيث الجملة(1) -
2- تلقي الحديث بالقبول
وهذه قرينة توجب العلم بمفردها سواء أكان الحديث في الصحيحين أم في أحدهما أم ليس في واحد منهما, إلا أنه من المعروف أن ما كان منها موجوداً في الصحيحين أو أحدِهما فهو أرفع مما لم يكن فيهما أو في أحدهما, فهو نور على نور
3- الحديث المشهور إذا كانت له طرق مختلِفة متغايِرة سالمة مِن ضعفِ الرواةِ والعلل
4- المسلسل بالأئمة الحفّاظ المتقنين حيثُ لا يكونُ غريباً, كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل مثلاً ويشاركه فيه غيرُه عن الشافعي, ويشاركُ الشافعيَّ فيه غيرُه عن مالك, فإنه يفيد العلم النظري عند سامعه من جهة جلالة رواته وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير مِن غيرِهم.
ولا يتشكك مَن له أدنى ممارسة بالعلم وأخبار الناس أن مالكاً مثلاً لو شافهَه بخبرٍ أنه صادقٌ فيه, فلو انضاف إلى مالكٍ مَن هو في تلك الدرجة ازداد قوةً, وبَعُدَ عمّا يُخشى عليه مِن السهو.
واعلم أن الذي يحصل له العلمُ بصدق الخبر مِن الأنواع السابقة هو العالم المتبحر في هذا الفن العارف بأحوال الرجال المطلع على العلل, وكَوْنُ غيرِه لا يحصُل له العلمُ بصدقِ ذلك بسبب قصورِه عن الأوصاف المذكورة لا ينفي ذلك حصولُه للعالم المذكور.
وما لم يُحتَفَّ بالقرائن من أخبار الآحاد فإنه لا يفيد العلم, ولكنه يفيد غلبة الظن(2).
وغَلَبَة الظن هنا يُراد بها الظن (والذي هو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح), ولكن يعبِّرون بـ(غلبة الظن) لكي لا يُتوهَّم أننا نعني بالظن الشكَّ
ولكن مع إفادتِه الظنَّ فإنه يجب العمل به في عموم الشريعة هو أيضاً - سواء في الأمور العلمية أو العملية -؛ لأنه لا يُشتَرَط في وجوب العمل بالحديث أن يفيد العلم, بل إن أفاد الظن وجب العمل به أيضاً.
وذلك لأن الحديثَ إن أفاد العلم فقد وجب العمل به لكونه مجزوماً به. وإن أفاد الظن فقد وجب العمل به لغلَبَة الظن بصِدق الناقل ومِن ثَم غلبة الظن بثبوته, والدليل الظني الثبوت يجب العمل به.
وأشار المؤلف بقوله: (على المختار) إلى وجود الخلاف في ذلك
والصواب هو ما اختاره - رحمه الله -
وهذا البحث منزَلَق خطير, انزلَق تحته الكثير من الناس - لا سيما مِن متفقِّهَة زماننا - فكانوا كلما خالفَ أذواقَهُم حديثٌ بادَروا إلى ردِّه بحجة أنه ظني الثبوت, بل تمادى بعضُهم واستدل لهذا المذهب بقول الله تعالى: {وإن الظن لا يُغني من الحق شيئاً}, وهذا مِن غفلتِهم أو تغافُلِهم - وأحلاهما مُرٌّ -
________________
(1) قلنا: (مِن حيث الجملة)؛ لأن هناك أحرفاً يسيرة انتُقِدَت عليهما, فهذه الأحرف لَم تُتَلَقَّ بالقبول في واقع الأمر.
وأيضاً لم يقع الإجماع على التسليم بصحة ما وقع التجاذب بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيثُ لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلمَ بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر.
(2) وطبعاً غلبة الظن درجات, قد تكون بالمئة 70, وقد تكون 90... , المهم أنه اجتاز مرحلة الشك.
تعليق