الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد كنت كتبت بحثاً في حديث ( اغتنم خمساً قبل خمس ) ، وقد قع في سند الحاكم تصريح عبدان بالسماع من ابن أبي هند ، وقد بينت استحالة هذا ، وأنه غلط ، فتحاور بعض إخواننا من طلبة العلم الأذكياء في سبب وقوع هذا الغلط
والذي أود قوله هنا أنه قد يكون الوهم من الإمام الحاكم نفسه ، فقد وجدت في مستدركه العديد من الأغلاط الاسنادية ، وهذا دون استقصاء أو قراءة وافية ، وإنما المرور من خلال بعض الأبحاث وإليكم الأمثلة
المثال الأول :قال الحاكم في المستدرك 8830 - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي ، بِمَرْوَ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ "
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "
سنده مشكل فيزيد لم يدرك التيمي
المثال الثاني : قال الحاكم في المستدرك 1976 - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ بِمِصْرَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، أَخْبَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو: " اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا ، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا ، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا ، وَلَا تُشْمِتْ بِي عَدُوًّا حَاسِدًا ، وَاللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ "
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
وأبو الصهباء جهله الألباني وفي اسمه خطأ فهو أبو المصفى ، وتجده باسم أبو المصفى في المصادر الأخرى
المثال الثالث : وقال الحاكم في المستدرك 2515 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، ثنا زُهَيْرٌ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ سَرْجِسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَظَلَّتْكُمْ فِتَنٌ ، كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، أَنْجَى النَّاسِ مِنْهَا صَاحِبُ شَاهِقَةٍ يَأْكُلُ مِنْ رُسُلِ غَنَمِهِ ، أَوْ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ الدُّرُوبِ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَأْكُلُ مِنْ فَيْءِ سَيْفِهِ "
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
أقول : ذكر نافع بن جبير في السند زيادة عند الحاكم فقط ، فإنك لو رجعت إلى جميع مصادر التخريج لوجدته ساقطاً ، بل لو رجعت إلى جميع تراجم نافع بن سرجس لوجدتهم متفقين على أنه لم يرو عنه إلا ابن خثيم
وهذه الأوهام موجودة في إتحاف المهرة للحافظ ابن حجر مما يدل على أن المحققين المعاصرين لا ذنب لهم فيها
زد على ذلك المثال الذي ذكرته في حديث ( اغتنم خمساً قبل خمس ) ، لو تفرغ بعض إخواننا النابهين إلى النظر في المستدرك وجمع هذه الأغلاط الاسنادية لكان أمراً عظيماً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد :
فقد كنت كتبت بحثاً في حديث ( اغتنم خمساً قبل خمس ) ، وقد قع في سند الحاكم تصريح عبدان بالسماع من ابن أبي هند ، وقد بينت استحالة هذا ، وأنه غلط ، فتحاور بعض إخواننا من طلبة العلم الأذكياء في سبب وقوع هذا الغلط
والذي أود قوله هنا أنه قد يكون الوهم من الإمام الحاكم نفسه ، فقد وجدت في مستدركه العديد من الأغلاط الاسنادية ، وهذا دون استقصاء أو قراءة وافية ، وإنما المرور من خلال بعض الأبحاث وإليكم الأمثلة
المثال الأول :قال الحاكم في المستدرك 8830 - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي ، بِمَرْوَ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ "
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "
سنده مشكل فيزيد لم يدرك التيمي
المثال الثاني : قال الحاكم في المستدرك 1976 - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ بِمِصْرَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، أَخْبَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو: " اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا ، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا ، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا ، وَلَا تُشْمِتْ بِي عَدُوًّا حَاسِدًا ، وَاللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ "
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
وأبو الصهباء جهله الألباني وفي اسمه خطأ فهو أبو المصفى ، وتجده باسم أبو المصفى في المصادر الأخرى
المثال الثالث : وقال الحاكم في المستدرك 2515 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، ثنا زُهَيْرٌ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ سَرْجِسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَظَلَّتْكُمْ فِتَنٌ ، كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، أَنْجَى النَّاسِ مِنْهَا صَاحِبُ شَاهِقَةٍ يَأْكُلُ مِنْ رُسُلِ غَنَمِهِ ، أَوْ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ الدُّرُوبِ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَأْكُلُ مِنْ فَيْءِ سَيْفِهِ "
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
أقول : ذكر نافع بن جبير في السند زيادة عند الحاكم فقط ، فإنك لو رجعت إلى جميع مصادر التخريج لوجدته ساقطاً ، بل لو رجعت إلى جميع تراجم نافع بن سرجس لوجدتهم متفقين على أنه لم يرو عنه إلا ابن خثيم
وهذه الأوهام موجودة في إتحاف المهرة للحافظ ابن حجر مما يدل على أن المحققين المعاصرين لا ذنب لهم فيها
زد على ذلك المثال الذي ذكرته في حديث ( اغتنم خمساً قبل خمس ) ، لو تفرغ بعض إخواننا النابهين إلى النظر في المستدرك وجمع هذه الأغلاط الاسنادية لكان أمراً عظيماً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم